السعودية تدين بأشد العبارات لعمليات توغل قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة    رئيس الوزراء في جمهورية باكستان الإسلامية يصل للرياض وفي مقدمة مستقبليه نائب أمير المنطقة    بيئة جازان تعالج 25 بئرًا مهجوراً ومكشوفًا    "إثراء" يتصدّر المشهد الثقافي بحصوله على جائزة الملك عبد العزيز للتواصل الحضاري    مكتب الوزارة بصبيا ينفذ مبادرة تشجير بمساجد محافظة ضمد    استقرار أسعار النفط مع ترقب قرار المركزي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة    علماء يبتكرون طريقة ذكية لتفعيل أدوية السرطان داخل الورم    وزير الشؤون الإسلامية يبدأ زيارة تفقدية لقطاعات الوزارة وتدشين مشروعات جديدة بالمدينة المنورة    قطر تدين بأشد العبارات العملية البرية الواسعة التي بدأها الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة على غزة    إطلاق اسم الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز على طريق المطار في المدينة المنورة    ضبط مواطنًا مخالفًا للائحة الأمن والسلامة في ضباء    وزير الاقتصاد والتخطيط يلتقي الرئيس التنفيذي للجمعية الدولية لمنتجي النفط والغاز    أمانة تبوك تضبط منزلًا لتخزين لحوم مجهولة المصدر    بريطانيا تدين الهجوم الإسرائيلي على غزة    الإنجازات الأمنية على طاولة نائب أمير الرياض    المياه الوطنية وصندوق الشهداء يوقعان اتفاقية تعاون    في ختام الجولة الأولى بنخبة آسيا.. الهلال يقلب الطاولة على الدحيل القطري    في بداية مشواره بدوري أبطال آسيا الثاني.. النصر يستضيف الاستقلال الطاجيكي    أولويات آسيوية تمنح الأهلي سجلاً تاريخياً من ذهب    «أليانتس أرينا» يعيد التاريخ بين بايرن والبلوز    بناء صورة جديدة للمملكة    موجز    الصناعة تتوج بجائزة التميز    أدان بأشد العبارات اعتداءات سلطة الاحتلال بالمنطقة.. مجلس الوزراء: نتضامن مع قطر وندعمها لحماية أمنها وسيادتها    نزاع على تصميم ينتهي ب«التعويض والسحب»    مجلس الوزراء يوافق على وثيقة مشروع تخصيص مصنع الملابس والتجهيزات العسكرية    وفاة 5 أشخاص وإصابة 2 آخرين إثر حادث انقلاب مركبة في جازان    إعطاء أفضلية المرور.. تحقيق للسلامة المرورية    قطر: نتنياهو لن يفلت من تبعات خرق القانون    «فبراير الأسود» يعيد القصبي للدراما    سفاسف (الظهور)..!    «العرضة» على شاشة الثقافية اليوم الأربعاء    هل ستستمر مواقع التواصل الاجتماعي؟    الحكومة السورية ملتزمة بمحاكمة مرتكبي الجرائم.. خارطة طريق لاستقرار السويداء    وجهة نظر في فلاتر التواصل    خطبة الجمعة المقبلة.. وحدة الصف ونعمة الأمن والرخاء ورغد العيش    مشاركات فاعلة في صون الطبيعة وحماية البيئة.. السعودية رائد عالمي في الحفاظ على «طبقة الأوزون»    قطرات عين ثورية بديلة عن النظارات    ماكل هرج نسمعه نستمع له ولا كل من وصِي على الطيب طابي    Guinness توثق أكبر طبق جولوف    %44 من شركات إنتاج الروبوتات يابانية    غوتيريش: الوضع في غزة «مروع»    يوم النخيل العربي    انتظر في حسرتي لين الغياب    اللصقات الهرمونية أنسب لمرضى السكري    وجبة دهون واحدة تضعف الذاكرة    الهلال