ما إن أُعلن عن التعرفة الجديدة لتكاليف الكهرباء إلا وأصابتنا صعقة كهربائية من التغيير الذي صاحبها، وبما أنه ليس أمامنا مفر من تلقي هذه الصعقة الكهربائية ذات الفولتية العالية، إلا البدء ومن فورنا بطلب اجتماع مجلس الأمن الأُسري في اجتماع لا يحتمل التأجيل فالمسألة مسألة "أمن استهلاكي ومادي" ويحتاج لإصدار قرارات فورية وعاجلة لمواجهة الآثار المترتبة عليها، وبما أن رب الأسرة هو من سيتلقى كل صعقات الفواتير وتذبذبها مابين الشتاء والصيف فعليه أن يعلن من فوره في مجلس أمنه الأُسري عن وجوب استبدال الثقافة الاستهلاكية الحالية والناشئة عن شعور اللا مبالاة والذي تولد خلال عقود وتغييره بقوة قانون الأُسرة إلى ثقافة التوفير وربط العلاقة ما بين ارتفاع استهلاك وهدر الكهرباء وحجم الإنفاق على احتياجاتهم الشخصية وأنها علاقة طردية هم من يحدد نسب تجاذباتاها.. وأعلم أن الكثيرين من أصحاب الدخل الثابت ممن لا يملكون مصادر دخل ثانوية تعينهم على مصاعب الحياة قد آلمتهم هذه الصعقة الكهربائية حيث إن متطلبات الحياة الحديثة لا تطاق وأصبح رب الأسرة حائرًا أمام اختيار أولوياته فكيف بثانوياته، لكن علينا أيضًا أن نعترف بتشربنا لثقافة استهلاكية غير المنطقية تلك وأنها استنزفت مداخيلنا وتحتاج منا لوقفة جادة للتنازل عن بعض مظاهرها الدخيلة على مجتمعنا السعودي، كما علينا من جانب آخر أن ننظر للمشهد بشمولية أكبر وتفهم كل وجهات النظر الأخرى وأسباب أخذها بحلول واقعية فرضت نفسها رغم ألمها، وأن نقر بأن الحل الحقيقي يكمن في تغيير نمط ثقافتنا الاستهلاكية لمواجهة هذا التغيير الذي فرض نفسه للانتقال ببلادنا نحو الاستدامة الاقتصادية والبيئية والاجتماعية بعيدًا عن مخاطر تقلبات ونضوب النفط والاعتماد على مصدر الدخل الواحد وهي مسؤولية عظيمة يتحملها هذا الجيل ومن يعيش هذه المرحلة صغيرًا كان أم كبيرًا، فتغيير سلوك ونمط المعيشة غالبًا ما يكون شاقًا لكنه في نهايته يصل بك لحالة تصالح مع النفس بتغلبك على صعاب حياتية حلولها بيدك لا بيد غيرك.. كما أتمنى من الجهات المسؤولة أن تراعي ولو لحين بأننا شركاء في انتشار الثقافة الاستهلاكية السابقة لأسباب عديدة لا تسعها هذه السطور لكنها لا تغيب عن أحد، وأن تضع حلولها المستحقة والتي نقر بوجوب الأخذ بها تدريجيًا لنخرج حتى نخرج من عنق هذه النمطية الاستهلاكية السائدة في مجتمعنا من خلال إطلاق برامج توعوية إعلامية وميدانية لتأسيس ونشر ثقافة استهلاكية جديدة تضبط معايير الاستهلاك تدريجيًا إلى أن يتمكن المستهلك من موازنة واستيعاب آليات التعامل مع هذه المتغيرات السريعة والضرورية، وكسعوديين نضع اليوم كل آمالنا في أن يكون برنامج حساب المواطن والذي أقرته حكومتنا مشكورة بلسمًا للتخفيف من آثار تلك الصعقة بتوجيه الدعم المناسب والكافي للمستحقين ممن يعولون على محبة قادتهم الكرام لهم.