انطلاق المرحلة الثالثة من فعاليات مبادرة «خُطى مستدامة – نحو سياحة بيئية مسؤولة»    بيوت الشعر .. رونق الشتاء    مجلس التعاون الخليجي يرحّب برفع العقوبات عن سوريا    الداخلية تضبط 17,880 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    عمداء شؤون الطلاب يناقشون تنمية مهارات الطلبة بجامعة القصيم    "إثراء" يناقش تحولات اللغة العربية من التراث إلى التداول في يومها العالمي    الدحة.. هوية الشمال تتجلى في واحة الأمن    بولونيا يعبر إلى نهائي السوبر الإيطالي ويضرب موعداً مع نابولي    ثيو هيرنانديز: الهلال الأفضل لي بعد كذب ميلان    نيشيش: معاملة السعوديين مختلفة.. وجودار: الخروج لا يعد نهاية المشوار    طقس بارد إلى شديد البرودة على شمال ووسط المملكة    الداخلية تسجّل 3 أرقام قياسية عالمية في «غينيس»    مطار أبها الدولي يستقبل أولى الرحلات القادمة من عُمان    ترامب: "داعش" في سوريا يواجه ردا انتقاميا قاسياً جداً    جمعية الإعاقة السمعية في جازان تشارك في مبادرة «في الإعاقة طاقة وتميز» بمحافظة بيش    قفز السعودية .. جان فير ميرين بطلاً للشوط المؤهل لكأس العالم 2026    ضبط شخصين في عسير لترويجهما (4) كجم "قات"    الرئيس السوري يشكر ترمب على رفع العقوبات عن سوريا    الهلال يعلن غياب مالكوم عن التدريبات قبل مواجهة الشارقة    خادم الحرمين وولي العهد يهنئان ملك المغرب بمناسبة فوز منتخب بلاده بكأس العرب 2025    ابتدائية منشبة بالدرب تحتفي باليوم العالمي للغة العربية    ختام اللقاء العلمي ال21..تاريخ وحضارة الخرج عبر العصور    جوارديولا يرفض التكهنات حول مستقبله    كتاب جدة يقيم ورشة لمهارات المقالة النقدية    الأمير سعود بن مشعل يزور «ونتر وندرلاند جدة»    مُحافظ الطائف يستقبل وفدًا من أعضاء مجلس الشورى    تعليم جازان يحتفي باليوم العالمي للغة العربية ٢٠٢٥    المعيقلي: ولاية الله أساس الطمأنينة والإيمان    الحذيفي: التقوى وحسن الخلق ميزان الكرامة عند الله    قطرات للأنف لعلاج سرطان المخ    انتشار فيروس جدري القرود عالميًا        مهرجان الرياض للمسرح يتألق في ثالث أيامه بعروض مسرحية وحفل غنائي    نابولي يثأر من ميلان ويتأهل لنهائي كأس السوبر الإيطالي بالسعودية    مزادات الأراضي تشتعل بصراع كبار التجار    إستراتيجية واشنطن في لبنان وسوريا بين الضغط على إسرائيل وسلاح حزب الله    تخريج 335 كفاءة وطنية ضمن برامج التدريب بمدينة الملك سعود الطبية    "القوات الخاصة للأمن والحماية" نموذجٌ متكامل لحفظ الأمن وحماية مكتسبات التنمية    أمير منطقة جازان يستقبل القنصل الهندي    جمعية أرفى تحصد فضية جائزة "نواة 2025" للتميز الصحي بالمنطقة الشرقية    أمير تبوك يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تعيد توطين طائر الجمل بعد غياب 100 عام    أمير الشرقية يكرّم داعمي جمعية «أفق» لتنمية وتأهيل الفتيات    أمير القصيم يواسي خالد بن صالح الدباسي في وفاة زوجته وابنتيه    نعمة الذرية    تصعيد عسكري في كردفان.. الجيش السوداني يستهدف مواقع ل«الدعم السريع»    سمو ولي العهد يعزّي ولي عهد دولة الكويت في وفاة الشيخ جابر مبارك صباح الناصر الصباح    أكد أنه امتداد لدعم القطاع الصناعي من ولي العهد.. الخريف: القرار يعزز التنمية الصناعية ويطور القدرات الوطنية    تصاعد الاستيطان الإسرائيلي يثير إدانات دولية.. واشنطن تؤكد رفض ضم الضفة الغربية    ضبط أحزمة ناسفة وصواريخ.. تفكيك خلية تابعة ل«داعش» في إدلب    في ذمة الله    البيطار يحتفل بزفاف مؤيد    حرقة القدم مؤشر على التهاب الأعصاب    علماء روس يطورون طريقة جديدة لتنقية المياه    تصعيد ميداني ومواقف دولية تحذر من الضم والاستيطان    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشروعات التي تنفذها أمانة المنطقة    الهيئة العامة للنقل وجمعية الذوق العام تطلقان مبادرة "مشوارك صح"    «المطوف الرقمي».. خدمات ذكية لتيسير أداء المناسك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة انضباط المصطلح تقود لحوار طرشان
نبض الخاطر
نشر في الجزيرة يوم 12 - 01 - 2011

تدور في الساحة الثقافية السعودية حوارات وجدال وتطرح رؤى متباينة، معظمها يسوق حلول لتحديات اجتماعية وسياسية واقتصادية، وتستشرف مستقبل حال المجتمع السعودي في إطار التطلعات لنيل مكانة مرموقة بين الأمم والوصول لوضع مطمئن لمستقبل الأجيال القادمة من المواطنين وخصوصاً عند افتقاد الميزة النسبية من الانتفاع بما تخرج الأرض من كنوز، هذا النشاط الثقافي المحتدم بات أشبه بحوار الطرشان وباتت الطاقة الكامنة به تهدر في مناطحات وصدام وإقصاء، معظمها مدفوع بسوء فهم الآخر، وسوء الفهم هذا ناتج على التباس في مقاصد الآخر نتيجة لتوظيفه مصطلحات متباينة المعاني، تمثل في معظم الأحيان منطلقات فكرية للحجج والطروحات، فالليبرالية والوسطية والعلمانية والديموقراطية والقومية والشعوبية والمناطقية والعنصرية والقبلية هي تعابير تساق للدلالة على مفهوم فكري يدعي بها أناس لا يشتركون مع غيرهم بمفهوم محدد لها، ويوصم بها أناس لا يقبلون معانيها المنشئة للتهمة، ويتبرأ منها أناس لا يدركون دلالتها، وما ذلك إلا لسيادة ثقافة الإنترنت غير المنضبطة وشيوع تلك التعابير بمفاهيم مختلفة ومتناقضة أحياناً.
