• في أول أيام عمله في أمانة محافظة جدة، صرّح الدكتور هاني أبورأس، الأمين الجديد لصحيفة (المدينة) بقوله: «سنعمل بكامل جهدنا وطاقاتنا وخبراتنا لتطوير جدة، والنهوض بها، والوصول بها إلى مصاف المدن العالمية». وذلك ضمن مخططاته ورؤاه المستقبلية لجدة، ومظهرها العام. • من حق الأمين الجديد أن تكون له آماله، وتطلعاته، وأحلامه التي تعانق السماء، فذاك من أهم خصائص مسؤولياته في تولّي أمر مدينة من أكبر وأهم المدن السعودية. كما من حقنا نحن سكان وأهالي مدينة جدة أن نحلم ونتطلع ونأمل، إلاّ أن تجاربنا السابقة مع الأمناء بما فيهم الأخير أشبعتنا حتى التخمة بتصريحات لمشاريع خيالية، أبقتنا في وهم نعانق الخيال، وننتظر تحويل جدة إلى مدينة الأحلام التي رأيناها في العروض المبهرة، والمجسمات الخرافية. • ولهذا وليسمح لي معالي الأمين الجديد بالقول كوني أحد سكان جدة، ومعتبرًا نفسي من نفسي ممثلاً لسكانها وأهلها (دون ترشيحهم) أننا سنريحه جدًا في أداء عمله ومخططاته لجدة. فنحن يا معالي الأمين لا نريد مدينة عالمية، بل نريد مدينة نستطيع العيش فيها بهدوء، ودون منغصات. وعيش الهدوء هذا لا يتطلب الكثير، ولا يحتاج أبدًا إلى ميزانيات خرافية، وعروض مبهرة، وتصريحات حالمة. • كل ما يحتاجه هو الإخلاص في النيّة، والصدق في العمل. فثقة ولاة الأمر، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله يحفظه الله، تتطلب الوفاء بمقوماتها، وأداءها على أكمل وجه يرضي الله ثم المسؤولين والسكان. فجدة التي كانت في يوم من الأيام عروسًا شاخت، وفي حاجة ماسّة إلى إعادة الحيوية والروح لكل مفاصلها. وهذه الحاجة الماسّة سهلة وبسيطة. • جدة وأهلها وسكانها لا يحتاجون سوى إلى السير في شوارع وطرقات مدينتهم دون انبعاجات وحفر ومطبات، وليس بالضرورة أن يكون تمهيد هذه الطرق بأنواع فاخرة من الأسفلت، فهذا لا يعنيهم، بل يهمهم عدم خراب وتعطّل سياراتهم، وخسارتهم أموالاً طائلة في إصلاحها لمجرد مرورهم فوق حفرة هنا، أو انبعاج هناك، أو مطب في أحد شوارع جدة. • كما أن الأهالي لا يريدون مشروعًا خرافيًّا لتصريف مياه السيول والصرف الصحي، بل يريدون وببساطة متناهية عدم رؤية الوايتات الصفراء وهي تسابق الريح، وتتخطى كل الأنظمة، وتنشر الروائح والمنظر المقزز. ويتمنون عدم طفح مياه الصرف الصحي إلى سطح أحيائهم، كما حدث ويحدث في معظم أحياء جدة، حتى أصبح اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي طبيعيًّا، واستنشاق الروائح الكريهة كذلك، إضافة إلى السباحة في بحر من المياه الآسنة، وما تحمله من مخاطر صحية وبيئية. • أهالي وسكان جدة يا معالي الأمين لا ينتظرون ناطحات سحاب، ولا نوافير موسيقية، وحدائق معلّقة، بل سهولة الحصول على تصاريح البناء، وتيسير إجراءاتها، وكذلك تصريحات للمحلات والأماكن التي تتطلب ذلك دون العك، والروتين، والصداع المزمن في التنقل من إدارة إلى أخرى، ومن طلب إلى آخر. • كما أن أهالي جدة وسكانها لهم مطلب بسيط جدًا وهو إيقاف التمدد التجاري للمدينة، الذي حوّلها إلى سوق كبيرة، فلا يكاد يخلو شارع أو حي من أسواق ودكاكين ومحلات تجارية، إضافة إلى إيقاف (اللبكة) في تصاريح البناء، والتي تتغير بسرعة الضوء كما حدث في السنوات الست الأخيرة. • هذه هي مطالب جدة يا معالي الأمين، وهي مطالب سهلة وبسيطة، ولا تحتاج منك إلى زيارات ميدانية، واجتماعات وجلسات عصف ذهني، وورش عمل، بل وأنت في مكتبك الفاخر يمكن أن تحققها كلها، وتحوّل جدة إلى مدينة العيش فيها هادئ ومريح، وسنرفع لك العُقل احترامًا وإعجابًا. فاكس: 6718388 – جدة[email protected]