الديوان الملكي: وفاة الأمير منصور بن بدر بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أصبحت مستهدفات الرؤية واقعًا ملموسًا يراه الجميع في شتى المجالات    تفريخ نعام بعد انقراض 100 عام    الاتحاد يخسر بثلاثية أمام الشباب    سبعة انتصارات و22 هدفاً.. القادسية اقترب من الصعود والترجي على مشارف الهبوط    لكي لا يكون مثل سابقه    كيسيه: لم نتوقع صعوبة المباراة    النصر ينهي تحضيراته لمواجهة الخليج في دوري روشن    المخرج العراقي خيون: المملكة تعيش زمناً ثقافياً ناهضاً    "السينما الصناعة" والفرص الضائعة    انتشال 392 جثة من ثلاث مقابر جماعية    بكين تحذّر من «تدهور» العلاقات مع واشنطن    د. عبدالله العمري يستنطق «ذاكرة النص» وفضاءات نقد النقد    محمد بن عبدالرحمن: طموحات وعزيمة صادقة    أمير الشرقية يرعى حفل خريجي جامعة الملك فيصل    جازان.. سلة الفواكه    النفط ينهي سلسلة خسائر أسبوعية مع النمو الاقتصادي واستمرار مخاوف الإمدادات    الذهب يرتفع مع تباطؤ الاقتصاد الأميركي وانتعاش الطلب    وزير الثقافة يرفع التهنئة للقيادة بتحقيق رؤية السعودية 2030 عدة مستهدفات قبل أوانها    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    إغلاق جميع فروع منشأة تجارية بالرياض بعد رصد عدة حالات تسمم    توافق مصري - إسرائيلي على هدنة لمدة عام بقطاع غزة    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يزور قيادة القوة البحرية بجازان    نائب وزير الداخلية يرأس وفد المملكة المشارك في المؤتمر الأول لمكافحة الاتجار بالمخدرات    10 أحياء تنضمّ للسجل العقاري بالرياض    "أملج".. حوراء على ضفاف البحر الأحمر    ضوابط جديدة و4 تصنيفات لتقييم أضرار المركبة    «مكافحة المخدرات» تقبض على شخصين بالقصيم لترويجهما مادة الإمفيتامين المخدر    ترميم قصر الملك فيصل وتحويله إلى متحف    "الأرصاد": لا صحة لتعرض المملكة لأمطار غير مسبوقة    السعودية تحصد ميداليتين عالميتين في «أولمبياد مندليف للكيمياء 2024»    الأحوال المدنية: منح الجنسية السعودية ل4 أشخاص    الأرصاد: لا صحة عن تأثر السعودية بكميات أمطار مشابهة لما تعرضت له بعض الدول المجاورة    «الحج والعمرة»: احذروا شركات الحج الوهمية.. لا أداء للفريضة إلا بتأشيرة حج    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام و النبوي    الشاب عبدالله بن يحيى يعقوب يعقد قرآنه وسط محبيه    أعمال نظافة وتجفيف صحن المطاف حفاظًا على سلامة ضيوف الرحمن    وزير الشؤون الإسلامية يعقد اجتماعاً لمناقشة أعمال ومشاريع الوزارة    أستراليا تقدم الدعم للقضاء على الملاريا    "واتساب" يتيح مفاتيح المرور ب "آيفون"    اتفاق سعودي – قبرصي على الإعفاء المتبادل من التأشيرة    إصابة مالكوم وسالم الدوسري قبل مباراة الهلال والفتح    لاعبو الرياض: نقاط الأهلي بوابتنا للبقاء    "المُحليات" تدمِّر "الأمعاء"    مقامة مؤجلة    هوس «الترند واللايك» !    