عادت عقدة تأليف الحكومة اللبنانية الى مطالب زعيم «التيار الوطني الحر العماد ميشال عون من الرئيس المكلف تشكيلها سعد الحريري، بعدما أزال لقاء الأخير مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مساء أول من أمس أسباب الخلاف بينهما. وإذ استأنف الحريري اتصالاته حول التأليف، تحت مظلة التمسك بالصيغة التي تم التوصل اليها قبل تجميد هذه الاتصالات، وهي 15 وزيراً للأكثرية و10 للمعارضة و5 لرئيس الجمهورية ميشال سليمان، فإن العماد عون صعّد مطالبه الحكومية فتبنى علناً ما كان يقوله في الاتصالات الجارية بعيداً من الأضواء بالإصرار على توزير صهره القيادي في «التيار الوطني» جبران باسيل وقال ان «جبران باسيل سيكون وزيراً، وهم أخذوا قراراً بكسر كلمة العماد عون». وفيما جاء موقف عون هذا رداً على الأنباء عن اتفاق الرئيس المكلف مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان على معيار استبعاد توزير الراسبين في الانتخابات فإن اعلانه ان «الحكومة مؤجلة... وإذا لم يتمكنوا من تشكيل الحكومة فعليهم أن يتنحوا حتى تؤلفها المعارضة» دفع الأوساط المواكبة لاتصالات التأليف الى ترقب الدور الذي يمكن أن يلعبه حلفاء عون في المعارضة، ولا سيما «حزب الله» في تليين موقفه في اتجاه تسهيل التأليف خصوصاً ان الحزب كان أخذ على عاتقه معالجة مطالب زعيم «التيار الوطني» في الاتصالات التمهيدية التي سبقت الاتفاق على الصيغة السياسية لحكومة الوحدة الوطنية. وإذ التقى الرئيس المكلف أمس رئيس البرلمان نبيه بري لعرض المراحل التي بلغتها عملية التأليف والعقد الماثلة أمامها، فإن الحريري حافظ على صمته واصفاً اللقاء بأنه «ممتاز»، فيما حافظ بري على صيامه عن الكلام في انتظار «آذان الإفطار الحكومي». واجتمع الحريري مع وفد قيادي من حزب «القوات اللبنانية» أكد بعده نائب رئيسه جورج عدوان دعم الرئيس المكلف لتأليف حكومة «مشاركة لا تقصي أحداً وتأخذ في الاعتبار قرار اللبنانيين بالأكثرية لخيار معين». وأشاعت أوساط قريبة من بري أجواء بأن الرئيس المكلف مصمم على اخراج الحكومة في أسرع وقت ممكن، عكس ما يتم ترويجه عن امكان تأخيرها. ونقلت أوساط سياسية عن الرئيس سليمان قوله ان من غير الجائز أن يستمر الوضع الحكومي على هذه الحال، والخروج منه بات لمصلحة البلد والدولة وهيبتها، قبل مصلحة أي فريق آخر، ولذلك على جميع الفرقاء أن يتساعدوا لتسريع تأليف الحكومة ومعالجة مطالب العماد عون. وأوحت هذه الأوساط ان هناك تواصلاً بين سليمان و «حزب الله» في هذا الصدد وأوضحت أن رئيس الجمهورية يقدّر الرأي القائل بوجوب احترام خيارات الناس في الانتخابات. وفي وقت سألت الأوساط المواكبة لتأليف الحكومة عما إذا كان هناك أطراف ليسوا مرتاحين الى التقارب السعودي – السوري الذي يؤيد تأليف حكومة الوحدة الوطنية، أشارت مصادر مراقبة الى ان مواصلة الحريري سياسة الصمت تعينه في المرحلة المقبلة على قول الحقائق كما هي حين يقرر الخروج عن صمته في حال تعرقلت عملية التأليف. وفي مقابل انتظار جهود المعارضة مع عون الذي يطالب اضافة