رشيد حميد راعي هلا وألفين تحية    بنسبة نضج عالية بلغت (96 %) في التقييم.. للعام الثالث.. السعودية الأولى بالخدمات الرقمية في المنطقة    "المالية" معلنة نتائج الميزانية للربع الأول: 263.6 مليار ريال إيرادات و322 ملياراً مصروفات    أزمة السكن وحلولها المقترحة    "مايكروسوفت" تعلن رسمياً نهاية عهد "سكايب"    الإدارة الذاتية: رمز وطني جامع.. سوريا.. انتهاء العمليات القتالية في محيط سد تشرين    دعت إسرائيل لاحترام سيادة لبنان.. 3 دول أوربية تطالب باتفاق جديد مع إيران    تسلم أوراق اعتماد سفير سلطنة عمان لدى المملكة.. نائب وزير الخارجية وسفير الكويت يبحثان الموضوعات الإقليمية    في إياب دور الأربعة لدوري أبطال أوروبا.. بطاقة النهائي بين إنتر وبرشلونة    شرط من انزاغي لخلافة جيسوس في الهلال    هاري كين يفوز بأول لقب في مسيرته    جمعية الوقاية من الجريمة «أمان»    محافظ جدة يطلع على الخدمات التعليمية لذوي الإعاقة    المملكة تختتم مشاركتها في معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025    في أمسية فنية بجامعة الملك سعود.. كورال طويق للموسيقى العربية يستلهم الموروث الغنائي    توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز إبداعات الفنون التقليدية    دعوة لدمج سلامة المرضى في" التعليم الصحي" بالسعودية    السديس: زيارة وزير الداخلية للمسجد النبوي تعكس عناية القيادة بالحرمين وراحة الزوار    الصحة النفسية في العمل    حكاية أطفال الأنابيب «3»    وزير الدفاع يلتقي رئيس مجلس الوزراء اليمني    النفط يتراجع مع زيادة إنتاج أوبك+.. وتوقعات بفائض العرض    القبض على (31) لتهريبهم (792) كيلوجرامًا من "القات"    غبار الرياض.. ظاهرة موسمية    انخفاض مؤشرات الأسهم الأمريكية عند الإغلاق    الحرب على غزة: 15 شهيداً.. 550 حالة اعتقال بينها 14 امرأة و52 طفلاً    الفتح يستأنف تدريباته استعداداً لمواجهة الوحدة    الفحوصات الطبية تكشف عن إصابة صهيب الزيد بقطع في الرباط الصليبي    جامعة الملك سعود تستضيف مؤتمر "مسير" لتعزيز البحث العلمي والشراكات الأكاديمية    مليون و250 ألف زائر ل"جسور" في جاكرتا    أخضر الناشئات يختتم معسكر الدمام    وزير الرياضة يستقبل أبطال «نخبة آسيا»    جامعة أم القرى تطلق هاكاثون عالمي في مؤتمر السلامة والصحة المهنية.    محاضرات لتعزيز ثقافة الرعاية في مستشفى الملك سلمان    النزاعات والرسوم الجمركية وأسعار النفط تؤثر على توقعات اقتصاد دول الخليج    ممنوع اصطحاب الأطفال    12024 امرأة يعملن بالمدن الصناعية السعودية    تركي بن هذلول: خدمة الحجاج شرف خصه الله بالمملكة حكومةً وشعبًا    وزارة التعليم وموهبه تعلنان انطلاق أولمبياد الفيزياء الآسيوي    "الدعم السريع" يلجأ للمسيّرات بعد طرده من الخرطوم ووسط السودان    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي نائب رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا    الهند وباكستان تصعيد جديد بعد هجوم كشمير    حرس الحدود يختتم معرض "وطن بلا مخالف" في جازان    وزير الداخلية يدشن مشروعات متطورة في المدينة المنورة    علاج أول حالة ارتفاع دهون نادرة في جازان    أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة فهد بن سلطان    إنهاء معاناة طفل من جلطات دماغية متكررة بسبب مرض نادر    أمير منطقة الجوف يلتقي أهالي محافظة دومة الجندل    زوجان بنجلاديشيان .. رحلة من أمريكا إلى مكة المكرمة    إطلاق مبادرة المترجم الصغير بجمعية الصم وضعاف السمع    من جيزان إلى الهند.. كيف صاغ البحر هوية أبناء جيزان وفرسان؟    