الأخضر السعودي تحت 20 عاماً في مجموعة متوازنة بتصفيات كأس آسيا    الإتحاد يواجه إشبيلية الإسباني ودياً    عسير: إحباط تهريب 23 كيلوجراماً من مادة الحشيش المخدر    «ما لاحد منه.. الله اللي عزنا»    زيادة حدة التوتر على الجبهة اللبنانية - الإسرائيلية    خطر حقيقي من مجاعة في السودان    رئيس الأركان يتفقد قطاعات وزارة الدفاع المشاركة في الحج    شركات الطيران تواجه نقصاً في وقود الطائرات في المطارات اليابانية    أمانة عسير تنهي استعداداتها لموسم الصيف والعيد    أول حالة إسعافية تنقل من مهبط برج الساعة عبر الإسعاف الجوي لحاج أفريقي    وزير الشؤون الإسلامية: استهداف الحج لأغراض مخالفة استهداف لجميع المسلمين بالعالم    تحذير الحجاج من التعرض للحرارة بالمشاعر المقدسة    بريد القراء    الفريق البسامي يتفقد قوات أمن الحج والجهات العسكرية المساندة    القيادة تعزي رئيس جمهورية ملاوي    وزير الصحة يزور مستشفى قوى الأمن بمكة المكرمة    وزير الحرس الوطني يقف على استعدادات القوات المشاركة بموسم الحج    الربيعة يستعرض جهود مركز الملك سلمان للإغاثة في غزة    جمعية الكشافة تصدر الخرائط التفاعلية الإرشادية لخدمة الحجاج    جامعة الملك فيصل ضمن أفضل 100 جامعة عالمياً في التايمز للتنمية المستدامة    مجموعة السبع: اتفاق لدعم أوكرانيا بأصول روسية مجمدة    بنك البلاد يطلق مبادرة "هدية الحاج " لخدمة ضيوف الرحمن    القصبي يشارك في احتفال (UNCTAD) بالذكرى ال 60 لتأسيسها    أرامكو توقع اتفاقية مبدئية لشراء الغاز من منشأة أمريكية    إلزام 10 مستثمرين ومستثمرة بدفع 101.7 مليون ريال وسجن أحدهم    اسطول متنقل للحجاج المرضى    الساطي يرأس وفد المملكة في الاجتماع التشاوري بشأن تنسيق مبادرات وجهود السلام في السودان    المملكة ترحب بالمستثمرين الدوليين بقطاع السياحة    تتويج الاتحاد بدوري الدرجة الأولى لكرة قدم الصالات    "الداخلية" تصدر قرارات إدارية بحق (26) مخالفًا لأنظمة وتعليمات الحج لنقلهم (124) مخالفًا    النفط في صعود والدولار إلى هبوط    صحفيو مكة يشيدون بمضامين ملتقى إعلام الحج    «حفل بذكرى زفاف أقصر زوجين    الأرصاد: لا يستبعد تكون السحب الرعدية الممطرة المصحوبة برياح نشطة على الرياض والشرقية    مهمة سهلة للكبار في دور ال 32    كيف أُحبِطُ مَنْ حولي ؟    الذات والآخر    «قوات أمن الحج»: تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي حفاظاً على سلامة الحجاج    «المهدرجة».. الطريق إلى أزمات القلب وسكتات الدماغ    سطوة ريال مدريد    25 فعالية لمركز "إثراء" في عيد الأضحى    دورة تأهيلية لجامعي البيانات لموسم حج 1445ه    منتجات فريدة للإبل    العقيد الطلحي يتفقد مركز(911)    الزميلة ولاء تنال الماجستير بتقدير ممتاز    اللواء الزهراني يحتفل بزواج إبنه الدكتور عبدالله    ولي العهد يعزي ولي عهد الكويت في ضحايا حريق المنقف    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته.. وصول الطائرة السعودية ال 53 لإغاثة الشعب الفلسطيني    ولي العهد يعتذر عن المشاركة في قمة ال G7 لإرتباطه بالإشراف على أعمال الحج    فريق طبي ينجح في إزالة ورم من رحم مواطنة في مستشفى الولادة والأطفال بالدمام    المملكة تعزي في ضحايا حريق «المنقف» في الكويت    تجمع الشرقية الصحي يشارك في مبادرة "خدمتكم شرف "    «البريكس» بديل عن نادي باريس !    الطواف صلاة ولكن !    تحريف الحج عن مقاصده التعبّدية !    «إش ذي الهيافة»    الرئيس الأوكراني يصل جدة وفي استقباله نائب أمير مكة    تابع سير العمل في مركز قيادة الدفاع المدني.. الأمير عبدالعزيز بن سعود يتفقد مشاريع التطوير في المشاعر المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة قصيرة
إلى نيويورك د. عبدالعزيز النخيلان
نشر في الجزيرة يوم 13 - 07 - 2012

يدخل الطائرة متأخراً بعض الشيء متعمداً هذا التأخير ليعطي العوائل فرصة أخذ مقاعدهم والاستقرار فيها، ووضع حقائبهم اليدوية في أماكنها كشيء من اللباقة والاحترام. دخل من باب الطائرة متأنياً مع غيره ممن لا عوائل ولا أطفال لهم، فاستقبلته المضيفة بابتسامتها الودودة وما أن تحدثت حتى ميز لهجتها المغربية، فمد لها بطاقة صعود الطائرة، فأخذتها ودلته على مقعده على الممر فألقى بجسده عليه وهو يفكر في زمن الرحلة الطويلة وكيف سيقطع الوقت.
