مفهوم المسؤولية في الأسرة هو الركيزة التي يُنصح أن يعتمد عليها مجلس الأسرة في بداية مشروعه الأسري، ففيها الحل لكثير من مشاكل الأسرة والمجتمع؛ لأن مفهومها مائع وغير محدد في الأسر العربية بشكل عام والخليجية والسعودية بشكل خاص، وبسبب هذا الميعان تتراكم المهام والمسؤوليات على فرد أو بضعة أفراد، ويظل البقية متفرجين بحكم العادة أو من تداعيات الرفاهية المغلوطة. مع أن الإسلام قد كان واضحاً ودقيقاً وحريصاً على ضرورة التعاون في مهام الأسرة، والاعتماد على النفس في قضاء الاحتياجات الخاصة، إلا أن الاتكالية تكاد تكون سمة الكثير من الأسر العربية والخليجية مع الأسف! وبسبب هذه الاتكالية المفرطة ينقسم أفراد الأسرة إلى لا مبالين وآخرين مُستنزفين، ومن هنا يبدأ الشرر لكثير من المشاكل الأسرية بسبب الضغوطات النفسية أو الاتكالية سواء على فئة قليلة من الأسرة أو حتى على الخدم، فمفهوم التعاون داخل البيت ظل مغيباً تحت تصنيف ما يصح، وما لا يصح القيام به، أو يعاب على فئة القيام به على حساب فئة أخرى. المهام الأسرية يفترض بها أن تكون موزعة على أفراد الأسرة؛ لينشأ بينهم التقدير وتحمل المسؤولية تجاه الآخرين. ولو عرف كل فرد داخل الأسرة مهما كان عمره مسؤوليته داخل بيته، وقام بها بكل أريحية واهتمام، بأن يلتزم بخدمة نفسه داخل بيته، وأن يضطلع بما له شأن به؛ لحلت كثير من المشاكل الأسرية، وقلت تبعاتها وما يترتب عليها من التزامات اقتصادية. فنحن لسنا ضيوفاً عابرين داخل بيوتنا لنُخدم، ولسنا زبائن في مطعم ما لنأكل ونترك ما تبقى ورائنا لغيرنا ليقوم بتنظيفه في كل مرة. مسؤولية الفرد داخل أسرته هي امتداد لمسؤولياته الأخرى داخل مجتمعه متى ما تعود على الالتزام بها داخل أسرته استمر معه هذا الالتزام في مستقبله وفي الأسرة التي يعتزم تكوينها. الاتكالية الأسرية للرجال والنساء والأطفال خصوصاً هي آفة من آفات المجتمع التي تنخر فيه بلا هوادة، وسببها فهمنا الخاطئ لمعنى التحضر والحضارة، ونسياننا أو إهمالنا لما ورد في سنة نبينا وسير صحابته من قصص عن حياتهم الأسرية واضطلاعهم كأفراد بالرغم من مهامهم وانشغالهم بمهامهم الخاصة، وعدم اتكالهم في ذلك على أحد أو تهربهم منها بأي حجة من الحجج. لذا نرجو من مجلس الأسرة أن يكرس لهذا الجانب الدعم الكافي، ويبحث عن الطرق الممكنة لتمكينه داخل الأسرة والمجتمع، وأن يبحث ويفحص في كل ما هو مكتوب عن هذا الشأن داخل المناهج التعليمية، ويتعاون مع وزارة التعليم على إعادة صياغته؛ ليكون الرافد الأول لحملة التعريف لدى الآباء قبل الأبناء بضرورة الالتزام بهذا العنصر المهم في التربية الأسرية، ليكون أفرادها أكثر نضجاً ووعياً وتفاعلاً مع مجتمعهم. Your browser does not support the video tag.