يتغلب على الدحيل بثنائية في النخبة الآسيوية    الهلال يبدأ مشواره في دوري أبطال أسيا للنخبة بالفوز على الدحيل    خطى ثابتة لمستقبل واعد    مستشفى قوى الأمن بالدمام يحصل على المركز الأول في جائزة أداء الصحة بمسار الأمومة والطفولة    محافظ الأحساء يكرّم مواطنًا تبرع بكليته لأخيه    النقل تفرض غرامات وحجز المركبات غير النظامية    أمير القصيم يزور محافظة البدائع ويلتقي المواطنين ويطلع على مشاريع تنموية تفوق 100 مليون ريال    الإسراف وإنفاق ما لا نملك    متقن    إطلاق مبادرة تصحيح أوضاع الصقور بالسعودية    المواطن أولا رؤية وطن تتجدد حتى 2030    نائب أمير تبوك يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا هو نبينا.. فهل لديهم له مثيل؟
د. محمد أبو بكر حميد
نشر في الجزيرة يوم 23 - 02 - 2006

رأى أصحابه فيه حياته قرآناً يمشي على الأرض، وعبروا عن حبهم له بالفعل لا بالكلام، فكان في خلقه لهم قدوة، وكانوا يتسابقون إلى اتباع خطواته، وكلهم إيمان وطيد بأن اتباع خطواته طريق يؤدي إلى سعادتي الدنيا والآخرة حيث يكسبون محبة الله لهم.
بينما هم جلوس معه ذات مرة، وبينهم عمر بن الخطاب الذي حفظ ما قال لهم: دار بينهم حديث عن حب الله لعباده، وتاقت نفوسهم لمعرفة أقرب الطرق التي يحب بها الله عباده، فسأل أحدهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الناس وأي الأعمال أحب إلى الله - عز وجل -؟ فقال: أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دَيناً، أو تطرد عنه جوعا..، ولئن أمشي مع أخ لي في حاجة أحبّ إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهراً، ومن كفّ غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يثبتها له ثبّت الله قدمه يوم تُزل الأقدام) (رواه الطبراني في الكبير، والحديث في صحيح الجامع).
علموا أن أداء الفرائض وحدها لا يؤدي إلى ذلك الطريق الذي يعشقونه، ذلك لأنه ربط بين الصلاة وبين سلوك البعد عن الفواحش والمنكرات، حين قال لهم: (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعداً) (رواه البراء عن ابن عباس).
وظل طوال حياته يكرر عليهم لا يكفي أن يكون المسلم خاشعاً في صلاته فقط، فعلمهم أن الخشوع الحقيقي المطلوب هو الخشوع في كل عمل يعمله المسلم خارج صلاته، أن يخاف الله في عباده قبل أن يخافه في صلاته.
ومن حرصهم سألوه بصدق عن أفضل السبل التي تجعل الله يتقبل عباداتهم بيسر، قال لهم ربكم، رب العزة والجلال يقول لكم: (إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي، ولم يستطل بها على خلقي، ولم يبت مصراً على معصيتي، وقطع نهاره في ذكري، ورحم المسكين وابن السبيل، والأرملة ورحم المصاب، ذلك نوره كنور الشمس، أكلؤه بعزتي، واستحفظه بملائكتي، اجعل له من الظلمة نوراً، وفي الجهالة حلماً، ومثله في خلقي كمثل الفردوس في الجنة) (الترغيب والترهيب).
تعلموا منه الصلاة خلقاً وسلوكاً ومعاملة، فقد قال لهم مراراً: (الدين المعاملة) (كتاب تاريخ عجائب الآثار)، ولم يقل الدين العبادة، ذلك لأن العبادة جزء من الدين لأنها لا تستغرق إلا جزءاً من وقت المسلم، أما المعاملة فجعلها الدين كله لأنها الحياة كلها.
