مليار و60 مليون ريال لمستفيدي الدعم السكني في يونيو    بواكير تمور المدينة المنورة تُنعش أسواق المملكة بأكثر من 58 صنف مع انطلاق موسم الحصاد    المنتدى الاقتصادي العالمي يختار انتلماتكس كأحد رواد التقنية لعام 2025    السعودية ترحب بإعلان ترمب وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل    الحكومة الإسرائيلية وافقت على مقترح الرئيس الأميركي لوقف إطلاق النار مع إيران    أمير تبوك يطلع على تقرير أعمال فرع وزارة التجارة بالمنطقة    هيئة تطوير منطقة المدينة المنورة تطلق دعوة تأهيل لتنفيذ مشروع "أجرة المدينة"    في لبنان.. بلدة ريفية تحظر صياح الديوك    قاضية أميركية تعرقل خطة ترمب لإغلاق أبواب «هارفارد» أمام الطلاب الأجانب    أمين منطقة القصيم يوقع عقد مشروع صيانة الشوارع غرب مدينة بريدة بأكثر من 17 مليون ريال    قطاع خميس مشيط الصحي يُنظّم فعالية "الإسعافات الأولية"    "غرفة نجران :تستعد غدًا لإنطلاقة فعاليات منتدى نجران للاستثمار 2025"    حرارة شديدة ورياح على أجزاء من عدة مناطق في المملكة    جامعة أم القرى توقّع مذكرة تفاهم مع هيئة جامعة كامبردج لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي في تعليم اللغة الإنجليزية    الهيئة الملكية تطلق حملة "مكة إرث حي" لإبراز القيمة الحضارية والتاريخية للعاصمة المقدسة    الرواشين.. ملامح من الإرث المدني وفن العمارة السعودية الأصيلة    أمير قطر يتلقى اتصالًا هاتفيًا من الرئيس الأمريكي    الإسلام دين الرحمة والتسامح لا مكان للكراهية والعنف    حكاية مؤرخ رحل    ولي العهد للشيخ تميم: السعودية وضعت كافة إمكاناتها لمساندة الأشقاء في قطر    الأخضر السعودي لرفع الأثقال البارالمبية يحقق إنجازات عالمية في كأس العالم بالصين    البرتغال وإسبانيا تجهزان الاتفاق للموسم الجديد    أمير القصيم : عنيزة تمتاز بالسياحة الريفية والعلاجية    موعدنا في الملحق    التوتر اضطراب طبيعي واستمراره خطر    دراسة تحذر من تأثير ضربات الرأس في كرة القدم    افتتاح فعاليات منتدى الصناعة السعودي 2025    محمد بن سلمان: رؤية تُحوِّل الأحلام إلى حقائق    صحف عالمية: سالزبورغ خطف نقطة من الهلال    ختام مشاركة المملكة في معرض سيئول الدولي للكتاب    السدو.. نسيج الذاكرة ومرآة الهوية    6000 موقع عمراني جديد في السجل الوطني للتراث العمراني    نيفيز: فرطنا في فوز مستحق    وطن الشموخ    ترمب يدعو إيران لصناعة السلام    "المركزي السعودي" ركيزة الاقتصاد وداعم الرؤية    صناعتا الورق والمعدات الكهربائية تتصدران النمو الصناعي    يرجى عدم المقاطعة!    تصعيد إيراني: ضربات تستهدف قواعد أمريكية في الخليج    قطر تعلن التصدي لصواريخ إيرانية والاحتفاظ ب"حق الرد المباشر"    قنصل إيران يشيد بجهود السعودية لتسهيل مغادرة حجاج بلاده    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الأمير فيصل بن خالد    الجوازات تواصل إنهاء إجراءات مغادرة الحجاج عبر كافة المنافذ    "ومن أحياها" تستقطب 294 متبرعا بالدم خلال 3 أيام    إنزاغي راض عن أداء الهلال أمام سالزبورغ    موعد والقناة الناقلة لمباراة السعودية والمكسيك في الكأس الذهبية    "فلكية جدة": القمر يقترن ويحجب نجم الثريا    وزير الداخلية يستقبل سفير المملكة المتحدة    اقبلوا على الحياة بالجد والرضى تسعدوا    حملة لإبراز المواقع التاريخية في العاصمة المقدسة    ضبط مقيم لنقله 13 مخالفاً لنظام أمن الحدود    علقان التراثية    المملكة تختتم مشاركتها في معرض سيئول للكتاب.. الثقافة السعودية تعزز حضورها عالمياً    إطلاق النسخة ال5 من مبادرة السبت البنفسجي    نصائح لتجنب سرطان الجلد    أمراء ومسؤولون يؤدون صلاة الميت على مشعل بن عبدالله    نائب أمير الشرقية يعزي العطيشان    الجبهة الداخلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة لقراء «الإسلام الحركي»
نشر في الحياة يوم 03 - 08 - 2013

من المهم العودة لكتابات ما قبل الربيع العربي عن الإسلام السياسي، أهمية قراءة التعليقات الصحافية اليومية على التطورات السياسية التي تحدث في العالم العربي، والتي أوحت لبعض المحللين بفكرة «نهاية الإسلام السياسي» بعد الانقلاب العسكري في مصر على الرئيس المنتخب شعبياً والممثل للإخوان المسلمين، أبرز تيارات الإسلام الحركي.
