رئيس فريق فالكونز: مستعدون لخوض كأس العالم للرياضات الإلكترونية ب 60 لاعبًا في 5 ألعاب للمرة الأولى    اختتام أعمال توزيع هدية خادم الحرمين الشريفين    وفاة بزه بنت سعود وعبدالله بن سعود    أمر ملكي: تعيين ماجد الفياض مستشارًا بالديوان الملكي بالمرتبة الممتازة    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    إطلاق جائزة "أداء الصحة"    4 برامج لتأهيل الكوادر الوطنية في التخصصات الصحية    موجز    بين الدولة السورية و«قسد» برعاية أمريكية.. اجتماع دمشق الثلاثي يرسم ملامح تفاهم جديد    محرك طائرة يبتلع رجلاً أثناء الإقلاع    استهدف مواقع تابعة ل"حزب الله".. الجيش الإسرائيلي ينفذ عمليات برية جنوب لبنان    أمر ملكي: تعيين الفياض مستشاراً بالديوان الملكي    ليش مستغربين!    إدارة الأهلي تتجاهل الإعلام في حفل تدشين شعار النادي    أنديتنا.. التقييم أولاً    إحباط تهريب 310 كجم مخدرات    آل باخذلق وآل باعبدالله يحتفلون بزواج عبدالعزيز    العتيبي يحتفل بزفاف نجله عبدالله    "لويس الإسباني".. أول رواية عربية مستوحاة من "الفورمولا"    جسرنا الحضاري    "درويش" في الخليج نهاية أغسطس    "ورث" يجدد الفنون بلغة الألعاب الإلكترونية    خالد بن سلمان يبحث المستجدات مع وزير الدفاع المجري    دراسة: بكتيريا شائعة تسبب سرطان المعدة    سان جيرمان يقسو على ريال مدريد برباعية ويبلغ نهائي مونديال الأندية 2025    مشاركة سعودية في تطوير التحكيم الآسيوي .. اختتام برنامج شهادة مقيمي الحكام 2025    منتخبات الأحساء وعسير والجوف والمدينة تكمل قائمة المتأهلين لبطولة المنتخبات الإقليمية تحت 13 عاماً    إلغاء إلزامية خلع الحذاء عند نقاط التفتيش في جميع مطارات أميركا    وزير الاتصالات يعقد اجتماعات مع قادة المنظمات الدولية ووزراء الاقتصاد الرقمي    بيتكوين تسجل أعلى مستوى لها مقتربة من 112 ألف دولار    المملكة توزّع (2.617) سلة غذائية في عدة مناطق بباكستان    مستشفى الأقصى.. «أيامنا معدودة»    "الثقافة" تنظّم الأسبوع الثقافي السعودي في أوساكا    القيادة تهنئ رئيس الأرجنتين بذكرى بلاده    300 طالب في «موهبة الإثرائي» بالقصيم    «الشورى» يقر دراسة إنشاء سوق لتداول أدوات الدين والتوسع بالإدراج المزدوج    «الديوان الملكي»: وفاة بزه بنت سعود..ووالدة عبدالله بن سعود بن سعد    "القصيم الصحي" يكرم المتميزين في مبادرة "إنسانيون الصحة"    ضبط 4 باكستانيين في المدينة المنورة لترويجهم (1.7) كجم (شبو)    وزير الدفاع يستقبل وزير دفاع المجر    نائب أمير منطقة مكة يستقبل معالي الأمين العام لهيئة كبار العلماء في ديوان الامارة    فرع هيئة الصحفيين السعوديين بالمدينة المنورة ينظم ورشة " الأخبار العاجلة بين السبق والمصداقية"    معالي أمين الشرقية يزور معرض سكني بالخبر    معالي الوزير الحقيل يبحث تحديات القطاع البلدي مع رجال الأعمال في الاحساء    أمير تبوك يزور الشيخ أحمد الخريصي في منزله    أمير تبوك يطلع على التقرير الشامل لأداء إدارة التعليم بالمنطقة    "الذوق العام" تدرب مندوبي التوصيل على مستوى المملكة        أمير منطقة جازان يرعى حفل افتتاح ملتقى "جسور التواصل 2025"    أمير تبوك يستقبل رئيس المجلس