هيئة تطوير المنطقة الشرقية تشارك في منتدى الاستثمار البيئي استعادة واستدامة    "آلات" تطلق وحدتَي أعمال للتحول الكهربائي والبنية التحتية للذكاء الاصطناعي    تعليم الطائف ينظم اللقاء السنوي الأول لملاك ومالكات المدارس الأهلية والعالمية    إحباط تهريب أكثر من 27 كجم من الكوكايين في ميناء جدة الإسلامي    تقديم الإختبارات النهائية للفصل الدراسي الثالث بمنطقة مكة المكرمة.    هيئة الأمر بالمعروف بنجران تفعّل حملة "الدين يسر" التوعوية    وحدة الأمن الفكري بالرئاسة العامة لهيئة "الأمر بالمعروف" تنفذ لقاءً علمياً    إسرائيل تتأهب لاجتياح رفح    انطلاق "مهرجان الرياض للموهوبين 2024".. غداً    في نقد التدين والمتدين: التدين الحقيقي    مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يُنظم مؤتمرًا دوليًا في كوريا    ارتفاع أسعار الذهب    550 نباتاً تخلق بيئة نموذجية ب"محمية الملك"    وزير الدفاع يستعرض العلاقات الثنائية مع "كوليبالي"    "المرويّة العربية".. مؤتمر يُعيد حضارة العرب للواجهة    أمطار ورياح مثيرة للأتربة على عدد من المناطق    80 شركة سعودية تستعرض منتجاتها في قطر    السعودية.. الجُرأة السياسية    مساعدات إيوائية لمتضرري سيول حضرموت    «كلاسيكو» تأكيد الانتصار أم رد الاعتبار ؟    اللذيذ: سددنا ديون الأندية ودعمناها بالنجوم    5 مشروبات تكبح الرغبة في تناول السكَّر    انطلاق بطولة كأس النخبة لكرة الطائرة غدا    محافظ الطائف يناقش إطلاق الملتقى العالمي الاول للورد والنباتات العطرية    سمو ولي العهد يهنئ ملك مملكة هولندا بذكرى يوم التحرير في بلاده    المجرشي يودع حياة العزوبية    «عكاظ» ترصد.. 205 ملايين ريال أرباح البنوك يومياً في 2024    تدخل عاجل ينقذ حياة سيدة تعرضت لحادث مروري    وصول التوءم السيامي الفلبيني إلى الرياض    فوضى المشهد السياسي العالمي اليوم    بدر بن عبد المحسن المبدع الساعي للخلود الأدبي    وزير الموارد البشرية يفتتح المؤتمر الدولي للسلامة والصحة المهنية    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على بدر بن عبدالمحسن    فيصل بن نواف: جهود الجهات الأمنيّة محل تقدير الجميع    100 مليون ريال لمشروعات صيانة وتشغيل «1332» مسجداً وجامعاً    السعودية وأميركا.. صفحة علاقات مختلفة ولكنها جديدة    هدف لميسي وثلاثية لسواريس مع ميامي    القادسية لحسم الصعود أمام أحد.. الجبلين يواجه العين    فيصل بن مشعل: يشيد بالمنجزات الطبية في القصيم    البحث عن حمار هارب يشغل مواقع التواصل    تأملاّيه سياسية في الحالة العربية    يوفنتوس يتعادل مع روما في الدوري الإيطالي    "جاياردو" على رادار 3 أندية أوروبية    الدور الحضاري    رحيل «البدر» الفاجع.. «ما بقى لي قلب»    المعمر، وحمدان، وأبو السمح، والخياط !    عزل المجلس المؤقت    تقدير دعم المملكة ل "التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب"    مهرجان الحريد    «أكواليا» تستعرض جهودها في إدارة موارد المياه    وزير الدفاع يستعرض العلاقات الثنائية مع "كوليبالي"    "سلمان للإغاثة" يُدشِّن البرنامج الطبي التطوعي لجراحة القلب المفتوح والقسطرة بالجمهورية اليمنية    أمراء ومسؤولون وقيادات عسكرية يعزون آل العنقاوي في الفريق طلال    فلكية جدة : شمس منتصف الليل ظاهرة طبيعية    باسم يحتفل بعقد قرانه    إستشارية: الساعة البيولوجية تتعطَّل بعد الولادة    آل معمر يشكرون خادم الحرمين الشريفين وولي العهد    لا توجد حسابات لأئمة الحرمين في مواقع التواصل... ولا صحة لما ينشر فيها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالحميد الدرهلي: أصبح الطفل العربي قلقاً متوتراً سريع الانفعال
