يهدف موقع «ميد ميم» الالكتروني إلى إحياء الإرث المرئي والمسموع في منطقة البحر المتوسط فيتيح لزائره مثلاً تتبع زيارة تشي غيفارا الجزائر في مناسبة ذكرى الاستقلال الأولى، أو مشاهدة عرض من العام 1993 للممثل الفكاهي جمال دبوز. ويسعى هذا الموقع الذي سمي «ميد ميم» اختصاراً لعبارة «ميديترانيان ميموري» (ذاكرة البحر المتوسط) إلى تعزيز الحفاظ على المحفوظات المرئية والمسموعة في منطقة البحر المتوسط وتعريف العالم بها في الوقت نفسه. ويتوجه الموقع الذي يمكن الاطلاع عليه باللغات الفرنسية والانكليزية والعربية، إلى الجمهور العريض مقدّماً أربعة آلاف وثيقة مرئية ومسموعة على الإنترنت، كما إلى الباحثين الذين يستخدمونه قاعدة بيانات خاصة بمواضيع تتعلق بالهندسة والبيئة والطبخ وحركات الهجرة والممارسات الدينية. وأطلق هذه المبادرة، مطلع العام 2000، المعهد الوطني الفرنسي للمرئي والمسموع، بالتعاون مع 14 قناة تلفزيونية من بلدان حوض البحر المتوسط. وتولى الاتحاد الأوروبي تمويله ب1.5 مليون يورو، من أصل 2.2 مليون يورو هي كلفته الإجمالية، في إطار برنامج «التراث الأوروبي المتوسطي». وتعاونت كل البلدان المتوسطية، باستثناء ليبيا واليونان، لإطلاق هذا الموقع. وتشرح ميراي موريس، منسقة الوفد الاقليمي للمعهد الوطني الفرنسي للمرئي والمسموع في البحر المتوسط: «اعتقدنا بأن اليونان ستنضم إلى المشروع لكنها عجزت عن ذلك» لأسباب مالية. وتقول المؤرخة ماريلين كريفيلو، وهي المنسقة التحريرية والعلمية للمشروع إن «مصر استمرت في المساهمة في المشروع خلال الثورة»، مشيرة أيضاً إلى «مساهمة كبيرة جداً من الفلسطينيين». ويزود الموقع الزائر بطرق متنوعة للنفاذ إلى المحفوظات، ففي إمكانه تصفح خريطة تفاعلية لحوض البحر المتوسط أو النقر على جدول زمني منذ آلاف السنين قبل الميلاد حتى يومنا هذا، أو أن يفتح صفحات تتناول مواضيع محددة كالبيئة والترات التاريخي والمجتمع وأنماط الحياة. تعاون نحو أربعين باحثاً لوضع كل وثيقة في سياقها ولكتابة توليفات حول المواضيع الرئيسية. وتقول كوثر أحمد، وهي باحثة في التلفزيون التونسي إن «هذا الموقع يشكل أداة ممتازة لتثقيف الشباب». وتضيف أنه من خلال رقمنة محفوظات التلفزيون الرسمي، «تمكنّا من إعادة إحياء تونس الستينات، فضلاً عن عادات الزواج والحياة اليومية». ويركز الموقع الإلكتروني، في نسخته الصادرة في 12 من الشهرالجاري، على الإرث الثقافي في حوض البحر المتوسط، أكثر من تركيزه على المراحل التاريخية الدموية أحياناً. وتقول ميراي موريس: «لم نشأ أن نثير الحساسيات بالتطرق منذ البداية إلى مواضيع تاريخية شائكة». ويسعى مطلقو المشروع إلى تطويره وإثرائه في حال ظل التمويل متوافراً.