خبير دولي ل«عكاظ»: تعنت إسرائيل دفع مصر للانضمام لجنوب أفريقيا أمام المحكمة الدولية    نائب وزير الداخلية ونظيره البنغلاديشي يبحثان سبل تعزيز التعاون الأمني    «الداخلية» و«سدايا» تطلقان جهاز الكاونتر لإنهاء إجراءات المستفيدين من مبادرة طريق مكة آلياً    حسام بن سعود يدفع ب 3483 خريجاً لسوق العمل    نقل اختصاص قطاع الأفلام والسينما إلى هيئة الأفلام    من مجمع يورك الصناعي: جونسون كنترولزالعربية تحتفل بتصدير تشيلرات يورك سعودية الصنع إلى الولايات المتحدة الأمريكية في سابقة من نوعها    أمين القصيم يكرم رئيس بلدية الرس بعد رفع مؤشرات جودة الأداء الرقابي    نائب أمير حائل يتسلم التقرير السنوي لتجارة حائل    نائب أمير مكة يناقش مستوى جاهزية المشاعر لاستقبال الحجاج    منتدى (كايسيد) للحوار العالمي يجمع النخب السياسية والدينية في منتدى جديد    الشباب سيطر والعلا والرياض يقتسمان قمة البومسي    «البلسم» تحتفي بفريقها بعد إجراء 191 عملية قلب مفتوح وقسطرة تداخلية ناجحة باليمن    إغلاق منشأة لصيانة السيارات في محافظة الأحساء وتصفية نشاطها التجاري لارتكابها جريمة التستر    أولويات الهلال يصعب كسرها.. أرقام تاريخية    حجازي على مشارف الرحيل.. و 3 خيارات أمام الاتحاد    قطر.. 80 شركة سعودية تدفع بمنتجاتها للعالمية    نمو الإيرادات والمشتركين يقفز بأرباح "الكهرباء" 87%    644 مليوناً صادرات التمور ب3 أشهر    8 محاور رئيسية تناقشها القمة العالمية للذكاء الاصطناعي    سكان الأرض يتأملون الأضواء القطبية نتيجة "العاصفة الشمسية"    الراجحي بطلاً لرالي تبوك    بعد توسيع إسرائيل حربها.. نزوح 300000 فلسطيني من رفح    مستشفى دله النخيل يوفر برامج علاجية حديثة لاضطرابات السمع والنطق    عقد اجتماع اللجنة التوجيهية للسوق العربية المشتركة للكهرباء.. غداً    الكويت: ضبط 24 شخصاً بتهمة ممارسة الرذيلة ومخالفة الآداب العامة    سمو أمير منطقة تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج غداً    البديوي: دول الخليج تضع نفسها كمركز رقمي تنافسي    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير فرع الهيئة العامة لعقارات الدولة    التنوير وأشباه المثقفين الجدد    "التخصصات الصحية" تطرح مشروع تحديث التقويم التكويني المستمر    الأدوية وأفلام الرعب تسببان الكوابيس أثناء النوم    الأرصاد: استمرار التوقعات بهطول الأمطار على عدد من المناطق    جمعية مرفأ تنفذ دورة "التخطيط الأسري" في جازان    محافظ الزلفي يزور فعاليه هيئة التراث درب البعارين    القبض على مقيمين لنشرهما إعلانات حملات حج وهمية    اكتشاف قدرات الأيتام    طبيبة سعودية تنقذ راكبة تعرضت للصرع على متن رحلة جوية    كنو: موسم تاريخي    براعم النصر .. أبطالاً للدوري الممتاز    مؤسس فرقة «بيتش بويز» تحت الوصاية القضائية    النزل التراثية بالباحة .. عبق الماضي والطبيعة    "هورايزون" و"بخروش" يفوزان بجائزتي النخلة الذهبية    أكبر منافسة علمية عالمية في مجال البحث العلمي والابتكار.. «عباقرة سعوديون» يشاركون في آيسف 2024    الأزرق يعادل بطولات الأندية مجتمعة    الذكاء الاصطناعي.. الآتي أعظم    طريق مكة    الماء    مصادر «عكاظ»: لا وجود ل «المسيار» أمام المحاكم.. تراخيص المكاتب «هرطقة»    انتكاس تجربة «إيلون