الرئيس التنفيذي ل"هيئة الطرق" يتفقد طريق عقبة الهدا استعدادًا لاستقبال ضيوف الرحمن    وساطة تنهي أخطر مواجهة منذ عقود بين الهند وباكستان    أوكرانيا وحلفاؤها يقترحون هدنة شاملة لمدة 30 يومًا    الثقافة السعودية تحضر في بينالي البندقية    وزير «الشؤون الإسلامية» يلتقي برؤساء وأعضاء المجالس العلمية لجهة مراكش    19 قتيلاً في قصف قوات الدعم السريع لسجن في مدينة الأبيض    فيصل بن فرحان يتلقى اتصالاً هاتفيًا من وزير خارجية المملكة المتحدة    الوحدة يبتعد أكثر عن منطقة الهبوط بالفوز على الفتح    القبض على 11 مخالفًا لتهريبهم 165 كجم "قات" في عسير    جازان تقفز نحو المستقبل بقيادة أميرها الشاب    هيئة الصحفيين بنجران تنظم ورشة الإعلام والتنمية    إبادة عائلة في غزة وتحذيرات دولية من كارثة إنسانية خانقة    المواطنة الرقمية المسؤولة    اختتام أعمال البعثة التجارية إلى الولايات المتحدة    أمير تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة التاسعة عشرة لطلاب وطالبات جامعة تبوك الأربعاء القادم    رصد النسر الأسود الأوراسي في محمية الإمام تركي بن عبدالله    علاج جديد لالتهابات الأذن    الأطعمة المعالجة بشكل مفرط تزيد من خطر الوفاة المبكرة    احتفال الجمعية السعودية للروماتيزم باليوم العالمي للذئبة الحمراء    ولي العهد يجري اتصالين هاتفيين مع ملك البحرين وأمير الكويت    الحرفيين الاماراتيين يجسدون الإرث الإماراتي الأصيل خلال مشاركتهم في مهرجان الحرف الدولي بمحافظة الزلفي    باكستان: السعودية شاركت في محادثات وقف النار مع الهند    20 ألف غرامة لكل من يدخل مكة من حاملي تأشيرات الزيارة    فليك: برشلونة مستعد لاختبار ريال مدريد    أرتيتا : ألم صنع ممر شرفي لليفربول سيكون دافعا لأرسنال    موعد مباراة الاتحاد والقادسية في نهائي كأس الملك    المملكة ترحب باتفاق وقف إطلاق النار بين باكستان والهند    الدكتورة إيناس العيسى ترفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينها نائبًا لوزير التعليم    مجلس شؤون الأسرة يترأس وفد المملكة في اجتماعات تمكين المرأة بمجموعة العشرين بجنوب أفريقيا        الفرق بين «ولد» و«ابن» في الشريعة    "ياقوت" من "زين السعودية" أول مشغل يتيح لزوار المملكة توثيق شرائح الجوال من خلال منصة "أبشر"    الأمير فهد بن سعد يرفع شكره للقيادة على الثقة الملكية بتعيينه نائبًا لأمير منطقة القصيم    الهلال الاحمر بمنطقة نجران ينظم فعالية اليوم العالمي للهلال الاحمر    "تايكوندو الشباب يتألق ويعتلي صدارة الأوزان الأولمبية"    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة يتنافس مع 1700 طالب من 70 دولة    غرفة حائل تناقش تحسين بيئة الأعمال في المرافق التعليمية    الأرصاد: رياح نشطة على الرياض والقصيم    بث مباشر من مدينة الملك عبدالله الطبية لعملية قسطرة قلبية معقدة    الخريف يبحث تعزيز التعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO)    الخليج يجدد عقد "بيدرو" حتى عام 2027    'التعليم' تعتمد الزي المدرسي والرياضي الجديد لطلاب المدارس    بعد تعيينها نائبًا لوزير التعليم بالمرتبة الممتازة .. من هي "إيناس بنت سليمان العيسى"    الهلال يعلن انتهاء موسم لاعبه"الشهراني" للإصابة    نادي القادسية يحصد ذهب