التأسيسي للقطاع الشمالي الصحي والرئيس التنفيذي لتجمع تبوك الصحي    زيادة بنسبة 121% في عدد العمليات الجراحية في تجمع الأحساء الصحي    روسيا تشن هجوما جديدا بالصواريخ والمسيرات على أوكرانيا    دراسات حديثة: الكركديه ليس آمناً للجميع    إطلاق مبادرة "إثراء قاصدينا عِزُّ لمنسوبينا"    مستشفى الملك فهد الجامعي يدشّن "صوت المستفيد"    التطبير" سياسة إعادة إنتاج الهوية الطائفية وإهدار كرامة الانسان    الحب طريق مختصر للإفلاس.. وتجريم العاطفة ليس ظلماً    ترحيل السوريين ذوي السوابق الجنائية من المانيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الوسط" تلتقي رئيس مجمع اللغة العربية في القاهرة لمناسبة الدورة السنوية للمجمع . ابراهيم بيومي مدكور : هذا أوان الفصحى في الكتابة والاذاعة ... وتعليم الطب
نشر في الحياة يوم 25 - 01 - 1993

يعقد مجمع اللغة العربية في القاهرة دورته لهذا العام في 30 كانون الثاني يناير 1993، وقيل انعقاد الدورة التقت "الوسط" رئيس المجمع الدكتور ابراهيم بيومي مدكور الذي تحدث عن آلية عمل المجمع وعلاقته بالمجامع اللغوية العربية والمدى الذي يصل اليه في التأثير على حضور اللغة العربية في المجتمعات الناطقة بها.
وابراهيم بيومي مدكور من مواليد العام 1902 احتل مقعد رئاسة المجمع بعد وفاة طه حسين، مارس التعليم الجامعي وشغل منصب الوزارة وعضوية مجلس الشيوخ، وله اهتماماته وكتاباته في شؤون اللغة والفلسفة والاجتماع. رئيس المجمع متفائل، فاللغة العربية أثبتت قدرتها على النمو وملاءمة تطورات الحضارة، وهي افضل حضوراً مما كانت عليه في اوائل القرن الحالي، ويبقى ان يعم استخدامها في التعليم الجامعي، بما في ذلك كليات الطب... وأول الكلام على آلية عمل المجمع من خلال دورته الجديدة:
* دورة مجمع اللغة العربية المقبلة ماذا أعددتم لها؟ وما هو موضوعها الرئيسي؟
- الواقع ان مجمع اللغة العربية له لقاء سنوي يلتقي فيه الاعضاء المصريون مع زملائهم من الاعضاء العرب والمستعربين وقد كان هذا اللقاء في الماضي يمتد شهرين كاملين، وقضت مصالح وواجبات كل الهيئات المشتركة فيه ان يستغرق اللقاء اسبوعين على اكثر تقدير وقد نمده الى ثلاثة اسابيع.
القصد من اللقاء ألا تقف خدمة اللغة العربية عند الاعضاء المصريين وحدهم، بل ان يعاونهم في ذلك المعنيون باللغة العربية في العالم العربي بل وفي العالم الغربي. ومن هنا كان لنا هيئتان: مجلس ومؤتمر. اما المجلس فيتولى الامر فيه الاعضاء المصريون ويعاونهم من يعاونهم من خبراء او من اعضاء المجمع والمراسلين اذا ما اقتضى الامر ذلك.
والحقيقة هذه نقطة أحب ان تكون واضحة، عمل المجمع يبدأ دائماً لدى المتخصصين في لجان معينة وفي المجمع عدة لجان، لكل لجنة اختصاصها ألفاظ الحضارة، لغة العلم، الفلسفة، العلوم السياسية... وهكذا. كل هذا اساسه ان تستوفى المسائل بحثاً، والمصطلحات العلمية بخاصة والحضارية ايضاً، ان يقول الكلمة فيها كل في ما يتصل به، هذه اللقاءات تتم في لجان، لكل لجنة تخصصها، وأعمال اللجان تعرض عادة على مجلس المؤتمر فإن أقرها لا تكون نهائية الا يوم ان تعرض على مؤتمر المجمع، ومؤتمر المجمع هيئة تشتمل على اعضاء المجمع من المصريين وعلى غيرهم من اخوانهم العرب والمستعربين.