ماسك» لزرع الشريحة    ميزه للتحكم بالصور والفيديو ب«واتساب»    خبراء صينيون يحذرون من تحديات صحية ناجمة عن السمنة    حذروا من تجاهل التشخيص والتحاليل اللازمة .. مختصون: استشارة الإنترنت علاج مجهول    حملة للتوعية بمشكلات ضعف السمع    الشمري يرفض 30 مليون ريال.. ويتنازل عن قاتل ابنه بشفاعة أمير منطقة حائل    مساحات ثمينة    الطلبة الجامعيون وأهمية الاندماج في جميع المناطق    المدينة أول صديقة للتوحد بالشرق الأوسط    القيادة تعزي ملك البحرين في وفاة الشيخ عبدالله بن سلمان بن خالد آل خليفة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزائر: (2005) عام التحولات الأمنية والسياسية
ميثاق السلم، قانون الأسرة، الإصلاح السياسي، ومكافحة الفساد.. أبرز ملفات العام
نشر في الرياض يوم 14 - 01 - 2006

ينظر خبراء الشأن الأمني والسياسي في الجزائر، أن العام 2005 كان بلا منازع، عام التحولات السياسية والأمنية الكبرى، التي تراهن عليها الجزائر لبدء مرحلة ما بعد الإرهاب، بما يجعلها في منأى عن جرّ مخلفات عشرية سوداء، وجد الرئيس بوتفليقة منذ وصوله إلى الحكم العام 1999، صعوبة كبيرة في إقناع من حوله، بجدواها كونها خيارا لا بديل عنه للجزائريين الذين شبعت بلادهم الموت ورائحة الدم.
ميثاق السلم.. رهان القطيعة
تكللت جملة التحولات السياسية والأمنية التي شهدتها الجزائر طيلة العام 5002، بالأخص بعد اطمئنان الرئيس بوتفليقة بوقوف الشعب إلى جانبه بعدما وقعوا له على صك من بياض في انتخابات الرئاسة في 8 أبريل 4002، بنسبة تصويت 68٪ منحته الشرعية التي كان يبحث عنها لمباشرة فتح الملفات التي يراها كفيلة بإخراج البلد من عنق الزجاجة، تكللت بتزكية الشعب الجزائري ل «الميثاق من أجل السلم والمصالحة» الذي عرض على استفتاء شعبي يوم 92 سبتمبر - أيلول وزكاه المواطنون بنسبة 63ر79٪، وهو الميثاق الذي يعلق عليه المراقبون آمالا كبيرة في التعجيل بوضع الجزائر فوق السكة الصحيحة بعدما طال الصراع وكبرت الضغينة بين التيارين المتناحرين في الجزائر، الاستئصاليون من التغريبيين والعلمانيين والمحافظين من الوطنيين والإسلاميين ودعاة الأصالة، فضلا عن أملهم في أن يسهم هذا الميثاق في إنهاء حقبة هي من أحلك وأتعس مرحلة عرفتها الجزائر بعد عهدها بالاستعمار الفرنسي، مرحلة أسفرت منذ يناير 2991 عن مقتل أكثر من 051 ألف قتيل وما يزيد على 7 آلاف مفقود وخسائر مالية قُدرت ب 03 مليار دولار .
ويتضمن الميثاق من أجل السلم والمصالحة الذي كشف الرئيس بوتفليقة عن محاوره العامة في خطاب للأمة ألقاه منتصف أغسطس الماضي، تدابير وإجراءات استثنائية تتعلق «بوقف المتابعات القضائية ضد الإرهابيين التائبين» و«أعضاء شبكات الدعم والتموين للإرهابيين والمحرضين على الإرهاب وقادة الجبهة الاسلامية للانقاذ المحظورة والفارين إلى الخارج» و«إعادة العمال المفصولين من وظائفهم لأسباب أمنية بالاضافة إلى التكفل بعائلات الارهابيين الذين لا يتحملون وزر أبنائهم الارهابيين والتكفل المالي والمعنوي بضحايا الارهاب وكذا تعويض عائلات المفقودين»، كما يلتزم القانون أيضا بعدم اصدار حكم بالاعدام او بالسجن المؤبد في حق الارهابيين الذين يمتنعون عن العمل الارهابي أثمر القانون في إقناع عدد من الارهابيين بتسليم انفسهم واسلحتهم إلى مصالح الامن الجزائرية والجهات القضائية المختصة.
