القيادة تعزّي سلطان عُمان في ضحايا السيول والأمطار التي اجتاحت مناطق من بلاده    أمير القصيم يؤكد على التميز الجامعي    الذهب يرتفع لمستوى 2400 دولار وسط تزايد المخاوف الجيوسياسية    المملكة تُسجل رقمًا قياسيًا ونموًا في الحركة الجوية لعام 2023    إزاحة أبل عن عرش صناعة الهواتف المحمولة    الدول العربية تدعو لوقف إطلاق النار في غزة    أحدث ميزات واتساب ل«آيفون»    ولي العهد يبحث مع رئيس الإمارات وأمير قطر التصعيد في المنطقة    الأخضر الأولمبي يتفوق على طاجيكستان برباعية في كأس آسيا    الظروف الجوية تؤجل مباراتي الهلال مع العين والأهلي    الخليج يواجه الهلال في ختام كأس" الطائرة"    معسكر الرياض يجهز بلياردو السيدات للآسيوية    أمين منطقة جازان يشكر جمعية كسوة الكاسي على جهودها في رمضان    إقامة 42 مزادًا لبيع 278 عقارًا في عددٍ من مناطق المملكة    فعاليات عيد الرياض تجذب أكثر من نصف مليون زائر    نائب أمير مكة يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    وزارة الحج والعمرة تكمل استعداداتها لإطلاق النسخة الأولى لمنتدى العمرة والزيارة    10 ملايين ريال.. جوائز كأس بطولة العالم لقفز الحواجز والترويض    تعويض الأخطار المهنية إلزامي للسعودي والمقيم    أمير الباحة يلتقي المسؤولين والأهالي خلال جلسته الأسبوعية    التشهير بالمتحرشين.. «الداخلية» تعلّق الجرس !    نمرة.. وأنا.. وقريتي الحالمة    ولي العهد ورئيس الإمارات يبحثان تداعيات التصعيد العسكري في المنطقة    الأفكار لا تموت    السعودية سينمائياً    العدالة البيئية    هجوم مسرحي على هامش الأحداث    افتقاد صحن الحرم ودكاكين مكة !    .. و يستقبل العلماء والمشايخ    فيصل بن فهد يستقبل مدير التجارة    نجاح خطة الهلال الأحمر في رمضان    أمطار خير وبركة    أمير الشرقية يدشن العيادة الطبية بالإمارة    المملكة ضمن أوائل دول العالم في تطوير إستراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي    أمير الجوف يؤكد على تعزيز دور المجتمع في مسيرة التنمية    المملكة.. خطوات رائدة نحو الفضاء    اختتام فعاليات «مكة تعايدنا»    واحة الملك سلمان للعلوم تشارك في الاحتفاء ب«اليوم العالمي للكوانتوم»    دورتموند يهزم أتليتيكو برباعية في مباراة مثيرة ويتأهل لقبل نهائي "أبطال أوروبا"    معضلة التوتر    نائب أمير الشرقية يثمن دور الكوادر الطبية    فهد بن سلطان يستقبل أهالي ومسؤولي تبوك    سعود بن مشعل يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    «طب العيون» بمجمع الدكتور سليمان الحبيب بالعليا يحصل على شهادة SRC الأمريكية    عودة بطولة بريطانيا للدراجات للسيدات    انخفاض الإنفاق بالعيد 31%    الخطيب: المملكة تركز على مشاريع سياحية مستدامة    أمير الرياض يحضر حفل تسليم جائزة الملك فيصل    منسوبو مركز التنمية الاجتماعية في جازان يقيمون حفل معايدة بمناسبة عيد الفطر المبارك    محافظ جدة يستقبل القيادات العسكرية    امير منطقة تبوك يستقبل رئيس وأعضاء الجمعية التعاونية الاستهلاكية    موافقة سامية على تشكيل مجلس أمناء جامعة الملك عبدالعزيز    النفط يغير مساره إلى ارتفاع جديد    كيف تصبح أكثر تركيزاً وإنتاجية في حياتك ؟    5 أكلات تريح القولون    ثلث النساء يعانين من صداع نصفي أثناء الدورة الشهرية    تعزيز التبادل الثقافي واستلهام التجارب الناجحة.. انطلاق المهرجان السينمائي الخليجي    مراحل الوعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يقظة أم غفوة ذات ظهيرة؟! «2»