وهذا اللقاء سنوي، كان يمتد كما قدمت الى شهرين والآن يقف عند اسابيع، اسبوعين او ثلاثة، نلتقي فيه مع اخواننا، هذا الى اننا عادة نبعث بمقترحاتنا وقراراتنا وقرارات لجاننا ومجلسنا الى الهيئات العلمية المتخصصة، بحيث اذا أبدت ملاحظة أمكن ان يعاد النظر في ما أبديت عليه الملاحظة. هذا هو التعاون الذي يتم عن طريق مجمع اللغة العربية، ولست في حاجة الى ان اقول ان لدينا اتحاداً هو اتحاد المجامع يمثل المجامع اللغوية في العالم العربي جميعه، وأعمالنا كلها نتبادلها بين اعضاء هذا الاتحاد ليبدي كل مجمع عضو ما يراه في ما يقترح من مصطلحات علمية او حضارية.
* ما هو موضوع الدورة؟
- دورتنا عادة تقوم اساساً على اعمال مجلس المجمع طوال عام مجمعي كامل، وأعمال المجمع اما ان تكون دراسات تتعلق بقواعد اللغة، نحوها وصرفها، او بالمصطلحات العلمية على اختلافها، وكل ذلك يمر بطريقه الطبيعي، وهو اللجان، ثم المجلس، وبعد ذلك لا تكون نهائية الا يوم ان تعرض على المؤتمر، وعند اعتمادها تبلغ للجهات المعنية وتأخذ طريقها الى التنفيذ لدى المجامع والاتحادات.
* لدورة المجمع السنوية عنوان رئيسي عادة؟
- قد نعنى بألفاظ علوم معينة نجعلها محل بحث، ولكن، حقيقة، نحن نفتح الباب للأعضاء المشتركين ليقدموا ما يعن لهم من مقترحات او محاضرات، وهذه المحاضرات بعد ان تعرض على المؤتمر تأخذ طريقها الى اللجان العلمية المتخصصة لتنتهي فيها الى قرارات تعود مرة اخرى الى مجلس المجمع ثم الى دورته.
* اذا اتفقت معي ومع من يقول ان اللغة كائن حي، ففي اي طور حياة اللغة العربية الآن؟ وما هو موقفها؟
- في طور النمو، واللغات الصحيحة هي التي تبرهن على حياتها وتطورها مع متطلبات العصر والعلم والحضارة، ولا شك في ان العربية افسحت صدرها قديماً ولا تزال تفسحه حتى اليوم لكل جديد، اما ان تجد له لفظاً عربياً او قد تضطر للتعريب، ولا بأس من التعريب ان دعت اليه ضرورة.
* اي انك ترى موقف اللغة العربية التاريخي الآن انها متسعة الصدر ومستوعبة للحضارة من حولها؟
- نعم... لا بد من ذلك وإلا فإن حضارتنا وعلمنا يتوقفان عند محطة الصفر ونحن لا نريد لهما ان يقفا عند محطة الصفر ابداً... ولا شك في ان العربية برهنت الآن على انها اذاعياً تستطيع ان تؤدي رسالتها، وعلمياً وبحثياً نكتب ونؤلف باللغة العربية محاضرات، مؤتمرات، لقاءات في اوساط عربية او تعنى بالعربية، كل ذلك لا شك يبرهن على ان العربية لغة حية تنمو بنمو الزمن وتواجه متطلبات العصر والحضارة.
