بداية إن كلامنا ليس تقليلاً من إنجاز ومن فعل أحد، نعم نقول شكراً للجميع من إداريين وفنيين ولاعبين، وللأسف مضطر أن أقول: إن وصولنا إلى أي محفل رياضي إقليمي أو عالمي أصبح إنجازاً بحد ذاته لا نطمح لأكثر منه، أتذكر يوماً قال أحد الإعلاميين الخليجيين - ولا يحضرني اسمه الآن -: إن ميزة اللاعب السعودي التي جعلت من منتخب المملكة وأنديتها قوية وحاصدة بطولات، أن لاعبهم غير مدلل وأن لديهم وفرة في اللاعبين، أما اليوم وبعد تطبيق عقود الاحتراف وهذا العدد الكبير من اللاعبين الأجانب، أصبحت الوفرة غير متوفرة، وأن البدلاء المناسبين لم يعودوا موجودين، وهذا أدى إلى خفض قيمة التنافسية بين اللاعبين السعوديين على تمثيل وطنهم والمشاركة في المنتخبات الوطنية. في كأس أمم آسيا فرحنا جداً بالفوز على كوريا الشمالية الفريق الأقل من متواضع، والذي خسر من بقية فرق المجموعة، ومنذ خسارتنا أمام قطر ونحن نعلم جيداً أن المنتخب وإن كان يملك من الأسماء والخبرات الممتازة، إلا أنه ليس المنتخب الذي سنراهن عليه للمضي قدماً نحو تحقيق اللقب، في مباراة قطر وجدنا فريقاً تائهاً يبحث عن هوية وشخصية، عندما رغب المدرب بإجراء تبديلات تعيد الفريق لم يكن هنالك البديل المناسب، والسبب - وكلنا نعرفه جيداً - أن منصة تفريخ وصناعة اللاعبين السعوديين وهي الأندية، ليست منصة منتجة للاعب السعودي بل هي منصة مستهلكة له. في مقال سابق تحدثت عن فكرة سعودة الأندية، والفكرة كانت بتحديد الحد المسموح به للنادي باللعب في المباراة الواحدة من اللاعبين الأجانب، وبالتالي إعطاء فرصة أكبر لعدد أكبر من اللاعبين السعوديين للمشاركة واللعب، نجوم المنتخب هم نجوم أنديتهم، هم محترفون في أنديتهم، ليس بينهم ولا لاعب صاعد أو حتى موهبة تم اكتشافها، ولم تلتحق بأحد الأندية الكبيرة، دورينا قوي وممتاز ومنافس حقيقي، ولدينا شباب عنده طموح ورغبة وموهبة، لكن أين نعرف هذه المواهب وكيف نكتشفها؟ حتى لو تحدثنا عن الأندية ومنذ أكثر من عقد من الزمان، ما هي إنجازاتنا العربية أو الخليجية أو الآسيوية أو العالمية؟ لا شيء، همنا أصبح في الصراع الدائر بين الخمسة الكبار، والمساحة ضيقة والمكان مزدحم جداً، مللنا من فكرة تبدل المدرب، إقالة المدير الفني، تغير الاتحاد، كل هذه ذر الرماد في العيون، المشكلة الحقيقية أننا نعيش اليوم في حالة جفاف وقحط في عدد اللاعبين الموهوبين نتيجة عدم وجود مساحة للاعب السعودي الموهبة الناشئة باللعب، ولعل عقداً احترافياً واحداً للاعب أجنبي كفيل بإعطاء فرصة لخمسة لاعبين شباب موهوبين سعوديين. هل سينتظر الاتحاد السعودي لكرة القدم تدخلاً آخر من قبل الدولة وولاة الأمر، أم أنه سيتصرف من تلقاء نفسه ويقرر كيفية وضع برنامج وتشريعات تضمن مشاركة أكبر للاعبين السعوديين والناشئين منهم، نريد منتخباً يحقق البطولات، وهذا لا يكون إلا حين تكون دكة البدلاء ممتلئة بالنخب والمواهب، هذا لن يكون إلا حين نجد أن المدير الفني للمنتخب دخل في حيرة من أمره من يأخذ للمنتخب ومن يستدعي، أما اليوم فهو ليس محتاراً، ويستطيع أي متابع اختيار التشكيلة. د. طلال الحربي