غياب أدب الطفل في أدبنا المحلِّي(1 - 2)
نشر في الجزيرة يوم 16 - 02 - 2004

* جدة - صالح عبدالله الخزمري - عدنان حسون:
في واحد من مؤتمرات اتحاد الكتاب العربي المعقود في الجزائر في السبعينات كان هناك تيار يقول بأنه لاشيء اسمه (أدب الاطفال) وإن كل ما يكتب لهم عبارة عن مواد تربوية وتعليمية وهم بذلك ينكرون رفاً من أدب الاطفال طوله نحو ستة كيلومترات، موجود في مكتبة ميونخ الدولية لكتب الأطفال في قرابة نصف مليون نسخة، في 110 لغة، بينها كتاب عربي اعتبروه من أفضل كتب الاطفال على مستوى العالم. نعرف يقيناً أن هناك فارقاً بين الكتابة للأطفال، وبين أدب الاطفال، وقد تقترب هذه من تلك لكن تبقى هناك ثغرة واسعة وفجوة كبيرة، ويظل الفارق واضحاً، ما بين كليات التربية من جانب وكليات الآداب من جانب آخر.
تواجه الكتابة الاسلامية للأطفال - علماً وأدباً - مشكلة كبيرة إذ إن علماء الدين لديهم مادة غزيرة، وصلتهم بالاطفال متواضعة وليس في استطاعتهم تبسيط مادتهم وتيسيرها للأطفال. ومن جانب آخر نجد ان كتاب الاطفال ليسوا متفقهين في الدين، وهم بالدرجة الأولى يخافون ان تصدر عنهم هفوة فيكيل لهم العلماء اتهامات أقلها الجهل، قد تصل والعياذ بالله إلى التكفير.
عملة نادرة: كاتب الأطفال، وعملة شديدة الندرة: كاتب الأطفال الديني, وعملة بالغة الندرة: أديب يكتب أدباً إسلامياً للأطفال.
قليلة هي الدراسات الحقيقية الصادرة بالعربية تلك التي تتناول بالتحليل والنقد الأدبي الأعمال الصادرة للاطفال، بل تكاد جميع المدارس النقدية بعد ازدهارها على مستوى أدب الكبار تغفل بالكامل ما يكتب للأطفال، الأمر الذي تسبب في انتشار كتابات رديئة، وفي عدم مواكبة هذا الأدب لما يجري في مجال كتب الكبار، وفيما يحدث في مجال أدب الطفل عالمياً, الأمر الذي تسبب في وقف نمو أدبنا للطفولة!!
(الجزيرة):تطرح قضية غياب هذا التوجه من جامعاتنا ومدارسنا والنوادي الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون رغم ما يمثله أدب الطفل من أهمية وكونه النواة الاولى للأديب حيث ينشأ محباً ومتآلفاً مع الأدب.
وقد طرحنا المشكلة على ذوي الاختصاص الذين ناقشوا الموضوع وطرحوا بعض الاقتراحات والتوصيات.
* الأستاذ عبدالحميد سعيد الدرهلي - مدير عام وزارة التخطيط سابقاً والكاتب المعروف قال: بيئة الطفل العربي اليوم في حالة خوف وقلق، أليس العالم من حوله يئن تائهاً مضرجاً بالدماء فتراه يمشي مشية الذاهل الحائر وكأن الهموم والأحزان قد ركبت على رأسه، يتطلع حواليه بعينين طاهرتين في حالة اضطراب وهلع، وقد انطفأت تلك الابتسامات العذبة من محياه البريء ويتساءل في أعماقه الف سؤال وتحترق الأجوبة في شرايينه ولا أحد يطفىء نيرانها.
لقد أصبح الطفل العربي قلقاً متوتراً سريع الانفعال، ومن هنا فإن الواجب يقتضي ضرورة البحث الجاد والسريع في تأثير وانعكاسات الأحداث ومشاهد القتل والدماء.
