عندما تغيب الرقابة، ويغيب الضمير، ينشأ الانفلات ويحل التخبط، إنه فراغ في سلطة القوانين الحازمة، والتشريعات الملزمة التي لا تسمح لأحد، أياً كان، بتجاوزها، أو حتى الاقتراب من حماها، فضلاً عن الوقوع في احتضانها كعاشق متيم، اعتاد أن يجاور محبوبته، ويستعير أبياتاً من أشعار قيس وعنترة ويلقيها على مسامعها. ليس مستغرباً أن ترتفع الأسعار لدينا، ومن دون أي سبب منطقي، فوزارتي التجارة والزراعة اتفقتا على أن يقفا موقف المتفرج من كل ما يحدث من ارتفاع في أسعار المنتجات الاستهلاكية، ولدينا تجارب مريرة عدة مع هاتين الوزارتين، فقبل أكثر من عشرة أعوام تقريباً حدثت منافسة شرسة وضارية بين الشركات المنتجة للألبان في السعودية... منافسة أشبه بصراع نفوذ من أجل السيطرة على سوق الألبان لدينا، هذا الصراع جعل الشركات الكبيرة تخفض أسعار الألبان إلى أقل الأسعار الممكنة، وذلك من أجل إسقاط الشركات الصغيرة الناشئة. الشركات الكبيرة باستطاعتها أن تتحمل الخسائر لمدة طويلة من الوقت، أما الشركات الناشئة الصغيرة فستنهار تحت وطأة هذا التدني في أسعار الألبان، لأنها لا تستطيع أن تجاري تلك الشركات الكبيرة المسيطرة على السوق في الأسعار المتدنية، وما هي إلا أسابيع قليلة حتى انتهت هذه الشركات الصغيرة التي كانت تقدم المنتج ذا الجودة العالية، لتنفرد تلك الشركات العملاقة في ما بعد بسوق الألبان وتفرض سيطرتها وأسعارها التي تريدها عليها، بعدما قامت بتنقية القطيع من النطيحة والمتردية. إن سكوت الوزراتين عن التدخل في السوق لضبط الأسعار، ولعب الدور الذي يفترض أن تقوم به، ولكنها فضلت اختيار لعب دور الكومبارس في تلك المسرحية الهزلية، يحتم على الأفراد جميعاً"مواطنين ومقيمين"أن يقاطعوا المنتجات المرتفعة كحل لابد منه. السؤال هو: هل ستؤتي هذه الحملة أكلها، أم ستصمد هذه الشركات طويلاً خصوصاً الشركات العملاقة، التي كانت ولا تزال أشبه بمدينة حصينة لا يمكن اختراقها، يأتيها رزقها رغداً من كل مكان... هل ستصمد أمام حصار المقاطعة أم لا؟ مسفر على الشمراني [email protected]