سعد البريك    سوريا بين حرب أهلية ومشاريع تقسيم    الرفيحي يحتفي بزواج عبدالعزيز    الأمير سعود بن جلوي يتفقد مركز ذهبان ويلتقي الأهالي    "الشؤون الإسلامية" تنفذ برامج التوعية لضيوف الرحمن    "المنافذ الجمركية" تسجل 3212 حالة ضبط    أمير جازان يستقبل مدير عام فرع وزارة العدل بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اهميته صارت كبيرة بالنسبة الى الانسان . الواقع الافتراضي صار حقيقة على ايقاع ... الكومبيوتر
نشر في الحياة يوم 03 - 06 - 1996

أصبح الكومبيوتر الاداة الاساسية الفعالة للرسوم التصميمية في معظم الصناعات تقريباً. واحتلت تكنولوجيا التصاميم المعدة بواسطة برامج الكومبيوتر "CAD موقع ألواح الرسم التي كان المصممون والمهندسون يستخدمونها لانجاز مهامهم. وساعدت تكنولوجيا الواقع الافتراضي Virtual Reality في تحويل التصاميم الى صور شبه حية يمكن التوغل داخلها والاطلاع على تفاصيلها بصورة مثلثة الأبعاد تتيح دراستها بدقة من الداخل والخارج. واكتشاف مواقع العجز والخلل فيها، ومن ثم تصحيحها من دون الحاجة الى اعادة تصميمها مرة اخرى او رسمها من جديد. وهذا بالطبع يوفر الكثير من الجهد والمال والوقت للشركات او المؤسسات المعنية.
ولم يكتف المسؤولون عن بعض الصناعات التي يلعب فيها الانسان دوراً رائداً، مثل صناعة السيارات والطائرات والجرافات والغواصات والمعدات العسكرية، بتطبيق تكنولوجيا الواقع الافتراضي على تصاميم منتوجاتهم فحسب. بل حاولوا تطبيقها بصورة تتيح لهم دراسة ما اذا كان مستخدمو تلك الاجهزة والمعدات من رجال او نساء قادرين على تشغيلها بسهولة وراحة وأمان. لذلك قاموا بتصميم رسم مثلث الابعاد لرجل وآخر لامرأة بحيث تمكنهما تقنية الواقع الافتراضي من الجلوس في غرفة القيادة وتجربة الأدوات والمعدات المستخدمة في تشغيل تلك المركبات للتأكد من سهولة الوصول اليها والتعامل معها. كما تمكنهما من دراسة ماهية الاضرار الجسدية التي يمكن ان يتعرضا اليها في حالة اصطدام مركبتهما، بمجرد الاطلاع على وضعية اعضاء الجسد الداخلية التي تظهر بوضوح عبر هياكلهما العظمية وتصاميم اجسادهم الشفافة. وقد استغرق تصميم جسدي الرجل والمرأة بتقنية الواقع الافتراضي 15 سنة من الابحاث في جامعة بنسلفانيا الاميركية وبكلفة بلغت 20 مليون دولار.
ويعتبر رجل الواقع الافتراضي الذي يطلق عليه اسم "جاك" اكثر التصاميم الكومبيوترية شبهاً بالانسان حتى الآن. وتعتمد حركته وتصرفاته على اسلوب برمجته مسبقاً.
ولم تقتصر تطبيقات تكنولوجيا الواقع الافتراضي على الصناعة والتصاميم الهندسية فحسب بل تعدتها لتشمل علوم الفضاء والطب وعديد المجالات الاخرى، كما يبين التحقيق الآتي:
ظهرت فكرة الواقع الافتراضي Virtual Reality في الثلاثينات عندما اخترع العلماء اول جهاز للتدريب التظاهري على قيادة الطائرات. والواقع الافتراضي علم يعتمد على خلق بيئة اصطناعية دقيقة التفاصيل يصعب تمييزها عن البيئة الحقيقة على ارض الواقع. ويتطلب ذلك استخدام جهاز الكومبيوتر للتأثير مباشرة على الحواس وخلق بيئة وهمية تنقل المستخدم الى واقع غير موجود اصلاً. وبما ان هذه العملية تفترض وجود البيئة الحقيقية في عيني الناظر، فان مستخدميها يعتمدون على النظارات او الخوذات الخاصة المبرمجة لخلق صورة وهمية لعالم افتراضي.
