وزير الصحة يبدأ زيارة رسمية إلى أستراليا    تكليف الدكتور محمد الغزواني مساعدًا لمدير تعليم الحدود الشمالية للشؤون التعليمية    الذهب يرتفع بفعل ضعف الدولار رغم التراجع الأسبوعي    إحباط تهريب 28.9 كجم كوكايين بميناء جدة    مستشفى جازان العام وجمعية التغذية العلاجية يحتفيان بأسبوع الرضاعة الطبيعية    بايرن ميونيخ يؤكد اقتراب النصر من ضم كومان    الشيخ عبدالله البعيجان: استقبلوا العام الدراسي بالجد والعمل    الفريق الفتحاوي يستأنف تدريباته على فترتين لرفع الجاهزية الفنية والبدنية    الشيخ بندر بليلة: احذروا التذمر من الحر فهو اعتراض على قضاء الله    خادم الحرمين الشرفين وولي العهد يهنئان رئيس الكونغو بذكرى الاستقلال    جامعة جازان تعلن نتائج القبول في برامج الدراسات العليا للفترة الثانية    أمين جازان يتفقد مشاريع التدخل الحضري ويشدّد على تسريع الإنجاز    قمة مرتقبة بين ترامب وبوتين اليوم    رئيس كوريا الجنوبية يدعو إلى تخفيف التوترات مع كوريا الشمالية    امطار على الجنوب و حرارة على مناطق المدينة والشرقية    مقصورة السويلم تستضيف المهتم بعلوم النباتات عبدالله البراك"    اقتصاد اليابان ينمو بأكبر من المتوقع    انطلاق الأسبوع السادس من كأس العالم للرياضات الإلكترونية    تركيا تندد بخطة الاستيطان الإسرائيلية    بيع 3 صقور ب 214 ألف ريال    المملكة توزّع (600) سلة غذائية في البقاع بلبنان    رسمياً .. العبسي اتحادياً حتى 2029    الاستثمار الأهم    الهلال يختتم المرحلة الأولى من برنامجه الإعدادي في ألمانيا    النوم عند المراهقين    السعال الديكي يجتاح اليابان وأوروبا    الهلال يكسب ودية" فالدهوف مانهايم"الألماني بثلاثية    المملكة تتوّج بالذهب في الأولمبياد الدولي للمواصفات 2025 بكوريا    أمير منطقة الباحة يستقبل الرئيس التنفيذي لبنك التنمية الاجتماعية    محمد بن عبدالرحمن يعزي في وفاة الفريق سلطان المطيري    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنظم حلقة نقاش بعنوان: (تمكين الابتكار الرقمي في العمل التوعوي للرئاسة العامة)    نائب أمير جازان يستقبل مدير مكتب تحقيق الرؤية بالإمارة    اليوم الدولي للشباب تحت شعار"شبابُنا أملٌ واعد" بمسرح مركز التنمية الاجتماعية بجازان    أحداث تاريخية في جيزان.. معركة أبوعريش    نائب أمير جازان يلتقي شباب وشابات المنطقة ويستعرض البرامج التنموية    زراعة أول نظام ذكي عالمي للقوقعة الصناعية بمدينة الملك سعود الطبية    استقرار معدل التضخم في السعودية عند 2.1% خلال شهر يوليو 2025    في إنجاز علمي بحثي.. خرائط جينية جديدة تُعزز دقة التشخيص والعلاج للأمراض الوراثية    الصين تطلق إلى الفضاء مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية للإنترنت    حظر لعبة «روبلوكس» في قطر    19 % نمواً.. وإنجازات متعاظمة للاستدامة.. 3424 مليار ريال أصول تحت إدارة صندوق الاستثمارات    رئيس الوزراء النيوزيلندي: نتنياهو فقد صوابه وضم غزة أمر مروع.. «الاحتلال» يصادق على الهجوم .. وتحرك دبلوماسي للتهدئة    انطلاق ملتقى النقد السينمائي في 21 أغسطس    «البصرية» تطلق «جسور الفن» في 4 دول    موسكو تقلل من أهمية التحركات الأوروبية.. زيلينسكي في برلين لبحث القمة الأمريكية – الروسية    الشيباني: نواجه تدخلات خارجية هدفها الفتنة.. أنقرة تتهم تل أبيل بإشعال الفوضى في سوريا    تمكين المدرسة من خلال تقليص المستويات الإدارية.. البنيان: 50 مليار ريال حجم الفرص الاستثمارية بقطاع التعليم    الإطاحة ب 13 مخالفاً وإحباط تهريب 293 كجم من القات    الأسمري يزف تركي لعش الزوجية    موجز    ولي العهد ورئيس كوريا يبحثان فرص التعاون    اطلع على أعمال قيادة القوات الخاصة للأمن البيئي.. وزير الداخلية يتابع سير العمل في وكالة الأحوال المدنية    متحدثون.. لا يتحدثون    فهد بن سلطان يكرم الفائزين بمسابقة إمارة تبوك للابتكار 2025    ناصر بن محمد: شباب الوطن المستقبل الواعد والحاضر المجيد    استخراج هاتف من معدة مريض    أمير جازان يعزي في وفاة معافا    مباهاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف نظر الإسلام إلى التسامح؟
نشر في الرياض يوم 01 - 12 - 2020

إن الإسلام هو دين الإحسان، وإحسانه يقوم على أصلين يشمل الدينَ كلَّه، وهما: الإحسان في عبادة الخالق، والإحسان إلى المخلوقين. وكل الخلق موضع للإحسان حتى الحيوان، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "وفي كل كبد رطبة أجر"..