* ما هي ملاحظاتك اللغوية على الأدب المكتوب باللغة العربية الآن؟
- دع جانباً بعض اجتهادات الشباب التي تقوم على إدخال العامية في ما يكتبون وما يؤلفون، ولكني ارجو لهم ان يأخذوا انفسهم بعربية سهلة واضحة ميسورة، ولا شك في ان لغة الاذاعة اليوم تبرهن على ان العربية قادرة على ان تؤدي رسالتها في العالم العربي جميعه وللسامعين جميعاً بألفاظ عربية واضحة مفهومة. صحافتنا تكتب باللغة العربية وفيها ما يؤدي ايضاً متطلبات العصر حضارياً وعلمياً وسياسياً واقتصادياً.
الشعر موسيقى
* وما هي ملاحظاتك على لغة الشعر؟
- الشعر... هذا موسيقى تترك لوزانيها، ونحن نحرص على الوزن التقليدي لكي يكون شعراً حقيقياً، ان كان هناك شعر دارج او يخرج على هذه الموسيقى، ان صح انه طابت له النفس لا مانع من ان يأخذ طريقه الى الحياة، وان يسير فيها، ومهما يكن من أمر المهم ان نثبت دائماً ان العربية لغة حية تستطيع ان تواجه متطلبات العصر علمياً وحضارياً واجتماعياً وسياسياً.
* وهل تدخل في هذا الاطار قصيدة النثر؟
- قصيدة ماذا؟
* يسميها اصحابها "قصيدة النثر".
- هذه تسمية فيها شيء من المغالطة، النثر لا يكون قصيدة، القصيدة موسيقى، اما ان يقول القائل نثراً ويزعم انه شعر، فإنه اذا كان فيه شيء من روح الموسيقى، قد يأخذ طريقه الى الحياة ويتبادله الناس. لا بد من شيء من النغم في ما يقدم للسامعين والقارئين والكاتبين، كي نسميه موسيقى، كي نسميه شعراً او كي نسميه شيئاً تطيب له النفس ويُتغنى به.
* ما هو موقف الشعر الجديد من الاستمرارية ومن الثبات في التاريخ الأدبي؟
- الشاعر حقاً يحرص على ان يكون لكلامه موسيقى ووزن، فإن لم يحقق ذلك فهو شعر منثور وليس شعراً.
* وهذا شيء موجود في العربية "الشعر المنثور"؟
- موجود للاستعمال ولكن لا أظن انه في غناء او في حفل موسيقي يجد سبيله الى الحياة، الا ان كان له شيء من الوزن و "الريتم" كما يقولون.
* هل القرآن الكريم هو الذي نقيس اليه تطور اللغة العربية وسلامتها وصحتها؟ وما شأن المسافة بين لغة القرآن ولغة العامة في عصرنا الراهن؟
- لغة القرآن لغة مقدسة وهي عربية، وعربية سهلة لمن يفهم العربية، ولنضع هذه جانباً لقداستها ولمنزلتها، قداستها لأنها لغة القرآن لغة الرب، اهميتها هي قيادة، لأننا حين نحتج على اي استعمال بآية قرآنية يحيا هذا الاستعمال ويأخذ طريقه الى كل الكاتبين والباحثين. العربية نسميها عربية لأنها لغة القرآن، من بين لغة العامة الآن ما يقرب من لغة القرآن ومن بينها ما يبعد، وهذا البعيد يموت قطعاً، قد يحيا اسبوعاً او اسبوعين او شهراً ولكنه لا يرزق الحياة الدائمة.
* ما رأي سيادتك في لغة الخطاب السياسي العربي وأعني بها لغة الرؤساء والزعماء وكبار الساسة العرب والوزراء؟
- لا شك في انها في تطور ولا شك في انها تحاول ان تخاطب الناس خطاباً يفهمونه ويقدرونه، وخطباؤنا من السياسيين لهم منازلهم على حسب مقدرتهم في أداء ما يقولون اداء واضحاً سهلاً مقبولاً.
* أتذكر انه منذ عامين او اكثر قليلاً اصدر مجمع اللغة العربية بالقاهرة في توصيات دورته توصية تطالب الزعماء العرب بالاعتناء بالبلاغة في خطاباتهم؟
- ما لغتنا؟... لغتنا الوطنية والدينية والقومية هي هي العربية ام شيء آخر؟ اذن لنحترمها ونقدسها، انما المهم ألا نغمض فيها، ألا نجعلها غريبة. ألا نبحث عن القديم البائد لنضعه في الاستعمال فلا يقوى على الحياة لأنه لا يشتمل على عناصر الحياة.