وقد تم الاستعاضة عن لوحة المفاتيح بقفازات رقيقة يلبسها الشخص لتتعرف على شكل اليد وتعوض عنها في بيئة الواقع الافتراضي، كما يلبس المستخدم خوذة خاصة تلاحظ حركة الرأس والعينين. تمر المعلومات التي يتزود بها القفازان والخوذة بصورة مستمرة الى الكومبيوتر الفائق القوة، وبهذا يطغى شعور خاص عند المستخدم بحب التحليق في اجواء هذا العالم الجديد عالم الواقع الافتراضي وكأنه ضمن شخصيات من الرسوم المتحركة. لقد تم اختراع مصطلح الواقع الافتراضي Virtual Reality في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT وذلك في نهاية السبعينات للتعبير عن وجود انساني ضمن فضاء من صنع الكومبيوتر. ومن الممكن تقسيم مفهوم الواقع الافتراضي الى قسمين:
1- التواجد عن بعد Remote Presence حيث يستخدم الواقع الافتراضي للتحكم بآلات او روبوتات موجودة فعلاً في عالم الحقيقة.
2- الاجتماع المرتبط Teleconferencing حيث يكون المستخدم متمثلاً بشكل أو بآخر في الواقع الافتراضي مع امكان تفاعله مع عوامل اصطناعية او اشخاص حقيقيين.
لقد كثر الحديث عن الابداعات الممكنة في هذا المجال، وذهب الخيال مذهبه ولكن الحقيقة تبقى ان هذه الخيالات ذهبت ابعد من الحقيقة والواقع الافتراضي. ومع ذلك فان كل ما قيل قد يتحقق في القريب العاجل.
كنا نقرأ ونحن في المدرسة الابتدائية عن قصة الفارابي والعيدان، وذلك حين دخل الفارابي على قوم وبدأ بترتيب العيدان التي معه! اضحكهم. فكها وغيّر ترتيبها فأبكاهم! فكها وأعاد ترتيبها فناموا! تركهم نياماً وانصرف عنهم. هل تهيأت للقوم اشكال ليتأثروا بشكل العيدان وهل كانت هذه نماذج عن الواقع الافتراضي؟
- في اللهو: قد لا نبالغ القول بأن تطوير الواقع الافتراضي في العديد من جوانبه كان وما يزال في مجالات اللهو. والسبب في ذلك يعود الى ان لهذا المجال الاهمية الاكبر من ناحية المردود المادي للأفراد والشركات على حد سواء. وصالات اللهو واللعب المنتشرة في العديد من بلدان العالم تعج بالأجهزة التي تُقرب مستخدمها من الواقع الافتراضي. فهناك العديد من الاجهزة التي تعطي لمستخدمها الشعور بأنه يقود طائرة حربية او مدنية مثلاً ويقوم بالحركات المطلوبة والمصاحبة لتلك القيادة من خلال العربة التي يركبها والمثبتة على قوائم هيدروليكية تتحرك بتناغم وانسجام مع ما يشاهده.
وقد تطورت هذه الألعاب ليدخل فيها عنصر التفاعل بين الآلة واللاعب او بين الآلة واللاعبين من جهة وبين لاعبين آخرين من جهة اخرى اذا كانت اللعبة مصممة لأكثر من لاعب واحد. وتستهدف في الوقت الحاضر المراهقين والفئات العمرية الاخرى من الجنسين. ويتم في الوقت الراهن بناء اكثر من 300 موقع في اليابان لاستخدامها في عرض لعب الواقع الافتراضي التي تركز بشكل رئيسي على عملية التفاعل بين الآلة واللاعب.
- في الحرب: ولا نبالغ على الاطلاق في القول بأن كل ما طور في مجال الواقع الافتراضي كان وما زال في خدمة الأغراض العسكرية. ويرجع هذا الامر الى ما قبل الحرب العالمية الثانية عندما أراد القادة العسكريون ان يهيئوا بيئة وهمية للتدريب على أعمال الحرب.
