وبعد لقد وصل الصيف وفتح أبوابه والكل يستعد لمشروعه الذي خطط له في هذا الصيف، فالأول يستعد لسفره هرباً من لهيب الشمس وسموم الرياح ولربما يغادر البلاد أملاً بالاستمتاع بمناظر خضراء ممتعة وهوى بارد عليل أو إنجاز أعمال لم يتمكن من القيام بها في عامه المنصرم بحيث هي الفرصة الوحيدة في هذا الصيف، أما الثاني فمشروعه نوم في النهار وسهر في الليل يؤذي العباد ويفسد في البلاد يجول بسيارته في الشوارع وكأنه في سباق يزاحم ويتشاجر مع الناس (ويفحط) ويصدم وكأنه الوحيد الذي يعيش في المدينة أو القرية ولا أحد غيره تجد مزاجه متقلباً لا يعرف للاستقامة أي طريق ومصيره الانحراف ونهايته الفشل كل ذلك نتيجة طيشه، أما الثالث فإنه مستقر في مكانه ويعوض ما فاته من نقص في الأيام الماضية بحيث يرتب أوقاته ينام في الوقت المحدد دونما تغيير ويقرأ كل جديد ويمتع نفسه وأهله ويجلس مع أولاده يناقشهم ويستمع منهم ويقرأ لهم ما يكون قد وقع في يده من نصوص مفيدة، حياته هادئة ومشاعره متزنة وسلوكه مستقيم من يعرفه يثني عليه ويغبطه ويشكره ويدعو له بحيث يؤدي أعماله بكل همة ونشاط ويتعامل مع غيره بكل احترام وأموره منظمة ومرتبة ولا يشغل نفسه إلا فيما يفيده ويعود عليه بالربح، أما الرابع فإنه كذلك مهموم بأي شغل من مشاغل الحياة فقد يكون طالباً يبحث عن فرصة دراسية أو شاب يبحث عن فرصة عمل يكسب منه حياة كريمة ويشغل به وقت فراغه أثناء هذه العطلة والصيف أو ولي أمر يشغل وقته بهموم أبنائه أو قد يكون أعزب ويهيىء نفسه لمشروع الزواج وتوديع حياة العزوبية فالأمر بالنسبة له ترداد على الأسواق والمحلات التجارية ذهاباً وإياباً للتعامل مع التجار، حقاً إنها الحياة حلوة ومرة، قال الله تعالى {لقد خلقنا الانسان في كبد} [البلد: 4] . هذا وقد اختتم شبابنا عامهم الدراسي فالحمد لله على هذه النعمة ونسأل الله التوفيق والنجاح للجميع وقد أقبلت على الشباب الإجازة المعهودة في كل عام يجدون فيها وقتاً كبيراً وفراغاً كثيراً فلتكونوا يا شباب الإسلام أوقاتكم مليئة بما ينفعكم في دنياكم وآخرتكم وبما يثمر خيراً لأمتكم ومجتمعكم واحذروا من البطالة والكسل وتضييع الأوقات فيما لا فائدة منه ولا خير يرجى منه لأن الوقت ثمين ولا يعوض فواته وهذا ندائي إلى الآباء هدية لهم.. أيها الآباء اتقوا الله في أولادكم فهم أمانة عندكم ومن مضامين مسؤوليتكم وجوب رعايتهم فالزموا رحمكم الله مراقبتهم في حركاتهم وسكناتهم في ذهابهم وإيابهم في أخلاقهم وأصحابهم واحذروا التسرع في تحقيق مطالبهم التي تعود عليهم بالضرر في دنياهم وآخرتهم واحذروا من ترك الحبل على الغارب ليذهبوا كيف شاءوا وإلى الأماكن التي تكثر فيها أسباب الشر والفساد وسبل الغي والضلال فهم نعمة وسعادة في الدنيا والآخرة ومن ضيع ما أوجب الله عليه فيها وأهملها صارت نقمة وشقاوة والواقع ما لمسناه في الأيام الماضية في الرياض وغيرها من بعض المناطق أكبر دليل وأوضح برهان على ذلك هو إهمالنا في واجبنا نحو أبنائنا، وربنا عز وجل يقول {يّا أّيٍَهّا الّذٌينّ آمّنٍوا قٍوا أّنفٍسّكٍمً وّأّهًلٌيكٍمً نّارْا وّقٍودٍهّا النَّاسٍ وّالًحٌجّارّةٍ} [التحريم: 6] هذا ونسأل الله لنا ولهذا البلد السلامة من كل سوء ومكروه. هذا ونسأل الله لنا ولهذا البلد السلامة من كل سوء ومكروه. * ص.ب.687 رمز 11831