تأكيدًا لرؤيتهما حول وحدة الفنون المختلفة وعدم الفصل بينها سواء أكانت شعرًا أو موسيقى أو أيًّا من أشكال الفنون البصرية والإبداعية الأخرى، قدم الشاعر محمد زايد الألمعي والموسيقي الفنان محمد القوزي نموذجًا عمليًّا لتوأمة الشعر مع الموسيقى في الأمسية التي احتضنها النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية مساء الثلاثاء الماضي، إذ لم يكن حضور الموسيقى والغناء فيها حضورًا مصاحبًا وداعمًا فحسب بل كان حضورًا أساسيًّا وفاعلاً في حضرة الشعر، حيث قرأ الألمعي ثمان قصائد من شعره وهي: “تمرها والشتاء”، و“حين لا تشبهين النساء”، و“انتصبت على شرفات المدينة”، و“فلأكن عابثًا عابرًا”، و“من ييمّن هذا الذبيح؟”، و“امرأة في البهو”، و“مرثية الخونة”، و“الأرض نافذتي”، خالصًا من بعد قرائتها إلى الإشارة بأن هذه التجربة ليست الأولى له؛ إلا أنها الأولى في المملكة، موضحًا أنه قام بأداء تجارب أخرى في أمسياته خارج المملكة حيث أدى في القاهرة والإسكندرية شعره بطريقة درامية تُمَسرح الحالة الشعرية وتدخل فيها آلات عزف متنوّعة تقرأ فيها القصائد على أساس أنها خط درامي واحد وليست قصائد مجزّأة ومنفصلة عن بعضها. داعيًا إلى التخفيف من الارتجال في الأمسيات الشعرية، والاقتراب التصاعدي إلى الحالة الاحترافية التي تفعّل فيها الفنون الأخرى كالمسرح والموسيقى. مجيبًا على استفسار (المدينة) سبب تأخر صدور ديوانه إلى الآن بقوله: العوائق الرقابية كانت وراء تأخّر النشر في البداية، وحالي يشبه حال الكثير من شعراء الثمانينات، من بينهم علي الدميني الذي اعتبر إصداره للدواوين بدأ متأخرًا قياسًا ببداية مسيرته الشعرية. ويشير الألمعي إلى أنّ نتاجه الشعري تراكم إلى درجة أنه لم يعد يعرف الكيفية التي سيصدره بها، إلا أنه كشف عن قرب صدور ديوانه الصوتي الذي يشارك فيه الفنان القوزي بألحانه والذي سيصدر عن نادي حائل الأدبي، متفائلاً بأن السنة المقبلة ستكسر ما أسماه «حالة الشؤم». من جانبه أوضح الفنان والمصوّر محمد القوزي عضو جمعية الثقافة والفنون بجدّة وأبها، الذي احتوى ألبومه الغنائي على قصائد من الفصحى والتفعيلة والعامية، أن إعادة الفنّ الأصيل يجب أن يكون على رأس أولويات الفنّان، مؤكّدًا على أن الغناء يجب أن يتعدّى موضوع الحبّ ليحمل الهمّ الإنساني والاجتماعي، ويحمل صوت الفقراء ويتناول قضايا البطالة والمجاعات. خاتمًا بأنّ ألبومه الأول وألبومه القادم يحتويان على هذه القضايا ما يجعلهما ألبومين غير تجاريين. وغنّى القوزي في الأمسية بعض القصائد التي قرأها الشاعر، وانفرد بغناء قصائد أخرى فصيحة، وعزف ألحانًا مستقلة في أوقات توقّف فيها الشاعر عن قراءة شعره.