جاء نظام الSIMNET وطور للتعويض عن الطرق القديمة في التدريب والتي كانت تؤدي الى خسارة في الأملاك والارواح، حيث ان التدريبات الحربية تتطلب مناورات قد تكون بالذخيرة الحية او يستعاض عنها باستخدام اشعة الليزر التي يطلقها الجندي على العدو ليتم تسجيلها كنقطة لصالحه اذا ما اصابت خوذة الجندي الآخر. ويتطلب ذلك ادخال الكثير من الدروع والآليات الاخرى الى ساحة المناورات وما ينتج عن ذلك من مصاريف باهظة وكانت مؤسسات حلف الناتو تصرف ملايين الدولارات كتعويض للمزارع والطرقات من جراء ذلك. احدى امكانات البرنامج التدريبي "سمنيت" هي انه يستطيع تدريب الجنود والضباط والقادة على حد سواء في بيئة "الواقع الافتراضي" التي تستطيع ان تهيئ للمتدربين كل ما يتعلق بوقائع المعارك الحقيقية من تواجد كافة انواع الاسلحة من دروع وآليات وطائرات ومدافع. ومن تواجد حقول او جبال او اي اختلاف في طوبوغرافية الارض التي تدور عليها المعارك ويمكن تطوير ذلك ليشمل الجو وتقلباته واضافة حقول الالغام او اي حواجز طبيعية او صناعية اخرى. وستهيئ التطورات الجديدة للقادة استخدام ما يدعى بالبساط السحري اذ تمكنهم من مراقبة ارض المعارك من اي زاوية يشاؤون من دون ان يشعر بوجودهم احد من المتدربين.
- في الهندسة والتصميم والعمران: كان الهدف الاكبر خلال العشرين سنة الماضية من تطوير تكنولوجيا الواقع الافتراضي منصباً على تطوير التصميم الهندسي بتحويله من الاعتماد الكلي على المهندس الى الاعتماد على الآلة. فكل البرامج التي طورت واستخدمت في هذا المجال مثل الكاد والكام والكيم CAD, CAM and CIM والتي لها القدرة ليس فقط على التصميم والرسم الهندسي لمشاريع غاية في التعقيد، بل تزويد المهندس والمقاول والزبون بكل التفاصيل الدقيقة قبل ان يتم جبل اول خلطة من الاسمنت. وأصبح بامكان المصمم ان يذهب بصحبة الزبون في "رحلة" افتراضية داخل المبنى او الدار ليشاهدان الفضاءات المختلفة من غرف استقبال وغرف راحة وما الى ذلك بكامل اثاثها، ويتمكنوا بعد ذلك من اقتراح التغييرات او التعديلات في اي جزء من اجزاء المبنى. وقد استخدمت تقنية الواقع الافتراض كذلك في عملية دراسة الاضافات الى مبان موجودة اصلاً للاطلاع على اشكالها بعد الاضافة ومعرفة ما اذا كانت المباني تتحمل مثل تلك الاضافة أم لا. ولكن هل تتمكن تقنية الواقع الافتراضي ان تحسب المخاطر الناتجة عن الزلازل وتأثيرها على العمارات التي تشيد في المناطق الناشطة زلزالياً، خاصة وأن كارثة مدينة كوبي اليابانية ما تزال في الذاكرة القريبة وفي بلد يُعنى بصورة كبيرة في دراسات وتطبيقات الواقع الافتراضي؟
لقد مكنت تقنية الواقع الافتراضي بعض الشركات من اختصار اشهر عدة وفي بعض الاحيان سنوات عدة من الوقت اللازم لطرح منتوج جديد في الاسواق. فعلى سبيل المثال لا الحصر استطاعت شركة كاتربلر ان تسوق احد منتوجاتها بدءاً من كونه فكرة ولغاية الانتاج الفعلي ب39 شهراً فقط في حين كان مخططاً لهذا المنتوج ان يأخذ بين 5 و7 سنوات.
ان استخدام تقنية الواقع الافتراضي في الصناعة يشمل كل مجالاتها من الآلات والمعدات الثقيلة الى الموتورات الصغيرة الحجم او مبيدات الحشرات وتصاميم الأدوية ومركباتها ووسائل المواصلات من سيارات وطائرات وقطارات وسفن.
