كاوست ونيوم تكشفان عن أكبر مشروع لإحياء الشعاب المرجانية في العالم    مدير عام موارد وتنمية حائل يستقبل القنصل المصري    اجتماع خليجي يناقش نتائج ضرائب الصحة    "الجمعة".. ذروة استخدام الإنترنت بالمملكة    "أدوبي" ترقي الفيديو بالذكاء الاصطناعي    أمير عسير يعزي الشيخ ابن قحيصان في وفاة والدته    استمرار هطول أمطار رعدية مصحوبة برياح نشطة على المملكة    استقرار أسعار النفط    التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    ما بعد 2030    تسليم الفائزات بجائزة الأميرة نورة للتميُّز النسائي    هل تشتعل جبهة جنوب لبنان ؟    روسيا: زيارة بلينكن للصين تهدف لتمزيق العلاقات بين موسكو وبكين    الأخضر السعودي 18 عاماً يخسر من مالي    الإبراهيم: تشجيع الابتكار وتطوير رأس المال البشري يسرعان النمو الاقتصادي    «الرابطة» تُدين استمرار الاحتلال ارتكاب جرائم الحرب في غزة    الإبراهيم: إستراتيجياتنا تحدث نقلة اقتصادية هيكلية    إنشاء مركز لحماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا    الراقي في اختبار مدرسة الوسطى.. الوحدة والفيحاء يواجهان الحزم والطائي    ميندي وهندي والنابت مهددون بالغياب عن الأهلي    أدوات الفكر في القرآن    4 نصائح طبية عند استعمال كريم الوقاية من الشمس    الأوبرا قنطرة إبداع    الأمير عبدالإله بن عبدالعزيز يرعى حفل تخريج طلبة «كلية الأعمال» في جامعة الفيصل    بيع "لوحة الآنسة ليسر" للرسام كليمت بمبلغ 32 مليون يورو    سوناك وشولتس يتعهّدان دعم أوكرانيا "طالما استغرق الأمر" (تحديث)    هلاليون هزموا الزعيم    اللهيبي تُطلق ملتقى «نافس وشركاء النجاح»    مين السبب في الحب ؟!    مشاهدات مليارية !    اللي فاهمين الشُّهرة غلط !    النفع الصوري    حياكة الذهب    مساعد رئيس مجلس الشورى تلتقي بوفد من كبار مساعدي ومستشاري أعضاء الكونغرس الأمريكي    إجراء أول عملية استبدال ركبة عبر «اليوم الواحد»    انطلاق "التوجيه المهني" للخريجين والخريجات بالطائف    "أم التنانين" يزور نظامنا الشمسي    تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن سعود.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    الإسباني "خوسيلو" على رادار أندية الدوري السعودي    عيدية كرة القدم    جاسم أحمد الجاسم عضو اتحاد القدم السابق ل"البلاد": الهلال يغرد خارج السرب.. وحديث المجالس وضع" هجر" في مهب الريح    أمير الشرقية: القيادة تولي العلم والتنمية البشرية رعاية خاصة    مقصد للرحالة والمؤرخين على مرِّ العصور.. سدوس.. علامة تاريخية في جزيرة العرب    رسالة فنية    مسبح يبتلع عروساً ليلة زفافها    تحت رعاية وزير الداخلية.. "أمن المنشآت" تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    زراعة 2130 شجرةً في طريق الملك فهد بالخبراء    تجهيز السعوديين للجنائز «مجاناً» يعجب معتمري دول العالم    «سدايا» تطور مهارات قيادات 8 جهات حكومية    أسرة البخيتان تحتفل بزواج مهدي    بعضها يربك نتائج تحاليل الدم.. مختصون يحذرون من التناول العشوائي للمكملات والفيتامينات    تجاهلت عضة كلب فماتت بعد شهرين    قطاع القحمة الصحي يُنظّم فعالية "الأسبوع العالمي للتحصينات"    أمير عسير يواسي أسرة آل جفشر    أمير حائل يرفع الشكر والامتنان للقيادة على منح متضرري «طابة» تعويضات السكن    المجمع الفقهي الإسلامي يصدر قرارات وبيانات في عددٍ من القضايا والمستجدات في ختام دورته ال 23 clock-icon الثلاثاء 1445/10/14    أمير تبوك: عهد الملك سلمان زاهر بالنهضة الشاملة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية حقائق وأرقام
نشر في الأولى يوم 19 - 09 - 2013

تحتفل المملكة العربية السعودية بيومها الوطني في اليوم الأول من الميزان الموافق 23 سبتمبر (أيلول) من كل عام وذلك تخليداً لذكرى توحيد المملكة وتأسيسها على يدي جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله.