في يوم الاثنين الماضي طرح الكاتب في جريدة الجزيرة عبدالرحمن الحبيب سؤالا في مقاله الأسبوعي حول « من هو الليبرالي؟ « وأجاب في ثنايا المقال إجابة متشعبة، لم يستطع القارئ استيضاح تعريف محدد لليبرالي كما هو واضح من تعليقات بعض القراء، وقبل أن يختم مقاله، ابتدع تعريفا خاصا به وهو أن الليبرالي ذلك « الشخص المؤيد للتجديد والانفتاح والإصلاح والتعددية ودعم الحريات العامة والخاصة..» ولكن هل يتفق من يدعون الليبرالية مع هذا التعريف كوصف لحالهم؟ وهل هو تعريف مقبول للمفكرين الليبراليين الذين ابتدعوا هذا التعبير؟ وهل هو أيضا تعريف مقبول لمن يجاهد الليبرالية كمفهوم مستورد مناقض للأسس الدينية؟. هذا مثال لما هم عليه المثقفون السعوديون من خلاف حول مفاهيم مركزية في تفكيرهم وطروحاتهم، وإقصائيتهم بعضهم لبعض نابعة من هذا الخلاف في الأصول الفكرية للمعاني والمصطلحات، ومثل الليبرالية هناك تعبير بات يساق كثيراً في أدبيات الحوارات الفكرية، وهو الوسطية للتعبير عن منهج متوازن بين متطرفين أحدهما متشدد والآخر متساهل في التصرف والتعامل المبني على فهم حقيقة الإسلام، فقبول الوسطية كمصطلح محدد المفهوم والتعبير يستدعي تعريفا محددا لها قائما على تعريف التشدد وتأسيس اعتراف بذلك التعريف ومن ثم تحديد المتساهل وتأسيس اعتراف بذلك ثم قبول كلا الطرفين كمنهجين تحت ظل الإسلام، ولكن هذا غير حاصل، فكل يدعي الوسطية وهم مختلفون، فهناك من يدعي وسطية بين تيارين إسلاميين أحدهما متشدد والآخر مستلين، وبعضهم يدعي أن الوسطية هي الإسلام والتطرف خروج عنه في كلا الطرفين، وهكذا نواجه نفس الإشكال عندما نتكلم عن باقي المصطلحات فالعلمانية عائمة بين معنى يقول إنها جحود للدين وتبرؤ منه، ومعنى يقول إنها هيكلة الدولة تحت سيادة رغبة المواطنين ومصالحهم، والديموقراطية بات لها معانٍ غير الاحتكام لرغبة الأكثرية، هكذا نجد كثيراً من المصطلحات التي تعج بها الساحة الثقافية غير محددة المعاني وغير متفق على مضامينها، وهو ما يقود للخلاف المركب حيث يضاف للخلاف المنهجي خلاف في المفهوم والتعبير.
نحن في القرن الواحد والعشرين، القرن الذي سيكون للمصطلحات شأن عظيم في تنظيم وتضافر الجهود البشرية في سبيل تطوير حياة البشر وتحسين بيئة الحياة بصورة عامة، فكلما بات للمصطلح معنى محدد بات في الإمكان توفير الجهود لصياغة مفاهيم متجانسة وإن لم تكن متجانسة فهي واضحة الخلاف بحيث يمكن إدارة خلافها بما لا يقود لصدام جارح. ولكن المشهد لدينا مختلف فنحن ما بتنا نستورد المصطلحات من الأمم الأخرى ونلقي عليها ثقل سوء الفهم المركب لدينا من مشاعر العدوانية للفكر الأجنبي والتشبث بخصوصيتنا، ونحن أيضا نجتر مصطلحات من تاريخنا المثخن بالخلافات المذهبية والفكرية فنجلبها بعداءتها وتناقضاتها، وفي كلتا الحالتين نتعسف على تلك المصطلحات لتلائم طروحاتنا المتناقضة، فنحن نريد أن نتقدم ولكن نريد أن نحمل معنا للمستقبل مفاهيم ثقيلة تجاه الحياة والعلاقات الإنسانية والتعاون الأممي والتسامح مع التعدد المذهبي ومعتقدات الآخرين. لذا فالمطلوب هو قيام جهات ذات مصداقية مقبولة بصياغة تعبيرية للمصطلحات بحيث لا يكون ثمة خلاف على مدلولها بمقدار الخلاف على توظيفها، هذا سيقود لحسم كثير من الجدل المنهك للطاقات الفكرية.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.