ما مصير المتخرج من السجن بعد فترة قضاها بسبب حكم شرعي صدر ضده، أو لأنه كان من المتعاطين للمخدرات أو المسكرات؟! وقبل خروجه وأثناء محكوميته، ماذا كان حال أسرته خاصة الزوجة والأطفال إن كان من المتأهلين؟ كيف تمر عليهم الأيام؟ وكيف انقضت بهم الليالي؟ هل ثمة برامج للرعاية تماثل على الأقل البرامج التي تشمل أسر المتهمين بالإرهاب؟ ما ذنب زوجة صالحة، وأبناء أبرياء؟ لماذا يدفعون أثماناً غالية من أعمارهم وسعادتهم واطمئنانهم طيلة محكومية عائلهم؟ أسئلة كثيرة لا تتوقف عند خروج هذا المدمن الذي كان ضحية لانحرافه أولاً، ثم لتجار المخدرات الذين هم أقرب إلى الأشباح منهم إلى الحقيقة، إذ لا نرى لهم أثراً لا في السجون ولا في ساحات ضرب الرقاب، ولا في البيانات والأخبار. نعم هذا السيل من الأسئلة لا يتوقف، بل يستمر، فخروج الأب من السجن يمثل في غالب الأحوال نقلة من محاصرة الجدران الأربعة إلى محاصرة المجتمع له من الاتجاهات الأربعة. كيف؟! هو أولاً سيغدو ضيفا على نادي البطالة الكبير، إذ سيُفصل حتماً من وظيفته (إن كانت له وظيفة) لأنه من أصحاب السوابق (الخطيرة)! والحال سواء في القطاع العام أو الخاص. وهو ثانياً لن يجد وظيفة جديدة لأنه كذلك من أصحاب السوابق الخطيرة. وهو ثالثاً سيكون غالباً مثقلاً بديون كبيرة تحملتها أسرته لتعيش أثناء غيابه بين الجدران الأربعة. وهو رابعاً سيكون محاصراً صباح مساء بأعين الفضوليين والشامتين والسفهاء الذين لا يرحمون ولا يتركون للرحمة إليه سبيلاً. هذا الفرد الذي تتكالب عليه كل الظروف، وكل نظرات المجتمع، وكل الأحكام والقرارات ستمتلئ جوانحه حتماً بإحباط مريع واكتئاب شديد. ربما دفعته مرة أخرى إلى فخ المخدرات، فهي بالنسبة له طريق سهلة للهروب من مواجهة مصاعب الحياة وتكاليفها التي ضاعفناها حتماً بتجاهلنا، بل بتضييقنا عليه من حيث نعلم أو لا نعلم! من السهل أن نتهرب كلنا من هذه المسؤولية، لكن عواقب هذا التهرب ستنالنا جميعاً، فالجريمة تعم بشرها ولا تخص. أعطوا هذا المسكين فرصة ليكون من التائبين الآيبين! [email protected]