النصر يواصل استعداده لمواجهة الرياض    وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان يكرم البواني لرعايتها منتدى المشاريع المستقبلية    دعم الاقتصاد    فيصل بن مشعل لمجلس الشورى: منجزات رائدة في منطقة القصيم وفقاً لرؤية 2030    النفط في 1 يونيو    معابر مغلقة ومجازر متواصلة    القيادة تعزي في وفاة رئيس إيران ومرافقيه    أسرة بن مخاشن تستقبل المواسين في مريم    أمير القصيم يكرم «براعم» القرآن الكريم    الراجحي يصدر قراراً بتعديل تنظيم العمل المرن    حلول السلامة الذكية وطائرة «بارق».. «الإلكترونيات المتقدمة» تستعرض قدراتها التصنيعية    استثمار التقنيات الرقمية في قطاع الطاقة.. «أرامكو السعودية» تعزز ريادتها في الحوسبة الكمية    القضاء على الفقر وليس القضاء على الفقراء    10522 خريجًا وخريجة في مختلف التخصصات.. نائب أمير مكة المكرمة يشرف حفل التخرج بجامعة جدة    القوات المسلحة تواصل تدريبات" الأسد المتأهب"    مكعّب روبيك.. الطفل العبقري    المسألةُ اليهوديةُ مجدداً    واتساب يختبر ميزة تلوين فقاعات الدردشة    بعد وفاة رئيسي في حادث تحطم طائرة.. مخبر رئيساً مكلفاً للسلطة التنفيذية في إيران    بعد وفاة رئيسي.. لا تغيير في السياسة الإيرانية    طموحنا عنان السماء    8 مواجهات في الجولة قبل الأخيرة لدوري" يلو".. " الخلود والعروبة والعربي والعدالة" للمحافظة على آمال الصعود    أنديتنا وبرنامج الاستقطاب    في الرياضة.. انتظار الحقائق والتطوير    اجتماع اللجنة الأمنية والعسكرية المنبثقة عن مجلس التنسيق السعودي - القطري    تعزيز العلاقات مع "تحالف الحضارات"    رسمياً .. الاتحاد يعلن رحيل "جروهي" و "رومارينيو" عن صفوفه    أتعبتهم ولم يتعبوني    فراق زارعة الفرح    إحباط تهريب 200 كلغ من القات المخدر    خادم الحرمين الشريفين يخضع لبرنامج علاجي    "تعليم جدة" يصدر نتائج حركة النقل الداخلي لشاغلي وشاغلات الوظائف التعليمية    أمير الرياض يستقبل منتسبي جمعية المتقاعدين    إجازة لمكافحة التعاسة    ابحث عن قيمتك الحقيقية    لجين تتألق شعراً    مواجهة الظلام    مبادرة الأديب العطوي    أبطال آيسف يحققون 27 جائزة للوطن    ما الذي علينا فعله تجاه أنفسنا ؟!    سعود بن نايف وكتَّاب الرأي !    زلة الحبيب    وقتك من ذهب    لا عذر لخائن    تسهيل وصول أمتعة الحجاج لمقار سكنهم    العجب    علاقة معقدة بين ارتفاع ضغط الدم والصحة النفسية    الحامل و الركود الصفراوي    أخصائية تغذية: وصايا لتجنب التسمم الغذائي في الحج    خرج من «البحر» وهو أصغر بعشر سنوات    أمير الرياض يرعى حفل تخرج طلبة الجامعة السعودية الإلكترونية    مفتي الهند يدعوا الله بأن يشفي خادم الحرمين    الجنائية تتحرك لاعتقال قادة من حماس وإسرائيل    قدوم 267657 حاجا عبر المنافذ الدولية حتى نهاية أمس    القيادة تعزّي دولة رئيس السلطة التنفيذية بالإنابة السيد محمد مخبر في وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه    «التعليم» تحدد أنصبة التشكيلات المدرسية في مدارس التعليم العام    جائزة الرعاية القائمة على القيمة ل«فيصل التخصصي»    أمير القصيم يرعى حفل تكريم الفائزين بمسابقة براعم القرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى إنشاء إسرائيل... النكبة مستمرة
