في منطقة العلا التي تقع شمال غرب المملكة، يقف المرشد بندر العنزي مذهولاً من جمال المشهد في المنطقة التي سيتم تطويرها بموجب اتفاق فرنسي- سعودي. وتعتبر هذه المنطقة الغنية بالآثار والمناظر الخلابة، إحدى أهم المناطق التي تسعى المملكة لتطويرها مع تحضيرها لبدء استصدار تأشيرات سياحية للمرة الأولى. وتستعد فرنسا والمملكة لتوقيع اتفاق مدته عشر سنوات لتطوير المنطقة، خلال زيارة ولي العهد إلى باريس. وقال العنزي خلال جولة إعلامية نظمت قبل أيام من رحلة ولي العهد إلى فرنسا لصحافيين "كل منطقة العلا تعد متحفاً في الهواء الطلق"، مضيفاً "هناك الكثير من التاريخ هنا الذي ينتظر الكشف عنه". وتقع العلا غرب المملكة، وفيها آثار تاريخية مهمة وخصوصاً مدائن صالح، وهو أول موقع سعودي تم إدراجه على لائحة اليونسكو للتراث العالمي. وتعود العلا التي يحتوي بعضها على نقوش ورسوم من فترة ما قبل الإسلام مثل مشاهد للصيد، إلى الحضارة النبطية قبل الإسلام. وقد تساعد أشكال الفن الصخري المنحوت في كشف أسرار قرابة أربعة آلاف عام من الحضارة في شبه الجزيرة العربية. وكانت المنطقة التي تمتد على مساحة تعادل مساحة بلجيكا تقريباً، تعد طريقاً مهماً للغاية ومنطقة يستقي منها البدو المياه على الطريق التجاري الذي ربط الجزيرة العربية بشمال أفريقيا والهند. ويؤكد الخبير من مجموعة إكسفورد للآثار في بريطانيا جيمي كوارترماين لوكالة فرانس برس "كل يوم يتم اكتشاف أمر جديد". ويشير خلال الجولة في المدينة إلى أن "الاحتمالات لا نهاية لها". العلا متحف في الهواء الطلق.. وعلماء الآثار تواقون لاستكشاف أسرار جديدة وشارك مراسل فرانس برس في جولة في طائرة مروحية في المنطقة كشفت عن مساحات صحراوية شاسعة، مليئة بالأماكن الاثرية. وقال المدير العام للهيئة الملكية للعلا عمرو المدني إنه سيكون من الممكن استقبال السياح الأوائل في المنطقة "خلال ثلاث إلى خمس سنوات". وأضاف أن المنطقة التي تضم مطاراً، ستستقبل بعد تجهيزها بين 1,5 و2,5 مليون زائر سنوياً، مع احترام معايير البيئة والتنمية المستدامة. ولكنه أكد لوكالة فرانس برس أنه يجب قبل ذلك، تسجيل جميع الكنوز الأثرية. وقبل شهرين، انطلق برنامج كبير لمسح المناطق الأثرية يتضمن استخدام المروحيات والأقمار الصناعية والطائرات دون طيار، وتكنولوجيا للاستشعار عن بعد باسم "ليدار". وبحسب كوارترماين، "المهمة ضخمة وتشمل كافة مستويات المسح بدءًا من المسح الجوي إلى التفقد على الأرض". ويهدف الاتفاق الفرنسي السعودي الذي يتوقع إعلانه رسمياً خلال الساعات المقبلة، إلى حماية الموقع التراثي من عوامل التآكل مع الزمن أو التعرض للسرقة. وقال رئيس مجلس إدارة مجموعة "انجي" للطاقة السابق جيرار ميستراليه، موفد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى منطقة العلا، للصحافيين إن الاتفاق "غير مسبوق"، خصوصاً في المجالات التي يشملها، من الآثار إلى الثقافة والفنون والبنى التحتية والطاقة والنقل والتأهيل و"كل ما يمكن لفرنسا أن تقدمه في مجال إبراز قيمة التراث". وتحيط أسوار بمدينة العلا، وتتناثر تحت أشعة الشمس الحارقة فيها، بيوت حجرية وطينية كانت مسكونة حتى العصر الحديث. وسيقام متحف ومركز للأبحاث التاريخية والاثرية في العلا الواقعة على بعد نحو 1100 كيلومتر عن العاصمة الرياض. كما سيتم تأهيل 150 طالباً وطالبة في مجالي السياحة والثقافة. وتشكل السياحة أحد محركات خطة "رؤية 2030" الطموحة لإعادة هيكلة الاقتصاد السعودي التي أعلنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في 2016. واستخدم علماء الآثار العام الماضي تطبيق "غوغل مابس" للعثور على مئات من "الأبواب" الحجرية المبنية من الصخر في صحراء سعودية قاحلة، قد يعود عمرها إلى أكثر من سبعة آلاف عام. وتبدو الخطة طموحة، ويقول العنزي إن تأهيل المنطقة "يتعلق بفخرنا بوطننا في ماضينا". قصر الفريد التاريخي مدائن صالح.. كنز من التاريخ وآثار الحضارات أحد القبور التاريخية بمدائن صالح (أ ف ب) Your browser does not support the video tag.