وقد تحدث أناس من هنا وهناك عن ظاهرة استيقاظ أبنائهم مذعورين من النوم وهروبهم إلى حضن والديهم، وكذلك هلوسات يطلقونها في أثناء رقادهم أو نرفزة وتوتر عصبي خلال نهارهم مع الخوف من الخروج من بيوتهم في حالات أخرى.
إنها إفرازات للصور الخفية التي يشاهدونها التي علقت بمخيلتهم وهي لا محالة ستفضي إلى مشاكل عقيمة لهم ولمجتمعنا العربي ككل عند ما يكبرون وخصوصاً الذين يعيشون في أتون هذه الأحداث ولهيبيها.
ومن هذا المنطلق فإن هذه المسألة الخطيرة نتركها لعناية المختصين وأساتذة الطب النفسي للاسهام في شرحها وما تحمل من مضاعفات على جيل المستقبل.
وإذا كان الطفل شديد التأثر بما يحيط به ويسمعه ويراه فإن المسؤولية تقع على الأهل بأن يكونوا المثل الأعلى لأولادهم فالجو المشحون والتأزم داخل المنزل وما يتخلل ذلك من مصادمات ومشادات وضرب واضطراب تجعل الطفل في حالة ضياع وخوف ورهبة.
إنّ منح الطفل ولو بعض الوقت استماعاً وإصغاءً له باهتمام وإرشاده والارتقاء به جوهر المسألة فلا أحد يريد أن يبقى ابنه طفلاً.
إن الجهود التي تبذل على أصعدة مختلفة في وطننا الزاهر ومن خلال مجموعات المراكز والدور الثقافية لتنمية مواهب الاطفال واكتشاف قدراتهم في الرسم أو غيرها من الالعاب المسلية النافعة التي تؤدي رسالة عظيمة نتأمل أن تعمم أنشطتها لتشمل كل أطفالنا سواء في المدن أو القرى أو الأرياف، لما للاهتمام بالروايات أو القصص الشعبية والتراثية من إذكاء لخيال الاطفال بأسلوب ميسر يستمتع بها الأطفال وتنمي فيهم حب الوطن مع مناشدتنا صياغة أدب وخطاب خاص موجه لهم على أساس احترام اللغة والتفاعل معها.
إن توجهات كهذه ستعيد شيئاً من الهدوء الذي سلب منهم وتحميهم من غوائل المستقبل وشروره.
* الأستاذ غالب حمزة أبو الفرج - رئيس تحرير جريدة المدينة وجريدة البلاد سابقاً قال: الحقيقة أن الموضوع في غاية الاهمية لأنها ظاهرة تشعر بالأسف ليس بالنسبة لنا في المملكة بل العالم العربي أجمع وانعدام تواجد أدب الطفل عائد في الحقيقة إلى كثير من الأمور في مقدمتها.. أن الأب الذي لا يقرأ والأم التي لا تقرأ لا يستطيعان أن يصنعا طفلاً يقرأ.
ولهذا انصرف الأدباء والكتاب عن هذا الأدب باعتباره أمراً لا يمكن الوصول إليه في جو هذه الحياة التي يمارسها الإنسان العربي.
عندما أعطى مصر كامل الكيلاني أدب الطفل ما يمكنه لترسيخ كثير من المفاهيم الأصيلة في نفسية هذا الوافد الصغير كان إنساناً وحده لم يمارس غيره ما كان هو يضعه من أجل هؤلاء الاطفال لأنهم رجال المستقبل.
وهي حقيقة مرة تبدو واضحة المعالم نتيجة لانصراف الآباء والأمهات عن القراءة أنفسهم فكيف يتسنى للطفل أن يقرأ.
ثم ما هو الأسلوب الذي يجب أن يقابل به الأدب والأم مع هذا الطفل إذا أرادا لطفلها أن يقرأ الأمر في غاية البساطة فعندما تمنح طفلك مبلغاً من المال بعد أن تطالبه بما يرغب شراءه من كتب للأطفال من هذا المبلغ وتستمر على هذا العمل تصنع في المستقبل طفلاً يقرأ ورجلاً يقرأ وأسرة تقرأ.
أما عما نعرف جميعاً عن هذا الطفل بأن نتركه لرعاية المدرسة ولا نصنع له شيئاً في البيت فكيف ينشأ قارئاً؟!!
مشكلة تسير مع صروف الحياة في الوطن العربي فنحن أمة مع الأسف لا تقرأ، واذا قرأت تنسى، وإذا نسيت لا تعاود القراءة.
