قال الإعلامي جمال خاشقجي خلال محاضرة استضافها نادي القصيم الأدبي تحت عنوان «احتلال السوق السعودي»، إن عضو مجلس الشورى الذي ينتظر الإعلام، كي يدله على مشكلات المجتمع لايستحق أن يكون في الشورى من الأساس. ورأى خاشقجي أن عضو الشورى يفترض أن يكون لديه من مصادر المعلومات أكثر مما لدى الإعلامي نفسه، واستغرب من أن يقول أحد ينتسب إلى الشورى بأن البطالة في السعودية «صفر»، مشيراً إلى أنها موجودة وحقيقية بغض النظر عما إذا كان سببها رفض الشباب العمل أو غيرها من الأسباب، فيما وجه الأكاديمي في جامعة القصيم والذي تولى إدارة الندوة الدكتور عبدالله البريدي رسالة إلى من يقف على «هندسة» مجلس الشورى أن يحذو حذو «الكونغرس» الأميريكي في توفير الدعم اللوجستي والمعلوماتي الهائل لأعضائه بدلاً من الوضع القائم حالياً باعتماد العضو على مجموعة من الموظفين في مكتبه بالرصد والتحليل، مقترحاً وضع مجموعة من الأعضاء في مكتب واحد سيكون أقل كلفة بدلاً من الوضع الحالي داخل المجلس. فيما قال خاشقجي إنه: «طالما أن سلّم الرواتب منخفض بسبب احتلال السوق السعودية، فالشاب السعودي لن يدخله حتى يخرج هؤلاء من السوق وتظهر الحاجة إليه»، مطالباً بأن لا يلام الشاب السعودي الذي يفضل الدخول إلى الجامعات بدلاً من الذهاب إلى سوق العمل لأن الجامعة هي المكان الوحيد الذي يستطيع أن يتخرج منها وينافس بمؤهلاته منها، كما أنه يشعر بالحماية عند حصوله الوظيفة الحكومية أو شبه الحكومية جراء ذلك. ووصف رجال الأعمال والمسؤولين الذين يلقون باللوم على الشباب، بأن الوظائف متاحة ولكنهم لايرغبون العمل فيها، بأنهم يقولون «نصف الحقيقة»، مشيراً إلى أنه كيف يريد هؤلاء من الشاب أن يعملوا في وظيفة متواضعة ذات راتب متواضع، مطالباً بتجربتهم في الأعمال المهنية وإعطائهم رواتب مرتفعة. فيما انتقد رئيس نادي القصيم الأدبي الدكتور حمد السويلم أداء المؤسسات المعنية بالتدريب (المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني)، معتبراً أنها لم تنجح في تهيئة الشباب كما يجب لسوق العمل، وهو مادفع الدكتور البريدي لأن يعلق بالقول «هذه المؤسسة خلل كبير في منظومة الاقتصاد والتنمية، والفريق القائم عليها غير مؤهل»، مشيراً إلى أن الكثيرين كتبواعنها في السابق، وتساءل: «هل تجتمع عقول كثير من فئات المجتمع على أفكار مهترئة حيال تقييم هذه المؤسسة والقائمين عليها؟»، آملاً أن تتطور آلية اختيار القيادات وأن تستمع إلى نقد الشارع بفئاته، وإصلاح التشوه في «الاقتصاد الوطني» بحسب ما قال. فيما وصف خاشقجي الحملة التصحيحية لسوق العمل الجارية حالياً بأنها «أحد الحلول وإن كانت ستؤدي إلى ارتفاع التكلفة في مستوى معيشة المواطن»، متوقعاً أن سعر الخبز سيرتفع وكذلك سعر الثوب عندما يقف خلف صناعتها وإنتاجها سعوديون، ولكن بقاء المال في النهاية لدى السعودية بدلاً من تحويله إلى الخارج هو ميزة إيجابية بحد ذاته، ودلل على