ملف الحزب المحظور
بعدما ظلت لسنوات محل تكتم وورقة تجاذب بين مختلف القوى السياسية في البلاد، كشف العام 5002 عن وجود اتصالات بين السلطة وقيادات جبهة الإنقاذ المحظورة في الخارج، وهذه المرة على لسان عبد العزيز بلخادم الممثل الشخصي للرئيس بوتفليقة، الذي كان أول شخصية رسمية تكشف من لندن في 71 سبتمبر - أيلول التي حلّ بها لتنشيط تجمع لأفراد الجالية الجزائرية المقيمة في بريطانيا لشرح مضمون ميثاق السلم والمصالحة وحشد التأييد للتصويت عليه ب «نعم»، أنه في اتصال مستمر مع قياديين سابقين في الحزب المحل، وأنه التقى مع عديد منهم في لندن، في حين لا تزال تربطه اتصالات هاتفية بآخرين، مؤكدا أن جميعهم طرحوا استفسارات تتعلق بإمكانية عودتهم إلى التراب الوطني من جديد وممارسة نشاطهم السياسي .
ومن المنتظر أن يكون ملف عودة إطارات الحزب المحظور واحد من الملفات المهمة التي ستثير حولها المزيد من النقاش خلال العام 6002، بعدما لم تحسم نهائيا مسألة عودة نشطاء الحزب إلى الساحة السياسية بالاخص بالنسبة لقيادات الحزب الموجودة في الخارج التي لم تتورط في مسلسلات الدم التي شهدتها التسعينيات، وترى أن لها الحق في المشاركة السياسية، بحسبان أنها خارج الفئة التي تحدث عنها الرئيس بوتفليقة في ميثاق السلم والمصالحة، وحظر عليها ممارسة السياسة تحت أي غطاء كان. وكان الرئيس بوتفليقة شدد في جميع تجمعاته الشعبية التي نشطها بمناسبة حشد التأييد لمشروعه التصالحي، على الاستبعاد النهائي لأي عودة لجبهة الإنقاذ إلى العمل السياسي تحت أي غطاء، بدعوى أنها استخدمت الدين ل «إثارة العبث، وبثّ قلاقل مزمنة في البلاد، وعليها أن تدفع ثمن ذلك» .
قانون الأسرة يفجر الخلافات
وكعادتها أثارت التعديلات التي أدخلت على قانون الأسرة (قانون الأحوال الشخصية) نقاشاً حاداً أوساط الإسلاميين والعلمانيين بالأخص في النقطة التي تعلقت بمسألة إلغاء الولي من عقد زواج المرأة الذي سبق وأن صادقت عليه الخريف الماضي حكومة أحمد أويحي، المحسوب على التيار الديمقراطي العلماني . ولم يكن ممكنا الخروج من هذا الجدل الذي ألهبته الجمعيات النسوية، إلاّ بعد تدخل الرئيس بوتفليقة الذي قال قولته الشهيرة «لا أستطيع أن ألبي أهواء مخلوق لمعصية الخالق» في إشارة إلى رفضه القاطع أن يتم الاستغناء عن الولي في تزويج المرأة سواء «كانت راشدة أو غير راشدة» واضعا بذلك حدا نهائيا لمقترح كاد يدفع العائلة الجزائرية إلى الهاوية والانفلات، ولم يكترث الرئيس لهالة الانتقادات التي وجهتها له الجمعيات النسوية المعروف عن زعيماتها نضالهن في صفوف تيار الفيمينزم العالمي من المتطرفات في تعاطيهن مع كل ما يمس موضوع المرأة، بعدما اتهمته بارتكاب «خطأ جسيم» بالإبقاء على القانون في حد ذاته، عوض إلغائه نهائيا و«عدم امتلاك الشجاعة السياسية للوقوف في وجه التيار الإسلامي، الذي يدافع عن قانون الأسرة كما هو ويقول انه مستمد من الشريعة الإسلامية».