- في الطب: يتيح الواقع الافتراضي الذي يصور جسم الانسان فرصة ذهبية للجراحين والاطباء والطلبة كي يستكشفوا ظاهر الجسم وما في داخله من اعضاء وأجهزة جزءاً او كلاً كالدماغ والقلب والكلى الى آخر القائمة غير المنتهية من التفاصيل والدقائق. مع اعطاء هذا الجسم البشري الشبه حقيقي امكانية التعبير عما يشعر به من خلال ملامح الوجه. كل هذا سيكون له تأثيرات كبيرة جداً على الأبحاث الطبية اضافة الى دخوله المباشر في العمليات التعليمية في مجالات الطب المختلفة. فعلى سبيل المثال في مجال جراحة التجميل تعتبر دارسة تعابير الوجه وملامحه من الامور المهمة للجراح لأنها تعطيه تصوراً شبه حقيقي عن الكيفية التي سيكون عليها الوجه بعد الانتهاء من العملية التجميلية.
وقد تتطلب تكنولوجيا الواقع الافتراضي اعادة تأهيل كافة العاملين في المستشفيات ليتمكنوا من العمل في البيئة الجديدة مع كل الاجهزة المعقدة والموتورات الصغيرة جداً التي ستعج بها المستشفيات في القريب العاجل. هذه الاجهزة الجديدة هي تلك التي تستطيع ان تصل الى كافة التجاويف والفجوات الصغيرة داخل الجسم للقيام بعمليات غاية في الدقة بواسطة تكنولوجيا التحكم عن بعد.
وفي بوسطن في الولايات المتحدة الاميركية يجري العمل على تكوين صورة مجسمة للمخ لتمييز "جغرافية" مخ اي انسان عن "جغرافية" المخ المرسوم في الكتب. حيث يتم اخذ سلسلة من المسوحات الاعتيادية غير المجسمة وربطها مع بعضها للوصول الى الصورة المجسمة للمخ التي تعطي الجرح الشكل الحقيقي للمخ ليتمكن من تحديد مكان اجراء العملية.
لقد اصبح تطبيق تكنولوجيا الواقع الافتراضي في الجراحة مهماً كأهميته بالنسبة الى الطيارين في تدريباتهم قبل ان يمنحوا شهادة التأهيل المناسبة. إذ ان هناك اقتراحات جدية في المجتمع الطبي للتأكيد على ان الجراحين يجب ان يشغلوا منصب معاونين في ما لا يقل عن خمس عشرة عملية قبل السماح لهم بالقيام بها بمفردهم.. ولذلك يصبح استخدام الواقع الافتراضي لتدريب الجراحين ذا أهمية بالغة في هذا المضمار.
غير ان بعض الجراحين راح ينعت المتدربين على جراحة الواقع الافتراضي ب "أطباء الننتندو" نسبة الى لعبة الننتندو. مع العلم ان لعب الكومبيوتر اثبتت نجاحها في تحسين قدرة الجراح المتدرب. وفي الوقت الذي يجب التأكيد على اهمية جراحة الواقع الافتراضي في خلق جيل من الجراحين المهرة في مختلف المجالات، فإنها لن تكون بديلاً من الجراحة الحقيقية ولسبب بسيط هو ان الجراح يتعامل مع حياة الانسان.
وفي كلية طب بومان غراي في ولاية نورث كارولاينا الاميركية تمكن الدكتور ديفيد فايننغ وفريق من الباحثين من استخدام اجهزة المسح الطبقي وتطويعها بصورة مكنتهم من الحصول على صور مثلثة الابعاد لاعضاء الجسم الداخلية وسمحت لهم بالتوغل داخل الجسم والتحليق في فضائه لتسهيل عملية الكشف عن الأورام الخبيثة التي تعجز الاشعة السينية rays-X عن كشفها بسهولة.
وتمكن الاطباء النفسانيون في جامعة أمروي وجامعة جورجيا للتكنولوجيا في اتلانتا الاميركية من استخدام تكنولوجيا الواقع الافتراضي في معالجة مرضى الرهاب الذين يعانون من رعب ركوب المصاعد والتواجد في الامكان المرتفعة او وسط الثعابين والعناكب وغيرها.