الى توزير باسيل بحقيبة سيادية هي الداخلية (الاتفاق أن يتولاها الوزير زياد بارود المحسوب على سليمان) من ضمن 5 حقائب لوزراء تكتله الخمسة الذي يصر على ان يكون أربعة منهم موارنة، فإن كتلة «الوفاء للمقاومة» (حزب الله) دعت الى تأليف الحكومة «بعيداً من منطق الإحراج وابتداع المعايير غير القانونية وغير الدستورية». وفيما كان العماد عون قال ان مواقف جنبلاط الأخيرة أراحته، قالت مصادر معنية بلقاء الحريري مع جنبلاط أول من أمس أنهما أزالا الخلاف الذي وقع بينهما في لقاء المصارحة العميق الذي حصل أول من أمس بينهما، وأن هناك خطوات اتفقا عليها ستتم قريباً، «تظهر للذين يراهنون على خلافهما أنه يستحيل استغلال التعارض الذي ظهر بينهما وتوظيفه من قبل خصومهما». وأضافت المصادر أن «اللقاء أكد العودة الى التلاقي وليس على الطلاق لأن كلاًَ منهما صارح الآخر بشجاعة، بهواجسه وأطلعه على ما يقلقه وصولاً الى التفاهم على المرحلة المقبلة الى درجة أنهما عرضا ما يمكن اعتباره أخطاء من قبل هذا تجاه ذاك بحيث كانت المصارحة سياسية بالكامل لأن لا مشكلة شخصية بينهما، وأنهما التقيا لإزالة أسباب الخلاف بقرار تلقائي من كل منهما نظراً الى العلاقة الخاصة والاستثنائية بينهما، وهما لا يحتاجان الى أي وساطة بينهما». وأكدت المصادر ان العلاقة بين الحريري وجنبلاط ستعود الى ما كانت عليه قبل نشوب الخلاف جراء ما قاله جنبلاط في الجمعية العمومية للحزب الاشتراكي في 2 آب (أغسطس)، ورد تيار «المستقبل» عليه. وقالت مصادر أخرى أطلعت على نتائج لقاء جنبلاط مع وفد قيادي من «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد ليل أول من أمس ان الوفد حمل رسالة من الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله شكره فيها على زيارته له قبل زهاء شهرين مبدياً رغبته في رد الزيارة، لكن الظروف الأمنية تحول دون ذلك. كما نقل الوفد الى جنبلاط تقدير نصرالله لخطوات المصالحة التي جرت وتجري في منطقة الجبل بين «حزب الله» والحزب الاشتراكي والأهالي خصوصاً انها تقود الى انفراج، آملاً باستكمالها وتعميقها. وذكرت المصادر نفسها ان جنبلاط دعا قيادة الحزب الى بذل جهد من أجل تسهيل تأليف الحكومة «لأنه يجب علينا ألا نقبل بأن يبقى البلد مجمداً على الشكل الحاصل الآن». وطالب جنبلاط بمساع من الحزب لدى العماد عون، فوعد الوفد القيادي بذلك. على صعيد آخر انتهت عملية خطف رئيس غرفة التجارة والصناعة في مدينة طرابلس والشمال عبدالله غندور في شكل مأسوي أمس اذ عثرت القوى الأمنية على جثته في احدى المناطق الساحلية، واعترف أحد الموقوفين لديها بالجريمة ودلّ الى مكان رمي الجثة، بعدما خطفه المدعو محمد رأفت الدحني مع شريكين له أحدهما من التابعية العراقية، وخدروه وضربوه بعصا كهربائية، لكن قلبه لم يتحمل ذلك فأصيب على الفور بذبحة أودت به. وكان الدحني والشخصان الآخران على علاقة تجارية مع غندور ولهم في ذمته ديون نتيجة أعمال تجارية في العراق. ورمى الجناة جثة الضحية بعدما وضعوها في حقيبة سفر في حرج عند ساحل منطقة البترون.