عبدالله محمد العبد المحسن

رواية غفوة ذات ظهيرة إحدى بشائر هذا المناخ الجديد، يمكن وضعها ضمن تيار آخذ في التبلور في ساحتنا الثقافية مهتم بموضوع الصحوة. وحين تذكر الروايات التي تناولت هذا الشأن لابد أن تذكر هذه الرواية في مقدمتها، فقد تضمنت رؤية واضحة، لا تخلط ما هو ديني بما هو صحوي، كما أنها تؤكد على الوسطية والاعتدال. يستطيع القارئ بسهولة تلمس ذلك في مواقف شخصيات وأحداث الرواية وسياق السرد. سيرى القارئ نقدا لضيّقي الأفق، وأصحاب الغلو والتشدد، للقوى الظلامية المعارضة لبوادر الانفراج في الحياة والانفتاح. يقول منير عن نفسه:( وجدت نفسي بين شباب الصحوة، وقبل ذلك كانت لي حكاية مع رجل دهم الحرم مع جهيمان وقتل. كان منير في الطائف قريبا من مكة حين اقتحم الحرم شرذمة من المتشددين الدينيين يعادون الفن والتجديد والحداثة في الحياة).
كما قوبل ميل منير بطل الرواية لقراءة الكتب الأدبية والثقافية بالاستنكار والتحذير من قبل أحد الناشطين في بث فكر الصحوة، حذر ذلك الرجل بشدة منير من قراءة مؤلفات طه حسين والعقاد، ومخاطر الغزو الفكري، وقدم له الناشط بعض النشرات لعبد القادر عودة، وأبي الأعلى المودودي، وأبي الحسن الندوي، ومعالم في الطريق، وجاهلية القرن العشرين. تطور التحذير الذي كان في لبوس نصح وإرشاد، ليصبح عدوانا على غرفة منير سماه غزوة الصور، نفذها ابن أخ مسعود والد منير بالتبني، فقد استنكر هذا الشاب المتشدد دينيا والمنتمي لجماعة جهيمان العتيبي مظاهر الشرك التي وجدها في بيت عمه، فمزق كتب الضلال وفق منظوره المعتم التي يقتنيها منير، وصور رموز الفكر والثقافة التي تزين جدران غرفة منير، ولم تسلم حتى صورة الملك عبدالعزيز المعلقة في مجلس العم الوسطي المعتدل. أظهر منير اشمئزازا ومقتا لتوجه ذلك المعتدي الأثيم.
ويخبرنا منير أن والده مسعود اليقظ حذره من تأثير الرجل المتعاطف مع فكر الإخوان قائلا: لا تكن تابعا لأحد. كما أن مسعود لم يشجع منيرا على حضور حلقات الدروس الدينية التي تعقد في المساجد المختطفة من شيوخ الصحوة. وصف منير والده بالتبني مسعود بأنه نقي سوي، ذو هيبة واحترام، حافظ للقرآن، درس في دار التوحيد، وعمل مدرسا لمواد الدين واللغة، وكان يرجع له الكثير في المسائل الشرعية، وأنه يحب الشعر، يقتني أغلب الصحف، معجب بعبد الناصر، يعلق صورة الملك عبد العزيز في مجلسه، ولديه مذياع يتابع الأخبار، وتأثرا كثير بهزيمة حزيران. لا يعترض على سماع الموسيقى، وقد أعطى منيرا مساحة واسعة لسماع الأغاني. سيلمس القارئ ما تضمنته الرواية من دعوة للأخذ بالإسلام المعتدل، ونبذ التطرف والغلو والانغلاق، والتشجيع على الانفتاح، مما يحقق السلم الاجتماعي من خلال الإشادة بالأستاذ مسعود والد منير بالتبني. وصفه بأنه وسطي معتدل.