* د. عالي القرشي - عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين بالطائف والأديب المعروف قال: يبدو لي أن الظروف التي يعيشها الإنسان عموما في عالم اليوم تحتاج الى العناية الشديدة بما يتوجه به الكبار للاطفال الذين هم ورثة من يعيشون على هذه الأرض في هذه الفترة.
فأطفالنا نجد أن الواقع الذي يعيشونه مرعباً ومخيفاً ومتغيراً بصورة تولد لديهم الصدمات والاحباط مما يؤول ذلك الى القنوط والانسحابات من مسايرة النمط الطبيعي للحياة.
هذا يتوجب علينا أن نتوجه لهم في التربية وفي الأدب بما يغذي أرواحهم ويحفظ تشتتها وتمزقها ويعيد إليهم التواد.
ولذلك نجد أن سبيلنا الى ذلك هو من خلال تربية شاملة، الأدب جزء منها، وهنا نلتفت الى ما طغى على الذي يوجه إلى الطفل في الوقت الحاضر من خلال الشريط ذي الأناشيد إذ نجد أن هذا الشريط فيه قصور عن الأدب الراقي، لا يحفل بالنغم ولا بالصوت الموسيقي مما يجعل هذا الطفل في حالة من التوثب والحماس الذي لا يطيقه هو.
فلذلك ينبغي أن تعنى المؤسسات الثقافية والمؤسسات التربوية، والمؤسسات المعنية بالطفل أن توجه لهذا الطفل من خلال استكتابات، من خلال برامجها من خلال المسرح أن توجه له نشاطاً متوازناً يراعي حاجاته المختلفة.
* الدكتورة فريدة فارسي: شكراً لاهتمامكم بثقافة الطفل العربي التي باتت رفاهية لا نستطيع الوصول إليها.
نصرف أبناؤنا عن القراءة لألف سبب أولها عدم اهتمام الوالدين بالقراءة للطفل منذ الصغر وعدم وجود مكتبة في البيت وعندما يدخل إلى المدرسة يجد أن المناهج تصرفه عن القراءة بدلاً من أن تجعله يتعلق بها فهو معرض لقراءة مواضيع بعيدة عن مدى اهتمامه ومليئة بكلمات لا يفهمها إلى جانب اعتماد المناهج الأولى على الأفعال دون الأسماء مما يؤدي إلى ضعف الحصيلة اللغوية لدى الطفل وهذا يصرفه عن القراءة لأنه سيتوقف أمام كل كلمة ليعرف معناها فيفقد اهتمامه بالكتاب ويتصرف عنه، مع افتقاد المكتبة العربية لكتب بسيطة الكلمات وكثيرة الصور، أما المكتبات المدرسية هي في معظمها مخازن للكتب لا يرتادها إلا أمين المكتبة ومعلمو مادة المكتبة فقط.
لذا نجد أن أدب الطفل في عالمنا العربي قليل جداً وإن كانت النسب تتفاوت من دولة لأخرى. إن الكتابة للطفل تحتاج إلى تضافر جهود مجموعة كبيرة تبدأ بالكاتب الذي لابد أن يكون قد ايقظ الطفل النائم في أعماقه ليتمكن من الوصول إلى عالم الأطفال كما لابد من معرفة واطلاع في النواحي التربوية والمجالات العلمية ليكون ما يكتبه مقنعاً لجيل باتت حصيلته المعرفية ولا اقول العلمية كبيرة جدا من خلال التلفاز والإنترنت وغيرها من الوسائل التي تتفوق على الكتاب بكونها تقدم له الصوت والصورة والحركة.. لذا باتت كتب الأطفال بحاجة الى صور مبهرة وإخراج جذاب لكي تحظى بإقبال الأطفال على قراءتها كل هذه الامور تؤدي إلى ارتفاع تكلفة النشر في هذا المجال فإذا كان الكتاب ليس من ضمن المشتروات الأساسية الأساسية للأسرة وإذ كنا نهدي للاطفال في المناسبات المختلفة العاباً الكترونية وجوالات وساعات وربما بعض المجهوهرات ونادراً جدا ما نفكر في الكتاب كهدية لطفل نجح في الامتحان أو نام في المستشفى فمن سيجازف ويطبع كتاب للطفل وهو يعلم أن النسخ الموزعة لن تغطي تكاليف طباعة فما بالك بالربح.