ففي مثل هذا اليوم من عام 1351ه / 1932م سجل التاريخ مولد المملكة العربية السعودية بعد ملحمة البطولة التي قادها المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - على مدى اثنين وثلاثين عاماً بعد استرداده لمدينة الرياض عاصمة ملك أجداده وآبائه في الخامس من شهر شوال عام 1319ه الموافق 15 يناير 1902م.
وفي 17 جمادى الأولى 1351ه صدر مرسوم ملكي بتوحيد كل أجزاء الدولة السعودية الحديثة تحت اسم المملكة العربية السعودية، واختار الملك عبدالعزيز يوم الخميس الموافق 21 جمادى الأولى من نفس العام الموافق 23 سبتمبر 1932م يوماً لإعلان قيام المملكة العربية السعودية.
ثمانون عاماً حافلة بالإنجازات على هذه الأرض الطيبة والتي وضع لبناتها الأولى الملك المؤسس وواصل أبناؤه البررة من بعده استكمال البنيان ومواصلة المسيرة.
نشأة الملك عبد العزيز:
ولد الملك عبدالعزيز في مدينة الرياض عام 1293ه/1876م، ونشأ تحت رعاية والده الإمام عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبدالله آل سعود، وتعلم القراءة والكتابة على يد الشيخ القاضي عبدالله الخرجي وهو من علماء الرياض، فحفظ بعضاً من سور القرآن الكريم ثم قرأه كله على يد الشيخ محمد بن مصيبيح، كما درس جانباً من أصول الفقه والتوحيد على يد الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ.
وكان الملك عبدالعزيز في صباه مولعاً بالفروسية وركوب الخيل، وعرف بشجاعته وجرأته وإقدامه وخلقه القويم وإرادته الصلبة، وقد رافق والده في رحلته إلى البادية بعد الرحيل من الرياض، وتأثر -رحمه الله- بحياة التنقل خاصة فيما يتعلق بالجدية وصلابة العود وقوة التحمل.
وعندما حل الأمير عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بالكويت كان عبدالعزيز الابن في الثانية عشرة من عمره، وقد بقي في الكويت مع والده وأسرته لمدة عشر سنوات، درس خلالها القرآن الكريم وخبر السياسة وإدارة المعارك.
انطلاقة عهد جديد:
وانطلق الفتى اليافع عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود من الكويت على رأس حملة من أقاربه وأعوانه صوب الرياض وكان عمره 26 عاماً، وكانت الجزيرة العربية في ذلك الوقت تعج بالفوضى والتناحر، وبزغ فجر يوم الخامس من شهر شوال عام 1319ه الموافق 15 يناير 1902م إيذاناً ببداية عهد جديد، حيث استطاع البطل الشاب استعادة مدينة الرياض ليضع بذلك اللبنة الأولى لهذا الكيان الشامخ، وتسلم مقاليد الحكم والإمامة بعد أن تنازل له والده الإمام عبدالرحمن بن فيصل عن الحكم والإمامة في اجتماع حافل بالمسجد الكبير بالرياض بعد صلاة الجمعة.
