وفد أعضاء مجلس الشورى يطلع على أعمال هيئة تطوير محافظة جدة    المركز الوطني للعمليات الأمنية يستعرض تجربة حية عبر تقنية الواقع لزوّار معرض "واحة الأمن"    اجتمع بالملحقين التجاريين للمملكة..الخريف: تمكين فرص الاستثمار في الصناعة والتعدين    ارتفاع معدلات الإنتاج الغذائي    الذهب يحقق مكاسب أسبوعية بآمال خفض "الفائدة".. والفضة لمستوى قياسي جديد    بين مارس وديسمبر    فيصل بن مشعل يُدشّن 10 مشروعات طرق بالقصيم.. ويواسي الدباسي    «ونتر وندرلاند جدة» أضخم تجربة شتوية في الموسم    الدبلوماسية السعودية النشطة تثمر.. نقلة تاريخية لسوريا بعد إلغاء «قانون قيصر»    أميركا تصادر ناقلة نفط إضافية قبالة فنزويلا    بريطانية تصعد على متن الطائرة بعد وفاتها    وسط ضغوط أمريكية على الفصائل المسلحة.. الرئيس العراقي يدعو لتشكيل حكومة شاملة    في افتتاح كأس أمم أفريقيا 2025.. المغرب لتأكيد عقدته التاريخية لجزر القمر    ختام بطولة "WBC Boxing Grand Prix"    في نصفِ نهائي بطولة الجيل القادم.. بلوكس يواصل الانتصارات.. وتيين يُكمل عقد النهائي    مانشستر يونايتد في اختبار أستون فيلا    المملكة.. إغاثة بلا حدود    "حقوق الإنسان" و"عطاءات وارفة".. مذكرة تعاون    مشروع جديد لخدمات جمع ونقل نفايات البكيرية    الزايدي محاضراً    محافظ رأس تنورة يكرم اليامي    الماجستير لشروق    ورشة عمل تبحث دور الإعلام في صناعة المبادرات    اللغة العربية.. الحضارة والمستقبل    الحِرف السعودية.. تخليد مهارات الأجداد    القحطاني يكرم الجمعان    إلهام عبد البديع في«السرايا الصفرا»    ما بين (النقد) و(التناقد) و(التناقض)    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل سفير خادم الحرمين في ماليزيا ومفتي رواندا    خطيب المسجد الحرام: إذا تولى الله عبدًا أكرمه وهداه    إمام المسجد النبوي: الإسلام يسمو بالأخلاق ويربطها بالإيمان    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالمحمدية في جدة يُنقذ مراجعاً مصاباً بانسداد حاد نسبته "99 %" بالشريان التاجي الأيسر    تشغيل نظام الأرشفة الإلكترونية بمستشفى الأسياح    بيان مديراً لمستشفى الأمير عبدالمحسن    مشلول يتحكم في روبوتات بإشارات الدماغ    أداة بالذكاء الاصطناعي للكشف عن سرطان الكلى    الأمسيات الشعرية تعزز المشهد الثقافي بجدة    85.4% زيادة بوفورات استهلاك الطاقة    نمو التسهيلات الائتمانية %2.4    هالاند يقود مانشستر سيتي لعبور ويستهام    «كاف» يقرر إقامة كأس أمم أفريقيا كل أربع سنوات    برئاسة"بن جلوي".. عمومية الاتحاد الدولي للهجن تعتمد استراتيجية "العالمية 2036"    «أطباء بلا حدود»: أطفال غزة يموتون من البرد القارس ويجب تكثيف الإغاثة    سوريا بعد قيصر 10 فرص و10 تحديات    زيلينسكي يطالب أميركا بتكثيف ضغوطها على روسيا لإنهاء النزاع في أوكرانيا    إنطلاق التصفيات الأولية لمسابقة الملك سلمان لحفظ القرآن الكريم في جازان    السعودية تعزز العطاء ومد يد العون وتحتفل باليوم العالمي للتضامن الإنساني    حين ينجح الجميع.. من يتعلم حقا    معرض الخط العربي بين الإرث والابتكار    جمعية التوعية بأضرار المخدرات بجازان تنفذ برنامجًا توعويًا بمنتزه الزاوية الخضراء في بيش    نيشيش: معاملة السعوديين مختلفة.. وجودار: الخروج لا يعد نهاية المشوار    تخريج 335 كفاءة وطنية ضمن برامج التدريب بمدينة الملك سعود الطبية    "القوات الخاصة للأمن والحماية" نموذجٌ متكامل لحفظ الأمن وحماية مكتسبات التنمية    أمير منطقة جازان يستقبل القنصل الهندي    أمير تبوك يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تعيد توطين طائر الجمل بعد غياب 100 عام    أمير القصيم يواسي خالد بن صالح الدباسي في وفاة زوجته وابنتيه    الهيئة العامة للنقل وجمعية الذوق العام تطلقان مبادرة "مشوارك صح"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤوس تحت ظلال السيوف
نشر في الحياة يوم 22 - 11 - 2011

يتداول الناس هذه الأيام مقطعاً مقززاً يحوي عمليات ذبح جماعية يمارسها جلاوزة النظام الوحشي السوري يوم عيد الأضحى المبارك، إذ يقوم وحوش نظام الطاغية بجز رقاب بعض المحتجين كما تجز رقاب النعاج.