ترانسفورم الشرق الأوسط وأفريقيا 2025    إمام المسجد الحرام: الأمن ركيزة الإيمان ودرع الأوطان في زمن الفتن    سقوط مسبار فضائي على الأرض غدا السبت 10 مايو    النادي الأدبي بجازان يقيم برنامج ما بين العيدين الثقافي    جازان تودّع ربع قرن من البناء.. وتستقبل أفقًا جديدًا من الطموح    مستشفى الطوال العام ينفذ فعالية اليوم العالمي للصحة والسلامة المهنية    هلال جازان يحتفي باليوم العالمي للهلال الأحمر في "الراشد مول"    الحج لله.. والسلامة للجميع    اضطرابات نفسية.. خطر صادم    الأمير محمد بن عبدالعزيز يرفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينه أميرًا لمنطقة جازان    رئاسة الشؤون الدينية تدشن أكثر من 20 مبادرة إثرائية    نُذر حرب شاملة.. ودعوات دولية للتهدئة.. تصعيد خطير بين الهند وباكستان يهدد ب«كارثة نووية»    إحالة مواطن إلى النيابة العامة لترويجه "الحشيش"    الرياض تستضيف النسخة الأولى من منتدى حوار المدن العربية الأوروبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألعاب MMMORPG الإلكترونية - شاشات تجعل المنزل «أليس في بلاد العجائب»
نشر في الحياة يوم 19 - 01 - 2014

إذا كنت أشيب الشعر، فالأرجح أن تحسّ بأنك دخلت مكاناً سحرياً. هذا ليس مكانك، ولا تفهم شيئاً مما يقال. كيف يقول ابنك إنه جرّب أن يكون رامي قنابل في المنزل فمات مرّتين، وبات غباءً منه أن يكرر التطوّع في هذه المهمّة؟ تسمع عبارة «إنه وراءك. تحرّك فوراً»، ولا تفهم شيئاً، إذ لا أحد يتحرّك من هؤلاء المسمّرين على الشاشة، وأنت دخلت على أمل أن تطلب منهم تخفيف ضوضاءهم قليلاً، لكنهم لم يروك... لحد الآن! كأنك في غابة «إليس في بلاد العجائب»، فتدلف إلى مكان يبدو لعينيك شيئاً، لكن ما أن تدخله، حتى يتبيّن أنه شيء آخر.
جنرالات بعصي سحريّة
كيف وصلت إلى هذا المكان المسحور تماماً؟ لم يحملك جنيّ خرج من مصباح، ولم تصل إليه جريّاً وراء أرنب في غابة «إليس» قفز فجأة في جحر كان خفيّاً، فصار حصاناً أبيض. كلا. كان الأمر أكثر بساطة. نهضت من غرفة الجلوس إلى غرفة الأولاد: هذا كل شيء! وذاك يكفي لتسمع عبارة من نوع: «وصل عدد القتلى إلى الألفين، ونحن فقدنا ألفاً ومئتين... مايك يحارب معي من لوس أنجليس، ويصل بعد قليل مع مصفّحة ومجموعة مقاتلين». قائل هذه العبارة ليس خلف متراس، لكنه يقولها بحماسة كأنه في خضم قتال ضارٍ بين جيوش هائلة. قائل هذه العبارة لا يتجاوز ال 14 من العمر.
صحيح أنه «يعتمر» خوذة، لكنها مجرد طوق من بلاستيك مقوىً فيه سمّاعتان وميكروفون، ولا يمسك بيده سوى ما يسمى «عصا اللهو» (وهي أداة لألعاب الفيديو الإلكترونيّة)، وهي أشياء تتصل كلها دوماً مع شاشة الكومبيوتر. هناك هو السحر. من هناك يأتي هذا البحر المتلاطم. إنها الشاشات، إنها الشاشات. ليست غرفة الأولاد في منزلك مكاناً مسحوراً ولم يدخلها جنرالات بنجوم. كل ما حصل أنك اشتريت كومبيوتراً قويّاً لابنك لتهّنئه بنجاحه في الشهادة الإعدادية. ثم مددت، تحت تأثير إلحاح من الابن والابنة والزوجة وكثير من الأصدقاء، أحد خطوط الإنترنت السريع إلى الدار. وفجأة، اندلعت حربٌ لا تسمح كهولتك بفهم مجرياتها، لكنك أنت أيضاً جرّبت شيئاً مشابهاً قبل بضع سنوات، عندما تعوّدت أن تمارس لعبة ال «فيفا» الإلكترونيّة، منفرداً في البداية ثم مع أصدقائك.