ثم توجه إلى منطقة الوشم ودخل بلدة شقراء، ثم واصل زحفه صوب بلدة ثادق فدخلها أيضاً، ثم انطلق إلى منطقة سدير ودخل بلدة المجمعة، وبهذا الجهد العسكري تمكن الملك عبدالعزيز من توحيد مناطق الوشم وسدير وضمها إلى بوتقة الدولة السعودية الحديثة.
وتمكن الملك عبدالعزيز في الفترة 1321/1324ه من توحيد منطقة القصيم وضمها إلى الدولة السعودية بعد أن خاض مجموعة من المعارك منها معركة الفيضة ومعركة البكيرية ومعركة الشنانة وانتصاره في معركة روضة مهنا في 18 صفر 1324هر الموافق 14 أبريل 1906م وهي إحدى المعارك الكبرى الحاسمة.
بعد ذلك شرع الملك عبدالعزيز في توحيد مناطق نجد تدريجياً، فبدأ في الفترة 1320/1321ه بتوحيد المناطق الواقعة جنوب الرياض بعد انتصاره في بلدة الدلم القريبة من الخرج، فدانت له كل بلدان الجنوب، الخرج والحريق والحوطة والأفلاج وبلدان وادي الدواسر.
توحيد المملكة العربية لسعودية:
وفي 17 جمادى الأولى 1351ه صدر مرسوم ملكي بتوحيد كل أجزاء الدولة السعودية الحديثة في اسم واحد هو "المملكة العربية السعودية" وأن يصبح لقب الملك عبدالعزيز "ملك المملكة العربية السعودية"، واختار جلالته في الأمر الملكي يوم الخميس 21 جمادى الأولى 1351ه يوماً لإعلان توحيد المملكة العربية السعودية وهو اليوم الوطني للمملكة.
واختارت الدولة السعودية في عهد الملك عبدالعزيز شعار الدولة الحالي "سيفان متقاطعان بينهما نخلة" أما العلم فأصبح لونه أخضر مستطيل الشكل تتوسطه شهادة التوحيد "لا إله إلا الله محمد رسول الله" باللون الأبيض وتحتها سيف باللون الأبيض.
ونظم الملك عبدالعزيز دولته الحديثة على أساس من التحديث والتطوير المعاصر، فوزع المسؤوليات في الدولة وأسس حكومة منطقة الحجاز بعد ضمها وأنشأ منصب النائب العام في الحجاز وأسند مهامه إلى ابنه الأمير فيصل وكان ذلك عام 1344ه/ 1926 م، كما أسند إليه رئاسة مجلس الشورى، وفي 19 شعبان 1350ه الموافق 30 ديسمبر 1931م صدر نظام خاص بتأليف مجلس الوكلاء، وأنشأ الملك عبدالعزيز عدداً من الوزارات، وأقامت الدولة علاقات دبلوماسية وفق التمثيل السياسي الدولي المتعارف عليه رسمياً، وتم تعيين السفراء والقناصل والمفوضين والوزراء لهذه الغاية، كما اهتم الملك عبدالعزيز كثيراً بدعم القضية الفلسطينية، ولما تأسست جامعة الدول العربية في القاهرة عام 1365ه / 1945م كانت المملكة العربية السعودية من الدول المؤسسة.
ومن منجزات الملك عبدالعزيز تنفيذ أول مشروع من نوعه لتوطين البدو، فأسكنهم في هجر زراعية مستقرة وشكل منهم جيشاً متطوعاً يكون تحت يده عند الحاجة، كما عمل على تحسين وضع المملكة الاجتماعي والاقتصادي فوجه عناية واهتماماً بالتعليم بفتح المدارس والمعاهد وأرسل البعثات إلى الخارج وشجع طباعة الكتب خاصة الكتب العربية والإسلامية واهتم بالدعوة الإسلامية ومحاربة البدع والخرافات، وأنشأ هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وزودها بالإمكانات والصلاحيات، وأمر بتوسعة الحرم النبوي الشريف، وقد شرع في ذلك عام 1370ه/ 1951م، ووفر الماء والخدمات الطبية والوقائية لحجاج بيت الله الحرام.