وأنا لا اسلم بكل ما يُخطب وبكل من يقول خطبة من السياسيين، ولكن في هذه الخطب ما هو صحيح، وهذا الصحيح هو الذي تقدر له الحياة، ولم يتمثل كاتب ولا باحث ولا دارس بجزء من خطبة ساقطة، كم من خطب تذهب مع الريح لأنها لا تستوفي عوامل البقاء.
* لم يعد هناك خطباء كبار؟
- كل ذلك اساسه النشأة، التكوين، القراءة، ومن توفر له ذلك سيؤدي ما يريد الأداء اللائق المفهوم. خاطبوا الناس على قدر عقولهم ولكن خاطبوهم بلغة سهلة واضحة صحيحة، كل ذلك سببه عمن نتحدث، ونرمي اليه. الواقع ان القيادات الآن بابها مفتوح لكل من له نشاط، وله حيوية، وقد لا تتوفر له وسائل الأداء اللغوي الكاملة، ولكن، ثق ان هؤلاء يشعرون بهذا النقص ويحاولون ان يستكملوه، ولا سبيل لأن تلقي خطاباً وتوجهه الى المشرق والمغرب دون ان يكون واضحاً الوضوح الذي يفهمه به اهل المشرق كما يفهمه اهل المغرب.
* ارى ان "سلة اللغة" في سبيلها الى التفريغ الدائم، والتسهيل والتخفيف والتيسير مما يذهب بالكثير من جمالياتها. ما رأيك، خصوصاً "انه ليس كل التسهيل امراً مطلوباً في اللغة"؟ وما دور مجمع اللغة العربية في وقف هذا النزيف؟
- التيسير الذي يهبط باللغة عن مستواها الحقيقي يعتبر قضاء على اللغة، لا شك في هذا، نحن نيسّر، ولكن نيسر بما هو مقبول وسليم، اما ما ليس بمقبول فتيسيره معناه غرس بذرة لا تصلح للبقاء، ونحن نرفض هذا تماماً.
استيعاب العاميات
* منذ عدة أشهر ثار جدل حول كلمات من العامية المصرية أقرها المجمع باعتبارها عربية صحيحة، وحققنا الموضوع في "الوسط" وأخذنا رأيك ورأي لغويين وادباء في تحقيق ثقافي واسع، ومن هذه الكلمات رزع وبلم وبرطم وغيرها، لماذا يثار أمر العامية المصرية على المستوى العربي بين وقت وآخر؟ هل هي منافسة بين المجامع العربية أم بين الحواضر العربية على الدور الثقافي؟
- نفيت هذا، لم نجز مثل هذه الكلمات، هذا ظلم لنا، هي مغالطات، ومن الخير ان تغلق عليها الباب، فينتهي الأمر، ولا تجعل من ذلك موضوع شكوى او مهاجمة. ولا نؤخذ الا بما نقره نحن، اما ما يقول به الآخرون فإن كان صالحاً سيبقى وان كان فاسداً سيموت وسنقرر فساده دون تردد، لا اعتقد ان هناك منافسة بين المجامع او بين الحواضر العربية، ونحن نفضل التعاون بدلاً من المنافسة، بدليل ان مجمعنا ليس مكوناً من اعضاء مصريين فقط، ولكن به اعضاء من العالم العربي شرقه وغربه وكل ذلك لأن اللغة لغة الجميع، ليست لغة مصر، مصر تؤدي رسالتها، ولكن هذه الرسالة نرجو ان يلتقي عندها اخوانها في العالم العربي جميعاً.
