قضية الخلاف الذي جمع بين السيدة فيروز وبين ورثة الشاعر والملحن والمؤلف المسرحي والموسيقي منصور الرحباني، هي أحسن دليل على أن العقلية العربية ما زالت محكومة بتغليب العاطفة وما زالت مصابة في نفس الوقت، بداء تقديس الأشخاص والرموز سواء كانت هذه الرموز دينية أم سياسية أم ثقافية أم فنية. الخلاف نشب بين الطرفين عندما قررت السيدة فيروز إعادة تقديم بعض المسرحيات التي تعاقدت في السابق مع الأخوين رحباني - باعتبارهما جهة التأليف والإنتاج معا - على أداء دور البطولة فيها دون الرجوع إلى ورثة منصور الرحباني. وهذا يعني ببساطة أن السيدة فيروز تريد القفز على حقوق الملكية الفكرية للأخوين الرحباني. موقف السيدة فيروز يحتوي وبشكل واضح على خرق صريح لمواد قانون الملكية الفكرية المعمول بها في كل دول العالم المتحضرة. ولو كان موقف السيدة فيروز التي أعتبرها ظاهرة صوتية لا مثيل لها، سليما من الناحية القانونية، لما تمكن ورثة منصور الرحباني من منعها من إعادة تقديم بعض مسرحيات الأخوين رحباني التي قامت ببطولتها دون أن تشارك في إنتاجها أو تأليفها. وإذا كان موقف السيدة فيروز التي كانت ولا زالت رمزا فنيا كبيرا، غريبا، فإن الأغرب هو موقف الكثير من وسائل الإعلام ومن ضمنها وسائل الإعلام السعودية التي أشاعت بأن ورثة منصور الرحباني منعوا فيروز من ممارسة الغناء، وكأن ورثة منصور أصحاب سلطة قضائية أو تنفيذية بمقدورها إصدار الأوامر والقرارات التي تشاء! العجيب أن معركة التجني والتجريح بحق ورثة منصور الرحباني تخطت ليس فقط الحدود القانونية، ولكن الحدود الأخلاقية أيضا، حيث تم ترويج أكذوبة تفيد بأن ورثة منصور سمحوا بإعادة عرض مسرحية (المحطة) للأخوين رحباني من دون الرجوع إلى ورثة عاصي. والحقيقة أن مجموعة من الهواة قررت إعادة تقديم العمل دون وجود ريع ودون تقديم أجور. وهو ما لا يتطلب حسب القانون اللبناني، أخذ موافقة صاحب العمل! أما بالنسبة للفرية الأخرى التي تتعلق بإنتاج فيلم (سيلينا) المأخوذ عن مسرحية (هالة والملك) للأخوين رحباني، فالحقيقة بهذا الخصوص واضحة هي الأخرى. ذلك أنه سبق للأخوين رحباني أن باعا حقوق المسرحية المشار إليها العام 1980 لنفس الجهة التي قامت بإنتاج الفيلم. مما يعني أن الورثة غير معنيين في الأساس بالموضوع. يبدو أن فيروز تعودت على أن تتم معاملتها كامرأة فوق القانون !