عقّب الكاتب نجيب يماني في ملحق “الرسالة” ليوم الجمعة الرابع من المحرم على مقال سابق للقاضي هاني الجبير، ولي بعض الوقفات مع هذا التعقيب. أولًا: قال الكاتب لماذا يعتقد البعض أنه أعلم من الله ورسوله بما ينفع هذه الأمة حتى يزايدوا على تعليمات رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وأنا والله لا أعرف القاضي هاني الجبير ولكني أقسم بالله أن هاني الجبير لا يعتقد أنه أعلم من الله ورسوله بما ينفع هذه الأمة ولا يعتقد هذا الاعتقاد أحد سواء من المسلمين أو غير المسلمين فكيف اعتقدت يا أخ نجيب أن القاضي يعتقد أنه أعلم من الله ورسوله عليه الصلاة والسلام؟ ثانيًا: يقول الكاتب إن أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده تعاليم لنا نحن -المسلمين- لكل زمان ومكان لا يجوز لنا أن نضيف ونعدل على قوله عليه الصلاة والسلام، وندعي أن هذا هو الأسلم والأحوط في شرع الله. ويقول: إن صفوف المصلين في المساجد ومنذ فجر الإسلام الأول وإلى عهد قريب قبل عهد الصحوة المزعومة تتم دون حواجز وأدوار عليا أو سواتر فالحائل في المساجد هو من الهيئات المستحدثة في دين الله. ومن يقرأ هذا الكلام يعتقد أن القاضي زاد في عدد الركعات أو زاد في الوضوء وجعل مسح الرأس غسلًا أو زاد فيه، وهذا ما لم يحدث؛ فالزيادة في الدين مرفوضة أما في الوسائل والمباني، فالأمر فيه سعة واليوم وبعد أن وجدت مكبرات الصوت أصبح من اللائق للرجال وللنساء وضع حاجز بين الطرفين، وهذا ليس ابتداعًا بالدين إنما ابتداع بالوسائل والمباني، فمكبرات الصوت والمكيفات والسجاد وغيرها لم تكن موجودة في القرون السابقة؛ فهل هذه من الهيئات المستحدثة في دين الله؟ ثم لماذا هذا الغمز واللمز في الصحوة بقولك المزعوم: وكان علماء هذه البلاد المؤيدون من قبل قادة هذه البلاد استحدثوا دينًا جديدًا وسموه دين الصحوة. فأنتم تقولون الصحوة وغيركم يقولون الوهابين إن هذا ليس من خلق المسلمين. ثالثًا: جعل الكاتب ما ابتدعه قوم في عبادة وهي ذكر الله بما قاله الشيخ القاضي هاني الجبير وجميع علماء هذه البلاد في أمر ليس من العبادة إنما من الوسائل، ورغم وجود الحاجز بين الرجال والنساء إلا أن أكثر المصلين يشتكون من إزعاج الأطفال الذين يأتون مع أمهاتهم ويقولون {بيوتهن خير لهن} فأي تجنٍ هذا أن يقارن المسلم بين من ابتدع بالدين وبين من ابتدع أو سنّ سُنة في غير الدين كان من الصعب القيام بها قبل وجود مكبرات الصوت. رابعًا: ينتقد الكاتب قول القاضي إن النساء في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام كنّ على جانب من الستر والعناية وكأنه ينكر ذلك رغم أن عائشة رضي الله عنها أنكرت على النساء في عهدها وقالت لو رآكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لمنعكن من الذهاب للمساجد أو كما قالت فماذا عن وضع نساء المسلمين في هذا الزمان، ولا أعرف لماذا لم يكمل الكاتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن) فلماذا نخفي ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خير ونبين ونظهر غير ذلك مما كان يرفضه الصحابة؟. خامسًا: حاول الكاتب أن يظهر الشيخ هاني بأنه يعتقد أنه أعلم من الله ورسوله وأنه يستدرك ويعقب على كلام الله ورسوله وهذا من سوء الظن، ثم يقول إن السواتر والحواجز والأدوار العليا فيها محظور شرعي وهذه فتوى وقد منع ولي الأمر غير المتخصصين بالفتوى من الإفتاء وطاعة ولي الأمر واجبه كما هو معلوم. أعتقد أن كل نقطة أو شبهة ذكرها الكاتب تحتاج إلى نقاش وتبين حتى لا يظن أحد أن علماء هذه البلاد متشددون في الدين وأنهم مخالفون لمنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنهم مبتدعون في دين الله؛ فالعلماء مجمعون على أن الابتداع في العبادات مرفوض، أما الابتداع والإبداع في غير العبادة مقبول ومن سنّ في الإسلام سنةً حسنةً كان له أجرها وأجر من عمل بها ومن سن في الإسلام سنةً سيئة كان له وزرها ووزر من عمل بها فاتق الله يا أخ نجيب ولا تظن في أخيك هذا الظن وتتهمه بما لا يليق بقولك إنه يستدرك ويعقب على الله ورسوله وأنه يتعقد أنه أعلم من الله ورسوله وتقارنه بالمبتدعين بالدين وتهاجمه بأسلوب لا يليق فالدين المعاملة وقد أمرنا الله أن نجادل الكفار بالتي هي أحسن فكيف برجل عينه ولي الأمر قاضيًا. أسأل الله الهداية لي ولك ولجميع المسلمين.