هو الاب الانسان الفاضل النبيل سيد البيت, هو ذلك الرجل الشامخ الكريم ذو المكانة العالية فى العيلة وفى الحارة والبشكة وعند الجيران والجميع يقدره ويجله, فبطيبته وحنانه وعطفه على الكل ورعايته لهم وتدبر أحوالهم وأمورهم كسب المكانة ونال حب وثقة الأهل والأصحاب, كانت هذه الحفاوة والحظوة والسمة المميزة أيام العهد الزاهر والراسخ فى مجتمع ستى وجدي رحمهما الله وفى زمانهم الذى أكن له، الاحترام والوقار والذى تأصلت وارتقت فيه القيم والآداب والذوق والمحبة, كان ذلك الرجل ( جدي ) سيد البيت وعالي المقام والآمر والناهي وكان يحلو لستي أن تناديه ( يا هوا ) كنية واعزازا له هى العادات والمتبع لديهم فى ماضيهم الجميل انه البرستيج بكل ما يحتويه من معانٍ منمقة ومهذبة, كما كان يطيب لستي بان تنادي ابنها الأكبر بالكبير ونور العين والأمل والرجاء بعون الله والبركة فهو المعين لوالده ومن سيئول له تدبر أمور الأسرة ورعايتها, انه رجل المنزل بعد والده, لقد ربينا ونشأنا على هذه الأنماط. ثم صرنا آباء ومسؤولين ومكلفين بأسرنا ولكن بتغير واسع المجال للحياة التى نعيشها. وهبنا المولى الكريم الأبناء والرفاهية والنعم والرخاء وهذا ألزمنا بمسايرة حياتنا وفق ما حكمت به علينا. وكذلك وجب علينا تربية أولادنا بطرق جديدة وحديثة تواكب عصرهم. ومضت الأيام وكما انقضى ورحل جيل الأجداد والأباء آن الآوان ليتولى ويحل بدلا ً منا ابناؤنا في تولي زمام الأمور فهي سنة الكون ماضية فيه, وعدت أتذكر القريب الراحل من حياتى ابني الأول وهو طفل وماذا كنت بالنسبة له..أراه وهو يقلدني يجلس مكاني فى المنزل ويلبس نظارتى فيجدها لا تناسبه وتزعجه ولكنه يستمر فى تقمص دوري, ويتناول سجادة الصلاة ويضعها على الارض ويصلي تارة راكعاً وساجداً ثم ينام المهم يفعل ما يخيل اليه انه هو أنا ويرتدي شماغي ويتعثر فيه وايضا يلبس حزائى اعزكم الله ولكبره عليه يوقعه فيقف ويضحك بصوت مرتفع سعيدا بما فعله, وعندما أصبح يانعاً صار يلازمني ويصحبني فى الذهاب والاياب ويطلب مني مفتاح المنزل والسيارة ليحتفظ بها معه متباهياً وعند شعوره انه كبر اخذ يعجب ويفرح بقيادة سيارتي وانا اجلس بجواره وأجده فى قمة سروره ونشوته فابتهج وأسعد لما هو عليه.. واقف محتارا لقد غدا ابني شابا وتغير سلوكه وطبعه, استقل بذاته وفكره ما عاد يصاحبني ويخرج معي او يحب لقاء أصدقائي والحديث معهم او تعجبه نظارتي وكذلك سيارتي فهي عتيقة ولم تعد تستهويه. ان سُئل اين انت ذاهب يتضايق ويجيب بحدة لقد كبرت وصرت أعرف كيف أحافظ على نفسي واتحمل المسؤولية وان تأخر لوقت طويل وحاولت والدته الاتصال به للاطمئنان عليه لا يجيب على هاتفه وان تكرر الاتصال يغلقه، واذا حاولنا معرفة سبب اغلاقه تحجج بعدم وجود تغطية او نفد شحن بطارية هاتفه, يريد سيارة جديدة وفارهة ومصروفاً أكثر وعالماً يخصه لوحده. انه واقع نلمسه ونجده لدى كل أب وأم ودار وفتيان الجيل الذى نحن نتعايش معه وليس لنا الا الصبر والرجاء من الله العون والدعاء لفلذات أكبادنا بالهداية والنصح لهم وقلبي مع ذلك الرجل.