الإصلاح السياسي
ومن بين أهم مظاهر الإصلاح السياسي الذي بات ينشده الرئيس الجزائري منذ وصوله الحكم، إجبار الحكومة على الكشف على حصيلة أدائها السياسي أو ما يعرف في الجزائر ب «بيان السياسة العامة» أمام البرلمان بغرفتيه، بما يعيد لها مجددا حقها الدستوري في ممارسة دورها الرقابي في المساءلة والتقويم، فضلا عن تكريس القطيعة مع ثقافة سياسية طالما كانت تنظر إلى هذه المؤسسات نظرة ازدراء، بل طالما اختبأت وراء عبارة «الاستدعاء إلى مهام أخرى» للتغطية على الإقالات والتورط في الفساد وضعف أداء الوزراء والمسؤولين الساميين في الدولة. وجاء عرض أحمد أويحي لبيان السياسة العامة لحكومته العام 5002 سابقة في تاريخ الجهاز التنفيذي في الجزائر، حيث لم نشهد حكومة جزائرية منذ إقرار التعددية السياسية والإعلامية العام 9891 أقدمت على عرض بيان سياستها العامة رغم تعاقب ما يزيد على 9 حكومات على الجهاز التنفيذي منذ ذلك التاريخ بدءا بحكومة قاصدي مرباح الذي اغتالته أيادي الإجرام، ومرورا بحكومة مولود حمروش وسيد أحمد غزالي وبلعيد عبد السلام ومقداد سيفي وإسماعيل حمداني وأحمد بن بيتور وعلي بن فليس وانتهاءً بأحمد أويحي الذي يتولى رئاسة الحكومة لمرتين اثنتين .
ولمح بوتفليقة إلى أهمية هذا التقليد في عدد من خطاباته عندما دعا إلى جعله مظهرا من مظاهر الإصلاح السياسي والممارسة الديمقراطية المنشودة، وخطوة في اتجاه إعادة كيان مؤسسات الجمهورية، ولقد شرع الرئيس بوتفليقة في تطبيق دعوته للإصلاح السياسي، بدءا من نفسه، بعدما عمد عشية الذكرى الأولى لإعادة انتخابه لولاية ثانية في الثامن أبريل إلى تقديم الحصيلة السياسية والاقتصادية للخمس سنوات الماضية زائد السنة الأولى من عهدته 5002/9002، في خطاب استغرق ساعتين وجهه للأمة أمام إطارات الدولة بنادي الصنوبر بقصر المؤتمرات، هذا علما أن هذا الإجراء الذي ينص عليه الدستور يسمح للقاضي الأول في البلاد بمعرفة وتيرة الأداء على مستوى الجهاز التنفيذي في وقت لم يتردد بوتفليقة في توجيه انتقادات شديدة للمسؤولين الحاليين للدولة واتهامهم بالتماطل وعرقلة تجسيد الوعود التنموية التي قطعها على نفسه أمام مؤيديه في رئاسيات الثامن أبريل الأخيرة.
موسم هجرة الجبال والسلاح
ولعل من ذبين أهم المحطات الأمنية التي عرفتها الجزائر خلال العام 5002، تلك المتعلقة بملف التائبين ممن استجابوا لدعوات بوتفليقة لوضع السلاح والعودة إلى رحاب المجتمع، وفي الوقت الذي لم تتوقف فيه موجات الاستسلام وإلقاء السلاح في عدد من المعاقل السابقة لجماعات الموت، لم يكشف طيلة العام 5002، عن العدد الدقيق للعائدين إلى رشدهم، وكان رئيس الحكومة أحمد أويحي، كشف في تصريح للتلفزيون الجزائري منتصف سبتمبر - أيلول 5002 أن السلطات الجزائرية تترقب نزول 0001 إرهابي من الجبال خلال العام 5002، حتى يستفيدوا من تدابير المصالحة الوطنية. وقال إن هؤلاء سينضافون إلى 0006 إرهابي القوا السلاح في إطار الوئام المدني، و0004 آخر في إطار قانون الرحمة، يضاف إلى هؤلاء 004 إرهابي نزلوا من الجبال بعد 21 يناير 0002، تاريخ نهاية مفعول الوئام .