صعود الدرج.. التدريب الأشمل للجسم    تقنية مبتكرة لعلاج العظام المكسورة بسرعة    التنفس بالفكس    افتتاح المعرض التشكيلي "الرحلة 2" في تناغم الفن بجدة    نائب امير منطقة مكة المكرمة يهنئ القيادة الرشيدة نظير ماتحقق من انجازات كبيرة وتحولات نوعية على كافة الاصعدة    مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل يهنئ القيادة نظير ماتحقق من مستهدفات رؤية 2030    الصحة: رصد 15 حالة تسمم غذائي في الرياض    تفكيك السياسة الغربية    خلط الأوراق.. و«الشرق الأوسط الجديد»    مقال «مقري عليه» !    تشجيع الصين لتكون الراعي لمفاوضات العرب وإسرائيل    التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مولد الأدب الحديث 2-2
نشر في الرياض يوم 17 - 11 - 2005

ولم يقف شأن الثقافة الحديثة في السنوات الاولى من تأسيس المملكة العربية السعودية عند حدود اصدار كتاب «ادب الحجاز»، فها هو ذا محمد سرور الصبان يعاود الكرة مرة اخرى فيصدر في عام 1345ه/ 1926م كتاب «المعرض، او آراء شبان الحجاز في اللغة العربية»، الذي ضم طائفة من مقالات الادباء الشبان في الحجاز، واشتمل على رأيهم فيما اثاره ميخائيل نعيمة من مهجره من آراء في اللغة العربية، مما اورده في كتابه الشهير «الغربال»، وأبان «المعرض» عن حضور المسألة اللغوية التي كان الجدل حولها مستعراً في تلك الاثناء في الثقافة العربية الحديثة، ودل فيما خاض فيه القوم، على ان صُوىً جديدة كانت قد وضعت في طريقهم الى النهوض والتقدم، وان الثقافة الحديثة قد ضربت بجدار بينها وبين ما اطمأن اليه الحجاز من ثقافة العصور المتأخرة.
غير ان الحدث الثقافي المهم في تلك المدة هو صدور كتاب «خواطر مصرحة» (1345ه/ 1926م) للشاعر الشاب محمد حسن عواد (1320 - 1400ه/ 1902 - 1980م)، الذي اختار له عنواناً فرعياً ذا دلالة «مقالات في الادب والنقد والاجتماع»، وهي هذه المصطلحات التي كانت بعض أفياء الثقافة الحديثة في المملكة،هذه الثقافة التي كان كتاب (خواطر مصرّحة) انجيلها الثائر على ما درج عليه القوم، آنذاك في تدينهم الشكلي، وانماط حياتهم الاجتماعية والثقافية، وبلغ من امر عواد ان يعلن، وفي فاتحة كتابه، هجمته على القوى المحافظة في مقالته «مداعبة مع العلماء» التي صدر بها خواطره، ولم يلبث ان استلهم النموذج الغربي للعلم والعلماء، وازرى بالاوضاع الاجتماعية والاقتصادية البالية - في تلك المدة - وجعل يجأر بدعوته الجريئة، في السنوات الاولى لتأسيس المملكة، الى نصرة المرأة وحقها في التعليم وتقلد الوظائف، وينحي باللائمة على ما استكان اليه الادباء التقليديون من فنون الشعر والنثر، ويلح على المعاني الجديدة في نظام الحكم والسياسة، في مجتمع كان للتو يخطو خطواته الاولى نحو الدولة والاستقرار.