لكي يظهر أدب الطفل بشكل جيد ويساهم في محو الأمية الثقافية لدى الجيل الجديد لابد من إنشاء دار نشر لا تهدف للربح تابعة لجامعة الدول العربية تقوم بطباعة ونشر كتب الأطفال وتوزعها في جميع الأقطار العربية وبذلك تضمن التوزيع الواسع إلى جانب العمل على إنشاء جيل عربي توحده الثقافة بعد أن فرقته السياسة.
أما على مستوى المملكة فلابد من حملة وطنية تعيد للقراءة مكانتها للكبار والصغار:
- بإقامة المكتبات العامة وزيادة عددها في كل مدينة.
- الاهتمام بالمكتبات المدرسية وتخصيص ميزانيات خاصة للكتب ووضع حصص للمكتبة في الجداول المدرسية ابتداء من مرحلة رياض الأطفال.
- إقامة مكتبات صغيرة في كل مؤسسة حكومية أو أهلية خاصة بموظفيها يقرؤون فيها ويستعيرون منها.
- تزويد أماكن الترفيه برفوف للكتب تحسب من ضمن المصاريف.
- تشجيع المجتمع على التبرع بالكتب للجهات المختلفة.. مستشفيات الأطفال المدارس.. المطارات.
- أما التلفزيون فله دور مهم في هذا المجال فإلقاء الضوء على كتاب من الكتب ضمن برنامج مخصص للأطفال سيدفع الصغار للقراءة خاصة إذا قدمت فقرات من الكتاب تثير رغبة الصغار في معرفة ما حدث بعد ذلك.
إنها سلسلة مترابطة.. الكتاب الجيد.. سيدفع للقراءة.. إذا انتشرت القراءة سيقدم الكُتَّاب على الكتابة، مثل ما هو حادث في الغرب فالبرغم من أن الدول الغربية قد انتشرت فيها المؤسسات الثقافية من مسرح وسينما وتلفزيون وغيرها إلا أن الكتاب لا يزال رفيق الكبار والصغار وإعداد الكتب الجديدة التي صدرت في أعياد الميلاد ورأس السنة لهذا العام 2004م خير دليل على ذلك.
أتمنى أن يجد كل طفل من بداية تعرفه على الحياة من حوله إلى نهاية مرحلة الطفولة الكتاب الذي يتناسب مع قدراته المعرفية واهتماماته الشخصية.. كتاب يستعيره من مكتبة المدرسة أو يجده على رف بجوار سريره أو تسلمه له المعلمة أو المعلم ويطلبون منه قراءته والتعليق عليه..
وربما يدفعه ذلك إلى أن يكون هو كاتب للكتاب إما بمفرده أو بالاشتراك مع زملائه في الفصل.
إن الأمر أكبر من طاقة أي فرد مهما بلغ من الإرادة والتصميم ولكنه سهل جداً عندما يتعاون فيه الجميع وتسخر له بعض الامكانيات.. فمستقبل أبناء هذه الأمة يستحق منا ذلك.
أكرر شكري لاهتمامك وأتمنى أن أكون قد أجبت عن تساؤلك: لماذا غاب أدب الطفل.؟
ختاما لكم تحياتي ودمتم.
قضية.. أدب الطفل
* الكاتبة والإخصائية النفسية الاستاذة لبنى وجدي الطحلاوي قالت:
عندما نتكلم عن الطفولة، فنحن نتكلم عن كائن ضعيف وبنيان هش يتطلب عناية فائقة، تضمن له النمو السليم جسديا ومعنويا، وذلك يفرض أسلوبا إيجابيا ومتوازنا من الرعاية، فالطفولة قيمة مقدسة لا يجوز الاستخفاف بها ولا تجاهلها، بل يجب إحاطتها بأفضل طرق الرعاية والحماية وتوفير جميع الأساليب المثلى اللازمة لنمو الأطفال والحرص على امتلاكه لجميع المقومات الأساسية التي لابد أن يتمتع بها كل طفل، فمرحلة الطفولة هي أحد أهم المحطات الرئيسية في حياة الإنسان إن لم تكن أهم تلك المحطات على الاطلاق، لأن تلك المرحلة هي الأرضية النفسية التي تحدد سيرورة تطور الشخص وتحدد معالم شخصيته وأبعاد تلك الشخصية وتطورها مستقبلا.
