تستعد أسواق النفط العالمية لمواجهة زيادة معروض النفط وانخفاض أسعاره قريبا من نقطة التسوية لبعض المنتجين منذ بداية 2015، عندما تراجع سعر غرب تكساس من أعلى قمة له 99.6 دولاراً في 2008م وبرنت 111.6 دولاراً في 2012م الى 48.7 دولاراً و52.3 دولاراً لكل منهما في 2015م، ولم تعد بعد ذلك إلى قمتها (EIA)، وهذا يشير إلى انتهاء العصر "الذهبي" للنفط الذي تميز بقوة الطلب على النفط في السبعينات وفي العقود التي تلتها وكان التحكم في المعروض له تأثير كبير على مرونة الأسعار فبمجرد خفضه ترتفع الأسعار. وخلال تلك الفترة تحدث خبراء الطاقة عن قرب "ذروة الإنتاج" وان الاسعار سوف تتجاوز 200 دولار، متجاهلين التقدم التقني وكفاءة الانتاج والطاقة البديلة. وفي السنوات الاخيرة مع ارتفاع احتياطيات النفط العالمية واستخدام تقنية الحفر الافقي، تناقصت تكاليف الانتاج وتعاظمت نسبة المستخرج من آبار النفط التقليدية وغير التقليدية (النفط الصخري والرملي)، فلم يعد الحديث عن ذروة العرض بل عن "ذروة الطلب" بعيدا عن نضوب النفط والذي اقتربت من قمتها مع ضعف نمو الطلب عام بعد عام، رغم ارتفاع مرونة الاسعار وتراجعها الى ما دون 50% عن مستوياتها ما قبل 2014م. فكان العصر الذهبي مرتبط بكمية المعروض والتحكم في اسعاره، بينما العصر الفضي مرتبط بكمية الطلب الذي يحدد الاسعار، حيث لم تعد كمية الانتاج أو المعروض محدودة عالميا بل في تزايد وقد فاق الاحتياطي العالمي من النفط المثبت 2.35 تريليون برميل في عام 2015م (BP). وأكبر برهان على دخول النفط عصره الفضي، عدم قدرة اتفاق الاوبك وغير الاوبك الحالي على رفع متوسط الاسعار العالمية الى مستويات 90 دولاراً، كما كان سابقا، بل بقيت تحوم حول 55 دولاراً، مع احتمالية تراجعها إلى مستويات أقل ليس فقط على المدى القريب بل استمرارها على المدى البعيد. إذا، العصر "الفضي" هو عصر "ذروة الطلب" الذي أفقد المنتجين السيطرة على الاسعار وأصبحت تحد من قدرة صعود الاسعار العالمية، مما قد يؤدي إلى خروج بعض المنتجين أصحاب التكاليف المرتفعة، لتبقى كميات كبيرة من النفط تحت الأرض ولقرون قادمة مع احتمالية تناقص الطلب على النفط كمصدر للطاقة بحلول عام 2050م حتى يدخل العصر "البرونزي"، بعجز كبير في الطلب وعند أسعار متدنية جدا. وبهذا تكون أبرز سمات العصر الفضي، فائض في المعرض وتناقص في نمو الطلب العالمي مقابل أسعار منخفضة حاليا ومستقبليا حتى ولو تراجعت الاستثمارات، مما يحفزنا على تنويع الاقتصاد غير النفطي وتخصيص ما نستطيع تخصيصه قبل فوات الأوان.