في هذا اليوم تستلهم الأمة التاريخ وتستظل أفياءه الممتدة وتناجي أمجاده الخالدة وتستعيد قصة الكفاح والاستبسال التي أعادت الأمور إلى نصابها. الزمان: كان صبيحة يوم خالد من عام 1319ه. المكان: الرياض. الرجال: عبدالعزيز آل سعود رجل في أمة وثلة من رجاله المخلصين. وهنا بدأت الحكاية حيث التف الرجال حول قائدهم وانطلقت مسيرة التوحيد شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً. كانت تضحيات كبيرة، لكنها تهون في سبيل الوصول إلى الغاية النبيلة. وكان عام 1351ه عام التوحيد عام قيام الدولة السعودية الحديثة، التي انطلقت بقدرة الله ثم بعزم الأقوياء تؤسس لحضارة حديثة إسلامية المبدأ عربية الأصل قامت على كتاب الله وسنة نبيه واتخذت منهما دستوراً لها تنطلق وبه تؤسس وعليها تعوّل كل أمورها وتحوّل المجتمع على أرض الجزيرة من قبائل متناحرة إلى أُسرة واحدة.. وتحوّلت الصحاري والقفار والسهول والجبال إلى منظومة من العمل ودبت الحياة العصرية في أرجاء الوطن وكان منطلق ذلك كله الاتجاه إلى التعليم الذي هو أساس الحضارة حيث بدأت المسيرة قبل التوحيد في عام 1344ه بعدد محدود من المدارس في مكةالمكرمةوجدة حيث أُنشئ المعهد العلمي السعودي بمكة عام 1346ه وعبر ما يزيد عن ثمانين عاماً من الإنجاز شهدت البلاد نهضة شاملة في شتى مناحي الحياة في التعليم وفي الصحة وفي الزراعة والتجارة وفي حياة الناس الثقافية والاجتماعية والفكرية.. ثمانون عاماً استطاعت البلاد فيها أن تحقق إنجازات رائعة. ونحن إذ نحتفل بيومنا الوطني فإنما نحتفل بما تحقق لنا بفضل الله وكرمه ونتحدث إلى أبنائنا عن قصة البناء والتشييد ليس من قبيل الفخر وإن كان يحق لنا ذلك، لكن من باب أن الحفاظ على هذه المقدرات وتنميتها مهمة مناطة بهم. ونسجّل لأبناء المستقبل أن آباءكم وأجدادكم صنعوا الحضارة التي تنعمون بخيراتها الآن وأن عليكم أن تواصلوا ما بدأه الآباء وأن تحافظوا على مقدرات الأمة باعتبارها مكتسبات وطنية يجب تطويرها وتحديثها ونحتفل لنؤكد حب الأوطان ذلك الذي يولد مع الإنسان ساعة يولد.. لينمو ويزدهر في كل حين، ذلك الحب الذي يتحوَّل إلى ولاء لله واهب الحياة ولعقيدة قامت عليها دولة ثم دولة حكَّمت شريعة الله في كل شأن من شؤونها ذلك الحب والولاء الذي يتحوَّل إلى عمل.. عمل دائب وإخلاص مستمر وتفانٍ في خدمة الوطن. ولنا مع هذا اليوم وقفات: الوقفة الأولى: ما تحقق لهذه البلاد من انتصار كاسح على الفئة الضالة من الإرهابيين الذين حاولوا المساس بأمن البلاد فردّ الله كيدهم إلى نحورهم وألبسهم لباس الخزي والعار فتحية لرجال الأمن البواسل على جهودهم.. ورحم الله شهداء الواجب. الوقفة الثانية: إن هذا اليوم حلَّ على الأمة وقد ارتحل قائدهم من أرض الفناء إلى أرض البقاء بعد أن قاد أمته عبر ربع قرن من الزمان إلى مصاف الدول المتقدمة.. فعليه رحمة الله وأسكنه فسيح جناته. الوقفة الثالثة: مع البيعة المباركة إذ تولى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مقاليد الحكم وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان ولاية العهد في سلاسة ويسر وارتسمت معها الفرحة والتفاؤل والأمل على كل القلوب.. وقد استهل حكمه - أيده الله - بخطاب رسم فيه السياسة بأبسط طريقة وأقوى عبارة وبدأ بالعفو عند المقدرة وثنى بخدمة الحرمين الشريفين وثلث بتحسين أوضاع شعبه المادية.؟ وإنه لاستهلال مبارك. أما الوقفة الأخيرة: فهي مع التربية والتعليم إذ إن القيادة الحكيمة منذ عهد المؤسس إلى يومنا هذا جعلت من التعليم أساس البناء النهضوي وحجر العصرنة التي وضعت المملكة العربية السعودية على رأس قائمة الأمم المتحضرة في العالم. وقد أشرت آنفاً إلى بعض تلك الجهود الموفقة فحق لأبناء الأمة أن يحتفوا وأن يرفعوا أيديهم بالدعاء إلى الله أن يديم على هذه الأمة نعمه الظاهرة والباطنة، إنه ولي ذلك والقادر عليه. *) وكيل وزارة التربية والتعليم لكليات المعلمين