ذكر إمام الحرم المكي سابقاً عادل الكلباني أنه تعرض لمواقف حساسة خلال إقناعه عدداً من الملحدين خارج المملكة بالإسلام، إضافة إلى استنجاد عائلة مسلمة ملتزمة به بعد اكتشافهم أن ابنتهم ملحدة. وأوضح في ندوة أحدية آل مبارك التي أدارها الدكتور يحيى أبوالخير أخيراً أن الملحدين الذين تعمقوا في دراسة القرآن الكريم للوقوف على ثغرات ضعفه اعتنقوا الإسلام بعد اقتناعهم بحقائق مسلم بها عند المسلمين، تدخل بمسمى غيبيات، وخلوه من الفجوات، إضافة إلى وقوفهم على قوانين علمية محكمة مذكورة في القرآن الكريم. وقال: «مناسك الحج مثلاً يؤديها المسلم باستسلام من دون سؤال أو جدال باعتبار أن التسليم للآمر لا للأمر، إضافة إلى أن إرسال إبراهيم وزوجته وابنه من الشام إلى مكة يعد تنفيذاً مطلقاً لأمر الله، يعززه سؤال زوجته هل الله أمرك بهذا؟ ما يدلل أنها ستطيع كذلك من دون جدال إذا كان أمر الله». وأكد الكلباني أن الانقياد لأوامر الله ورد في القران الكريم في مواطن عدة منها الحوار بين سيدنا إبراهيم وولده إسماعيل «قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين» وكأنه يستشيره فيأتي الرد بالإيجاب فيستسلم كلاهما لأمر الله. وأفاد بأن القرآن ليس مجرد نغمة أو انسجام بل مخاطبة الخالق للإنسان، وفي أماكن عدة منها «يا أيها الناس» و«يا أيها الإنسان» و«يا بني آدم» و«يا أيها الذين آمنوا» لتذكير الناس أن يكونوا مع الآيات ويتدبروا ويفكروا فيها، لافتاً إلى أن من يقرأ القرآن ولا يعرف مفرداته ولم يبحث عن معناها حرم قلبه النور، وبخاصة في عصر العلم والتقنيات الحديثة. وأشار إلى أن معنى الآية الكريمة «اقرأ باسم ربك الذي خلق» لا تعني مجرد القراءة، بل نظرة شاملة للنظام الكوني والسلوك والأخلاق والتفكر والتدبر والبحث وتشغيل العقل في آيات الله مثل التفكير في تكوين الأرض.. «والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون» أو التأمل في السماء «أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج». وأشار إلى أن الآية الكريمة «إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين» تحمل بشرى وتفاؤل أن يهتدي الإنسان قبل إغلاق سجل أعماله بالموت من طريق تلاوة القران باللسان والانتباه والتبصر، موضحاً أن الحفظ والتكرار للآيات يعد أول طرق الفهم، لافتاً إلى أن القاعدة الإلهية بالتعامل مع العباد «وما ربك بظلام للعبيد». وعلى الإنسان أن لا يشغل نفسه بما ليس من مسؤولياته عن كيفية العفو وآليته، أو عن كيفية رفع الله سيدنا عيسى عليه السلام، أو كيف تجلى الجبلن أو ما هي الروح وغيرها من التساؤلات التي تعد غيبيات. واستهجن الحواجز الشيطانية المستقرة في أذهان عدد من المسلمين أن القرآن لا يفهم إلا من طريق عالم دين أو تفسير، على رغم أن كل شيء يحتاجه المسلم في العموميات واضح، أما الأمور الدقيقة فيسأل عنها، واستشهد بالآية الكريمة «وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه»ولم يقل حتى يسمع كلام العلماء والمفسرين. وأضاف: «الصحابة بنوا حياتهم على دينهم، أما اليوم فالناس تلبس دينها بحسب حاجتها، وحتى إن منهم من يستشهد وينتقي الآيات والأحاديث التي تتوافق مع رغباته، ومنهم من يأخذ - مثلاً - ما فيه تعسير من شيخ الإسلام ابن تيمية ويتجاهل ما فيه تيسير». وزاد : «الإسلام فيه أمور طوعية ليست ملزمة، مثل تناول الشراب إذا وقعت فيه ذبابة، أو تناول بول الإبل أو تعدد الزوجات وغيرها، فمن حقك أن تفعل إذ رغبت»، كما أن القرآن دستور للعموميات والسنة نبوية موضحة وشارحة. ودعا إلى التواصل الدائم مع الله من خلال الرقية والأذكار التي يؤكدها قوله تعالى: «فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون»، مشيراً إلى أن «عادة الاندفاع إلى الصلاة بعد أن يبدأ الأمام الركعة تحرم الإنسان من الخشوع وتثير فيه الوساوس».