فالبيئة التي ينشأ فيها الطفل وما تحمل من تعاليم وثقافة وتوجهات تترك بصماتها على نفسية الطفل كما تشكل ميوله واتجاهاته وطموحاته المستقبلية، ولذلك إما تتفجر طاقات إبداعية وخلاقة لدى البعض مستقبلا أو تنفجر طاقات عدوانية أو أنماط عاجزة عن العطاء وعن الابتكار والإبداع نتيجة لمشاعر سلبية ومحبطة لمت بهم في مرحلة الطفولة.
والمسؤول عن ذلك هو البيئة التي احاطت بالطفل وما تهيأ للطفل والمخزون الهائل من الخبرات الذي يتمتع به الطفل والخبرات قد تكون جيدة وصحية وإيجابية وقد تكون على النقيض من ذلك تماما.
وإن أردنا إماطة اللثام عن مدى تقصيرنا في حق الطفل في عالمنا العربي فبالرغم مما تقوم به (منظمة حقوق الطفل) (اليونيسيف)، و(منظمة العمل الدولية) وما يفرضوه على الدول لا تزال شوارع الكثير من الدول العربية والدول النامية مكتظة بأطفال الشوارع الأميين الذين ألقت بهم قسوة الظروف وأسرهم للشارع، ليكونوا وقودا لسوق العمالة والتسول الذي يجردهم من ابسط حقوقهم الإنسانية التي كفلتها الشرائع والقوانين، وليست أكثر من ورقة رابحة يستخدمها البعض لخوض المعارك السياسية والانتخابية في بعض الدول التي تظل حبراً على ورق بعد بذلك.
والوعي العربي (بقضية الطفل) مازال بائسا وهزيلا، والساحة العربية تكاد تخلو بشكل عام من الدراسات التي تتناسب وحجم المشكلة باستثناء بعض الجهود العربية المتناثرة التي تعاني هشاشة الأرضية المعلوماتية المتوافرة.
وتبقى حقيقة لا جدال فيها، بأن هناك ارتباطاً وثيقاً بين الاطفال ضحايا الأسر التي يسيطر عليها جهل تربوي فاضح، وبين ردود الأفعال العدوانية التي تفاجىء المجتمع مستقبلا، عندما يكبرون هؤلاء الضحايا.
والطفل هو نصف الحاضر وكل المستقبل، وفي المملكة العربية السعودية تحديدا يشكل عدد الاطفال دون سن العاشرة 60% من أبناء هذا الوطن تبعا لآخر الإحصائيات المعلنة، فهم من سيملكون مقادير الحياة في هذا البلد مستقبلا وهذا يعني أنهم رهاننا على المستقبل ولذلك إعداد الطفل من رعاية صحية ونفسية وتعليم وتثقيف وتوفير بيئة حقيقية لتكوين المواهب ونموها تساعد على التفكير المبدع واكتشاف مواهبه وقدراته وإمكاناته على درجة كبيرة من الأهمية.
كما نتمنى أن توضع (خطة تنمية من اجل الطفل) تتبنى رؤيا متكاملة للنموذج الذي نريده للطفل السعودي وتلتزم بجميع الخطوات التي يجب أن تتبع لتحقيق ذلك.
وفي تقرير (للجنة فور) العالمية يقول ان توفير الرعاية والتعليم المناسبين لعمر كل الاطفال الصغار وحاجتهم يشكل أحد المتطلبات الأساسية لكل سياسة تربوية وثقافية ناضجة، لأن توفير هذه المتطلبات كفيل بحد ذاته من أن يرفع إلى الحد الأقصى من إمكانية تطوير أجيال مقبلة قادرة بما تتصف به من الوعي وحب الاستطلاع والخيال والاستقرار النفسي والمرونة على مواجهة المشاكل الشخصية والأسرية والاجتماعية، والسياسية وحلها.
فالثقافة المكتوبة للطفل السعودي تعاني من فقر شديد والبرامج لا تزال قاصرة عن إشباع حاجاته.
