19 ألف زيارة تفتيشية بمكة والمدينة    السعودية تدين تصعيد الاحتلال وتستنكر إرهاب قاعدة الصومال    إيران: شروط واشنطن ستُفشل المحادثات النووية    انتحاري يقتل 10 أشخاص في مقديشو خلال حملة تجنيد    تواصل سعودي نمساوي    رسمياً .. الكشف عن المرشحين لجائزة أفضل لاعب سعودي في دوري "روشن" لموسم "2024-2025"    10 آلاف متطوع من منسوبي التقني    سهام القادسية تُصيب 9 ميداليات في كأس الاتحاد    الذهب يرتفع بفعل الإقبال على أصول الملاذ الآمن    "آفاق" يدمج 88 طفلًا في التعليم العام ويحتفل بمرور خمس سنوات على تأسيسه    "الصحة العالمية": نواجه عجزا بنحو 1.7 مليار دولار خلال العامين المقبلين    أمير تبوك يستقبل إدارة نادي نيوم بمناسبة تتويجه بدوري "يلو" وصعوده إلى دوري روشن    وزارة الرياضة تطرح مشروع "استثمار المنشآت الرياضية" عبر بوابة "فرص"    اختتام بطولة غرب المملكة في منافسات الملاكمة والركل    جمعية البر بالمنطقة الشرقية تشارك في المعرض الدولي للقطاع غير الربحي (إينا)    عقارات الدولة توضح ما يُتداول حول توزيع أراضٍ سكنية في الرياض    مطارات الدمام تنظم ورشة بعنوان "يوم المستثمر" لتعزيز الشراكات الاستراتيجية    حقيقة انتقال رونالدو وبنزيمة وإيبانيز إلى الهلال    محافظ أبو عريش يرأس لجنة السلامة المرورية الفرعية    صندوق الاستثمارات العامة يجمع أكثر من 1000 من أعضاء مجالس الإدارة وتنفيذيّ شركاته    57٪ من أطفال السعودية يخفون نشاطهم الرقمي عن الأهل    انطلاق فعاليات المؤتمر العالمي الأول للميتاجينوم والميكروبيوم    مبادرة طريق مكة تحظى بشرف خدمة أكثر من مليون مستفيدٍ من ضيوف الرحمن منذ إطلاقها    كندا تعلق بعض الرسوم الجمركية المضادة على الولايات المتحدة    مجموعة فقيه للرعاية الصحية تحصل على اعتماد JCI للمؤسسات كأول مجموعة صحية خاصة في المملكة    أبناء علي بن محمد الجميعة يثمنون دور منتدى حائل للاستثمار 2025 م في الحراك التنموي    وزارة الداخلية تدعو للإبلاغ عن كل من يقوم أو يحاول القيام بنقل مخالفي أنظمة وتعليمات الحج    حلول واقعية لمعالجة التحديات المعاصرة التربوية    حرس الحدود بمنطقة مكة المكرمة ينقذ (10) مقيمين من الجنسية المصرية    تحالف استراتيجي بين "نايف الراجحي الاستثمارية" و"تي جي سي سي" لتنفيذ مشاريع رائدة في المملكة العربية السعودية    لمسة وفاء.. الشيخ محمد بن عبدالله آل علي    وزير الحرس الوطني يرعى تخريج الدفعة السادسة من برنامج القيادة والأركان والدفعة الأولى من برنامج الدراسات العسكرية المتقدمة ويدشّن برنامج الحرب    الشؤون الإسلامية تُكمل استعداداتها في منافذ الشرقية لاستقبال الحجاج    المملكة 2050.. حين أصبح الحلم واقعاً    ترامب يقول إنه "حزين" إزاء الإعلان عن تشخيص إصابة بايدن بالسرطان    الحرب على الفلورايد تحرز تقدما    تصعيد في قصف معسكرات النازحين.. الجيش السوداني يسيطر على منطقة «عطرون»    محمد.. هل أنت تنام ليلاً ؟    