تجاوزت أعداد القتلى السوريين على أيدي النظام السوري السبعة آلاف قتيل، منذ اندلاع الثورة ضد نظام بشار الأسد قبل أحد عشر شهرًا، وهي تتزايد مع كل حرف نكتبه، ومع ذلك فثمة من يظن في دمشق، أنه من الممكن أن يستمر النظام عبر ذات الصيغ والأدوات والسياسات القديمة التي جرَّبها والده حافظ الأسد، وما الحديث عن تلقي الأسد الابن مسودة مشروع الدستور السوري الجديد الذي يعتزم نظام دمشق طرحه في استفتاء شعبي عام في السادس والعشرين من فبراير الجاري، سوى أحد وجوه عملية الاحتيال، ليس على الشعب السوري وإنما على المجتمع الدولي كله. يتطلع بشار الأسد لتمرير مشروع الدستور الجديد مؤملاً أن يتيح له الاستمرار في الحكم لأربعة عشر عاما أخرى، إذ تتضمن نصوص الدستور الجديد أن تكون مدة الرئاسة سبعة أعوام قابلة للتجديد لمرة واحدة، وبالطبع فعداد الرئاسة السورية سوف يبدأ من نقطة ما بعد تمرير الاستفتاء، ويتصور بشار الأسد أن بوسعه أن يكرر «معجزة» بقاء والده لأكثر من ثلاثين عامًا في الحكم، بينها عشرون عامًا بعد ارتكابه مجزرة حماة، التي سحقت فيها جنازير دباباته عظام الآلاف من أبناء الشعب السوري. «معجزة» مرور مذبحة الأسد الأب لا تقبل التكرار، فالزمن غير الزمن والرجال غير الرجال، والنظام الإقليمي العربي لم يعد هو ذاته قبل ثلاثين عامًا، كما أن النظام الدولي برمته قد تغير أيضا، وبات التعتيم على تظاهرة، ناهيك عن «مجزرة يومية» أمرًا مستحيلاً، في عصر الصورة وزمن تقنيات الاتصال فائقة السرعة. دعوة الأسد لضحايا مجازره للمشاركة في الاستفتاء والتصويت على «إصلاحات» تطيل عمر نظامه، هو عمل أحمق، يفضح طبيعة النظام السوري القائم، ومدى عزلته عن حقائق الأشياء وطبائع الأمور في بلاده وفي العالم من حوله، فالاستفتاء الحقيقي يدور منذ قرابة عام في حارات سوريا وأزقتها، في مدنها وقراها، حيث يطالب الشعب بسقوط النظام، وحيث يكافىء رجال الأسد شعبه بالرصاص وبقذائف المدفعية والدبابات وأخيرًا بالقصف الجوي أيضًا. ما يفعله النظام المتداعي في دمشق لا يعكس فحسب جهلاً بالحقائق، ولا عجزًا عن قراءة دلالتها، لكنه يفصح أيضًا عن طبيعة نظام لا يستحي من السير في جنازات قتلاه ولا عن مطالبة ذوي الضحايا بالتصويت لصالح استمرار النظام.. يا حمرة الخجل أين أنت؟!