وفي تقرير لليونسيف بعنوان (الطفل في التخطيط الوطني) يقول: لا يمكن بعد الآن معالجة الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية في صياغة الخطط كل على حدة, ولابد أن يكون هناك اثناء الصياغة لقاء اكبر بين هاتين الناحيتين والتخطيط الاجتماعي وخاصة التخطيط للمجالات المتعلقة بالطفولة والشباب كالصحة والتغدية والتعليم والتدريب والخدمات الخيرية وغيرهم.. فقضية الطفل تعتبر واحدة من أخطر قضايا تكوين الإنسان في مراحله كلها..
فخيال الطفل يرتبط بالمحيط الأسري والمدرسي والقومي الذي يشكل الأساسيات التي قد تتبلور فيما بعد في شخصيته، ولا توجد إصدارات أدبية سعودية تساهم في تشكيل خيال الأطفال السعوديين بمضامين سعودية (تعتمد على تراثنا وثقافتنا الإسلامية وعاداتنا وتقاليدنا العظيمة وتكون منفتحة على الآخر في نفس الوقت).
فالطفل السعودي الذي يلجأ إلى (سمير، وسندباد، وسمور، وعبير، وميكي، وسامر، وغيرها..) يتشكل خياله بمضامين ليس لها أي علاقة بالواقع السعودي المتميز، ولذلك من الضروري أن توجد له مواد أدبية سعودية تدعم ثقافته الخاصة.. وهذا الغياب في الساحة الأدبية السعودية أمر مخجل ويضع المملكة في حرج كبير عندما تشترك في معارض الكتاب خارج المملكة.. فيلاحظ على الفور قصور النشاط الثقافي الموجه للطفل.. فالطفل السعودي مظلوم.
والصحافة السعودية تقدم مجلة واحدة وهي (الشبل) وهي لا يمكن أن تكون كافية.. ولا يمكن لوسائل الإعلام في بلادنا أن تطور خدماتها التي تقدمها للطفل إلا إذا استعانت بالكتاب المتخصصين في الكتابة للطفل وعملت على تشجيعهم وإعطائهم المكافآت التي يستحقون لأنهم من المتخصصين النادرين.
والمؤسسات والهيئات الحكومية لم تؤد دورها تجاه الطفل.. ولا يوجد كتاب متخصصون يكتبون برامج تلفزيونية للطفل ولذلك هناك فقراء في الأفكار الجديدة والبرامج التلفزيونية الجذابة للطفل.
كتب الأستاذ (عبدالكريم الجهني) مجموعة جيدة في كتابه (قصص عن الأمثال الشعبية) وكان للنقاد رأي فيها بأنها كانت تفتقر للصور الجميلة الجذابة ولغتها كانت ثقيلة بعض الشيء مما جعلها تبدو ككتاب مدرسي.
الكتابة للطفل ليس بالأمر السهل فلابد لها من متخصصين والطفل السعودي بشكل خاص والعربي بشكل عام يعيش حالة فقر ثقافي مدقع مقارنة بالطفل في أي مكان من العالم ولهذا لابد من إنشاء (دار نشر متخصصة للأطفال) تدعمها الدولة وتضم المتخصصين والأكفاء لتقدم المستوى المطلوب من الكتب والمجلات والصور.. من أجل الارتقاء بأدب الطفل وإثراء مكتباتنا.
أسباب غياب أدب الطفل
* الشيخ عبد الرحمن العبيد رئيس نادي المنطقة الشرقية الأدبي هناك أسباب عديدة تحول دون حضور أدب الطفل بالمستوى المطلوب أهمها تأخر الاهتمام بهذا الأدب في البلاد العربية حيث لم يظهر هذا الاهتمام إلا في النصف الثاني من القرن الماضي، ومنها عدم اهتمام الناشرين بأدب الطفل لأنه لا يشكل سلعة رابحة لديهم وندرة الدراسات والبحوث والمؤتمرات حول هذا الأدب وعدم الاهتمام بمكتبة الطفل في المدرسة والمنزل وانصراف الأطفال إلى المسلسلات والأفلام الأجنبية ثم عدم الالتفات إلى كُتاب أدب الطفل وتشجيعهم بصورة كافية.
لقد بدأ أدب الطفل في المملكة في السنوات الأخيرة يحظى باهتمام متزايد وهناك العديد من الكتاب الذين اهتموا بهذا الأدب مثل عزيز ضياء وعلوي الصافي وعبده خال وجبير المليحان وغيرهم.