سائق التاكسي البريطاني الذي يحقق دخلاً يشتري به منزلاً وينفق على تعليم أبنائه في الجامعة ويتمكن من قضاء أجازة سعيدة خارج بلده، وهو ماسيتحقق للسعودي إذا أخذ حقه المناسب. وأكد أن رجال الأعمال لن يعجبهم هذا الكلام لأنهم تعودوا على التكلفة الرخيصة وبنوا حساباتهم عليها سلفاً، وأضاف: «لو أخذنا الحالة السعودية وطبقناها في أميركا سيكون لديهم مليون أجنبي ليس لديهم حق الهجرة ولايدفعون ضرائب وسيتنقلون من مكان لآخر بحثاً عن العمل، ولو عملت أميركا وفق هذا المبدأ لتدمرت، بينما لدينا في السعودية من 10-12 مليون أجنبي ونحن 20 مليون سعودي، ما يعني أن ثلثنا أجانب، وهذه حالة غير طبيعية بينما في الدول الطبيعية كفرنسا ومصر والمغرب لانجد فيها 30 في المئة من سكانها أجانب، ولذلك فالحالة التي لدينا تشوّش على أصحاب القرار لدينا وعلى الأكاديميين والمدربين وحتى وزارة العمل عند الرغبة في بناء اقتصاداً طبيعياً»، مشيراً إلى أن أرقام الحوالات إلى الخارج التي تتجاوز 110 بليون ريال «هائلة جداَ». وشدد خاشقجي على أن مبدأ «الفلوس يغير النفوس» لابد من تطبيقه ودفع رواتب مجزية ومغرية للشاب السعودي لكي يقبل الأعمال المهنية، معتبراً ان كلفة المعيشة في السعودية تعد من الأقل تكلفة في العالم ماعدا التضخم في السوق العقاري الذي رأى أنه لامبرر لذلك الارتفاع. وقال إن من عملاء احتلال السوق السعودي فئتين من الناس هما «المتسترين» و«تجار التأشيرات» الذين جلبوا الأجانب وأهملوهم في السوق. ولايجد خاشقجي مشكلة مع الأجانب في المهن الراقية «التعليم والطب والهندسة وغيرها» والذين لايمثلون سوى 14 في المئة من العمالة الأجنبية في السعودية ويضيفون لاقتصادها، موضحاً أنه قصد العمالة الرخيصة التي تعمل بأجور دون 2000 ريال ويمثلون 86 في المئة. ووصف خاشقجي الحملة التصحيحية للعمالة بأنها «مشروع وطني عظيم يجب علينا دعمه ويجب أن يستمر»، فيما أكد البريدي على أن الحملة التصحيحية للعمالة المخالفة ذات المهارة المنخفضة من أهم الخطوات الإصلاحية التي قامت عليها الحكومة من أجل اقتصاد أقل تشوهاً للأجيال القادمة. وعاد البريدي ليدعو وزارة التعليم العالي أن تكف عن الضغط على الجامعات بأن تتيح مقاعدها بشكل غير مبرر للجميع، ما يؤثر على مستوى الجودة فيها. وأوضح أن جملة التعاطي مع القضايا في المشهد السعودي سواء كانت اقتصادية أو تنموية لاترقى إلى بناء النظريات والاستناد إليها بل وحتى محاولة تطويرها، مدللاً بذلك على على وزارة التخطيط والاقتصاد التي تطالب منذ 40 عاماً بالتنوع في الاقتصاد السعودي، فيما نحن ومنذ 75 عاماً لا نزال نعتمد على النفط بنسبة 92 في المئة، ووصف ذلك بأنه «جريمة تنموية»، قائلاً: «يجب أن نعلنها صراحة، ونتحمل مسؤولية هذا»، وتحدى أن تفند وزارة الاقتصاد والتخطيط أن تفند تأكيده بعدم امتلاكها معرفة فنية بكيفية تنويع الاقتصاد الوطني وماذا يعني هذا المصطلح..مؤكداً «أشك في هذا».