ومن أجل خدمة هذا الهدف الجليل النبيل ربط لهم أعظم إنسان متحضر على وجه الأرض، ربط لهم كل عباداتهم بالسلوك والمعاملة، فقال لهم: ( الصوم جُنَّة إذا كان أحدكم صائماً، فلا يرفث ولا يجهل، فإن أمرؤ قاتله، أو شاتمه، فليقل إني صائم، إني صائم) (رواه أبو داود).
علمهم أن رمضان مدرسة الثلاثين يوماً في التعود على ضبط النفس والسلوك، وإن الحج هو الامتحان النهائي الكبير، واسمعهم كلام الله الذي نزل من فوق سبع سموات يؤكد لهم أن الحج معاملة قبل أن يكون عبادة: {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} (البقرة: 197).
وما نسي أحد منهم قط وقفته بينهم وهو يعلن لهم الجائزة الكبرى التي يحلمون بها، ويعملون من أجلها، غفران ربهم.
لم تتسع لهم الدنيا من فرحتهم يوم قال: (من حج فلم يرفث ولم يفسق، رجع كما ولدته أمه) (رواه مسلم)، وأكمل يبشر بالهدف الأكبر الذي يسعى إليه كل واحد منهم.. الجنة: (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) (متفق عليه).
لم يترك في نفوسهم قلقاً ولا يأساً من رحمة الله وغفرانه، بل زرع فيهم الأمل، ودعاهم إلى التفاؤل، فمن فاته الحج أو لم يستطع إليه سبيلا فلا يزال طريق رحمة الله أمامه مفتوحاً: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما) (متفق عليه).
وحذرهم من الإفلاس، فظنوا أنه يقصد من قل ماله أو ضاع فاستفسروا فقال لهم: (إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم، فطرحت عليه، ثم طرح في النار) (رواه مسلم)، فما كادوا يسمعون منه هذا حتى وجلت قلوبهم ووجمت وجوههم وخافوا على أنفسهم، وأدركوا أن الإفلاس الخلقي والسلوكي يأكل كل عبادات المسلم كما تأكل النار الحطب، فحرصوا على حسن الخلق فيما بينهم تراحماً وتعاضداً وتسامحاً حتى أنزل الله فيهم آيات محكمات ربط فيهن بين تراحمهم وسلوكهم وبين ركوعهم وسجودهم وبشرهم بغفرانه: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (الفتح: 29).
عاشوا معه يدرءون بالحسنة السيئة، ويرون أقواله في أفعاله، وظلوا يجاهدون أنفسهم للارتفاع إلى مستوى السلوك الحضاري الذي رسمه لهم، فالدين المعاملة، وقد تجلى لهم هذا المعنى في خلقه، وكلما سولت لهم أنفسهم، والنفس أمارة بالسوء، تذكروا كلماته: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) (رواه البخاري)، (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) (رواه الترمذي وابن ماجة)، (لا تؤذوا عباد الله ولا تعيروهم، ولا تطلبوا عوراتهم)، (رواه البخاري في الأدب المفرد)، (رحم الله رجلاً سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى) (رواه مسلم)، (المؤمن مرآة أخيه، والمؤمن أخو المؤمن يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه) (رواه البخاري في الأدب المفرد)، (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) (متفق عليه)، (تبسمك في وجه أخيك صدقة) (رواه الترمذي)، (إياك والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا) (متفق عليه)، ) من لا يشكر الناس لا يشكر الله) (رواه الترمذي)، (امسح رأس اليتيم وأطعم المسكين) (رواه أحمد)، (بحسب أمرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم) (رواه مسلم).
دعاهم إلى أن يستر بعضهم على بعض حتى لا تشيع الفاحشة، وقال جازماً في وعده: (من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة) (رواه الترمذي)، وقال مهدداً متوعداً: (من كشف عن عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه في بيته) (رواه ابن ماجة) وأوضح لهم صراحةً أن تتبع عورات الناس وكشفها مفسدةً لأنهم إذا انكشفوا جاهروا بالمعاصي وسمعوه يقول لأحدهم موضحاً ومحذراً: (إنك إن تتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم) (رواه البخاري).