من قال إن «من شابه أباه ما ظلم»؟ كم هو صادق. سار ابنك على خطاك، بل على خطى جيل بأكمله. وانخرط مع أصدقائه في لعبة «حرب العوالم» War of Worlds، التي تمارس من قِبل مجموعات كبيرة تتشارك اللعب عبر الإنترنت. أترى؟ أنت أحضرت السحر كلّه: الكومبيوتر، وخط الإنترنت السريع، وحتى مفهوم اللعب الإلكتروني الجماعي. تريد إثباتاً؟ أولم تشاهد ذلك الإعلان الخليجي المتلفز الذي يظهر فيه اثنان من الأصدقاء في غرفة، وهما منغمسان في لعب كرة القدم الإلكترونيّة على شاشة رقميّة. ألا يذكّرك هذا بشيء ما؟ هل يذكرك مثلاً بلعبة ال «فيفا» أو ربما بجهاز ال «آتاري» أيضاً؟ إذن، لم يكن على ابنك سوى أن ينتقل إلى الخطوة التالية.
وينخرط في ممارسة ما يعرف اختصاراً باسم «إم إم أو آر بي جي» MMORPG، وهي اختصار لعبارة Massive Multiplayer Online Role - Playing Game. ما معنى هذه العبارة؟ هناك ألعاب إلكترونيّة تمارس عبر الإنترنت، هذا أولاً. وثانياً، تتميّز هذه الألعاب بأن كل لاعب يتّخذ لنفسه دوراً فيها، كأنه ممثل يؤدي دوراً في أحد الأفلام. وثالثاً، تفترض هذه الألعاب وجود مجموعات تلعب مع بعضها بعضاً، بأعداد كثيفة فكأنها جيوش أو شعوب أو تظاهرات ضخمة أو ما يشبه ذلك! سهلة؟ ربما. لنكمل قليلاً. تفترض لعبة «حرب العوالم» شيئاً بسيطاً تماماً: العالم كله تحوّل ساحة حرب متّصلة تخوضها الشعوب ضد بعضها بعضاً. لا تقلق. إنه مجرد افتراض أولي. ثم تأتي بعد ذلك سلسلة من التعليمات عن القتال وطرقه، والإمدادات وسُبُل الوصول إليها، والأسلحة ومدى دمارها، وشروط تحوّل اللاعب جريحاً يطلب المساعدة أو وقوعه قتيلاً، وكيفية اختيار الأهداف التي يجب ضربها كي يحس «الأعداء» بالضعف، ومتى يمكن ضرب المدن والطرق وشبكات الكهرباء وغيرها.
عائلة وعزلة وألعاب فيديو
ربما تندلع في رأسك مجموعة من الأسئلة: هل تراعي هذه الألعاب الشروط الإنسانيّة للعب بمعنى أن تساعد على تنمية نفسية الطفل/المراهق وتعليمه وقيمه وأخلاقيته، أم أنها تعمل على انفلات كوامن العنف لديه (بل تغذّيها ربما)، وتحوّله كائناً أشد عدائيّة مما كانه قبلها؟ هل أنها تؤدي إلى عزلته عن أسرته (متى آخر مرّة خُضّت نقاشاً عائليّاً طويلاً ومستمراً مع ابنك/ابنتك)؟ هل تعزله عن الأسرة والمجتمع إذا مارسها وحيداً؟ هل تعزله ضمن شلّة صغيرة من الأصدقاء، فتتكوّن شلّة معزولة عن مجتمعها ومتّصلة مع عالمها الافتراضي، بل إنها خارجة عن أدوارها اجتماعيّاً لمصلحة أداء أدوراها في الألعاب ال «إم إم أو آر بي جي»؟
لا تتوقّع إجابات سهلة. في البداية، لا تبحث عن الإجابة في العالم العربي! لماذا؟ لأن الدراسات الاجتماعيّة - النفسيّة عن ظاهرة الألعاب الإلكترونيّة، هي ضئيلة عربيّاً بل نادرة. (ثمة من يريد السخرية للقول إن الوصف السابق يصحّ على معظم الأشياء الأساسيّة عربيّاً. لنتجاوز هذه السخريّة المُرّة، ربما لأنها...صحيحة). وقبل أن تغرق في البحث، تذكّر أن معظم الاختصاصيين وعلماء النفس، شرقاً وغرباً، يرون أن على الآباء ألا يكونوا غرباء عن العوالم الافتراضيّة للأبناء، بل عليهم أن يتفاعلوا معهم. هل تتخيّل نفسك وقد بتّ لاعباً - محارباً في «حرب العوالم»، تُمسك بأداة اللعب الإلكتروني، وتصرخ مُنبّهاً من لا تعلم عن قدوم عدوٍ من «الخلف» في أمكنة لا جغرافيا فيها أصلاً، ليكون فيها أمام وخلف؟ إنه زمن الشاشات الرقميّة الذكيّة، ولعله من الأفضل التفاعل مع الذكاء، وليس البحث عن ذرائع للهرب منه. وللحديث بقيّة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.