قبل أن أتجاوز مضمون الرواية إلى شكلها، أود أن أأكد أن احتشاد الرواية بأحداث تاريخية لم يجعلها عملا وثائقيا تقريريا جافا يؤرخ لحقبة مهمة من تاريخ الوطن، ولا يضعها على رف الروايات التاريخية، كذلك لم يؤثر في تماسك بنيانها، ولم يضعف فنيتها ومتعة قراءتها، لقد حافظت على ملامحها كرواية اجتماعية أبرزت قضية ضياع النسب، وفقد الهوية، تلك هي عقدة الرواية الأساسية، التي تمثل مأساة وجودية لمنير بطل الرواية.
تقصيت دلالة العنوان. هل قصد المؤلف تلك الغفوة التي احترقت في غضونها الأسرة الحاضنة للطفل الذي سيصبح بطل الرواية، لتبدأ مأساته باحتراق أوراق ثبوتيته؟ هكذا أعلن منير: لا أوراق رسمية توضح تاريخ مولدي. ص 15. وتفاقمت مأساته باحتراق الأسرة الحاضنة التي تعرف ذويه، فضاع على إثر تلك الغفوة القصيرة نسبه، وتأخذ أزمته بعدا آخر عند دخوله المدرسة: أمك جنية، هكذا قال له زملاؤه. كان مجهول النسب في مجتمع معني بالأنساب، وعدم تكافؤها. يقول منير: ( لكم أن تتخيلوا رجلا بلا هوية). ص 28. (مأزوم عمري جاوز) 50، (أعيش في الرياض، تزوجت أكثر من مرة، زيجات للأسف فاشلة، أو انتهت بنهايات مأساوية) ص 28. ويضيف في موضع آخر: (ولكن مأساتي، كما قال أحدهم، أنني طيب، أحب الجميع، لا أحمل بذرة الحقد والكراهية، صادق وصريح، بسيط، أخاف كثيرا، غير جريء متردد، أجمع كل المتناقضات. باختصار تركيبة إنسانية غريبة) ص 29. خلق المؤلف من تلك المكونات السلبية والضعيفة شخصية قوية وإيجابية، ورغم أن منير يبدو شخصية هامشية علقت صدفة بالحياة، إلا أننا نجده له موقف واع مما يجري في مجتمعه.
لازم النكد البطل، فقد وضعه حظه العاثر في مواجهة مجتمع معني بالنبش في الأنساب، والانتماءات القبلية. (كنت أفكر في مأزق الوسط) ص 33. قال أحدهم لمنير ذات مساء: (أنت مقطوع من شجرة. ويضيف منير: من أنت؟ يزعجني هذا السؤال، فهو يتعدى الشخصي إلى الأسرة والقبيلة والانتماء، وأنا أفقدها. يتساءل منير ص 23: أرأيتم ثمة احتمالات كثيرة تتعلق بوالديّ؟ لا أدري أهم أحياء، أم أموات؟ لذا أنا لست لقيطا، ولا يتيما، أنا منير. منير ماذا؟ لم يلحق ضياع النسب الأذى بمنير وحده، حتى والده بالتبني مسعود تأذى من موقف ذويه من منير، فهم يرفضون أن يكون قريبا منهم، ويعاملونه كأجير، وحين فكر مسعود أن يزوجه ابنة أخيه، كان قرار الرفض مباشرا: كيف ندنس نسبنا بمن لا أصل له). ص 74. بتعابير جميلة مبتكرة يعبر عن جانب هام في مأساة البطل، أن تكون له زوجة ليكون أسرة،. نقرأ في الرواية ص 209: ( مع مرور الوقت شعر منير أن الأمر ليس بالهين، وأن كوكب المرأة يضيء بعيدا، وإن كان يضيء في السماء. خاف أن يتوجه إلى الدور الاجتماعية للفتيات ليبحث عن فتاة تشبهه، يتيمة الأبوين، أو لقيطة).
عانى منير من فقد النسب والهوية، فسعى بعد أن تعذر عليه اثبات نسبه والعثور على جذوره أن يثبت ذاته من خلال الانتماء إلى الثقافة (عاد أكثر نهما بقراءة الكتب الإبداعية). ص 73 . يصف الراوي منير أنه يحب القراءة والكتابة.