وقاد ترسم محمد حسن عواد آثار النزعة الرومنسية في الادب العربي الحديث، في المشرق العربي والمهجر، الى ان يغدو اشد ثورة وعنفاً فيما ينتهجه، وان يدفعه ذلك الى ان ينحي باللائمة على التراث العربي القديم، وان يجرد تلك الثقافة من أي فضل، جرياً على ما درج عليه نفر من المهجريين ولا سيما جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة. ومن ذلك كلمة عواد الثائرة التي انحى فيها باللائمة على البلاغة العربية التي لم تغن لديه من الفن فتيلاً، فما لبث غير قليل حتى جرد البلاغة العربية من أي اثر، وخف يشيد ببلاغة شعراء الغرب الذين لم يكن ليعرف شعرهم إلا مترجماً، وببلاغة الشعراء المهجريين الذين استولوا على فؤاده. فأنشأ يقول:
وفي سنة 1333 عندما بدأت الطفولة تتحلل مني وتتقوض اطنابها
ليحل مكانها الشباب.. اخذت ادرس دروس البلاغة في المدرسة وها انا
من ابان تلك السنة الى الآن لا ازال ابحث عن سر البلاغة العربية وكنهها
وأتلمسها في كل مكان وبين كل سفر وفي شقي كل قلم بغية ان اعثر بها
تلمسَّتُها في جواهر الادب فرأيتها تبعد 654321 مرحلة
تلمسَّتُها في مولد البرزنجي فرأيتها تتلكأ متسكعة متعثرة
تلمسَّتُها في البردة والهمزية فرأيتها تمشي على استيحاء
تلمسَّتُها في كتب الاشياخ فأجابتني الكتب ان ليست هنا
تلمسَّتُها في المقامات فإذا هي لحوم ناضجة ولكنها من غير مأكول اللحم
تلمسَّتُها في كتب السعد والجرجاني فرأيتها تحشرج على فراش الموت
تلمسَّتُها في شعر المولدين فإذا هي عجوز شمطاء في زي حسناء
تلمسَّتُها في المعلقات فإذا هي منجم يحوي ذهباً في جنادل وصخور
تلمسَّتُها في الجرائد فإذا هي خروق بالية واديم ممزق - واخيراً تركت البحث. ثم عدت فوجدتها
وجدتها رعداً يقصف من نبرات القرآن فوقفت خاشعاً امام معبدها
وجدتها القاً في مقالات بعض كتّاب سوريا فهززت يدي وصافحتها
وجدتها ورداً ذابلاً في مقالات بعض كُتَّاب مصر فهتفت لها مبتسماً
وجدتها في شعر المتنبي ينبوعاً يحاول الانفجار فلا يستطيع
وجدتها في نظرات المنفلوطي عروساً تزف ولكن بلا طبول
وجدتها في الريحانيات موجة تصعد وتهبط
وجدتها في كثير من شعر وكتابة مسيحيي لبنان تَسْلَس عن قيادها ثم وجدتها في مترجمات هيغو وموليير وشكسبير وبايرون فقلت واهاً لمجد شعراء العرب!.
شهدت الحياة الثقافية في الجزيرة العربية عهوداً طويلة من الصمت، وحين نطقت - وكان ذلك في عصرها الحديث - كان مسكونة بالثورة على القديم، يزمجر منتحلوها بحمم من الكلمات التي لا تعرف الهدوء حيناً حتى تكر ثائرة قلقة، يعبر عنها - في زهرة شبابها - ما لمسه فيها طه حسين من ثورة وعنف وجِدَّة، فقال:
«وأغراب من هذا ان دعوة الى التجديد الفكري والادبي قد ظهرت في الحجاز منذ اعوام بتأثير ما يكتبه المصريون والسوريون. وهذه الدعوة عنيفة جداً فهي ساخطة اشد السخط على كل قديم.. وان يحتفظ من قديمه بالدين واللغة ويأخذ عن الاوربيين بعد ذلك ما استطاع، وان يستفيد من اقبال المسلمين عليه للحج فلا يفنى هو في المسلمين، وان يعنى اهله اشد العناية بالتعليم المدني وباللغتين الانجليزية والفرنسية لأن احداهما لغة الاقتصاد والتجارة والاخرى لغة العلم والادب.
وقد بدأ الحجاز بالفعل يرسل شبابه الى مصر ليدرسوا فيها العلم على نحو ما يدرسه المصريون. واصحاب الدعوة الى التجديد لا يكتفون بهذا بل يريدون ان يبعثوا ابناء الحجاز الى باريس ولندرة. وقد بدأ الحجازيون المجددون ينشئون الشعر والنثر على مذهبهم الجديد ولكنهم لم يوفقوا بعد الى ان يكوِّنوا للحجاز شخصية ادبية، انما هم تلاميذ السوريين، والسوريين المهاجرين الى أمريكا بنوع خاص، فمُثُلُهم العليا في الادب يلتمسونها عند الريحاني وجبران خليل جبران ومن اليهما». (ألوان ص 48).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.