فى سنة 1951 صرح جون فوستردلاس (1888-1959 ) وزير الخارجية الأمريكية يومئذ – ومؤسس " مجلس الكنائس العالمي" سنة 1948 بأن العلاقة بين أمريكا وإسرائيل ليست مجرد علاقة سياسية وقانونية - مثل العلاقات بين الدول .. وفق القانون الدولي والشرعية الدولية وإنما هي علاقة أخلاقية وروحية" .. وفى ثمانينيات القرن العشرين كتب الرئيس الامريكى ريتشارد نيكسون (1917 1994)فى كتابه الاستراتيجي " الفرصة السانحة"يقول : لا إن أكثر ما يهمنا فى الشرق الأوسط هو النفط وإسرائيل .. وإن التزامنا نحو إسرائيل عميق جداً فنحن لسنا مجرد حلفاء ولكننا مرتبطون ببعضنا أكثر مما يعنيه الورق ! . نحن مرتبطون معهم ارتباطاً أخلاقيا ولن يستطيع أي رئيس أمريكي أو كونجرس أن يسمح بتدمير إسرائيل ". والذين لم يدركوا حقيقة "العقائد الأسطورية" المكونة " للمسيحية الصهيونية" التى حكمت وتحكم "إيمان" المؤسسات الحاكمة لأمريكا - منذ عصر الآباء المؤسسين وحتى هذه اللحظات لن يستطيعوا إدراك حقائق وأعماق هذه "العلاقة الأخلاقية" التى تعلو ما هو مكتوب على الورق بين أمريكا وإسرائيل.. والتى جعلت الرئيس الامريكى "بوش - الصغير" يقول للإسرائليين في الكنيست ..وهو لابس للطاقية اليهودية :إن إسرائيل ليست سبعة ملايين .. وإنما..،... ،207 أي أن البلدين هما بلد واحد. فالمسيحية الصهيونية ترى فى اليهود شعب الله المختار ليس قديما فقط وإنما دائما!.. وترى في الوجود الاسرائيلى على أرض فلسطين تجليا إلهياً، يمثل المقدمة الضرورية لعودة المسيح عليه السلام كى يحكم العالم ألف سنة سعيدة .. كما ترى في إقامة الهيكل اليهودي الثالث فى أنقاض المسجد الأقصى أحد شروط تحقق هذه "العقيدة الألفية" . وهذه العقيدة الحاكمة للمؤسسات الأمريكية.. والثقافة الأمريكية والكنائس الأمريكية الكبرى، هى التى عبر منها القس الامريكى " والتر ريجانز" بقوله " إن الصهيونية التورانية التى هي بالتأكيد أمنية كل مسيحي ، تتعلق بشكل أساسي بالله وأهدافه، ولذلك تفهم الصهيونية من خلال الرؤية المسيحية على أنها جزء من اللاهوت الديني وليست جزءاً من السياسة ،وإن دولة إسرائيل مجرد "البداية" لما يفعله الله من أجل الشعب اليهودي ومن خلال الشعب اليهودي .إن من واجب المسيحيين دعم إسرائيل وسياستها باعتبارها إشارة إلهية لرحمة الله ، واستجابة لإرادته على أنها تشكل إشارة تورانية بأن الله منشغل جداً فى قضايا هذا العالم .!. إذن ، فالمشروع الصهيوني فى قلب العالم العربي هو أكثر من قاعدة عسكرية أمريكية وغربية لحراسة المصالح الاستعمارية الغربية فى الشرق الاسلامى.. وهو أكثر من امتداد حضارى غربي فى قلب وطن الحضارة الإسلامية.. إنه مع ذلك و"قبله"وفوقة عقيدة دينية وكيان إلهي، وشرط لتحقيق أساطير المسيحية الصهيونية !: ولا خلاف فى امريكا بين "الساسة" و"القساوسة"، ولا بين "الديمقراطيين" و"الجمهوريين".. فالرئيس الجمهوري " جونسون" (1908 1973م) يتحدث إلى المنظمات اليهودية الأمريكية فيقول : " إن لى – مثلكم- روابط عميقة مع أرض وشعب إسرائيل ذلك أن إيمانى المسيحي انطلق من إيمانكم ..إن القصص التوراتية محبوكة مع ذكريات طفولتي" وذات الاعتقاد نجده عند الرئيس " كارتر" الديمقراطي – الذي يقول "إن العودة إلى أرض التوراة التى أخرج منها اليهود منذ مئات السنين، وإن إقامة الأمة الإسرائيلية في أرضها هو تحقيق لنبوءة تورانية،وهى تشكل جوهر هذه النبوءة" وهذه العقيدة هى التى جعلت الكونجرس الأمريكى بديمقراطييه وجمهورييه يقرر فى 24 أكتوبر 1995 م اعتبار القدس عاصمة أبدية لإسرائيل ، لأنها كما جاء في القرار .."الوطن الروحي لليهودية".. ولقد شرعت الحكومة الأمريكية ببناء سفارتها بالقدس على أرض مملوكة للوقف الخيري الاسلامى ! فهل تعى النخبة العربية والحكومية من العقائد الحاكمة في استراتيجيات الآخرين؟!