شاركت ضمن الملتقى الذي نظمه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني بعنوان: "نتحاور لنتسامح" مع عدد من الفضلاء للحديث عن التسامح من خلال محاور علمية وعملية. وقد نُظِّم هذا الملتقى تفاعلاً مع اليوم العالمي للتسامح.
قلتُ في مشاركتي تلك عدداً من الأفكار والمقولات:
قلتُ: إن التسامح لفظٌ متداول - الآن - في كل اللغات الإنسانية، وهذه اللغات قد تقترب أو تبتعد من مدلول التسامح الذي تقصده البشرية - الآن - أعني لغويًا. وعندنا في العربية فإن دلالات التسامح في اللغة تكاد أن تغطي التسامح الذي نقصده في هذه الورقة، فالتسامح في اللغة العربية يدل على السهولة والليونة، ويدل كذلك على المغفرة والتجاوز، ثم إنه يدل على العطاء والكرم عن سخاوة نفس. وإذا أردنا أن نعرِّف التسامح "كمصطلح" فلم أجد شيئًا - بحسب بحثي السريع والمختصر - يرضيني من جهة شموله، ولذلك اقترحت تعريفًا له بأنه: تقبل الآخر، والتعاون معه، والإحسان إليه.
وتوقفت مع هذا التعريف: بأن التقبل هو أدنى مراحل التسامح، وقد يتطور إلى مساحات أخرى بحسب تعريفنا، وهذا الآخر هو: المختلف عنك؛ قد يكون مختلفًا عنك دينًا أو عرقًا أو جنسية أو غير ذلك. ثم إن التعاون الوارد في التعريف أشكاله متنوعة جدًا وأغلب تعاملات البشرية قائمة عليه، والتعاون في الغالب ينطلق من المصلحة المشتركة بين المتعاونين، أما بالنسبة للإحسان والذي جعلناه الفصل الأخير من التعريف فهو ينطلق من جهة واحدة هي شخص المحسِن "كيانًا أو فردًا"، وإذا كان التعاون يقوم على المصلحة المشتركة، فإن الإحسان يقوم على القيم المقدرَّة لدى هذا المحسن.
وهنا - تحديدًا - توجهت إلى السؤال المحوري في حديثي، وهو: ما موقف الإسلام من التسامح؟ أو كيف نظر الإسلام إلى التسامح؟ للإجابة على هذا السؤال طبَّقتُ ما أعرف عن ديننا العظيم على التعريف الذي قدَّمتُه، وذلك حتى لا يكون الكلام عموميًا إنشائيًا لا تمسك منه شيئًا.
إذا نظرنا إلى الفصل الأول من التعريف "تقبل الآخر" فإننا نجد أن الإسلام جاء بأفضل من التقبل وهو التعارف في الآية المذكورة على كل لسان: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا)، ولا شك أن التعارف ينتج عنه مصالح كثيرة بين الأمم والشعوب، وبين الأفراد أنفسهم في هذا العالم، وينتج عنه علائق إنسانية متنوعة، وهذا يسهم في التسامح بصورة كبيرة.
والآخرُ هذا حفظ له الإسلام كلَّ حقوقه ابتداء من حياته، فحياة الإنسان في أقصى الشرق مقدّرة مثل حياة الإنسان الآخر في أقصى الغرب، والكل سواء أمام قول الله تعالى: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا). كذلك فإن الإسلام حفظ حرية الاعتقاد من الإكراه على الدخول في الدين: (لا إكراه في الدين). وإذا كان عالمُ اليوم يتحدث عن حقوق الإنسان، فإن الإسلام جاء بها وبما هو أوسع منها وأجلّ، وهو: الكرامة. قال تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم) فكل حق للإنسان داخل في هذه الكرامة، وتزيد الكرامة على الحق بأنها تدل على سبب استحقاق الإنسان لهذه الحقوق وهي كرامته التي خلقه الله عليها. ثم إن الفصل الثاني من التعريف "والتعاون معه" قد جاء الإسلام بتقريره في أوسع نطاق ما دام أنه تعاون على الخير، قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى). فإذا ما جئنا إلى الفصل الأخير: "والإحسان إليه" فإن الإسلام هو دين الإحسان، وإحسانه يقوم على أصلين يشمل الدينَ كلَّه، وهما: الإحسان في عبادة الخالق، والإحسان إلى المخلوقين. وكل الخلق موضع للإحسان حتى الحيوان، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "وفي كل كبد رطبة أجر".
ومما تقدَّم ندرك أن الإسلام حثَّ وشجَّع على إشاعة التسامح بين البشرية، بل - في الحقيقة - من التقصير أن نعبِّر عن موقف الدين الإسلامي من التسامح بهذه العبارة، فالحق أن الإسلام قائم على السماحة في عباداته وتشريعاته، وعلى التسامح في تعاملاته وأخلاقه، والنصوص القرآنية والنبوية توضح ذلك، كما أن تفصيلات أحكام الشريعة تؤكد هذه الحقيقة.
إن الحديث عن التسامح لدى الإسلام والمسلمين لا يأتي في سياق مسايرة الواقع الحضاري اليوم، بل هو نابع من حقائق هذا الدين، الذي هو - أيضًا - أي: التسامح، من مكامن ديمومته وإقبال البشرية عليه. ونستطيع أن نقول بعبارة مختصرة: إن التسامح ضرورة إنسانية، وفريضة شرعية. وإذا كانت البشرية فيما مضى من أزمان وعصور في حاجة إليه، فإن البشرية اليوم في ضرورة إليه، وإذا لم يكن التسامح فماذا يكون البديل؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.