دولة فتية:
وفي عام 1357ه/1938 م استخرج النفط بكميات تجارية في المنطقة الشرقية مما ساعد على ازدياد الثروة النقدية التي أسهمت في تطوير المملكة وتقدمها وازدهارها، وأنشئت مؤسسة النقد العربي السعودي بعد أن بدأت العملة السعودية تأخذ مكانها الطبيعي بين عملات الدول الأخرى، واشترت الدولة الآلات الزراعية ووزعتها على الفلاحين للنهوض بالزراعة. وأنشئت الطرق البرية المعبدة، ومد خط حديدي ليربط الرياض بالدمام، وربط البلاد بشبكة من المواصلات السلكية واللاسلكية، ووضع نواة الطيران المدني بإنشاء الخطوط الجوية العربية السعودية عام 1945م، ومد خط أنابيب النفط من الخليج إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط، وافتتحت الإذاعة السعودية عام 1368ه/1949م، واهتم المؤسس - رحمه الله - بمحاربة المرض وتوفير الخدمات الصحية، فأنشئت المستشفيات والمراكز الصحية في مختلف مدن المملكة، ووضع نظام للجوازات السعودية وغيرها من المرافق العامة ذات الصلة بالمجتمع.
وهكذا أرسى القائد المؤسس قواعد دولته الفتية على أرض الجزيرة العربية مستمداً دستورها ومنهاجها من كتاب الله الكريم وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فبدل خوفها أمناً، وجهلها علماً، وفقرها رخاءً وازدهاراً.
تطوير وإصلاح:
ولم يكتف الملك عبدالعزيز ببناء هذه الوحدة السياسية والحفاظ عليها فقط بل سعى إلى تطويرها وإصلاحها في المجالات كافة، حتى استطاع بفضل الله عز وجل أن يضع الأساس لنظام إسلامي شديد الثبات والاستقرار مع التركيز على المسؤوليات وتحديد الصلاحيات، فتكونت الوزارات وظهرت المؤسسات وقامت الإدارات لمواكبة التطور، وأدخلت المخترعات الحديثة لأول مرة في شبه الجزيرة العربية فحلت تدريجياً محل الوسائل التقليدية. وأقام طيب الله ثراه القضاء على أساس من تحكيم الشريعة الإسلامية في كل الأمور، فأنشأ المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وأصدر الأنظمة التي تدعم هذه المحاكم وتبين وظائفها وتحدد اختصاصاتها وسلطاتها وتنظم سير العمل بها، كما حقق الملك عبدالعزيز إنجازات كبيرة في مجال إقرار الأمن والمحافظة على النظام في الدولة لتوفير الراحة والاطمئنان للمواطنين والوافدين فضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه العبث بالأمن أو الإخلال بالنظام حتى أصبحت هذه البلاد مضرب الأمثال في جميع الأوساط الدولية على استتباب الأمن والاستقرار.
رعاية ضيوف الرحمن:
وفر الملك عبدالعزيز أفضل الخدمات لضيوف الرحمن والأماكن المقدسة إذ بادر بوضع نظام للحجاج وأشرف بنفسه على تنفيذه ليضمن لهم أكبر قدر من الراحة والأمن والطمأنينة وحفظ أرواحهم وأموالهم، كما اتخذ من التدابير ما يمنع استغلالهم وفرض تعريفات بأجور عادية لنقلهم بين الأماكن المقدسة، وعمل على توفير مياه الشرب والأغذية وكل مستلزمات الحياة ووسائل الراحة لهم، واهتم بنشر العلم والثقافة على أسس إسلامية راسخة، وحارب الجهل بين الحاضرة والبادية فساند حركات الوعظ والإرشاد والتعليم في المساجد والكتاتيب وغيرها، ودعم المدارس الأهلية ووضع قواعد التعليم الحكومي المنظم عندما أسس مديرية المعارف لتتولى الإشراف على التربية والتعليم.