وشهد العام 5002، إلى جانب حملات التمشيط العسكرية الواسعة التي خاضتها قوات الأمن المشتركة لاستئصال بقايا الجماعات الإرهابية التي تصر على مواصلة العنف المسلح، معاودة السلطات الأمنية والعسكرية المختصة فتح مراكز خاصة لاستقبال مئات التائبين، على غرار ما تمّ القيام به غداة الانتخابات الرئاسية في ربيع 4002، وتوجد حاليا بهذه المراكز البعيدة عن أنظار الصحافة عشرات المسلحين الذين ظلوا ينشطون ضمن تنظيم «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» وارتضوا إلقاء السلاح وتسليم أنفسهم، وتشير مصادر أمنية أن عددهم يزيد حاليا على 006 تائب منذ مطلع العام 5002، في حين كانت موجة الاستسلام بعد الاستفتاء على ميثاق السلم والمصالحة في ال 92 سبتمبر - أيلول الماضي «جد محتشمة» حسب خبراء الشأن الأمني، الذين يشيرون أن بقايا الجماعات المسلحة التي تقبع في الجبال تترقب الإفراج عن النصوص القانونية والتنظيمية لتنفيذ التدابير التي جاء بها ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ويتردد أن عددها 03 مرسوما، بما يطمئنهم على مصيرهم النهائي وهم بين يدي مصالح الأمن أو القضاء.
إلى ذلك، وتكريسا للخطاب التصالحي الذي يدافع عنه الرئيس بوتفليقة، ويراهن عليه للانتهاء من مخلفات العشرية السوداء للتفرغ لمرحلة ما بعد الإرهاب، سربت مصادر مطلعة العام 5002 أنباء عن استعداد السلطات العليا في البلاد للتكفل بنحو 0021 طفل من أبناء «المسلحين» الذين ولدوا ومكثوا في الجبال مطوّلا، وفقد أغلبهم ذويه، بعد القضاء عليهم في مختلف التمشيطات العسكرية التي قادها الجيش في معاقل الجماعات المسلحة على مدار السنوات الماضية، ولقد جاء فيما بعد التطرق لهذه الفئة التي يجهل لحد الآن عددها الحقيقي على وجه الدقة، في أحد محاور ميثاق السلم والمصالحة الذي أقّر ضرورة تأطير هذه الفئة ضمن خانة ما يسمى «ضحايا المأساة الوطنية».
ومن المنتظر أن يستفيد هؤلاء مطلع العام 6002 من التسجيل في سجلات الحالة المدنية، كما ستتم تسوية وضعيتهم الإدارية والاجتماعية وسيتم وضعهم في مراكز خاصة مدعمة بعناية خبراء علم النفس قبل انخراطهم في نظام تمدرس يضاهي ما يستفيد منه سائر أطفال الجزائر . وفي نفس أجواء التسامح والمصالحة التي طبعت الجزائر العام 5002، كان رئيس اللجنة الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان التابعة للرئاسة، كشف أنّ يقارب 01 آلاف شخص ممن زجّ بهم مطلع التسعينيات في محتشدات بالصحراء قبل أن تم الإفراج عنهم منذ 21 سنة، ستدرس الجهات القضائية المختصة وضعيتهم حالة بحالة خلال العام 6002 قصد النظر في إمكانية إرجاعهم إلى مناصب عملهم الأصلية أو تعويض من يستحق ذلك منهم، كما سيجري إلغاء فترة الحجز من صحيفة السوابق العدلية، تمامًا وكأن هؤلاء لم يسجنوا أبدًا، بما لا يؤثر سلبا على مستقبلهم المهني، وهي إجراءات سيجري تعميمها لتطال جميع سجناء جبهة الإنقاذ المحظورة، ممن لم يتورطوا في جرائم قتل أو تفجيرات أو اعتداء على الحرمات.
الحكومة تحكم قبضتها
على قطاع الشؤون الدينية
ولأنها كانت طرفا هاما في الأزمة الأمنية التي شهدتها الجزائر طيلة عشرية من الزمن، بعدما اتخذها غلاة التطرف منابر للتحريض والإفتاء المجنون، ومحاولة منها للاستفادة من تجارب الماضي، وتجنب ما حدث من انحراف سنوات التسعينات، قررت الحكومة الجزائرية العام 5002 إحكام قبضتها على القطاع المسجدي والفضاء الدعوي، من خلال التكفل بصورة مطلقة بمقاصد تكوين الأئمة في المعاهد الإسلامية لتكوين الإطارات الدينية فور انتهاء وزارة الشؤون الدينية والأوقاف من إعداد استراتيجية لهذا الغرض تتماشى مع ما تحدده الدولة وتضبطه الحكومة بما يناسب سياستها السائرة في طريق ملاءمة كل التشريعات والقوانين الوطنية مع المعاهدات الدولية التي أمضتها الجزائر، وتراهن الحكومة كثيرا على الاستراتيجية الجديدة في النظرة إلى الإمام والمسجد، لتفادي الوقوع في تجربة التسعينيات حيث اختلط الحابل بالنابل في مجال الإفتاء والدعوة والاجتهاد، ويجنب الإمام ما علق به من عيوب خلال سنوات الإرهاب فضلا عن تجنيبه التحدث في الناس بما يخالف توجه الحكومة في كل المجلات .
