«تؤدي الابتكارات التقنية والرقمنة والعولمة والنمو السكاني وتغير المناخ إلى حدوث تحولات في الظروف الاجتماعية والسياسية في جميع أنحاء العالم، وتهز الأزمات والحروب والتطرف والشعوبية قيمنا ومعاييرنا وبنيتنا التحتية التنظيمية، حتى لقد أصبح كل ما هو متطرف واسع الشهرة والانتشار بل مثيراً للفضول والاهتمام. خاصة في عصر المعلومات والصور الدورية الرقمية التي لابد وأن تتصف بالسرعة والذكاء بل والاختزال مما يمكنها من الاستحواذ على اهتمام القاعدة الأوسع من الجمهور من المستويات الثقافية كافة أو حتى العوام، ويؤدي الحرص الشديد على إثبات الذات واستعراضها في مختلف تحولاتها إلى الرغبة في تسجيل الذات وقبضها فيما لا عدد له من الصور الفوتوغرافية «سيلفي selfies»، والمثير للعجب أنه كلما كانت الصورة أكثر استثنائية وهامشية، كلما كانت أكثر جاذبية للمتلقين من مختلف الفئات الاجتماعية، وكثيراً ما نجد أن تلك الصور الملتَقَطة للذات تنحرف عن المعايير الفنية المتعارف عليها، وأحياناً حتى عن «الذوق السليم». إنها تعبير فوتوغرافي عن الانبهار بغير العادي، واقتحام الآخر المجهول، وتذويب الحدود، والاصطناعي، والشاذ، والأبعد، والصدمة، والصدفة، لكنها أيضًا شهادة على الجميل، على اللحظة العابرة، شهادة على تحولات الإنسان الضعيف، والهشاشة العامة للحياة». هذا ما جاء في بيان فريق قيمي المعارض لترينالي الفن الخاص بالتصوير الفوتوغرافي المنعقد كل ثلاث سنوات في مدينة فرانكفورت Ray 2018، ويشمل الترينالي سلسلة من المعارض المنتظمة ضمن هذا المضمون المتلخص تحت شعار «الإنسان هذا المتحول»، خمسة معارض يتعامل الفنانون المشاركون فيها مع الظواهر المتطرفة، ويعبرون عن التحولات الاجتماعية والاقتصادية العالمية والتي تؤثر قطعاً على التحولات الفنية، وبالذات تؤثر على دور ووظيفة التصوير الفوتوغرافي، ونشأ عنها فرع حديث من التصوير الفوتوغرافي الذي لا يرتكز على القواعد الفنية السائدة ولا على المألوف في معارض التصوير المعترف بها في الأوساط الفنية، أعمال صدامية تركز في أساسها على الاستثنائي. في سلسلة تلك المعارض التي سنستعرضها تباعاً تم تطوير مفهوم تنظيم المعارض RAY 2018 EXTREME من قبل القيمين على المؤسسات المشاركة ومجموعات التصوير الفوتوغرافي في فرانكفورت والمناطق التابعة لها إدارياً، إذ حملت سلسلة المعارض تلك شعار التطرف Extremeness، خمسة معارض بمسميات مستقلة جميعها مبتكرة بل وصادمة مثل: الذات القصوى Extreme Self، أقاليم قصوى أو متطرفة Extreme Territories، بيئات قصوى أو متطرفة Extreme Environments، أجساد قصوى Extreme Bodies، الترحال الأقصى Extreme Nomads. والجديد في ذلك عفوية الطرح وطزاجة المفهوم وأساليب تنفيذ الفنانين لأعمالهم الفنية، تلك المعارض وببساطة ما هي إلا اقتحام لبلاط الفن وتحويله لما يشبه أعمال الهواة، إلا أن الأعمال ناضجة وتقوم على دراسات متعمقة وممتدة لفترات طويلة، إلا أن ذلك لا يسلبها عفويتها وصداميتها، إنها أشبه بتعميم الفن مما يذكر بتعميم الثرواث، لا شيء خطير لكن الطرح يتصف بالخطورة وسنستعرض بالتفصيل كل موضوع من تلك الموضوعات. يتبع... Your browser does not support the video tag.