حرس الحدود بمنطقة مكة المكرمة ينقذ (10) مقيمين من الجنسية المصرية    حلول واقعية لمعالجة التحديات المعاصرة التربوية    تحالف استراتيجي بين "نايف الراجحي الاستثمارية" و"تي جي سي سي" لتنفيذ مشاريع رائدة في المملكة العربية السعودية    طرح 35 مشروعًا عبر منصة استطلاع لأخذ المرئيات بشأنها    استشهاد 22 فلسطينيًا    1.89 مليون وفاة سنويًا بسبب الملح    السفير الرقابي يشارك في توديع الفوج الأول من ضيوف الرحمن الموريتانيين    ألمانيا تقدم 10 ملايين يورو إضافية لدعم منظمة الصحة بعد انسحاب أمريكا    امير حائل يطلع على جناح امانة حائل ويشيد في دورها في منتدى حائل للاستثمار 2025    الشؤون الإسلامية تُكمل استعداداتها في منافذ الشرقية لاستقبال الحجاج    وزير الحرس الوطني يرعى تخريج الدفعة السادسة من برنامج القيادة والأركان والدفعة الأولى من برنامج الدراسات العسكرية المتقدمة ويدشّن برنامج الحرب    استقرار أسعار النفط    ترقية محافظ الفرشة إلى المرتبة الثانية عشر    المملكة 2050.. حين أصبح الحلم واقعاً    الهلال يُعلن نقل تمبكتي إلى المستشفي    المنتدى يشهد طرح 43 موقعاً استثمارياً في قطاعات زراعية وإنتاج اللحوم الحمراء    ترامب يقول إنه "حزين" إزاء الإعلان عن تشخيص إصابة بايدن بالسرطان    بالميراس يوضح حقيقة ضم رونالدو في كأس العالم للأندية    الفيفا يحدد موعد المباراة الفاصلة بين لوس أنجلوس وأمريكا.. من يحجز المقعد الأخير لمونديال الأندية؟    " الموارد": تجربة" أنورت" لتعزيز تجربة ضيوف الرحمن    وجبة مجانية تنهي حياة عصابة بأكملها    آل بابكر وخضر يحتفلون بزواج علي    إعلاميون ومثقفون يعزون أسرة السباعي في فقيدهم أسامة    الهند.. رفض شراء السجائر لرجل غريب فقتله    الحرب على الفلورايد تحرز تقدما    تصعيد في قصف معسكرات النازحين.. الجيش السوداني يسيطر على منطقة «عطرون»    هيئة الموسيقى توثق الإبداعات السعودية    مبادرات "عام الحرف" ترسو في مشروع سولتير بالرياض    مجلس إدارة مؤسسة «البلاد» يقر الميزانية العمومية    غرامة 16 ألف ريال لكل متر.. ضبط مواطن لتخزينه حطبًا محليًا    محمد.. هل أنت تنام ليلاً ؟    أسهمت في خدمة ضيوف الرحمن.. الداخلية: مليون حاج عدد مستفيدي مبادرة طريق مكة    الأمير سعود بن مشعل يستقبل مجلس إدارة ولاعبي الأهلي    ترأسا اجتماع "مجلس التنسيق" وناقشا أوضاع المنطقة.. وزير الخارجية ونظيره التركي يبحثان تعزيز التعاون    عبدالجواد يدشن كتابه "جودة الرعاية الصحية"    صيام الماء .. تجربة مذهلة ولكن ليست للجميع    أطباء يعيدون كتابة الحمض النووي لإنقاذ رضيع    نائب أمير الشرقية يطّلع على برامج «المسؤولية الاجتماعية»    نائب أمير عسير يستقبل القنصل الجزائري    «البيضاء».. تنوّع بيولوجي يعزّز السياحة    الشؤون الإسلامية تختتم الدورة التأصيلية الأولى في سريلانكا    6000 حاج يتلقون الرعاية الصحية بالجوف    اختتام بطولة غرب المملكة للملاكمة والركل بمشاركة 197 لاعباً ولاعبة وحضور آسيوي بارز    تحالف متجدد    