نعم وسيظل ممتنا دائماً سوف أحكي لكم قصة قصيرة ستكون بطلتها شخصية إنسانة ذات قلب رحيم وروح طيبة ونفس كريمة!! سنظل نعبر لها بالامتنان دوما إنها شخصية تلك الأم لها قلب كبير!! أحببت أن تشاركوني بالتعرف على هذه الإنسانة الفاضلة! في تلك الغرفة عند تلك الضوضاء، الصراخ، والأنين، والدموع، والغضب، والضرب، والسب والشتم، العداء، الوحشية، الرجاء، البكاء، عيون كاللهب والنار، وأعين أخرى كالنهر الجاري كل ذلك كان في تلك الغرفة!! ذلك الرجل.. أو ما أسميته أنا في قصتي ب(الشرس) وهو يضع كامل قوته وسيطرته وجبروته وحقده وغضبه واستكباره على تلك (المسكينة) ذلك الجسد الضعيف الواهن الأليم.. تلك المرأة المسكينة التي امتلأ جسمها بالكدمات والجروح.. وعينها التي لم تسكت عن الدموع وقلبها الذي يتألم.. ويصرخ.. ويخرج آهاته الحارة.. لكن بصمت!! بعدها يقف.. يقف الشرس (الزوج) عن الضرب والصراخ ويبدأ بتهديده وعيده.. وكل ذلك على مرأى من الأطفال المساكين الذين ينظرون إلى الشرس بخوف وذعر!! الطفلة تبكي بارتعاش.. طفلة في منتهى البراءة والجمال والوداعة ترى العنف والوحشية من ذلك الشرس الذي يسمى ويكنيه الناس بأبيها ويفترس من؟ ويضرب من؟ إنه ذلك الجسد الحنون.. الهادئ.. العطوف إنه (أمها) والابن.. لا لم يبكِ.. ولم يصرخ!! بل تركيز عينيه الصغيرتين على شيء واحد وهو ذلك الشرس الذي لم تهدأ يده عن الضرب!! ينظر إليه بنظرات غريبة!! ترى ما تفسير تلك النظرات؟ وما خبرها؟ إنها ليست نظرات خوف! لا.. وليست نظرات بكاء ودموع.. كلا!! هل هي نظرات وعيد؟ أم تهديد؟ إنها.. لا أعرف!! لا يفهمها غيره هو فقط!! ولن تتضح هذه النظرات إلا بعد أمد بعيد!! نعود لحالة الأم.. بعدما تركها ذلك المتوحش وخرج من البيت، تمسح دموعها الوابلة بأسى.. وتضع يدها على قلبها لتهدئ صراخه.. ونحيبه.. وتسكت جروحه وألمه.. وتمسح على جسدها بهدوء وتقول: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} وبعدها ترسم على وجهها العطوف ابتسامة حنونة! مليئة بالمعاني الطيبة.. وتفتح ذراعيها لطفليها لتجري الطفلة مسرعة للحضن الدافئ حضن أمها الحنون! ويقف الصبي يتأمل ويرى! وهو حتى الآن متعجب؟ كيف استطاعت أن تغير تعابيرها بهذه السرعة؟ للتو كانت تبكي وتنتحب وتتألم! والآن؟ أين التعابير المؤلمة؟ أين الصراخ؟ البكاء الدموع؟ كل هذا اختفى؟ وبهذه السرعة؟ كيف؟ وحل محله ابتسامة.. ونور.. وشدو الحنان؟ بدأ تفكير الطفل ينذر بالانفجار!! كان متحيراً من كل ذلك.. كل يوم أمي تكون هكذا؟ كيف تستطيع؟ هل هو لا يؤلمها؟ أم أنها لا تشعر بكل هذا؟ حينها تنتبه الأم لصغيرها فتبتسم له.. وتمد له يدها دعوة له بالمجيء.. رأت في عيون ابنها الحيرة! والدهشة! لكنها ابتسمت الأم تتعرض لأكثر مصاعب الحياة! فالأم.. تتعب من أجل أبنائها وتحرص عليهم أكثر من نفسها! الأم.. كلمة لها معنى كبير في قلوب الأبناء! الأم رحمة من الله لنا.. إنسان حنون.. يحب الخير للجميع! الأم.. هي القدوة دوماً. أن كانت على الخير فأبناؤها سيكونون على الخير وإن كانت على شر فأبناؤها سيكونون مثلها!! فهي مرآتهم وهي معلمهم وموجههم في هذه الحياة الأم.. أن تتعذب فهو في سبيل فرحة أبنائها تبتسم حينما تراهم يبتسمون.. وتحزن حال حزنهم! يقترب الطفل من أمه.. التي كادت تقتل اليوم بسبب ضرب أبيه المدمن على المخدرات.. اقترب وغاص في حضنها أكثر.. وأكثر.. وضمتهم إلى صدرها أكثر وأكثر.. وكأنها تخف أن يبتعدوا عنها ومن ثم لا تراهم مرة أخرى! الصبي يبكي في حضن هذه الأم التي عانت وعانت من أجله هو وأخته.. وشقت من أجل رسم البسمة والضحكة على شفاههما الصغيرة!! شفاههما اللتين شتعان نعومة وبراءة صمتت الأم حينما رأت ابنها وهو يبكي!! لكنها ابتسمت.. ابتسامة صفاء ومودة.. كالملاك. الأم هي الحنان.. هي العطف.. هي القلب.. هي كل ذا معنى رائع تحضن هذه الأم أطفالها بكل روح سامية.. وقلب طاهر.. يحب الخير للناس.. هذه الأم صبرت على زوج مستبد.. مدمن.. سكير.. لا يخاف الله.. وبعدما أنجبت منه هذين الطفلين! كشفت خداعه وكشفت حقيقته بأنه مدمن مخدرات.. وطلبت الطلاق والانفصال منه.. ولكنه هددها بأنها إن ذهبت عنه فلن تأخذ الصغار، ففضلت العيش مع صغيريها ومع العذاب.. ولكن هذا قدر الله يقدره حيث يشاء! سيظل هذا الطفل ممتناً لها على صبرها وتضحيتها من أجلهما.. وبقائها معهما رغم ما لاقته من عذاب.. بثينة عبدالمحسن عبدالرحمن القاضي- عنيزة