لا إله إلا الله.. اللهم اختم لنا بخير وقنا مصارع السوء.. وجدتني أكرر دعواتي وأنا أرى هذا الموت الجماعي الذي فاق موت الحروب والقتل!! طوفان المياه يجتاح البشر ويغرق كل ما أمامه فلا عاصم اليوم من أمر الله إلا أن يشاء سبحانه وتعالى. نراهم يركضون.. يصرخون.. يستغيثون.. يسابقون الموج الهادر، لكنه يلتهمهم.. يطويهم وبيوتهم وسياراتهم وكل أشيائهم.. هناك من يتشبث بيأس في أي شيء فتجذبه المياه القوية وتدور به في خضمها.. رؤوس فقط تبدو وسط الماء تغوص وترتفع.. تتخبط الأيادي في عجز بالغ حتى تكل مستسلمة بلا إرادة لتبدو جثة طافية تنتظر من ينتشلها إلى باطن الأرض مرة أخرى! كان المشهد مهولاً والكائنات تصارع الموت بما فيها أبقار الهندوس!! ما بين زلزلة الأرض وهدير المياه بدا الدمار مخيفاً والوقع شديداً.. الدمار حل بدول وليس دولة فحسب.. قرى أبيدت تماماً وجزر تغيرت مواقعها.. كل ذلك في لحظات!! كل شيء كان هادئاً قبل ذلك بدقائق.. الجميع يمارسون حياتهم كالمعتاد.. الكل غارق في هموم وتفاصيل يومه يرى الموت بعيداً وهو في تمام صحته..!! هناك من يكدح وهناك من يلهو.. يعيشون يومهم بذات الرتابة التي انقضى بها أمسهم.. بل يفكرون في الغد وينسجون له الأحلام والأمنيات.. هناك من خطط لكيفية قضاء ليلة العام الجديد، وماذا عليه أن يعدّ لها لتبدو أكثر متعة، خاصة من جاء إلى هذه السواحل الدافئة هارباً من صقيع بلاده!! لحظات فقط كانت تفصل تناقضين لا يجتمعان.. الشعور بالحياة والأمل البعيد، والشعور بالموت والأمل القصير. وهكذا تزلزلت الأرض من تحتهم وامتد الطوفان يلتهمهم.. انقطعت الأنفاس ودمر كل شيء.. تلك الأجساد الممتلئة بالنشاط والإقبال على الحياة وحتى الكدح فيها غدت جثثاً طافية لا حياة ولا أمل فيها!! تلك الأماكن التي كانت من أجمل بقاع الأرض أصبحت من أوحش الأماكن.. وما زال الموت حاضراً لمن نجا إلا من رحم ربي؛ فالأفواه جوعى والأجساد منهكة، والمرض بفعل الجثث المنتفخة قريب.. سبحانك ربي لا إله إلا أنت! أليس في هذا عبرة لنا؟ ولغيرنا؟ ليس هناك مكان بمنأى من عقاب الله تعالى - حفظ الله المسلمين وردّ عاصيهم للصواب - وليست هناك تحصينات وحماية تقف أمام أمر الله تعالى، وليس هناك بشر قوي أو ضعيف أمام قدرة الخالق تبارك وتعالى؛ فهم متساوون في هذا الضعف يكبلهم العجز، ويجعلهم متساوين أمام عجائب قدرة الخالق تبارك وتعالى. ولكننا نحن المسلمين ألا يدعونا ذلك لأن نتفكر ونتدبر متسائلين في لهفة وخوف وخشوع للكريم الحنان المنان؟ أليس العمر قصيراً؟! بل أقصر مما نتوقع! فلمَ اللهو وتأجيل التوبة، والغرق في ملذات الدنيا والاستكانة والاطمئنان لها؟ يا الله.. كم نحن مقصرون! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. [email protected]