ستة أشهر قاربت على الانتهاء منذ أن انطلقت الحرب على مشارف العاصمة الليبية طرابلس دون تقدم جوهري لأيٍ من أطراف الصراع، فماذا يعني هذا بالنسبة لمستقبل الصراع في ليبيا، وهل سيقوّي الجمود العسكري فرص الحل السياسي؟ في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، قال حافظ الغويل أستاذ الدراسات الدولية بجامعة هوبكنز، والمقرّب من حكومة الوفاق الوطني الليبية برئاسة فائز السراج: "من الواضح الآن أن الحل العسكري فشل فشلاً ذريعاً، وأن المشير خليفة حفتر (قائد الجيش الوطني الليبي) لن يستطيع السيطرة على العاصمة الليبية بعد كل هذه الفترة. ويضيف الغويل قائلا: "حفتر لن يستطيع فعل أكثر مما فعل لحد الآن، وهذا سيدفع باتجاه مساعي المبعوث الأممي إلى ليبيا "غسان سلامة" في استحالة الحل العسكري وأن (لا حل إلا بالسياسة)". أما داخل أروقة مجلس الدولة بطرابلس، يعتبر عضو المجلس إدريس أبوفايد استمرار الحرب "درساً وعِبرة للكل، حتى للمجتمع الدولي". في المقابل، يرى عيسى عبدالقيوم الإعلامي المقرّب من المشير حفتر "أن الجمود العسكري في حد ذاته عمل سياسي، ويوضح ذلك في تصريحه لل(د ب أ) بالقول: "هناك دول تدخلت عسكرياً وبشكل مباشر لصالح السراج لأجل ما يعرف باستنفاد الوقت، أي أن تطول الحرب لأكثر مما ينبغي لها، ومن الواضح وجود تكتيك من أجل أن يبقى الأمر على ما هو عليه حتى يتم التوجه إلى عمل سياسي". وحول شكل الحل السياسي في ليبيا، يتابع عبدالقيوم قائلا: "الماء لا يجري في النهر مرتين، ويجب أن يكون معلوماً لدى الجميع أن الحل السياسي سيتم وفق قواعد جديدة، لأن بعض القوى السياسية تتحدث عن حل بمعايير ما قبل 4 أبريل 2019، وهذه المعايير انتهت، لسببين، الأول، أن تقدم الجيش ودخوله لحدود طرابلس الإدارية أفقد الميليشيات في الغرب الليبي دوراً أساسياً كانت تلعبه قبل 4/4، ولهذا ستكون مقاعد الميليشيات محدودة. والثاني أن الانقسام الجغرافي المُصاحب للانقسام السياسي الليبي أوشك على الانتهاء بعد مشاركة مناطق وقبائل مهمة في الغرب الليبي مع قوات الجيش". من جهة أخرى، يرى الغويل أن المشكلة الأساسية في الحل السياسي الليبي هي كيفية تنظيمه، داخلياً وخارجياً. وأضاف الغويل في هذا الشأن: "من الناحية الداخلية أعتقد أنه بات من المستحيل فرض حفتر كطرف في أي حل سياسي، ولذلك أعتقد أن الحل المناسب والمنطقي هو إجراء لقاء بين المؤسسات المُعترف بها دولياً، وهي حكومة الوفاق في طرابلس بقيادة فائز السراج، والبرلمان في المنطقة الشرقية الذي يقوده عقيلة صالح، فقانونياً حفتر يتبع البرلمان، وعقيلة صالح هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو الذي عيّن حفتر، والتعاون يجب أن يكون مع الجهات السياسية في الدولة. أما من الناحية العسكرية فقد يُجرى لقاء بين القادة العسكريين التابعين للوفاق وحفتر كقائد عسكري للمنطقة الشرقية، لبحث الوصول لوقف القتال وسحب القوات وتنظيمها". وحول الناحية الخارجية، يضيف الغويل: "أعتقد أن أي مؤتمر أو لقاء يجب أن يختصر على الدول الأوروبية التي تواجه ليبيا في البحر المتوسط مثل إيطاليا وفرنسا، وكذلك ألمانيا؛ لأنها تعتمد على النفط الليبي، بالإضافة للولايات المتحدة وروسيا، وكذلك كل الدول ذات الحدود المشتركة مع ليبيا". في المقابل، يبدي عبدالقيوم استغرابه من محاولة داعمي الوفاق استبعاد حفتر من المشهد، ويضيف: "لو قسّمنا الحالة الليبية سنجد أن حفتر يملك منفرداً 75 بالمئة من البلاد، وال 25 الباقية مقسمة بين الرئاسي والبرلمان ومجلس الدولة والميليشيات وغيرها، حفتر يملك أغلبية الأرض، كل الموانئ النفطية وأغلب الحقول، إلى جانب سيطرته العسكرية على الأجواء الليبية بامتلاك 9 قواعد عسكرية". ويتابع عبدالقيوم قائلا: "المجتمع الدولي يدرك ذلك، وهو يبحث عن مصالحه ويعرف أنها الآن بجانب الطرف القوي، ولهذا سافر السفير الأميركي من مقر إقامته في تونس إلى الإمارات لأجل لقاء حفتر وبحث الملف الليبي، فيما استدعى السراج ووزير داخليته إلى تونس من أجل عقد لقاء مماثل، هذه هي الأوزان السياسية التي نتحدث عنها، ولهذا يجب على أنصار حكومة الوفاق أن يكونوا أكثر موضوعيةً وإلماماً بقواعد اللعبة". وحول مؤتمر برلين المرتقب حول ليبيا، وإمكانية أن يأتي بجديد، يقول عبدالقيوم: "حتى الآن لا توجد أي معطيات جديدة لكي ننتظر الجديد من مؤتمر برلين. الشيء الوحيد الذي استجد في رأيي هو ما جاء في الإحاطة الأخيرة لمجلس الأمن التي لم يُذكر فيها المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق، وأُلمح فيها إلى قضية البحث عن حكومة توافق ذات قبول شعبي داخلي، وهذا مصطلح فضفاض، قد يعني حكومة الوفاق بعد إعادة إنتاجها، وقد يُقصد به حكومة جديدة". ويضيف عبدالقيوم: "وجود الألمان والأميركيين والفرنسيين يعطي مؤشرا بوجود إرادة دولية لتحقيق شيء في ليبيا، ولكن يجب أن نتذكر أن هؤلاء الأربعة هم من رعوا مؤتمر باريس الذي استطاعت الميليشيات إسقاطه رغم أنه كان يحمل في طياته تواريخ للانتخابات وتغيير السلطة بالكامل، ولهذا، فوجود هذه الأسماء الأربعة لا يعتبر في حد ذاته ضامناً".