أمير الجوف يُعزي أسرة الجلال    حفل جائزة فهد بن سلطان للتفوق العلمي والتميز.. الأربعاء    سعود بن نايف يهنئ الفائزين في «آيسف 2025»    نجوم الرياض وهوكي جدة يتوجان في بطولتي الهوكي للنساء والرجال بالمنطقة الغربية    قصائد فيصل بن تركي المغناة تتصدر الأكثر مشاهدة    تتويج الأخدود ببطولة المملكة تحت 15 عاماً "الدرجة الأولى"    الحجي متحدثاً رسمياً للنادي الأهلي    مراقبة التنوع الأحيائي بساحل البحر الأحمر    رئيس جمعية «مرفأ» الصفحي يهنئ أمير جازان ونائبه على الثقة الملكية    مشائخ وأعيان وأهالي «الجرابية الكنانية» يهنئون أمير جازان ونائبه بالثقة الملكية    تعليم الطائف يستعرض خطة التحول في منظومة إدارات التعليم مع أكثر من 1700 مدرسة    بوتين: هدفنا من حرب أوكرانيا هو السلام    اعتدال: أكثر من 1.2 مليون رابطٍ للتحايل على آليات رصد المحتوى المتطرّف    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الداعية.. من قراءة الكتب إلى قراءة الكون
نشر في المدينة يوم 30 - 04 - 2010


تداولنا ونحن في مطلع العمر قوائم عديدة للكتب التي ينبغي على الداعية إلى الله أن يتزود بمعارفها، ويتعلم قواعد الدعوة منها، سواء في المجالات الشرعية أم الثقافة الإسلامية العامة، بالطبع تضمنت تلك القوائم بعضًا من كتب التاريخ، وموسوعات جغرافيا العالم الإسلامي، وبعض كتب الأدب والشعر الإسلامي. لكن أحدًا لم يرشدنا لتعلم اللغات، أو إجادة فن من فنون الحياة التطبيقية، أو الاطلاع على كتب أهل العقائد الأخرى، والفلسفات المعاصرة. كان الاهتمام باللغة العربية يجُبُّ ما سواه، وملأنا الرءوس بالمعارف والمعلومات، لكن افتقرنا لمهارات االذكاء الاجتماعي والنفسي والعاطفي، ولم نشتبك مع مقولات الآخرين، إلا عبر كتبنا نحن، نرد عليهم نقطة بنقطة، وحجة بحجة، دون أن نتعلم فقه الجدل ذاته، وأدب الحوار وجهًا لوجه.. ونتدرب على الصبر والحكمة. وأحسب أن من أهم جوانب ثقافة الداعية أن يكون في المقام الأول رحالة، فمسيرته في الدعوة هي رحلة يقطعها في الحياة، بين نقطة الميلاد ومآل الموت، لكن الرحلة يجب ألا تكون مقامًا للدعوة في ذات المكان، يتوالى عليها الزمن دون أن تتبدل، بل أمرنا الله بالسير والنظر، وجعل لنا في السفر رخصًا في العبادات، منَّة ورحمة منه، وأوصانا بالعباد والبلاد والأمكنة، وأورثنا الخلافة مسئولية وأمانة. فالسفر مدرسة الدعاة؛ لأنه يعينهم على مشاهدة آيات الله، من اختلاف الألسنة والألوان، والعادات والطباع، والمجتمعات والثقافات، ويعلمهم التواضع، والإنصات، والتأمل، ويربطهم بالطبيعة، ويُربيهم على التوكل على الرزاق اللطيف، ويُشعرهم بالأمن في جنب الله، لا في كنف العشيرة، وحماية ذوي القربى، ثم هو مسافة ينظرون من بعدها على علاقاتهم مع الأهل والولد، ويعودون وقد تعرفوا على ذواتهم أكثر، قبل أن يكونوا قد تعرفوا على العالم الواسع المحيط بهم. حملتني أقدار الله لبلاد شتى، من أقصى شرق الأرض لغربها، ومن شمالها لجنوبها، فتعلمتُ أن اللغة الأم للبشر كافة هي بسط الوجه، ابتسامة