الرؤية التعسفية لحركات الإسلام السياسي، والمنطلقة من اختلاف سياسي، أو ارتباط بمراكز قوى إقليمية، يؤثر على رؤية زمرة من الكتاب له، والتي تحاول أن تلبس أطروحاتها لباساً معرفياً، بينما تظهر وكأنها بيانات تحريضية تارة، أو تكرار لمقولات إستشراقية تارة أخرى.
من هذه الأطروحات على سبيل المثال، كتاب «الإسلام الحركي» لعبدالرحيم بوهاها، وقد نشر الكتاب عام 2006، تحت سلسلة «الإسلام واحد ومتعدد» والتي أشرف عليها الدكتور التونسي عبدالمجيد الشرفي. الكتاب صدر بالاشتراك بين دار الطليعة و«رابطة العقلانيين العرب» وأذكر هذا لنرى كيف يرى «العقلانيون العرب» الإسلام السياسي.
الكتاب ابتداء لم يستطع – ويا للمفارقة - أن يرى أي تعدد في الحركات الإسلامية، على رغم أنه جاء ضمن سلسلة «الإسلام واحد ومتعدد». فكل الرؤى الإسلامية واحدة منذ جمال الدين الأفغاني إلى راشد الغنوشي مروراً بحسن البنا وأبو الأعلى المودودي وسيد قطب.
وعلى رغم تعسفية اختيار المودودي والبنا وسيد قطب بسبب تقارب التجربة، وإن كان هذا مفهوماً بالنسبة للمودودي الأكثر تأثيراً، لكن التأكيد على «النسب الفكري» للإخوان المسلمين، وتجاهل حركات إسلامية سياسية كالحركة السلفية، أو التيار الجهادي، أو حزب التحرير، أو حراك الإسلاميين التقدميين في المغرب العربي يعد عيباً فاضحاً للرؤية التنظيرية للكتاب، والتي اعتمدت على رؤية منظرين عن الإسلام السياسي، أكثر من حرص الباحث لطرح رؤية مستقلة من خلال قراءة مباشرة لنصوصه وتجربته التاريخية.
اعتبر الباحث حركات الإسلام السياسي - جميعها – تملك رؤية واحدة ترفض الحضارة الغربية، وتطلب العودة إلى ماضي العهد النبوي. على رغم أن هذا الخطاب بحد ذاته إشكالي، لأنه يجعل القبول بالحضارة الغربية بحد ذاته «قيمة» ويرى بالاعتزاز بالهوية أمراً مستهجناً، إلا أن الإشكالية الأكبر أن هذا الكلام غير دقيق. بل يرى بعض الباحثين أن حركات الإسلام السياسي حركات استخدمت أدوات الحداثة لتمارس علمنة للإسلام من خلال انخراطها في الدولة الوطنية الحديثة.
