أكد الدكتورعلي يوسف الزهراني الأستاذ بقسم الأنظمة مستشار مدير جامعة أم القرى للشؤون القانونية أن العاقل من الناس من يلتزم بالبعد عن ضرر نفسه وغيره، باجتناب المخالطة ولزوم المنزل من غير أمرٍ صادرٍ أو عقوبةٍ رادعة، فحماية نفسه لازمةٌ عليه، والعقل يقتضي منه فعل ذلك، وفي مخالفة ذلك نقص في العقل وسفه في التصرف، مع كونه مخالفة لولي الأمر، فهو قد يُسهم في زيادة الضرر وانتشار البلاء، وذلك عدوان منه. ولا شك أنه بالنظر إلى ما يؤول إليه هذا الاختلاط من العدوى والضرر، يُعدُّ البعد عن ذلك وامتثال الانتهاء عن الاختلاط والتزام الحجر واجبٌ شرعيّ. وأوضح أن الشخص الذي لا يلتزم بالحجر ويرد مواطن وقوع المرض هو في ذاته يُلحق الضرر بنفسه وبغيره بمحض إرادته، فهو أشبه بالمعتدي الذي يجب منعه وردعه، لأنه ارتكب فعلاً محرماً شرعاً، مع ما يلزمه من الإثم بمضارة غيره. وقال الزهراني: هذا الوباء (فيروس كورونا - كوفيد 19) الذي عمَّ أرجاء العالم وثبت ضرره وشديد خطره وسرعة انتشاره، وتبين لذوي الاختصاص عوامل انتشاره وموانعه من حيث الاختلاط والمقاربة واللمس والمصافحة والرذاذ الخارج من المصاب به، ولمّا كان من المتيقن أن الداء واقعٌ بمن حصل منه الوقوع في أسبابه، كان لزاماً على الناس التوقي منه والبعد عن أسباب العدوى منه، وقد حفلت الشريعة بالنصوص الدالة على توقي هذا الداء، والامتناع من دخول البلد الواقع فيه الطاعون، وما هذا إلا حجرٌ للنفوس السليمة ووقاية لها من حصول الداء الذي يسري إليها بالخُلطة والتقارب، بل من مقاصد الشريعة حفظ الأنفس وصيانتها، وهي من الضروريات الخمس التي انتصبت الشريعة لحفظها وصونها. وأضاف: الناس في التزام الحظر على حالين، ملتزمون بما قرره ولي الأمر، وصدرت به التعليمات من وزارة الداخلية والجهات المختصة، فهؤلاء هم العقلاء الصادقون في الولاء، والحريصون على حماية الأنفس وسلامة الأوطان. ومفرّطون لا يرعون مصلحة، يفسدون ولا يصلحون، يتبعون الهوى فيقع بهم الأذى، ويمتدُّ إلى غيرهم ظُلماً وعدواناً. والذي يهمل العمل بالاحتياط، ويسعى إلى مقاربة الخطر والوقوع فيه، ويتضح عنه الإضرار بالغير، يقع تحت طائلة المسؤولية الموجبة للعقوبة والضمان لإخلاله بما يجب عليه من أخذ الحيطة والتحرز مما قد يُفضي إلى وقوع الضرر.
