الإفَاضة في هموم الرّياضة..!

لَم تَعُد الرّياضة كَما كَان يُصوّرها البَعض؛ بأنَّها رياضة مَن يُفكِّرون بأقدَامهم، أو تَشبيههم للكُرَة بأنّها “بيضة إبليس”، التي لا يَجري خَلفها إلَّا المُستلبون أو المُغفّلون، أو القَول بأنَّ الرّياضة هي مُؤامرة قُصد بِها إشغَال الشَّباب عَن دِينهم ودُنياهم..!
ومَن يَتصدَّى لمَزاعم هَؤلاء بحِجج أُخرى مُضادة، تَتمثَّل في أنَّ الرياضة بَريئة مِن كُلّ ذَلك، لأنَّها حَسب وَصفهم تَحفظ الشَّباب مِن السَّهر والمُخدّرات، و«التَّفحيط” وأصدقَاء السّوء، حتَّى أصحاب هَذا الرّأي ظَهر جليًّا أنّهم لا يقلّون سَخافة وتَسطيحًا عَن الآخرين..!
حَسنًا، لَم تَعُد الرّياضة تُؤمن بطروحات هَذين الفَريقين، بمَا تَحمله مِن سَذاجة وسَماجة، فالرّياضة بوَصفها الحَالي هي صناعة عَصريّة، تَعتمد عَلى المَهارة والإبدَاع والتّفوّق والجَدَارة، وفي البرازيل يَأتي دَخل كُرَة القَدَم بَعد البُنّ كأحد أهم مَصادر الثّروة..!
ودَولة قَطر دَخلت التَّاريخ مِن أوسع أبوابه، عِندَما فَازت بتَنظيم كَأس العَالَم، وبخَاصَّة عِندَما قَالت إنَّ مَلاعبها صَديقة للبيئة،
حيثُ مِن المُقرَّر أن يَتم تَفكيكها بَعد انتهاء البطولة وإهداؤها للدّول الفَقيرة، لذلك يَجب أن نُعيد النَّظر في وَضع الرّياضة عندنَا، الذي بَدأ يتّجه مِن السّيئ إلى الأسوأ، فلَم يَعُد الدّوري السّعودي أقوى دَوري عَربي إلَّا في أفوَاه الإعلام السّعودي،
وكَم حَزنتُ حين رَأيتُ العَديد مِن الشَّباب في السّعوديّة يَهجرون الدّوري المَحلِّي، ويُتابعون الدّوري الإسباني والإيطالي والإنجليزي، ونَحنُ مَا زلنا نَعكّ في نِظام الاحتراف، ولَم نَضع مَقاعد في المُدرّجات إلَّا بضَغط مِن الاتّحاد الآسيوي،
كَما أنَّه يَجب إعادة النَّظر في هَيكلة الرّياضة، بدءًا بخَصخصتها وانتهاءً بتَغيير مُسمَّى الرِّئاسة العَامَّة لرعاية الشّباب، وبخَاصَّة أنَّ مُصطلح الرّعاية فيهِ مِن التَّدليل والرِّعاية والوصاية الشّيء الكَثير، ممَّا يُؤكِّد أنَّ الرّياضة عِندنا تَتكئ عَلى مَفهوم الحِمَاية -أي حِمَاية الشَّباب مِن الانحرَاف-..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي..؟!
بَقي القَول: إنَّ ارتباط الأندية برعاية الشّباب مُشكلة للطَّرفين، لأنَّ إعانَات الرِّعاية لا تَكفي، أمَّا الأندية فلَحقها الضَّرر لأنَّها لا تَستطيع الحَركة تَحت مَظلّة الرِّعاية، فلا هي أطعَمتهَا ولا هي تَركتها تَأكل مِن خشاش الشَّركات الرَّاعية، ولا يُلام أي مُستثمر إن أحجَم عَن الاستثمَار فيمَا لا يَملكه..!
وإذا كَان مِن كَلِمَة في مَقام الحَق تُقال فهي الشُّكر والتَّقدير للأستاذ “محمد بن همام” رَئيس الاتّحاد الآسيوي الذي يُعوّل عَليه الكَثيرون في آسيا، لتَطوير الرِّياضة في العَالَم العَربي، وتَتضاعف الآمال بتَرشّحه لرئاسة الفيفا في الانتخَابَات المُقبلة..!.
أحمد عبدالرحمن العرفج
Arfaj555@yahoo.com