نشر في الحياة يوم 22 - 05 - 2013

«إن الوضع في فلسطين سيسوى بالقوة العسكرية». بهذه العبارة الشهيرة لديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء إسرائيلي، اختزلت الحركة الصهيونية وإسرائيل أهم المنطلقات الإستراتيجية لاحتلال فلسطين، وتهويدها في نهاية المطاف. فكانت المجازر المنظمة من قبل التنظيمات الصهيونية والجيش الإسرائيلي ضد أهالي القرى الفلسطينية، أبرز عنوان للتوجهات الصهيونية والإسرائيلية، من أجل حمل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين على الرحيل عن أرضهم وإحلال اليهود مكانهم. وبينما كان عرب فلسطين غير مستعدين للحرب على الإطلاق وغير مسلحين في الغالب، وفي وضع دفاعي، شنت منظمات «الهاغانا» و «الأرغون» و «شتيرن»، ضربات هجومية منسقة ضد المدنيين العرب في المدن الرئيسة الثلاث، حيفا والقدس ويافا، وكذلك في الريف الفلسطيني. فتمت المجازر المنظمة وحدث تدمير المنازل، لحمل العرب على الرحيل.
لم تبدأ المجازر في عام 1948، ففي ليلة 15 تموز (يوليو) 1947، دخلت قوة لل «هاغانا» بستان الحمضيات الذي يملكه رشيد أبو لبن، ويقع بين يافا وبتاح تكفا. وكانت عائلة من سبعة أشخاص نائمة داخل منزلها وتسعة عمال آخرين نائمين خارجه. ووضعت القوة المهاجمة عبوات ناسفة، وأطلقت النار، فقتلت 11 عربياً بينهم امرأة وبناتها الثلاث اللواتي كانت إحداهن تبلغ من العمر سبع سنوات، والثانية ثماني سنوات، والابن ثلاثة أعوام. وفي 29 أيلول (سبتمبر) 1947، هاجمت «الهاغانا» أيضاً، سوق حيفا فدمرت متجر أحمد دياب الجلني بعبوات ناسفة، وفي 12 كانون الأول (ديسمبر) 1947، دخلت قوة من «الأرغون» ترتدي بدلات عسكرية بريطانية، بلدة الطيرة في قضاء حيفا، وقتلت 12 عربياً وجرحت ستة آخرين. وبعد يوم من هذه المجزرة ألقت عصابة «الأرغون» قنابل على تجمعات عربية عند باب العمود في القدس، فقتلت أربعة من العرب، وفي اليوم نفسه هاجمت تلك العصابة الصهيونية مقهى عربياً في مدينة يافا، في شارع الملك جورج، وقتلت ستة من العرب، وتبعاً لأرقام إحصائية، استشهد في 13 كانون الأول في كافة المدن الفلسطينية من جراء المجازر الصهيونية المنظمة 21 مدنياً عربياً. وتابعت العصابات الصهيونية مجازرها المنظمة في القرى الفلسطينية المختلفة. لكن المجزرة الأكبر كانت في 30 كانون الأول 1947، حين رمت جماعة من «الأرغون» صفيحتي حليب تحويان قنابل على مجموعة من نحو مئة عامل فلسطيني، كانوا واقفين أمام مصفاة النفط في حيفا لتسجيل أسمائهم للعمل، وقتل في الهجوم ستة من العرب وجرح 46 آخرون، وفي الاشتباكات داخل المصفاة قتل العرب دفاعاً عن النفس 41 يهودياً وجرحوا 48.