* لماذا لا تجاز ألفاظ من العامية التونسية او اليمنية او اللبنانية عن طريق مجمع اللغة العربية بالقاهرة؟
- اذا كانت ألفاظاً لها سندها من العربية لا غبار عليها، اذا ما جاء لفظ لبناني او عراقي ولكنه لا سند له من اللغة لا يستطيع مجمع اللغة العربية اجازته، لا تنس ان لدينا هيئة اسمها "اتحاد المجامع" وهذه عملها ان توحد الكلمة بين المجامع المختلفة ولنا لقاءات سنوية منتظمة، ولها مطبوعاتها ومؤلفاتها وتقوم باحياء اصول عربية الى غير ذلك، وبالتالي فإن اي مجمع عربي لا يجيز لبلده فقط، المجمع ليس هيئة سياسية، ونرجو ان تكون السياسة العربية واحدة لدى العرب جميعاً، مثل المجامع، هذا هو الذي ينبغي ان يكون، نحن امة واحدة ولنبرهن على اننا حقيقة امة واحدة. في اتحاد المجامع العربية نحن على صلة دائمة وتعاون ولدينا في مجمع اللغة العربية بالقاهرة اعضاء من المجامع الاخرى، لأن اللغة واحدة.
* ما هي ملاحظاتك على الاسماء والمسميات في مجتمع القاهرة؟
- مع الأسف فيها بعض العدوى من الألفاظ الاجنبية ولا يتدخل المجمع في هذا الا اذا عرض عليه، ولكن اعتقد انها "موضات" كالريح تهب وقتاً ثم تذهب، ومنها ما يقدر له البقاء، ومنها ما يفنى، ونحاول ان نفرض على الجماهير استعمالاً معيناً او لفظاً معيناً.
قلنا "محمدين" وهما "محمدان"، "الأحمدون" وهكذا، كل ذلك ما له حظ من البقاء سيبقى وما لا حظ له يذهب مع الريح.
الطب بالعربية
* أليس من الافضل ان يصدر مجمع اللغة العربية بالقاهرة وثيقة سنوية للعامة ينصح فيها بأشياء من هذا القبيل ويصحح فيها اي اعوجاج؟
- اعمال المجمع لا تقع في أيدي الناس جميعاً... المجمع له مجلة وله الى جانب هذا معجمات، أخرج "المعجم الوجيز" وأعطاه لوزارة التعليم المصرية واشترط عليها ان يكون معجماً مدرسياً، وأخرج "المعجم الوسيط" وهو على درجة اوسع، وأظنه المعجم المعتمد الآن في العالم العربي، وأخيراً اربعة اجزاء من "المعجم الكبير" وهذا للخاصة والمتخصصين، كل ذلك يريد به ان ييسر، فضلاً عن معجمات علمية في الطب والفلسفة والهندسة والسياسة، لغة العلم كما نسميها كنا نخرجها في الماضي في ما نسميه "مجموعات المصطلحات"، كل عام مجمع اللغة العربية في مؤتمره، المجلس اولاً يعد عدة من مصطلحات علمية في الرياضة في الطب في الهندسة ثم تعرض على المؤتمر، واذا ما اقرت اخرجت في "مجموعة المصطلحات"، انتقلنا من هذه المجموعة الى المعجمات التي اشرت اليها، المعجمات العلمية، لأن العلم اساسه لغته، ونريد لعملنا حتى الطب ان يكون باللغة العربية، ويكفي ان اشير الى اننا اخرجنا الآن جزأين من معجم طبي عربي، ونحن نتابع السير في هذا لكي يدرّس الطب كما تدرّس المواد الاخرى باللغة العربية.
* ولكن علماء الطب العرب وأساتذته الكبار يرفضون تدريسه باللغة العربية؟
- أظن سينتهي بهم الامر الى الموافقة، هم يرفضون لأنهم يريدون ان يقرأوا في الطب الحديث باللغة العربية، فليؤلفوا، وعلى المعنيين كتابة كتب طبية باللغة العربية، وعند ذلك من يعرف اللغة الاجنبية سينظر بها ليكمل حاجة او يستوضح شيئاً قرأه في النص العربي، نريد من المتخصصين ان يكتبوا علمهم وان يسجلوا دراساتهم في مؤلفات عربية ولا اظن ان السوق يضيق بهم بل، بالعكس، طلابهم وتلاميذهم في المدارس الثانوية وفي الجامعات يرحبون بأي كتاب عربي في اية مادة من المواد العلمية: هندسة، فلسفة، طب.