غفوة ذات ظهيرة رصد فني بعدسة دقيقة لحياة إنسان ابتلي بهموم جسام كفقد الوالدين، وضياع الهوية، ظل يسعى جاهدا من أجل يعترف به مجتمعه، البحث المضنى عن نسبه دفعه أن يسأل سائق مسعود الآسيوي الذي أخبر منير أن والد السائق كان في مكة، ولم يمكث طويلا لمرض زوجته فغادرها. بادر منير السائق بسؤال مضحك مبك يفجر المأساة:( ألم يخبرك والدك عن أخ لكم تركاه هنا أملا بالعودة؟ لقد ورد مضمون هذا السؤال بصيغ مختلف في أكثر من موضع في الرواية. أعلن البطل: لقد يئست من أن أعرف أي خيط يوصلني إلى عائلتي) ص 80 . (منذ اليوم الأول الذي كان باهتا في ذاكرتك، وأنت في حالة قلق) ص 81. (ربما لم ينتبه إلى وجودي أحد. هل أحتاج لحريق آخر لينتشلني أحدهم من عالم مسعود إلى عالم آخر لا أعرفه؟) ص 80. البطل المأساوي يعيش العوز، وليس لديه طموح، يريد أن يعيش فقط. هذا أبعد ما يتطلع إليه. (هل أدفن ذلك الطفل الذي يجلس على عتبة الدار، أو أجعله ينمو بروحه وعالمه الجميل؟ سؤال أتعبني كثيرا، أرجأته للظروف، وليتها لم تكن.) ص 81. إلى أبسط الأحداث (كخوفه أن تتحول الإشارة الخضراء إلى حمراء فجأة، وتضبطه فلاشات الكاميرات، لتضيف عليه عبئا ماليا) ص 6 .
ولتجدير دلالة الغفوة رحت التمسها في تورية، ربما قصدها المؤلف، لتستتر بها دلالة أخرى غير المعلنة في مستهل الرواية ، تمنح الرواية دلالة أعمق، قد تكون في نقيض الغفوة، أعني تلك الصحوة الأشبه بغفوة دخلها الوطن، وأفاق على صخب تفجيراتها. حرضني هذا الاستنتاج على الاقتناع بدلالة ما تذكره منير، وهو يسمع من المذياع أنباء ما اقترفه فتيان الصحوة: يا ليتهم ناموا. وهذا ما جعلني أمازح المؤلف بعد الفراغ من قراءة روايته بقولي: قرأت عنوان روايتك يقظة ذات ظهيرة. الرواية حقا هي يقظة واعية، هي استفاقة من غفوة طويلة، كدنا أن نحترق بلظاها.
انطلاقا من الموضوعية أعترف أنه تعذر علي تصنيف هذا العمل الفذ. هل هو سيرة روائية؟! أم رواية تضمنت جوانب من سيرة المؤلف؟! المنشغلين بالأدب يعرفون جيدا أنه ليس بدعة أن يتضمن الابداع جوانب وماتيفات من تجربة المبدع وسيرته، وأن ما يكتبه مضغة منه. في أكثر من موضع يشير إلى أنه في صدد كتابة سيرته. يخبرنا الراوي: (هي ليست سيرة، ولا مذكرات، ولا رواية، كلمات كتبها منير في فترات متقطعة ومتباعدة ص24 . يحاول توصيف عمله ص24 هي ليست سيرة. ويلمح للسيرة في موضع آخر ( محاولة جيدة للبداية، ولا سيما أن بعض الأوراق التي فرغتها في الصفحات الأولى من سيرتك خففت حالة القلق التي لديك) ص 24. ويقول في موضع آخر: ( منذ أن قررت أن تسترجع سيرتك) ص 81. (ها قد قررت ترك العمل، والابتعاد عن الناس، وكتابة قصة حياتي 13ص. أيضا يقول: (والآن سأحدثكم دون اسهاب عن العبد الفقير.. منير). ويخاطب الراوي منير: (أنت تريد أن تحكي قصتك الغريبة... طويلة ومتشعبة، ولكنها متميزة ومختلفة) ص17. (هذه حياتك، قدمها كيف تشاء. أنها مزيج مدهش من السيرة والرواية. جلس على العتبة ليروي سيرته للمارة). ص 24. (أعرف أنك حريص على إكمال سيرتك رغم أنها شائكة). ص 290 . (أنت متوتر جدا، قررت العزلة لكتابة سيرتك الذاتية). ص340، وفي موضع آخر (سألك: متى تتوقع أن تنتهي من رصد سيرتك؟ إذا لم ترغب يُسرى أن تعرف سيرتك، فهناك من يريد أن يعرف). ص 223 . يحاور البطل نفسه:( وأنت تمارس الصمت رغم أنك تعج بالكلام، مملوء بحكاياتك الخاصة التي أزعجتك كثيرا، وأزعجت كل من سمعك) ص9، كما يشي ضمير المتكلم والتلميحات التي تضمنها العمل بأنها سيرة ذاتية، أو رواية فيها الكثير من شخصية مبدعها وتجربته الحياتية. رواية مستوحاة من سيرة الكاتب، ففي الطائف نشأ البطل والمؤلف، ثم انتقلا إلى للعمل والعيش في الرياض. وفي سياق الرواية يوجد الكثير مما يجمع المؤلف ببطل روايته. علاقة المؤلف والبطل الوطيدة بالكتاب ظهرت في أكثر من موضع: (لنتفق أنك تحب القراءة) ص 50، وقبل هذا ص12 ورد: (مولع جدا بالكتابة، وقبل ذلك شغوف بالقراءة، بالإضافة لمحاولة كتابة القصص والخواطر).
استخدم الكاتب بتحكم ضمائر المتكلم والمخاطب والغائب، دون أن يربك تدفق تيار السرد، وتصاعده نحو قمة الامتاع ص 27. استهل روايته بالمخاطب الضمير العصي: في مدينة تحبها كثيرا، تعيش تستيقظ باكرا ص 5. تبحث عن مكان آمن لسيارتك ص 6 . ملامح وجهك بدأت تتغير ص 7. وأحيانا ضمير المخاطب في صيغة الجمع: أرأيتم، ثمة احتمالات كثيرة تتعلق بمصير والديّ ص23. دعوني أسهل عليكم ص 27. لكم أن تتخيلوا رجلا يعيش وحيدا ص27 و28. وضمير المخاطب بصيغة المفرد. هل لك أن تتخيل أيامك الأولى.. هذه الولادة يصعب أن تتحدث عنها، حتى لو أردت أن تكتب عن الطائف مثلا. ص 19. ينتقل للضمير الأول المتكلم، وهو الأداة الأكثر طواعية للبوح، وكشف دواخل النفس، ولذا هيمن هذا الضمير على النص: هل انتهت حكايتي؟ ها أنا أحمل حقيبتي وأغادر المكتب ص7. ويقول: كنت مدعوا لتناول الغداء عند أحد الأصدقاء في حي السلامة ص 19. يتناوب الضميران المتكلم والغائب. ضمير المتكلم محوري فهو الراوية ص 19. دون أن يغفل عن ضمير الغائب، الذي استخدمه كثيرا عند الحديث عن مسعود والده بالتبني. وعن نفسه ص66 . الضمير الغائب ص 22 ص 67. كان منير يحاول أن يستميل القارئ، ويحاول اقناعه أن يشارك بدوره في عملية السرد، وليس التفاعل الايجابي حد الاندماج مع الأحداث يكاد يكون القارئ من شخصيات الرواية أمثلة: لكم أن تتخيلوا ص 27 .
أجد الرواية تفاعلا جميلا وناجحا بين عناصر ذاتية مستمدة من سيرة مبدعها، وعناصر أخرى موضوعية قام المؤلف بجمعها من الواقع، ثم صهر هذه العناصر بمهارة، وحولها بفعل الكتابة الإبداعية عملا مدهشا من حيث الشكل والمحتوى ممتعا ومؤثرا، يتعذر على القارئ الفصل بين السيرة والرواية.
** **


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.