وفي الوقت نفسه أعلن لهم عن جائزة من يستر على أخيه: (من رأى عورةً فسترها فكأنما استحيا موءودة في قبرها) (رواه أبو داود والنسائي).
وتلى عليهم قرآناً نزل من عند ربه يأمر بالستر ويفسر كشف عورات الناس إشاعة للفاحشة: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (النور: 19).
ولم يشدد على شيء كما شدد على ابتعادهم عن الغيبة والنميمة وسوء الظن، والتجسس على الناس، فقال: (لا تحسسوا ولا تجسسوا) (رواه البخاري) وقال: ( من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صُب في أذنه الآنك يوم القيامة) (رواه البخاري)، وخاف عليهم من أسوأ ما يمكن أن يقع فيه إنسان، وما أكثر ما يقع فيه الناس دون شعور بأنه من أسوأ الذنوب، فانزل ربه عليه قرآناً يصور مغبة النيل من الإعراض بأبشع الصور التي يتقزز منها الإنسان، وتلا عليهم قول ربهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} (الحجرات: 12).
أصبحت كلماته لهم نورهم يسعى بين أيديهم كلما أظلمت عليهم أنفسهم استضاءوا بها، واشتاقت أرواحهم للسمو بسلوكهم حتى يصبح عباده، وعرفوا أن ذلك لن يتحقق إلا إذا أصبحوا من {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} (المؤمنون: 3)، {الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} (سورة الفرقان: 63)، {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (آل عمران: 134).
وزلزلت بهم الأرض من هذه الآيات، كيف يكظمون الغيظ، ويسيطرون على الغضب، يستطيع المرء أن يقوم الليل أياما ولكنه قد لا يستطيع أن يكف غضبه لحظه، فاستنجدوا به، وسألوه الحلول، ماذا يفعلون إذا استبد بهم الغضب، فتبسم وقال: (إذا غضب أحدكم فليسكت) (رواه البخاري)، وأضاف (إذا غضب أحدكم فليغتسل) (كنز العمال)، وفي رواية (فليتوضأ) (رواه أبو داود).
وعندما تسابقوا إلى تلقي نصحه لهم، جاء أحدهم فقال له: أوصني يا رسول الله، فقال له: (لا تغضب)، وردد تلك الكلمة عدة مرات.
وبدوره سألهم فقال: (ما تعدون الصرعة فيكم؟ فقالوا: الذي لا يصرعه الرجال، فقال: ليس كذلك، ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب) (رواه مسلم).
فعرفوا أن هذه هي القوة الحقيقية، الإمساك بلجام النفس، والتحكم في الهوى، ولم يكن يترك مناسبة إلا ويذكرهم بذلك لمعرفته بصعوبته على النفس البشرية، فقال لهم ذات مرة:(من كظم غيظاً) - وهو يقدر على إنفاذه - ملأ الله قلبه أمناً وإيماناً) (رواه ابن أبي الدنيا).
وحانت الفرصة ليعلمهم أن العبادات وحدها دون خلق المسلم لا تدخل صاحبها الجنة، فلما قال له أحدهم: (يا رسول الله إن فلانة تكثر من صلاتها، وصدقتها، وصيامها، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها؟ قال له: هي في النار! قال الرجل: يا رسول الله وإن فلانة يذكر من قله صيامها، وقله صلاتها، وإنها تتصدق بالأثوار من الأقط، ولا تؤذي جيرانها؟ قال له: هي في الجنة! وسأله آخر يريد أن يستزيد ويستوثق: ما أكثر ما يدخل الجنة؟ قال: تقوى الله وحسن الخلق، وسمعته زوجه عائشة يقول: إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم) (رواه أبو داود).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.