لاحظ أن طائرة الجامبو الهائلة هذه مليئة عن بكرة أبيها ولا يوجد فيها مقعد واحد فارغ.. كان يمني نفسه بفرصة للنوم والاستلقاء على المقاعد الفارغة لأن رحلة كهذه إلى نيويورك متعبة وطويلة جداً.
ألقى التحية على الراكب الجالس جواره فلم يتلق رداً.. بدا جاره مشغولاً بنفسه لدرجة أنه لم يرد السلام.. تأمله بهدوء فبدا له أنه هندياً أو باكستانياً أو بنغالياً.. لم يستطع أن يحدد هويته.
اكتظ الممر بالأطفال الذين أخذوا من الطائرة رغم ضيق ممراتها ملعباً وميداناً للمطاردات واللعب دون أن يعنيهم ما يسببونه من إزعاج، أو أن يثنبهم ذويهم عن عبثهم، بينما تأخذ الطائرة طريقها على المدرج استعداداً للطيران مع هدوء، بدأ يسود الطائرة فجأة بعدما جمع طاقر الطائرة الأطفال ووضعوهم مع ذويهم، كل شيء في ذلك الوقت يدعو للخوف والرهبة.. المضيفات في حالة انتباه كامل يتأكدن من ربط جميع الركاب لأحزمتهم، ويغلقن الخزائن، مع صوت أجش يتلو دعاء السفر بينما يرتفع صوت الطائرة ويزداد زئيراً دون أن تتغير سرعتها وكأنها لبؤة تستعد للانقضاض على فريستها.
ترتفع الطائرة ويشعر بضغط الهواء يضغط على أذنيه فيحرك فكيه لا إرادياً، بينما تستقر الطائرة في علياء السماء، ثم تضاء الأنوار، وتعلن الحرية من أسر المقاعد، وتفك الأحزمة، وينفلت البعض من القيود الاجتماعية ليبدأ الضجيج مرة أخرى.
أخذت كل امرأة حقيبتها من الخزانة التي فوق رأسها لتضع حجابها الذي لن تراه مرة أخرى إلا حين العودة إلى الرياض.. منظر مألوف اعتاد عليه عبدالله في كل مرة يسافر فيها إلى أي دولة خارج السعودية.
تُخرج كل واحدة علبة الماكياج والمرآة الصغيرة من حقيبتها لتضع بعض المساحيق والألوان على وجهها لترميم عيوب الماكياج السابق الذي فسد بعضه بسبب الحجاب وحرارة الجو قبل الاستقرار في الطائرة.
يمر الوقت رتيباً ويحاول عبدالله تسلية نفسه بشيء يضيع وقته ويصرفه عن إزعاج الطائرة والأطفال الذين لم يهدؤوا أبداً، فيضع السماعات في أذنيه ليختار فيلماً من الشاشة التي أمامه ويتابعه بإنصات.
دخل جاره الهندي أو الباكستاني أو البنغالي في سبات عميق دون أن يكترث بالضجيج ولا ضيق المقعد وعدم راحته وكأنه على سرير وثير في فراش دافئ بغرفة مظلمة، وما هي إلا لحظات حتى ارتفع صوت شخيره بينما تحتدم مشاهد فيلم عبدالحليم حافظ ولبنى عبدالعزيز (الوسادة الخالية).
تأخذه مشاهد الفيلم الحالمة الساحرة إلى عوالم جميلة كانت تشكل مرحلة وردية في حياة عبدالله عاش فيها الحب والتهاب المشاعر وأرق المحبين ووله العاشق، ثم انتهت في ظروف قاسية كاد أن ينساها حتى أعادتها لبنى عبدالله إليه بكل تفاصيلها ليراها هي التي هجرته وتركته وكأنها أمامه واقفة تمسك بيديه وتلتهمه بعينها، وارتعش وهو يحس بدفء يديها على يديه.
يلتفت عبدالله ليجد يداً صغيرة تلمس عضده حيث أحس بالدفء، فيرفع السماعات ليلفت انتباهه طفل جميل يحمل بيده ورقة صغيرة ويبتسم له ببراءة مصحوبة بارتباك طفولي، فيبالده عبدالله الابتسامة ليطمئنه وتتدفق كلمات الطفل كأنها سيل من نور:
- عمو عبدالله.. هذه ورقة من ماما.
ما أن أخذ عبدالله الورقة حتى ولى الطفل هارباً نحو أمه التي كانت تجلس في مقعد بصف أمام مجاور، وبذهول يراقب الطفل ليرى أين ومن هي أمه.
يفتح الورقة فتتصلب عيناه.. يتوقف الزمن وتتجمد مشاعره.. يختفي كل شيء حوله، ويقف وحده في لجة عاصفة.
تدمع عيناه، يرفع رأسه ليجد المضيفة المغربية..
فيسأل:
- كم بقي من الوقت على الرحلة؟!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.