* ألا ينتج عن هذا انقطاع مع الحضارة الغربية؟
- لا، الانقطاع يكون إذا كنت لا تأخذ ولا تعطي، بالعكس نحن الآن اعتدنا الأخذ ولا نعطي، علينا ان نعطي.
* هل نحن في موقف يؤهلنا للعطاء؟
- أظن، وأرجو ان يكون هناك دراسات لبعض الباحثين منا تترجم الى اللغة الاجنبية فوراً، لأنهم يرون خيراً في ان تدخل وتنتقل هذه الثروة الى لغتهم، والعملية معروفة وتحصل في ألمانيا وفرنسا وانكلترا، واذا آمنا بأن العلم يسير فيجب ان نسير معه، والواقع ان حياتنا الجامعية ليست قديمة الا اذا نظرنا الى الدراسة الازهرية مثلاً او نحوها، لكن في القرن العشرين الواقع ان عمر الدراسات الجامعية 50 عاماً على آخر تقدير، هذا العمر كفيل بأن يعطي مؤلفات ومطبوعات، نحن سائرون في هذا الطريق الآن، العالم، طبيباً او جغرافياً او مؤرخاً، يكتب بالعربية كما يكتب بلغة اجنبية.
اسماء المحال التجارية
* ما الذي يمنع مجمع اللغة العربية بالقاهرة من ان يطلب من محافظة القاهرة عدم السماح بأسماء اجنبية على المحال التجارية وإعلانات الشوارع؟
- لا يفرض المجمع نفسه على هذا، انما يرجو القائمين على الأمر - ونحن على اتصال بهم - معالجة هذا، هي "موضة"، و "موضة" تموت وأخرى تعيش، "الموضات" السيئة تموت وتريحنا من ان نقول للناس او نمنعهم، وأظن اننا نتذوق العربية الآن بقدر احسن مما كنا عليه منذ خمسين او ستين عاماً مضت، البيت والمدرسة يجب ان نوجه العناية نحوهما اذا كنا نريد للغتنا حياة صحيحة مقبولة.
* كتابك "مع الأيام... شيء من الذكريات" لم يكن مذكرات بالمعنى المفهوم، اختلط فيه الشخصي بالموضوعي، بالدروس المستفادة، وكتبت بشكل منهجي بل وتعليمي، لماذا رفضت الافراط في السيرة الشخصية، وهل تختزن ذلك لعمل او لكتابة اخرى؟
- قصدت بما اكتب ما أرمي اليه لا لما اريده لنفسي، يهمني ان هذا الذي تتعاملون معه، وابراهيم بيومي مدكور تعنيه هذه القضايا وعلى كل حال أدع للآخرين ان يتحدثوا عني ولا أتحدث عن نفسي وأرجو ان اتابع ما كتبت، وأرجو الله ان استعيد صحتي لاستكمال هذه الذكريات، ان كان في العمر بقية فهذه سلسلة سأعود اليها مرة اخرى.
* هل لديك الوقت والصحة لكتابة شيء الآن؟
- لدي ان أملي، أُملي ما اريد ان اسجله ليقرأه الناس، هذا ما اعمله، احضر الى مكتبي هنا في مجمع اللغة العربية لأتابع نشاطه، ولأسجل احياناً ما يمكن ان يفيد الناس او يروا رأيهم فيه، الواقع انه يعنيني اولاً الجماهير وإعدادهم الإعداد الملائم، نشأتهم النشأة الصحيحة، كل ذلك اظنه رسالة الداعية او المصلح او من يحاول ان يفتح باب الامل امام الجميع.
* هكذا ترى رسالتك؟
- نعم، إذا كنت بصدد التوجيه فيجب ان تكون اللغة لغة اخرى غير لغة التأليف، اما قراءاتي فأكثرها يتصل بالاصلاح الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.