علاقات وروابط:
ولم تقتصر جهود الدولة في عهد الملك عبدالعزيز على البناء الداخلي بل سعت إلى توثيق العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة، فكانت سياسة المملكة الخارجية مبنية على وضوح الهدف والثبات على المبدأ ومناصرة الحق انطلاقاً من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي قامت عليه أركان هذه الدولة وهو القاعدة التي انطلقت منها نهضتها وأمنها ورخاؤها.
فقد حرص الملك عبدالعزيز على مد جسور التعاون والتقارب وتعزيز الروابط مع الأشقاء العرب وسعى إلى توحيد صفوفهم وجمع كلمتهم ولم شملهم وحل خلافاتهم بالتشاور فيما بينهم والاتفاق على الأهداف الأساسية التي تضمن لهم تحرير أراضيهم وصيانة حقوقهم ومكتسباتهم.
إقامة شرع الله:
لقد كان الهدف الأسمى للملك عبدالعزيز خلال جهاده الطويل هو إقامة شريعة الله من منابعها الصافية كما وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وتراث السلف الصالح، ولقد حقق الملك عبدالعزيز هذا الهدف وجعله أساساً قامت عليه دولته الفتية منذ أيامها الأولى وإلى يومنا هذا، وفي تراثه الفكري من الخطابات والأحاديث ما يعبر عن ذلك أصدق تعبير، ومن ذلك قوله يرحمه الله:
"إني أعتمد في جميع أعمالي على الله وحده لا شريك له، أعتمد عليه في السر والعلانية، والظاهر والباطن، وأن الله مسهل طريقنا لاعتمادنا عليه، وإني اُجاهد لإعلاء كلمة التوحيد والحرص عليها".
وقوله في الجلسة الافتتاحية لمجلس الشورى عام 1349ه:
"إنكم تعلمون أن أساس أحكامنا ونظمنا هو الشرع الإسلامي، وأنتم في هذه الدائرة أحرار في سن كل نظام وإقرار العمل الذي ترونه موافقاً لصالح البلاد على شرط ألا يكون مخالفاً للشريعة الإسلامية، لأن العمل الذي يخالف الشرع لن يكون مفيداً لأحد، والضرر كل الضرر هو السير على غير الأساس الذي جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم".
الأمن الشامل:
قبل الملك عبدالعزيز كانت الحالة الأمنية في شبه الجزيرة العربية في أوضاع يرثى لها من التسيب والانفلات، وكانت طرق الحج بشكل خاص تعج باللصوص وقطاع الطرق الذين كانوا يهاجمون قوافل الحجاج ويسلبونها ويعتدون عليها، وكان الحج في تلك الأيام مغامرة لا يدري الحاج معها ما إذا كان سيعود من حجه سالماً أم لا، ولقد عجزت الدولة العثمانية عن تأمين سلامة الحجاج لدرجة اضطرت معها إلى تسيير قوات عسكرية مع قوافل الحجاج، ومع هذا فقد كانت هذه القوات نفسها تتعرض للاعتداء، وعمدت الدولة العثمانية إلى أسلوب آخر لحماية الحجاج وهو دفع "أتاوات" من النقود الذهبية لقطاع الطرق لكي يتركوا قوافل الحجاج تمر بسلام، ومع هذا كانت تقع تلك الاعتداءات.