ليس غريباً أن ينحدر هذا النظام الشمولي الشيطاني إلى مثل تلك الممارسات السادية والمتجردة من الإنسانية، مادام لا يعرف أن يعيش إلا على الفتن ولا يقتات إلا من الدم. وقبل أن يستفحل هذا السُعار البعثي، كانت القطعان الوحشية لتنظيم القاعدة الإرهابي قبل أعوام خلت ترتكب مثل تلك الأعمال الرهيبة في العراق، مستغلة حال الفوضى العارمة التي عصفت بالبلاد بُعيد سقوط نظام المشنوق صدام حسين. كان بعض الناس والمتعاطفين مع «القاعدة» وزعيمها المقتول، يتداولون في إعجاب روابط «إنترنتية» تصور ثلة من الإرهابيين الملثمين وهم يبطحون ضحيتهم المغلوبة على أمرها، وينحرونها في أجواء هيستيرية مرضية ووسط صيحات «الله أكبر»!
إذا كانت سلوكيات النظام القمعي السوري ومثله تنظيم القاعدة الإرهابي توصم بالشذوذ وبالوحشية بسبب منافاتها لقيم العصر السائدة وبسبب انتشار ثقافة حقوق الإنسان، فإنها لا تعتبر تمرداً على السياق التاريخي الذي تستلهم منه الطواغيت والعناصر الإرهابية معاييرها الأخلاقية ومكوناتها الثقافية. لا أقصد من هذا القول إدانة الماضي وتحميله وزر هذا العبث الجنوني والانفلات الإنساني. ولكن، الماضي لم يكن مداراً تسبح فيه الملائكة فقط، بل كانت هناك شياطين تطير فيه. أدرك جيداً أن الاقتراب من أسوار التاريخ الشائكة بالمساءلة أشبه بمغامرة محفوفة بالمخاطر. الاقتراب بمشارط النقد وأدوات البحث من تخوم التاريخ يكاد يتداخل مع المساس بقدسية الدين عند الأكثرية. سمعت أحدهم مرة يعلق في استياء على أمنية المطرب الشعبي «شعبولا» (شعبان عبدالرحيم)، وذلك عندما أفضى لجورج قرداحي في برنامج «من سيربح المليون» قبل أعوام مضت بأمنية عجيبة، وهي أن يدعى بمثل ما كان الخلفاء العباسيون يدعون، كالمستنصر بالله، أو القاهر بالله، أو المسترشد بالله. قال لي صاحبي: «استغفر الله، كيف يجرؤ على مثل هذا القول!»، حمداً لله أن المدونات التاريخية وصلت إلينا من دون أن تعبث بها أصابع الخلف حتى لا تكتب لنا تاريخاً ينسجم مع شهواتهم ويتعانق مع أمنياتهم. من قال لك يا صاحبي أن خلفاء بني العباس كانوا أيقونات سماوية؟ كم هو عجيب أمرنا نحن العرب. على رغم أننا لا نزال نسكن بين جدران الماضي وبين صفحاته إلا أننا لا نجيد قراءته كما هو!
التقط ما تشاء من كتب التاريخ القديمة. خذ مثلاً «تاريخ الرسل والملوك»، أو «المختصر في أخبار البشر»، أو «المنتظم»، اقلب أي سنة تشاء، وأي صفحة تشاء، وانظر إلى بحور الدم التي يسبح فيها تاريخك. سافر إلى أزمنة الأمويين، أو العباسيين، أو المماليك، أو العثمانيين... شاهد شلالات الدماء التي سالت وعناقيد الرؤوس التي تساقطت من أجل أطماع الدنيا المتلفعة بالدين. لا شيء يلمع في ليل الماضي قدر هذا السيف. كم عدد الرؤوس التي قطفتها السيوف؟ صدقني سوف تنهك قبل أن تحصي لها عدداً. لقد أطار السيف رؤوس رجال أخيار ورؤوس رجال أشرار. فكم من رأس جُز وطيف به على رمح؟ وكم من رأس قطع ثم أُلقي في حِجْر الزوجة؟ وكم من رأس رص في خزائن الخلفاء والملوك؟
دعني أروي لك حكاية مختبئة في شقوق التاريخ لشدة صغرها. ذات يوم، جلس الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك على المنبر يوم الجمعة حتى اصفرت الشمس، فقام إليه رجل فقال: «يا أمير المؤمنين، إن الوقت لا ينتظرك، وإن الرب لا يعذرك»، فقال «صدقت، ومن قال مثل مقالتك، فلا ينبغي له أن يقوم مثل مقامك. من ها هنا من أقرب الحرس يقوم إليه فيضرب عنقه؟».
أي ذنب اقترفه هذا الرجل حتى يطاح برأسه؟ ما الفرق بين حياة هذا الرجل وحياة الذبابة؟ لا شيء للأسف! من أجل كلمات بسيطة طارت رقبته، فماذا عن أولئك الآخرين الذين ينازعون السلطان ملكه؟
نسير دوماً بمحاذاة ضفاف التاريخ من دون أن نرى لون النهر الأحمر. البعض يراه وردياً والبعض يراه أبيض، سنتحجج بالإسرائيليات لننكر وحشية التاريخ. ولكن، حتى لو أغمضنا عيوننا عن سوءات التاريخ، فإن جيناته تنبض في دواخل أولئك الأحفاد الذين قطعوا رؤوس ضحاياهم في سورية والعراق.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.