على رغم استمرار تلقي مساهمي"ربوع مكة"وعوداً كاذبة في ما يتعلق بإعادة أموالهم وصرف أرباحهم، إلا أنهم لم يرغبوا في التخلي عن الأمل باستعادتها، خصوصاً أنها تمثل جُلّ مدخرات بعضهم، ودَيْناً يرهق كواهل آخرين منهم. في كل مرة كان مساهمو"ربوع مكة"يتوجهون إلى مكاتب المستثمر صاحب مساهمة"ربوع مكة"، كانوا يحصلون على طلب جديد بمنحه مهلة أخرى للسداد، تجاوز عددها المرات الخمس. فجّر تجمعهم الأخير أمام مكتب المستثمر مفاجأة لهم، وذلك بعد أن رد أحد موظفي الشركة يعرف نفسه بممثل المستثمر على إلحاحهم بضرورة تحديد موعد نهائي لإعادة أموالهم، وتهديداتهم باللجوء إلى"ديوان المظالم"في حال نكث الاتفاق، بأن يوفروا جهودهم، وأن يستغلوا وقتهم في الدعاء لله أن يحل أزمتهم، كي يتمكنوا من استعادة أموالهم. وفي الوقت الذي أعلن عدد من ضحايا المساهمة العالقة، التي مر على طرحها أكثر من ثلاثة أعوام، استعدادهم للتنازل عن الأرباح التي أعلن عنها المستثمر بلغت 36 في المئة بحسب زعمه، في مقابل إعادة ما دفعوه، رفض آخرون التنازل عن أرباحهم باعتبار أن المستثمر استفاد من أموالهم لثلاثة أعوام. وأكد المساهم نواف العنزي تمكنه وعدد من زملائه المساهمين من العثور على أحد المحامين، للترافع عنهم والعمل على الحصول على حكم بإعادة أموالهم في مقابل خمسة في المئة من رأس المال، لافتاً إلى أن تأجيل موعد صرف مستحقاتهم لست مرات دفعهم إلى القبول بعرض المحامي وتوكيله. ولم تقتصر ردود فعل المساهمين على اللجوء إلى القضاء، كما حدث مع بعضهم، إذ خصص آخرون صفحات خاصة في بعض المنتديات المالية للدعاء على المستثمر، منتقدين اختياره شعار"نحو استثمار آمن في بلد الله الحرام". وأسهمت هذه"المحنة"بحسب وصف المساهم حمود عبدالله في تعزيز الوازع الديني لديه، إذ أصبح بحسب قوله، أكثر حرصاً على صلاة الفجر في المسجد، وقال:"لم أكن منقطعاً عن الصلاة ولله الحمد، إلا أن هذه المساهمة زادت ضيق حالي ضيقة لم أحتملها، إضافة إلى أنني قمت ببيع سيارتي من أجل التمكن من المساهمة، واقترضت الجزء المبتقي من بعض الأصدقاء، الذين خسرت صداقتهم بسبب هذه المساهمة، ما جعلني أعمل على التقرب إلى الله بشكل أكبر، وبدأت أحرص على الصلاة في المسجد، خصوصاً صلاة الفجر". وأضاف عبدالله أنه في بداية الأمر كان يدعو الله بأن يمكنه من استعادة ماله، إلا أنه في الفترة الأخيرة أصبح يركز في دعواته لبقية المساهمين ممن حصلوا على ما دفعوه لقاء مساهمتهم بطريقته نفسها، إضافة إلى الانتقام لهم ممن حجز أموالهم وعرضهم لكل الأزمات التي مروا بها. من جهته، اعتبر المحامي مشعل العتيبي مرافعة المساهمين ضد المستثمر حقاً من حقوقهم، بل كان الأولى أن"يبكروا بها على اعتبار أن المماطلة من المدعى عليه تكررت خمس مرات". في حين لم يستطع العتيبي أن يؤكد استرجاع المساهمين كامل أموالهم بعد انتهاء الدعوى لمصلحتهم، لافتاً إلى أن المستثمر إذا ما أثبت وقوع خسارة للنشاط الذي استثمر فيه المساهمون أموالهم فإنهم يتحملون جزءاً من الخسارة، تقدر نسبتها بحسب العقد المنصوص عليه بين الطرفين. وأشار إلى أن أي عقد استثماري بين طرفين لا يوجد فيه احتمال الخسارة على الإطلاق"باطل شرعاً"."وفي حال لم يستطع المدعى عليه إثبات الخسارة، فإنه ملزم بدفع كامل مستحقات المساهمين، إضافة إلى الأرباح المنصوص عليها في حال استطاع المساهمون إثباتها".