أزمة الهوية الوطنية

من التعريفات التي وردت لمصطلح ( الهوية ) هو حقيقة الشيء من حيث تميزه عن غيره ، كما تسمى الهوية أيضاً وحدة الذات ، كما يشار اليها بأنها ثبات الشيء بالرغم مما يطرأ عليه من تغيرات ، أي أن الجوهر كما هو لم يتغير ، ومسألة الهوية عانى منها العديد من فئات المجتمع فالبعض عمد إلى تهميشها وإفراغها من محتواها الأصلي بل وفي بعض الأحيان إلغائها تماماً إما لعدم قناعتهم بها أو لشعورهم بالنقص من الهوية التي ينتمون لها فتبرأوا منها وعمدوا إلى تشويهها وإنكارها مما جعل بعضاً منهم يعيش في أزمة هوية وطنية .
مؤخراً استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله - في قصر اليمامة بالرياض ضيوف المهرجان الوطني للتراث والثقافة ( الجنادرية 31 ) من الأدباء والمفكرين وقد ألقى خادم الحرمين خلال الاستقبال كلمات معدودة وموجزة ركزت بشكل أساسي على موضوع يعد من أهم المواضيع التي تحتاجها الأمة العربية والإسلامية اليوم وهو موضوع الهوية ،فقد أشار في كلمته ( إن هذا المهرجان معلم إشعاع ثقافي سعودي يجمع أبناء الوطن ومناطقه بتنوع تراثها وفنونها في صورة حضارية تعزز قيم الارتباط والوطنية والانتماء ) ،كما أكد بأن ( الحفاظ على هويتنا العربية والإسلامية وتراثنا وثقافتنا وأصالتنا من أوجب واجباتنا ، ومكانة كل أمة تقاس بمقدار اعتزازها بقيمها وهويتها ) مشيراً إلى أن هذا النهج هو النهج الذي سار عليه قادة هذه البلاد المباركة .
لقد جاءت هذه الرسالة من قائد هذا الوطن في وقتها لأن مجتمعنا يواجه العديد من التحديات خصوصاً مع هذا التقدم التقني والتكنولوجي والذي أتاح للفرد أن يطلع ويشاهد كل ما يحدث في العالم من خلال هاتفه وفي ثوانٍ معدودة إضافة إلى أن مجتمعنا مجتمع شاب ،ولذلك جاءت هذه الرسالة لتؤكد على أهمية المحافظة على هوية هذا الوطن وضرورة الاعتزاز بقيمها وأصالتها، ونبذ كل ما يساهم في تشويه هذه الهوية أوتمييعها ، فهذا الوطن يعتز المنتمون إليه بأن الله شرفه بخدمة الحرمين الشريفين وهو مهبط الوحي وقبلة المسلمين وموطن الحضارات المختلفة وهو وطن الرقي والتقدم ووطن العلم والعلماء والأصالة والانتماء كما إنه وطن الوسطية والاعتدال فمهما حاول المتطرفون على الجانبين أن يعملوا على إعادة صياغة هويته ليتوافق مع أهوائهم وأهدافهم فلن يتمكنوا لأن تراث وثقافة وأصالة هذا الوطن ستقف سداً منيعاً بوجه كل من يحاول المساس بهذه الهوية الأصيلة .