صادقة، وبشر في الوجه، يفتح لك القلوب الموصدة، وإن جهلت اللغة فلك في الإشارة البسيطة والحركة الرفيقة سبيلٌ. وتعلمتُ أن الناس يتشاركون في نفس الهموم، فتجمعهم على اختلاف ألوانهم ومشاربهم، الفقر في كل البلاد واحد، يُذل النفوس، ويَكسر الهمم، والمرض واحد، يؤلم الجسد، ويستدعي الرفق والرحمة، والميلاد واحد، مصدرًا للبشرى، ومدعاة للاحتفال بقدوم الوافد لعالمنا، والموت واحد، فراق وحزن وأسى. تعلمتُ أن الناس أسرى ثقافاتهم، نستطيع أن نردهم للفطرة لو فهمنا مفاتيح كل ثقافة لنرتب عليها أولويات الدعوة، ورأيت كيف اختلت الأولويات لدى إخوة من الدعاة، فصدوا عن سبيل الله، بدلا من أن يكونوا أئمة يهتدي بهم الناس. تعلمتُ أن المرأة في كل المجتمعات تعاني من مظالم تتشابه في كثير منها، وأن سبل الإنصاف قد تضل بالبعض، لكن يبقى العذر واحد، والتقصير على من ملك الحل فبخل به، وقصر في الدعوة إليه، وأن مهمتنا هي أن نرد الناس لفطرة التراحم والمودة، لا أن نطالبهم بما لا يُطيقون، ونحملهم أمورًا تحكمها عاداتنا نحن فقط، وما أنزل الله بها من سلطان. تعلمتُ أن كل الأقليات تلجأ للحيلة، فالتقيَّة ليست سِمة مذهب، بل هي شرط البقاء للأقليات، وتبقى مسئولية الأغلبية الإنصاف والقسط، والعطف والتراحم. تعلمتُ أن سنن الله لا تحابي أحدًا، وأن عواقب من قبلنا تتزامن مع واقعنا، فهي ليست أمور الماضي، بل العاقبة هي المآل، وأن مآلات أقوام سبقونا على دروب شتى أولى بالانتباه؛ كي لا نسير على نفس الطريق فنزِلَّ، أو نتخذ سبيلا غير سبيل الهدى مخالفة وكبرًا فنضل، فالحق وسط، وأمتنا أمة الاستقامة، لا الغلو ولا التفريط، وتبني منهجها على ميزان الفرقان، لا على محض مخالفة الآخرين، وقد تتقاطع دوائر، لكن يظل المشرب والمقصد هو التوحيد للمسلم، واحترام إنسانية البشر كما أمر الله، رغم أنفنا.. وأَنفَتِنا. تعلمتُ أن هناك قارات كاملة لا تعرف عن المسلمين والإسلام إلا القليل، ولَعُنا بالغرب أنسانا الشرق، وقدرتنا على زيارة الشمال شغلتنا عن الجنوب، فكنا كما وصف الله في سورة عبس وتولى، سعينا لمن أعرض، وبغى، وناصبَنا العداء، وأعرضنا عمن يشاركنا المعاناة والمظلمة، ويشاطرنا الهموم والتطلعات، ويواجه نفس التحديات، ويرافقنا على سبيل التحرر والنهضة، وإن اختلفت الرؤى والمذاهب. تعلمتُ أن الفرد قد ينوب عن أمة، وأن الانطباعات الأولى قد تدوم، وأن كل حركة في الغربة تُحسب عليك أو لك، وأن المسلم بالبر والفضل أولى، وأهلٌ. تعلمتُ دروسًا لم أجدها في الكتب، وفهمت أمورًا - في كتاب الله، وهدي نبيه- لم أسمعها في المساجد، ولم يذكرها لي شيخ أو إمام. سيروا..وانظروا.. وتأملوا وتدبروا.. وكونوا عباد الله، في أرض الله.. فما من موضع يسجُد فيه العبد إلا شهد له يوم القيامة، وما من أرض قطعها، لا يبتغي إلا الشهادة على العالمين، بخلق المسلم، وهدي الذكر والسنة، إلا رزقه الله بكل شبر فيها الأجر والثواب. الكون كتاب مفتوح، ينتظر من يقرأ سطوره.. فسِر، وانظر... واقرأ..!.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.