ارتكبت العصابات الصهيونية أثناء فترة الانتداب البريطاني 12 مذبحة، في حين ارتكبت 13 مذبحة بعدها، ضد الفلسطينيين العزل. وتابعت هذه العصابات مجازرها وتدمير المنازل، والضغط على الفلسطينيين في القرى والمدن الفلسطينية كافة خصوصاً خلال الفترة من كانون الثاني (يناير) 1948 وحتى أيار (مايو) من العام ذاته، وكان الهجوم يتم من ثلاث جهات، في حين تترك الجهة الرابعة كمنفذ وحيد لهرب الفلسطينيين الناجين من المجازر، حاملين معهم أخبار ما حدث إلى القرى القريبة، حتى ينتشر الرعب في قلوب الأهالي. وتوجت المجازر الصهيونية بقتل الوسيط الدولي السويدي الكونت برنادوت في القدس في 18 أيلول 1948، على يد العصابات الصهيونية وكان من بينها رئيس الوزراء الأسبق إسحاق شامير، بعدما حمّل الوسيط الدولي في تقريره إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة إسرائيل مسؤولية بروز قضية اللاجئين. وأكد أن أي تسوية لا يمكن أن تنجح من دون عودتهم إلى ديارهم. وبناءً على تقريره، صوتت الجمعية العامة على القرار 194 بتاريخ 11 كانون الأول 1948. وبشكل عام أدت المجازر الصهيونية في ما بعد إلى التهجير القسري لنحو نصف سكان فلسطين العرب خلال عامي 1948-1949. فقد كان سبب تهجير 25 في المئة من سكان نحو 532 قرية عربية يعود إلى الطرد المباشر اثر المجازر التي ترتكبها القوات اليهودية، في حين هُجّرَ 55 في المئة من سكان تلك القرى، (التي دمر منها 400 قرية)، بعد هجوم عسكري عليها، كما هُجّرَ 10 في المئة من سكان القرى العرب تحت وطأة هجوم عسكري. أي أن الهجرة العربية تحت الضغط العسكري شملت 89 في المئة من المهجرين العرب، في حين هُجّرَ تحت وطأة الحرب النفسية أو الإيحاء للأهالي بهجوم قادم نحو 10 في المئة، ولم تتعدّ نسبة التهجير بناء على أوامر صادرة عن رئيس العائلة أو المختار واحداً في المئة من مجموع الفلسطينيين الذين هجروا من ديارهم.
لم تتوقف المجازر الصهيونية وتدمير المنازل بعد عام 1948. فخلال عام 1967 هجر الجيش الإسرائيلي 460 ألف فلسطيني من الضفة وقطاع غزة وأصبحوا نازحين خارج ديارهم. وفي سياق مجازرها المنظمة، ارتكبت السلطات الإسرائيلية مجزرة كبيرة في ساحة المسجد الأقصى عام 1990، ذهب ضحيتها ثلاثة عشر فلسطينياً، كما ارتكب مستوطن صهيوني مدفوع من الأحزاب الإسرائيلية، مجزرة في الحرم الإبراهيمي، ذهب ضحيتها في عام 1993 نحو ستين فلسطينياً من المدنيين العزل. ولم تكن المجازر الإسرائيلية محصورة في فلسطين، بل تعدت ذلك إلى المناطق العربية الأخرى، وكان من أهم فصولها قصف الطيران الإسرائيلي لبلدة قانا في جنوب لبنان واستشهد نتيجة ذلك نحو مئة من النساء والشيوخ والأطفال اللبنانيين، في مقر لقوات الطوارئ الدولية في الجنوب اللبناني. فضلاً عن ذلك ارتكب «الموساد» الإسرائيلي مجازر عدة داخل فلسطين وخارجها، ناهيك عن الاغتيالات المنظمة للعديد من سفراء فلسطين ومثقفيها في الخارج. ولم تنته فصول الاغتيالات والمجازر الصهيونية والإسرائيلية، فخلال 1948-2013، استخدمت إسرائيل العسف والمجازر كأدوات أساسية للحفاظ على البقاء، بخاصة أن مشكلة الأمن الإسرائيلي كانت ولا تزال الشغل الشاغل لأصحاب القرار في إسرائيل، التي قامت قبل خمسة وستين عاماً في ظروف دولية وإقليمية استثنائية على حساب الشعب الفلسطيني وأرضه.
* كاتب فلسطيني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.