يرى الكاتب أن الحركات الإسلامية تنطلق من «رؤية للدين وللمجتمع وللسياسة، منغلقة على الذات، مثالية في طموحاتها، طوباوية في أهدافها ولكن عنيفة في وسائلها وإقصائية في آلياتها»، إضافة إلى أن الخطاب «متجاوزاً لشروطه التاريخية ولمقتضيات عصره»، و«إن دعوة حسن البنا والإسلاميين عموماً هي دعوة ماضوية متطرفة في العودة إلى القديم، مستغنية عن منتجات العقل والحضارة البشرية». ويرى أن الحركات الإسلامية تهدف إلى إقامة الخلافة الراشدة.
استخدام راشد الغنوشي كمثال في الكتاب لم يكن نزيهاً، فالكتاب يصوره منتمياً لهذا المجال الفكري الموصوف آنفاً، والذي وإن كانت معظم تيارات الإسلام الحركي لا ينطبق عليها ما ذكر، إلا أن الغنوشي تحديداً يمتلك رؤية معاكسة، يمكن اعتبارها رؤية إصلاحية داخل التيار الإسلامي. فهو من أوائل من طرح طرحاً يوائم بين الديموقراطية والإسلام. وهذا ما ترجم في النظام الأساس لحركة النهضة التونسية والذي نص على المرجعية الإسلامية للحزب، والأطر الوطنية للعمل السياسي، والعمل تحت إطار النظام الجمهوري من أجل «الإسهام في بناء تونس الحديثة، الديموقراطية المزدهرة والمتكافلة والمعتزة بدينها وهويتها وتسعى إلى ترسيخ قيم المواطنة والحرية والمسؤولية والعدالة الاجتماعية».
امتداداً لانعدام النزاهة كرر الكاتب لأكثر من مرة عبارة «... تسعى إلى تغيير الواقع، خصوصاً إلى قلب أنظمة الحكم في المنطقة العربية والإسلامية». لوصف هذه الحركات. وهنا إضافة إلى اعتباره «السعي إلى السلطة» أمراً مذموماً وسلبياً بحد ذاته بما يتواءم مع رؤية النخب العلمانية الراديكالية المتحالفة مع «الاستبداد المستنير» إلا أنه يقع في مغالطة أخرى، فليست كل الحركات الإسلامية جهادية وانقلابية. بل التاريخ يرينا تجار انقلاب الجيش على إسلاميين منتخبين، كما حدث في الجزائر في التسعينات، ومصر ما بعد 30 حزيران (يونيو).
نعم هناك أطر عامة يمكن اعتبارها أصولية بصيغة ما، من خلال اعتماد التراث الإسلامي كمرجع لهذه الحركات. لكن ما يتجاهله «العلمانيون الراديكاليون» أن التراث متعدد أيضاً. وهنا نواجه ثلاثة محاور تنتج رؤى مختلفة للتيارات الإسلامية: الأولى: تعدد التراث. والثانية: اختلاف تأويل هذا التراث. والثالثة: اختلاف الأولويات لدى الحركات الإسلامية. هذا من الناحية النظرية، أما الواقع العملي فيرينا مكامن أخرى للاختلاف: طبيعة الأنظمة السياسية التي تعمل من خلالها حركات الإسلامي السياسي، وطبيعة المجتمع الذي تمارس نشاطها في أطره. فحركة النهضة في ظل استبداد ابن علي مختلفة بالتأكيد عنها بعد الربيع العربي. والحراك الإسلامي ضمن ملكية مستقرة كالمغرب، يختلف عن الحراك ضمن مرحلة انتقالية عاصفة ومضطربة كمصر، كما أن العمل في جو طائفي خانق كما في العراق ولبنان، يختلف عن عمل هذه الحركات في بيئة سلفية، مغلقة سياسياً كالخليج.
لا أتحدث هنا من باب الدفاع عن هذه الحركات، فلها أخطاؤها الكبيرة، لكن أتحدث في إطار انعدام القوى الديموقراطية عموماً في المنطقة العربية، حتى بين التيارات المدنية. فلن أتوقع من حركات الإسلام السياسي أن تكون أكثر ديموقراطية من قوى مدنية مستعد بعضها للتحالف مع الشيطان لإقصاء خصومهم. خصوصاً ونحن نمارس في العالم العربي أبجديات التغيير اليوم.
* كاتب سعودي.
[email protected]
@BALRashed


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.