أظهرت استبانة «صادمة» لجمعية حماية المستهلك في السعودية، أن 96 في المئة من السعوديين لا يعرفون حقوقهم وواجباتهم، أو يريدون المزيد من المعرفة بصفتهم مستهلكين، فيما اعتبر اقتصاديون النتيجة أمراً متوقعاً في ظل عدم وجود ثقافة وتوعية لدى العامة بالحقوق والواجبات التي تجب عليهم معرفتها، التي تندرج تحت مفهوم «الثقافة الاستهلاكية»، مشيرين إلى أن هذا الأمر مسؤولية وزارتي التجارة والتربية. وكشفت الاستبانة التي وضعتها جمعية حماية المستهلك على موقعها الإلكتروني «أن 4 في المئة من السعوديين لديهم إلمام بواجباتهم وحقوقهم بصفتهم مستهلكين، فيما أظهرت الاستبانة التي شارك فيها أكثر من 1320 شخصاً، أن 66 في المئة من السعوديين لا يعرفون حقوقهم أو واجباتهم، فيما قال 31 في المئة أنهم بحاجة إلى معرفة المزيد من حقوقهم وواجباتهم. وذكر أحد العاملين في الجمعية (فضل عدم ذكر اسمه) ل«الحياة» أن هذه النتيجة صادمة للجمعية، فهي متدنية جداً، وقال: «تعد هذه النسبة قليلة جداً بين السعوديين في عدم معرفتهم بثقافة المستهلك وحقوقه وواجباته، التي يبدو أن الجمعية لم تنجح في توصيلها إلى المستهلك، على رغم المبالغ الكبيرة التي ينفقها السعوديون على السلع الاستهلاكية، إضافة إلى تقارير تحدثت عن أن السعوديين يعتبرون من بين شعوب العالم الأكثر استهلاكاً». وبينت الاستبانة التي شارك فيها 1320 مستهلكاً، أن 31 في المئة يطالبون بمعرفة المزيد حول واجباتهم وحقوقهم بصفتهم مستهليكن، فيما تساءل آخرون عن كيفية توفير المزيد من هذه المعلومات لدى الجهات المتخصصة. وانقسمت نسبة السعوديين في ما يخص معرفتهم بحقوقهم في شكل بسيط، إذ رصدت الاستبانة أن 44 في المئة منهم يعرف حقوقهم جزئياً، إضافة إلى أن 69 في المئة لم يصرحوا بمقدار معرفتهم واجباتهم وحقوقهم. وقال 96 في المئة من المستهلكين إنهم لا يزالون غير ملمين بحقوقهم بصفتهم مستهلكين، التي تتمثل في حق الأمان، والمعرفة، والاختيار، والاستماع، والتعويض، والتثقيف، وغيرها من الحقوق الخاصة بالمستهلكين، إضافة إلى واجباته التي تجب عليه مراعاته قبل الشراء مثل: عدم شراء السلع مجهولة المصدر، الاحتفاظ بفاتورة البيع وشهادات الضمان، عدم الانسياق وراء الإعلانات المغرية، البحث عن السلع ذات المواصفات والجودة العالية، وفحص السلع فحصاً جيداً والتأكد من سلامتها قبل مغادرة المحل، والتأكد من تاريخ الصلاحية قبل الشراء، ولا سيما المواد الغذائية، والتأكد من مصدر البضاعة التي يشتريها وطريقة الاستخدام والتخزين، والاطلاع على كتيبات الضمان، والتحقق من شروط والتزامات ما بعد البيع. وطرحت هذه النسبة المتدنية البالغة 4 في المئة تساؤلات عن توعية المستهلك، التي يفترض أن تكون منذ فترة طويلة محل اهتمام الجهات المتخصصة، لمعالجة هذا القصور في وعي الناس، الذي يفتح المجال واسعاً أمام ظواهر سلبية كثيرة، مثل: الغش التجاري والتلاعب في الأسعار. وأكد أستاذ الاقتصاد الدكتور سالم الزهراني في حديثه إلى «الحياة» أن نقص الوعي لم يقتصر على المشتري فقط، بل شمل البائع، الذي يُقدم على كل تلك المخالفات المرتكبة في المحال التجارية، لمعرفتهم حقوقهم والمبالغة فيها، أما واجباتهم فهم يتعمدون نسيانها أو التغاضي عن بعضها. وأشار إلى أن ثقافة المستهلك من المسكوت عنها في المملكة، ليس لأنها غير مهمة، بل لأن الجهات المعنية لا تؤدي واجبها بالصورة المطلوبة، ولا سيما أنها لا تلقى الدعم الكافي من الجهات التجارية، كالغرف التجارية، والمصانع المحلية التي يقع على عاتقها تسويق منتجها المحلي المفترض أن يكون بجودة عالية تتطابق مع المواصفات والمقاييس الحكومية. وأضاف أن العقوبات التي تُسجل على المخالفين للأنظمة والقوانين من التجار والمصانع لا تزال ضعيفة، لذلك قد يساعد هذا المستهلك على عدم الشكوى أو السكوت عن الغش والخداع الذي قد يتعرض له، مضيفاً: «يستتبع هذا عدم الاهتمام بمعرفة الحقوق والواجبات التي تخصه، لأنه سيراها من دون فائدة تذكر». وطالب بحملات توعية ذكية تعتمد على تسويق المعلومة والعقاب والخسائر في وقت واحد، وأن تستهدف حتى صغار السن، حتى نصل خلال سنوات قليلة إلى مجتمع مستهلك واع بحقوقه وواجباته. وزاد الزهراني: «أمامنا الآن تحول في التسوق إلى الإنترنت، وهذا أمر أصبح واقعاً، لذلك نحتاج إلى توعية كبيرة بالتعامل من خلاله، ولا سيما أنك تشتري سلعاً من خلال صور ومواصفات مكتوبة، وليس مشاهدة عينية وحسية، وهي بحاجة إلى قوانين وأنظمة تحمي المشتري من أي تلاعب أو تدليس في العرض».