أما النادي فقد نظم ندوات وحلقات حول هذا الأدب وأصدر ديواناً شعرياً هو (أناشيد الطفولة) للأستاذ خالد الخالد كما صدر لعضو آخر هو محمد سعيد البريكي ديوان آخر هو (ربيع الأمل) كما صدرت عن الرئاسة العامة لرعاية الشباب واجتماعات رؤساء أندية الأدبية توصيات بالعناية بهذا الأدب.
وأود الإشارة هنا إلى مجلة (الجيل الجديد) ومجلة (الشبل) اللتين تصدران عن الرئاسة وتهتمان بأدب الطفل وكذلك مجلة (حسن) التي تصدرعن دار عكاظ وإلى بعض الأبواب والمساحات التي تختص بها بعض مجلات هذا الأدب.
مع ذلك فإن حال أدب الطفل في المملكة شأنه في البلاد العربية الأخرى وإن لك يكن غائبا تماما إلا أنه بحاجة إلى مزيد من الرعاية والاهتمام ولاسيما أنه أهم وسيلة لبناء هذه الأجيال وتنشئتها التنشئة السليمة فكرياً وثقافياً ووجدانياً.
إنني أود أن يظهر هذا الأدب بالصورة التي تهتم بالحفاظ على التراث وملامح الشخصية التي تميزنا دون انغلاق أو جحود أو انفلات ايضا وأن ينطلق برؤية إسلامية وسطية ترسخ العقيدة وتعتني بالجانب الأخلاقي وأن يكون لديه قوة التأثير الوجداني والفكري التي يستطيع بها توجيه شخصية الطفل وسلوكه بطريقة غير مباشرة كلما كان ذلك ممكنا.
كما أود أن يُراعى فيه مستوى الطفل وتنمية ثروته اللغوية بالتدريج دون أن نثقله بالكلمات المعجمية وأن يقترن إذا كان مكتوبا بالرسوم والأشكال الجذابة وأن يقدم للأطفال بإخراج جميل من خلال البرامج التلفازية والأقراص الضوئية حتى ينافس ما يقدم لهم من مصادر أجنبية لا تخلو من التأثير السلبي على نشأتهم فينزعون إلى تقليد شخصياتها تقليداً لا تحمد عواقبه.
محمد علي قدس أمين سر نادي جدة الأدبي
أدب الطفل.. ابداع كيف نصنعه؟
ليس سهلاً أن نكتب للطفل أدباً أو فكراً حتى وإن كان مسلياً، نخرج به ثقافة تسهم في تربيته وتنشئته وتثقيفه، ومن الخطأ أن نستهين بمهمة الكتابة لثقافة الطفل فهي على قدر كبير من الحساسية والمسؤولية فبكتاب واحد يمكن أن تؤثر في ثقافة ملايين الاطفال لأن الطفل بطبيعته يتأثر بما يثير إعجابه وفضوله وهنا تكمن خطورة المواد التي تنتج إعلامياً سواء كانت أفلام كارتون أو قصصأً مصورة أو اناشيد ومسرحيات هادفة، ولم يكن نجاح البرنامج الذي ساهمت في انتاجه الهيئة الخليجية للانتاج البرامجي المشترك (افتح يا سمسم) الذي كان تأثيره قوياً على أطفال كانوا يمثلون جيل العقدين الماضيين، سواء الشخصيات أو التوجيه التربوي الذي يمثل بحق منهجاً يُعد انموذجاً (للتربية الوطنية) وقلة هم الذين يستطيعون الكتابة للطفل في محيطنا المحلي وعلى المستوى الاقليمي، ونخطىء ايضا حين نتبع نهجاً لا يتواءم مع منهجنا الثقافي ولكنه يأخذ بالمتغيرات. وعلى مستوى الثقافة المحلية لابد أن ننشىء جيلاً يحب القراءة ويعشق الكتاب والطفل منذ نشأته متعلق بحب البحث والاستكشاف ولابد ان يعتمد رجال التربية والتعليم على القراءة غير المنهجية في تثقيف بناتنا وأولادنا وبالتعاون بين الآباء والأمهات والمعلمين نستطيع أن ننشىء جيلاً قارئا وهو الذي يحفز الأدباء والمفكرين من قصاصين وشعراء ومؤلفين على انتاج أدب أو فكر يليق بثقافة الطفل وفكره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.