- في حماية وتحسين البيئة: في ولاية ايلينوي الاميركية وبمساعدة الواقع الافتراضي تم عمل ما يسمى بالكهف Cave ليمثل مساحة مقدارها 6400 ميل مربع من خليج جيسابيك Chesapeake وذلك بهدف حماية وتحسين بيئته التي يهدد احياءها البحرية خطر التلوث. وهذا الكهف عبارة عن غرفة مظلمة بحجم 9*10*10 قدم تعرض فيها صور مجسمة وصوت لتمثيل حقيقة ال64000 ميل مربع في البحر، وحتى يستشعر الزائر البيئة فإنه يزود بنظارات خاصة ليشعر تماماً بأنه قد نزل الى الأعماق ليشاهد ويسمع كل ما يدور فعلاً في مياه البحر الحقيقية. وتبدأ "الرحلة" التي تستمر خمس دقائق بأن يشعر الزائر كأنه يحلق فوق سطح البحر من ارتفاع 100.000 قدم ليشاهد المنظر من الأعلى بكل ما فيه من جبال ووديان وأنهار ومصباتها في مياه الخليج. يشعر الزائر بأنه يهبط تدريجاً ويبدأ بسماع صوت طيور النورس ومن ثم يهبط تماماً الى سطح البحر ليسمع صوت ارتطام جسمه بالمياه. بعد ذلك يغوص الى الأعماق ليستشعر كل تفاصيل ما تحت سطح البحر. وحتى عملية اختلاط المياه العذبة بمياه المحيط المالحة قد تم تمثيلها بالواقع الافتراضي.
وما هذا إلا غيض من فيض مما تحقق في مجال الواقع الافتراضي. اما ما ينتظر تحقيقه مستقبلاً فأكثر من ذلك بكثير.
المستقبل
من المتوقع ان يتضاءل حجم الخوذة المستخدمة في تمثيل الواقع الافتراضي ليصبح على شكل نظارات وسماعات للاذن كالتي تستعمل لسماع الموسيقى من جهاز الووكمان Walkman. اما الكومبيوتر الفائق القدرة الذي سيعطي الاحساس بالواقع الافتراضي فسيكون بحجم الووكمان الذي يثبت في الحزام او يوضع في حقيبة اليد. وباستخدام النظارات وسماعات الاذن والكومبيوتر الصغير المحمول سيستطيع مستخدمها ان يختار بين الغوص في أعماق البحار او السفر في رحلة قصيرة الى المريخ او سهرة ممتعة مع من يحب وبالشكل الذي يريد!! كل هذا لن يكون ممكناً إلا اذا استطاع الفرد ان يدرك ماهية سرعة الكومبيرترات الحالية في القيام بما يخطط لها، ولن يكون هذا اليوم بعيداً على الاطلاق ان لم يكن قد تحقق منه الكثير مع كتابة هذه السطور.
سيكون للواقع الافتراضي تأثير محسوس بلا شك على المجتمعات المختلفة وسيكون له حضارة خاصة لا تعرف حدوداً. وفي آخر مسح للشبكة الدولية للمعلومات الانترنت وجدنا ان هنالك عشرة مواقع رئيسية تهتم بموضوع الواقع الافتراضي. ان استعمال هذه التقنية سيكون بسهولة استعمال التلفون، ولكن بأبعاد مختلفة تماماً تفوق الكومبيوتر واستخداماته الحالية. وأعلن قبل اشهر عدة ان جسماً بشرياً ذكراً قد استخدم ولأول مرة في التاريخ في الحصول على المئات من المقاطع وبكثافة ميلمترات عدة فقط، تم مسحها بواسطة ماسحات تشبه تلك التي تستعمل في المجهر الالكتروني وتم تزويد الكومبيوتر بالنتائج التي تعرض الآن على شبكة الانترنت ويمكن الاطلاع عليها من قبل الجراحين والاطباء وكل من له اهتمامات في هذا الجانب. ويتم الآن الاعداد لتزويد الانترنت بمعلومات شبيهة لجسد الانثى.
لذا، فإن لهذا المجال الجديد اهمية كبرى توجب الولوج الى كافة جوانبه والانتفاع بها علمياً وثقافياً وسياسياً واعلامياً وصناعياً وتجارياً واجتماعياً، والدخول الى عالمه من دون خوف او رهبة بعد ترويضه كلياً لصالح الجنس البشري. لقد ذكر احد الكتّاب بأن "المارد قد خرج من القمقم ولا يوجد طريقة لارجاعه على الاطلاق". لذلك فإن الطريقة الوحيدة هي في التعايش مع هذا المارد وترويضه لاسعاد البشرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.