وجاء الملك عبدالعزيز وأعلن تطبيق شريعة الله، وهي شريعة الأمن والأمان للمجتمع الإسلامي، وبهذا التطبيق قضى على عصابات اللصوص وقطاع الطرق، واجتثت شرورهم من جذورها، ونشر الأمن الشامل في جميع الربوع التي تتألف منها مملكته وصار هذا الأمن مضرب الأمثال في بلاد العالم الأخرى تروى عنه الروايات، كقصة الجمل الذي فقده صاحبه والذي جاب مناطق عديدة وهو محمل بالأرزاق حتى عثر عليه صاحبه ووجد أن أرزاقه كاملة لم ينقص منها شيء.
وهكذا عرفت المملكة العربية السعودية حالة مثالية من الأمن منذ تأسيسها، وظل هذا الأمن وسيظل بإذن الله صفة مميزة لها.
التضامن الإسلامي:
من منطلق ما أمر الله تعالى به عباده المسلمين من الإخاء والتضامن، كان الملك عبدالعزيز أول حاكم مسلم يدعو إلى هذا التضامن ويضعه موضع التطبيق، وكان أول مؤتمر إسلامي عام في تاريخ الإسلام هو الذي دعا إليه الملك عبدالعزيز عام 1345ه وحضرته وفود من الدول الإسلامية، وكان هذا المؤتمر أول مناسبة جمعت ممثلي المسلمين في بعض الأقطار الإسلامية.
ويمكن القول أن السياسة التي رسمها الملك عبدالعزيز وصارت إحدى السمات المميزة لثوابت السياسة السعودية هي العمل على وحدة كلمة المسلمين والتضامن فيما بينهم ومواجهة أعدائهم صفاً واحداً والتعاون والتكافل، وفي هذا قال يرحمه الله:
"إن أحب الأمور إلينا أن يجمع الله كلمة المسلمين، فيؤلف بين قلوبهم، ثم بعد ذلك أن يجمع كلمة العرب، فيوحد غاياتهم ومقاصدهم ليسيروا في طريق واحد يوردهم موارد الخير".
شخصية الملك عبدالعزيز:
لقد كان الملك عبدالعزيز وحيد زمانه فيما اتصف به من مقومات شخصية فذة، ويمكن إيجاز صفاته ومناقبه فيما يلي:
● كان مؤمناً عميق الإيمان، يعتمد على الله تعالى في كل أمر من أموره، ولا يسأل سواه فيما يتطلع إليه.
● كان يملك خبرة واسعة بشؤون دينه، فقد حفظ القرآن الكريم وكثيراً من الأحاديث النبوية الشريفة، وألم إلماماً واسعاً بالأحكام الشرعية ووضعها موضع التطبيق فيما أولاه الله من السلطان، وظل طوال حياته يجتمع كل ليلة مع العلماء والفقهاء حيث تُقرأ كتب العلوم الدينية ويدور الحديث حولها بينه وبين جلسائه.
● كان حكيماً يُعمل عقله في كل حركة من حركاته، ولكل خطوة عنده حساب دقيق، يقلب الأمور على وجوهها ثم يختار الطريق الذي يراه أفضل الطرق، ويكون اختياره في الأغلب هو الاختيار الصحيح.
● كان شجاعاً إلى درجة كبيرة، فلا يتردد في خوض المعارك إذا اضطر لها مهما كانت قوة خصمه وعدده وعدته.
● كان قائداً عسكرياً موهوباً يجيد رسم الخطط الحربية وتنفيذها، وكثيراً ما استعاد وقائع معركة جرت وتحقق له الانتصار فيها ليبين أخطاء خصمه وما كان يجب أن يفعل لينتصر عليه.
● كان خبيراً بالمجتمعات البدوية والحضرية في شبه الجزيرة العربية، وعلى خبرة واسعة بالقبائل وأنسابها بحيث يعرف قبيلة مخاطبه من أول جملة ينطق بها، ومن موقع هذه الخبرة كان يتعامل مع الناس حسب المجتمع الذي ينتسبون إليه بدوياً كان أم حضرياً.
● كان شديد التمسك بأحكام الدين، فلا يتهاون إزاءها ولا يهادن، و فيما عدا ذلك كان رقيق القلب مرهف الإحساس.