فتح الملفات السوداء
ولمكافحة الفساد
وانعكست إرادة أصحاب القرار في تطليق ممارسات الماضي، وتكريس الإصلاح السياسي المنشود على المستوى الشعبي، في الشروع في تدابير لم تعرفها الجزائر منذ الاستقلال العام 2691، منها سن قوانين غير مسبوقة في تاريخ المنظومة القانونية والتشريعية، منها مشروع القانون الجديد المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحته، ومراقبة حركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، وقانون مكافحة الرشوة والوقاية من الفساد ومحاربته، الذي يقضي بإنشاء هيئة وطنية مكلفة بالوقاية من الفساد ومحاربته، تتمتع بصلاحيات واسعة في التحري والكشف، ولا يقتصر نص القانون من الناجية الإجرامية على قمع الفساد بالمعنى الضيق، بل يوسع ليشمل مخالفات تحويل الأموال وتهريبها واستغلال النفوذ والابتزاز والتعسف في استعمال الوظيفة والثراء اللامشروع وتضارب المصالح وتمويل الأحزاب السياسية والتصريح الكاذب بالممتلكات . ولم يخف الرئيس بوتفليقة في جميع تدخلاته، حاجته لمثل هذه التشريعات كسند قانوني سيعينه على محاربة الفساد داخل دواليب الحكم والمؤسسات التنفيذية وأجهزة الدولة بالاعتماد على قاعدة «الحساب والعقاب» في عمليات إنهاء مهام المغضوب عليهم، ولم يتردد الرئيس بوتفليقة في مناشدة القضاة لمساعدته على مكافحة الفساد، وطالبهم في آخر خطاب له قبل وعكته الصحية، لدى افتتاحه السنة القضائية شهر نوفمبر بالوقوف بالمرصاد في وجه من أسماهم ب «المتنفذّين الفاسدين» وقال إن هؤلاء «هم سبب التذمر المنتشر في أوساط المواطنين» وأن ما يقترفونه من تجاوزات «يشكل خطرا على السلم الاجتماعي» .
ومن بين أهم الملفات التي تم تحريكها العام 5002، ونظرت إليها وسائل الإعلام الجزائرية نظرة تفاؤل كونها تدخل في إطار «الحرب المعلنة ضد الحقرة»، ملف تصفية الإطارات التي تعرضت للفصل من مناصبها أو إنهاء المهام، بناء على تقارير سوداء، وظل هذا الموضوع أو ما يعرف في الإعلام الجزائري ب «الملف الأسود» في خانة التعتيم، ولم يكن ممكنا تعاطيه إعلاميا إلاّ بعد مجيء الرئيس بوتفليقة، وكان قرار وزارة الداخلية العام 5002، بفصل مصالح الاستعلامات العامة عن المديريات الولائية للأمن الوطني، وهذا لأول مرة في تاريخ البلد، قصد إعادة تفعيل جهاز الاستعلامات وتحريره، خطوة هامة لتفادي التلاعبات التي كانت تتم بشأن التحقيقات الإدارية والأمنية الخاصة بإطارات الدولة والأجهزة التنفيذية والمؤسسات الرسمية، والتي كانت في أحيان كثيرة مزورة ومغلوطة بشأن أخلاقيات ومسار الإطارات المرشحة لتولي مناصب قيادية في الدولة . وكان ملاحظون أشاروا أن هذه الخطوة من شأنها إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وتهيئة الأجواء للوصول إلى إمكانية تشكيل وكالة للأمن القومي التي ترددت معلومات بتوجه الرئيس بوتفليقة إلى إنشائها لاحتواء الأجهزة المختصة في الاستعلامات، ورشح خبراء الشأن الأمني أن يتولاها الجنرال العائد إلى القصر الرئاسي محمد بتشين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.