مرت ثلاثة أعوام على تولي الملك سلمان مقاليد الحكم، وهي مناسبة يحتفي بها الوطن لتجديد البيعة وتكريس الانتماء والولاء ما بين الملك والشعب. وتكمن قيمة الاحتفاء بذكرى البيعة في التمسك بتلابيب الوطن، وهي لحظة تاريخية تعيدنا لإرهاصات المشروع الوحدوي للمؤسس الراحل الملك عبدالعزيز -رحمه الله- الذي صنع منجزاً وحدوياً لم يعرفه العالم العربي. الملك لا يلبث أن يردد في أحاديثه ولقاءاته ما يؤكد على ثوابت الدولة وما صنعه المؤسس، وتمسك ملوك هذه البلاد بمحددات السياسة السعودية، مشدداً على تعزيز الوحدة الوطنية، حيث المساواة فلا تمييز ولا تفرقة ولا عنصرية، مؤكداً أن هذه البلاد جزء من هذا العالم ولدينا تحديات وعلينا مواجهتها بشجاعة، فالتجربة تجاوزت التصنيفات والمسميات وتلاشت فيها النوازع القبلية والانتماءات الضيقة. من تابع توجّه السياسة السعودية ومواقفها الأخيرة يلمس اتخاذها لقرارات مهمة وغير عادية تصب في نهاية المطاف لحماية ثوابتها ومصالحها العليا. ولكونها هي قلب الإسلام ومهد العروبة فإنها تعلم حجم مسؤوليتها وثقلها ما يعني مواجهة المخاطر باتخاذ قرارات صعبة وإن لم ترق للبعض وقد يغضب منها البعض إلا أنها في صميم قناعاتها راضية الضمير كونها تقف مع الحق. باختصار السعودية لا تجامل في مسألتين: سمعة دينها وحماية أرضها، ولذلك مثلاً اتخذت قراراً تاريخياً بالمشاركة في التحالف الدولي ضد الإرهاب، والذي كانت قد طالبت به لتعزيز صورة الإسلام المعتدل. السعودية جزء من هذا العالم الذي لا تستطيع الانفصام عنه، كونها لا ترضى بمقعد المتفرج والعالم من حولها يتغير، وهي تنطلق من مسؤولية دينية تعرف أبعادها وحجمها، وبالتالي فهي تسعى لحماية الدين من التشويه وتعزيز أمن الإقليم واستقراره. حجم التفاؤل الملقى في القادم من الأيام على عاتق الملك سلمان كقائد للأمة، وأنه مهيأ للعب دور استثنائي وتاريخي للم الشمل الإسلامي والعربي وتنقية العلاقات الخليجية والعربية من الشوائب وقدرته على تعزيز العمل العربي المشترك وحل الخلافات، ولعل زيارات الزعماء للملك سلمان تعزز أهمية هذه الشخصية القادرة على إدارة الأزمات لإعادة بناء التضامن العربي.. إن الزخم الذي تعيشه الدبلوماسية السعودية في الفترة الراهنة يعكس مكانة وثقل المملكة ما يجعلها لاعباً أساسياً في الساحة الدولية ورقماً صعباً لا يمكن تجاوزه في معادلات المنطقة. الوعي بالمخاطر رسالة كنا ومازلنا نرددها في كل مناسبة من أجل الحفاظ على هذا الكيان وهذا ما جعل التجربة الوحدوية تنضج عبر التاريخ بتراكم خبرات رجالاتها لتجسد استقراراً سياسياً وأمنياً. وفي هذا السياق توالت الإنجازات على الصعيدين الداخلي والخارجي، ورش عمل تدور في أرجاء البلاد ضمن منظومة قرارات اقتصادية إصلاحية غير مسبوقة، وحراك دبلوماسي لافت حوّل الرياض إلى قبلة للزعماء والقادة، تزامن كل ذلك مع قرارات تاريخية بدأت بعاصفة الحزم وانتهت بفضح السياسة الإيرانية ومشروعها التوسعي في المنطقة وإعلان رؤية 2030. الشعب السعودي وهو يجدد البيعة لملكنا يؤكد ولاءه لقيادته وتمسكه بوحدته واستمراره على نهج المؤسس وسوف تستمر بلادنا بقيادة خادم الحرمين بإكمال المسيرة والمضي قدماً في حركتها الدائبة في البناء والإنجاز والتنمية لتحقيق التطلعات التي تليق بهذا الوطن وأهله. * شركة السلام لصناعة الطيران