هيئة الموسيقى توثق الإبداعات السعودية    مبادرات "عام الحرف" ترسو في مشروع سولتير بالرياض    مجلس إدارة مؤسسة «البلاد» يقر الميزانية العمومية    وجبة مجانية تنهي حياة عصابة بأكملها    الفيفا يحدد موعد المباراة الفاصلة بين لوس أنجلوس وأمريكا.. من يحجز المقعد الأخير لمونديال الأندية؟    بعد 19 عاماً من النطحة الشهيرة.. بوفون يعترف: أنا السبب في طرد زيدان    آل بابكر وخضر يحتفلون بزواج علي    إعلاميون ومثقفون يعزون أسرة السباعي في فقيدهم أسامة    عبدالجواد يدشن كتابه "جودة الرعاية الصحية"    صيام الماء .. تجربة مذهلة ولكن ليست للجميع    أطباء يعيدون كتابة الحمض النووي لإنقاذ رضيع    نائب أمير عسير يستقبل القنصل الجزائري    «البيضاء».. تنوّع بيولوجي يعزّز السياحة    حفل جائزة فهد بن سلطان للتفوق العلمي والتميز.. الأربعاء    الشؤون الإسلامية تختتم الدورة التأصيلية الأولى في سريلانكا    6000 حاج يتلقون الرعاية الصحية بالجوف    قصائد فيصل بن تركي المغناة تتصدر الأكثر مشاهدة    رئيس جمعية «مرفأ» الصفحي يهنئ أمير جازان ونائبه على الثقة الملكية    مشائخ وأعيان وأهالي «الجرابية الكنانية» يهنئون أمير جازان ونائبه بالثقة الملكية    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تضاريس الرخام لزعلة ألم الصمت - صمت الألم

قطعة الرخام ملساء صقيلة أنظر إليها بعيني فلا أر لها تضاريساً فأي تضاريس يشير إليها؟ بهذا العنوان (تضاريس الرخام) تناولت المجموعة الأولى للقاص على زعلة الصادرة عن نادي أبها الأدبي، خرجت من هذه القطعة الرخامية بنتوءين واضحين بعد أن تلمستها بأصابع عيني.
تيمتا الصمت والألم لا تكاد نصوص المجموعة تخلو منهما، يتنفسان وأثر شهيقهما وزفيرهما يغير طقس كل نص، ولو وضعت إبرة تخط على شريط متحرك في رئتي المجموعة لخرجت برسم تخطيطي تستبين به تضاريس الصمت والألم في النصوص بفعل المؤشرين المتنافسين على الصعود - في الغالب العام - وتسنم هرم التحلي في أجواء القص.
ب(وحشة) بدأ زعلة قصة - وبها هدأ مؤشر البوصلة السيكولوجية بعد تأرجحه ليستقر وتستبين الحالة الوجدانية - فبهذا العنوان العاج بالألم جسَّدَ الوحشة في الصندوق الحديدي الأبكم، حيث بصيص أمل التواصل هو دافع البطل للاشتراك - الهرب من الصمت والألم بفتح كوة تجاه الآخرين.
يخذله الصندوق الحديدي بصمت مطبق. يعمل جاهداً لتجسيد الهرب بدفع وسائل التواصل وتغذية فم الصندوق، بعد يأس يتمخض الصندوق عن ورقة، يا لها من بارقة أمل! ولكن صدمة نهاية النص تخذله بدعوة طلب تجديد المعاناة. لم ينتهِ النص فمن هنا بدأ بألم صمت الصندوق الحديدي، وصمت ألمه. تساؤلات تبدأ: هل يقف أم يعاود الكرة؟ يعاود إشراع نافذة الأمل قبيل ختم المجموعة ب(طاقة) تتطور وسائل الاتصال والانفتاح على نوافذ العالم، ويبقى الصمت يفرض سطوته، والألم يرفس في الفؤاد (وليش نتلفت خايفين!.. ومن مين خايفين) فيرد الصمت (باب الحجرة مغلق.. الجدران صماء، خالية من أية نافذة) الاختناق كلب بكفيه على رقبة البطل، الزُرقَة هي الزُرقَة التي طَلَت جسد البطل في (وحشة) هي تلك الزرقة جراء نقص الأكسجين (دلالة التنفس في الهواء الطلق) والطاقة (النافذة) هي الوسيلة - الخلاص لاستنشاق رائحة التحليق في الفضاء ولو لم يحلق.!