● كان اهتمامه يشمل الجميع، والناس أمامه سواسية حتى يبلغ الحق مستقره.
وفاته:
في الثاني من ربيع الأول عام 1373ه الموافق 9 نوفمبر 1953م انتقل الملك عبدالعزيز إلى رحمة الله راضياً مرضياً بعد جهاد طويل كان له بالغ الأثر في التاريخ الإسلامي والعربي، وبعد أن أقام دولته الإسلامية العصرية التي تأخذ بكل نافع ومفيد من إنجازات العصر ضمن حدود شريعة الله واستهدافاً لخدمة دين الله وخدمة المسلمين في كل مكان.
على طريق المجد
● ويبقى يوم الخامس من شوال عام 1319ه الموافق 15 يناير 1902م علامة فارقة في تاريخ المملكة، ففيه فتح الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود مدينة الرياض، ومنها بدأت مسيرة الكفاح والجهاد لاستعادة ملك الآباء والأجداد من خلال ملحمة بطولية لم يشهد التاريخ الحديث لها مثيلاً.
● أكثر من ثلاثين عاماً أمضاها الملك المؤسس في جهاد الأبطال ومعه رجاله المخلصون لتوطيد أركان دولته وجمع شتات أبنائها تحت راية التوحيد ليضع بعد ذلك حجر الأساس الذي قامت عليه المملكة العربية السعودية كدولة ترتكز في كل توجهاتها على كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وتساهم بدورها مع بقية دول العالم في ترسيخ مبادئ السلام والأمن من أجل خير الإنسانية جمعاء.
● كانت المملكة العربية السعودية من أوائل الدول العربية التي شاركت في تأسيس جامعة الدول العربية عام 1945م، ووقف الملك عبدالعزيز إلى جانب الدول العربية في كفاحها للتحرر من الاستعمار والنفوذ الأجنبي، ووضع كل ثقله إلى جانب القضية الفلسطينية.
● تعتز المملكة العربية السعودية ملكاً وحكومة وشعباً بخدمة الحرمين الشريفين - بيت الله الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة - وخدمة قاصديهما من الحجاج والمعتمرين والزوار.
● ومن الحقائق الثابتة التي تفرض نفسها عند تقييم التجربة السعودية أن الإرادة القوية والعزيمة الصادقة والرغبة الأكيدة في دفع مسيرة البناء والتقدم هي سمة متميزة وبارزة لقادة المملكة العربية السعودية منذ عهد مؤسسها الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله، حيث تمثل مسيرة المملكة مراحل ثرية حافلة بالإنجازات التي تجسدت من ترسيخ أسس التطور في البلاد وبناء قاعدة اقتصادية وطنية صلبة وضعتها في مصاف القوى الاقتصادية المنتجة والمصدرة، إضافة إلى تمكين الإنسان السعودي من اللحاق بركب التطور في العالم بفضل ما تحقق في المملكة من نهضة شاملة وبالذات في الجانب العلمي والتعليمي، وقد ساهمت تلك المكانة في تفعيل دور المملكة في المجموعة الدولية سواء من خلال منظمة الأمم المتحدة التي شاركت في تأسيسها أو من خلال المؤسسات الدولية المنبثقة عنها والهيئات والمنظمات الدولية الأخرى.
● للمملكة العربية السعودية إسهامات عالمية بارزة تتناسب مع رسالتها في المجموعة الدولية سياسياً واقتصادياً في كافة المجالات إضافة إلى مركزها العربي والإسلامي المتميز الذي استقطب اهتمام واحترام أكثر من ألف مليون مسلم ولا زال.
● يحظى قادة هذه البلاد منذ عهد والدهم الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز باحترام وتقدير شعوب العالم لما تنهض به المملكة من دور رائد على مختلف الأصعدة العربية والإسلامية والدولية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.