(المقصلة) كم من الإبداع بين جنبات هذا النص، بدءاً بالعنوان مجسد الصمت والألم، ومروراً بالبطل الصغير المتقاطع مع بطل (كان يومذاك طفلاً) للقاص الكبير غسان كنفاني، فالطفلان يمران بحالة قهر، الأول من مجتمعه القريب الأم، الجدة، أولاد الجيران والآخر من مجتمعه القريب قهراً (المحتل)، الحلاق يمارس إذلاله بتنفيذ ما لا يريده من فقد شعره بسلطة الموسى، والآخر يمارس المحتل إذلاله بفرض الهرب تحت طلق الرصاص، الألم يزداد في نفسي الاثنين، الصمت في فؤادهما يرفع صوته والتمرد هي السمة البارزة في نهاية النصين غير أنهما متعاكستان فالأول التوقف يجسد التمرد والأخرى الفرار وإطلاق ساقيه للريح مسقطاً بخزان الشاي، هل المقصلة هي الحكم الجائر ضد الحرية بحكم الجلاد - المجتمع على حرية الصبي وملكيته الشخصية لشعره دون الإضرار بالآخرين؟... معركة في صدر الصبي هل ختمت بانتصار المقصلة أم تمرده؟
(وجوه) بضمير المتكلم (أجلس إلى أمي، أسمر مع حكاياتها...) أخرسه السارد بسلطته العليا أسلمه للنوم للصمت، ألم جرس الساعة يدعوه إلى اجتراح تحطيمها والاستسلام للصمت، وشجارٌ ما بين الصمت والألم أشعلا النص حتى نهايته، وفي (أقسى من الجرح) يعملان الألم والصمت يجد في رسم ورم بحجم الكف وتلوين الأريكة ببقع دهنية كلوحة ناطقة بلغة الصمت يترجمها الألم.
المرأة تمثلت البطولة بعلاقتها بالآخر في نصين وبصورتين أولاهما (الجدب) انقلاب وتحول من ثرثرة الحياة إلى الخرس القريب من الموت. موت حلم المرأة بالزواج بممارسة الحياة الطبيعية إثر عاهة، تحاول شقيقتها عبثاً
(أن تخفف عنها بعضاً من ألمها، أو تلج إلى عالمها الصامت!) ألم انعدام الأمل يتجذر في سويداء قلبها، ويد الأمل تأبى إلا أن تحاول خلعه من جذوره ببارقة من النافذة (رمز الأمل) شاب يتطلع إليها يتجسد الأمل بين أعطافه، يختم الأمل في نظرتها الأخيرة بلون رمادي انتقل من بياض الأمل في رحلة إلى سواد اليأس معتمداً على عكاز.
والصورة الثانية للمرأة في (اشتعال) انشطار بين المرأة والرجل في صراع مستمر بين الفراق والالتقاء، فراق يجسد الحاضر والتقاء لا يحضر إلا في ذكريات من أعواد الكبريت وبقية طين ملتصقة بالجبين يستيقظ على ألم الفراق وصمت (البراءة... انطفأت وغابت، وفي العيون أعواد ثقاب تلوووح...) هل ستشتعل هذه الأعواد أم أن الطين كفيل بإخمادها؟ وهل انتظار جفاف الطين الساكن أعواد الثقاب كفيل باشتعالها؟ أسئلة يكتبها القارئ بنص إلحاقي!
الهم العالمي في نصوص زعلة يتجلى في نصين (دم فارع) أهداه إلى الاستشهادية آيات الأخرس و(نشرة لتضاريس الرخام) فالأول حالة عامة من الألم مصطبغ بلون الدم (طافح بالذلة والمهانة) ويكفي الصمت أن يصم برجع صداه (أخرس، يا أخرس) أما النص الآخر فالرخام وحده يشي بالبرودة التي تبعث الألم والشبق رغبة في الدفء والصمت يطبق الأفواه فلا قناة توصل صوتك والنظر للرخام يصيب المشاهد ب(التَرَخُمِ)، الكرة تشتعل والرخام يمتص كل حرارة العالم ليصرفك عن استعارها لتشتعل أنت في رحلة مآلها الترمد.
التكرار وبقاء الحال ومعرفة المآل ألم يسري في (البارحة) التي تمثل اليوم والغد وما بعده، فالماضي هو الحال هو المستقبل، والصمت أقرب للكلام في (حالة قرف عام) (أفواه لا تكف عن فغرها وانطباقها) وتبقى سمة السير واقفاً في عجلة الزمن هي السائدة في النصين ولا وميض ينذر بميلاد الحراك.
ربما صقيع الصمت كَمَشَ عناوين النصوص فأظهرها بمفردة واحدة في سبعة عناوين من أحد عشر وهي نسبة كبيرة إذا ما قيست بالنسبة المئوية (وحشة، وجوه، المقصلة، الجدب، اشتعال، البارحة، طاقة).
والصمت عند القاص موصوم بالبرود على نقيض الألم المستعر المتأجج، لذا ظل صمت الألم يخرس الآهة ويلجم فاها، وألم الصمت لا يكف عن تحريض فيها على الثرثرة والتنفيس عن الألم بنفثاته الحارقة في صراع صيروري نتاجه حروف رسمت بحرارتها تضاريس لوحة رخامية كلاسيكية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.