حال استنفار يعيشها قطبا المنطقة الغربية في السعودية، فريقا أهلي واتحاد جدة، قبل أن تتجدد موقعتهما الميدانية على ملعب الأمير عبدالله الفيصل في جدة، للمرة الثالثة على التوالي في الموسم الرياضي الحالي، ذهب نصيب الأسد منها لمصلحة الأول، بعد أن تعادلا في الجولتين الأولى والثانية في الاستحقاق السعودي الأهم كأس دوري خادم الحرمين الشريفين، وعاد الأهلي ليفرد عضلاته على جاره في دور ربع النهائي في مسابقة كأس ولي العهد، التي انتهت بركلات الترجيح لمصلحته 5-4. وبنظرة سريعة على مسيرة الفريق الأهلاوي، خلال الموسم الحالي، يؤكد المتابعون للبيت الأخضر تعرض فريقهم لوعكات عدة ميدانية، على يد مدربه السابق الصربي لوكتش إيليا، وخسر الفريق آنذاك بطولات عدة، وكان لابد من اجتثاثه تدريبياً بعد وصف النقاد له بمعضلة الأهلي ومرضه المتفشي في جسد الفريق، وجاءت إقالته ثم استقالة رئيس النادي عبدالرزاق أبو داود، والفريق يتدحرج تجاه هاوية السقوط الرياضي الفني، حينها تدخل صناع القرار في النادي الأهلي، وأوجدوا حلولاً مناسبة ساعدت الفريق في الوقوف على قدميه مرة أخرى، بعد أن تولى أحمد المرزوقي سدة رئاسة النادي، وتعاقده مع المدرب الصربي نيبوشا موسكوفيتش الذي يتميز باعتماده على العناصر الشابة، وما هي إلا أيام حتى سلخ جلد الفريق وغيّر صورته وملامحه للأفضل. وفي المقابل سجل الاتحاد انجازاً غير مسبوق لناديه، عندما شارك بفعالية في بطولة كأس العالم للأندية التي استضافتها اليابان أخيراً، لكنه عندما عاد لأرض الوطن ظهر في صورة باهتة في بطولة كأس الأمير فيصل بن فهد، ووضع أنصار النادي أيديهم على قلوبهم، بعد تراجع مستوى فريقهم المفضل في صورة مخيفة في كأس دوري خادم الحرمين الشريفين، على رغم أن افضل عاشر مدرب في العالم الروماني يوردانيسكو كان يتقلد زمام تدريب الفريق، لكن كل ما كان يلمع في الاتحاد آنذاك بدأ يتلاشى، وبات الفريق يفقد هويته رويداً رويداً، حينها اتخذ رئيس النادي منصور البلوي خطوة جريئة، ونجح في فسخ تعاقد الروماني على رغم الانجازات التي حققها مع الاتحاد، وتعاقد مع مدرب الغرافة القطري العالمي الفرنسي ميتسو، إذ بدأ الفريق ينتعش على مهل ويستعيد عافيته مرة أخرى. ويرى النقاد أن قطبي"الدربي"في جدة على بُعد خطوات من الانجاز الأكبر في الاستحقاقات السعودية، وأن لقاءاتهما أكثر تميزاً، ليس في الدوري السعودي فقط بل على المستوى الاقليمي، وشهرتهما جعلت عشاق كرة القدم على وجه البسيطة يتسمرون أمام شاشات التلفاز في وقت باكر، بعد أن اختصرت القنوات الفضائية المسافات الطويلة. وبنظرة سريعة لوضع الفريقين من نواح عدة على مدار الأيام القليلة الماضية، نجد أن لاعبي الأهلي الأكثر تأثراً نفسياً، بعد أن كان فريقهم قاب قوسين أو أدنى من كأس ولي العهد، قبل أن يخسره على يد الهلال بهدف لاعبه الفذ نواف التمياط، وعلى رغم التأثر النفسي والمعنوي من جراء ذلك إلا أن مسيري النادي سرعان ما التفوا حول ناديهم، وسعوا جاهدين لتخفيف وطأة الحزن الأهلاوي، ونجحوا في صنيعهم، وبدأ اللاعبون يستعيدون أنفسهم شيئاً فشيئاً، واضعين نصب أعينهم العزيمة والإصرار على تجاوز أزمتهم النفسية، وتعويض صناع وأنصار النادي خيراً في اللقب الذهبي المقبل، وفقدانهم لقب كأس ولي العهد، لا يعني عجزهم وقصورهم على المنافسة الجادة على لقب كأس دوري خادم الحرمين الشريفين، وكانت لرئيس النادي احمد المرزوقي جهود فعالة، بعد أن خفف من هول الصدمة والتقائه باللاعبين والجهازين الفني والإداري وعدد كبير من الجماهير، وحثهم على نسيان الماضي والتفكير الجاد في مستقبل الفريق، كون فرص تحقيق الانجاز لا تزال قائمة، إضافة إلى أن المدرب نيبوشا أكد غير مرة أنه يتحمل جزءاً من خسارة اللقب الأخير، مثلما يتحمل اللاعبون الجزء الآخر، وتجديد الثقة في عناصر الفريق وفي المدرب، ولعل تجديد تعاقد النادي مع الأخير كان خير برهان. وفي المقابل فإن المنافس التقليدي والجار اللدود الاتحاد، الذي خسر المنافسة على لقبين في المنافسات السعودية، الأول خروجه باكراً في مسابقة كأس الأمير فيصل بن فهد، والثاني فشله الباكر في مسابقة كأس ولي العهد، إلا أن مدربه المميز ميتسو نجح في صنع جو مناسب للفريق، وطلب من رئيس النادي إقامة معسكر خارج مدينة جدة لتهيئة بيئة مناسبة يستعيد الفريق من خلالها قواه، خصوصاً أن الغضب الجماهيري كان بلغ ذروته داخل أروقة النادي بعد فقدان فريقهم المفضل المنافسة على اللقب الماضي. رواس : ميتسو ونيبوشا مفتاحا التفوق أكد المدرب الوطني علاء رواس، أن"مواجهات الاتحاد والأهلي ممتعة في حد ذاتها، فما بالك إذا كانت مباراة حاسمة ومن العيار الثقيل، حتى وإن اختلفت الظروف المحيطة بهما، لكن يظل الفريقان يمتلكان نقاط التفوق في صور عدة، سواء كانت فنية أو نفسية، ولكن في اعتقادي أن مواجهة الغد ستكون الغلبة فيها للفريق الذي يجيد مدربه التعامل الصحيح، وفق معطيات المباراة، وإدراك أهميتها القصوى، كونها تنقله إلى مرحلة منافسة أخرى، أو تعني الخروج من مولد الدوري بلا حمص، أي بطولة". وأضاف،"أتمنى ان يحرص لاعبو الفريقين على تقديم صورة رياضية كروية حضارية جيدة تليق بسمعة الفريقين، والبعد عن الشحن النفسي، كما شاهدنا مرات عدة في"دربي"الدوري الإسباني، الذي يجمع ريال مدريد مع برشلونة، وكما يعلم الجميع فإن المواجهات الحاسمة لابد أن تنتهي بالفوز لأحدهما وخسارة الطرف الآخر، وأمل أن يظهر أنصار الفريقين في المدرجات وخارجها بالروح الرياضية العالية والتشجيع المثالي المحبب لدى الجميع، خصوصاً ان فريقي"الدربي"الغربي يمتلكان أكبر شريحتين جماهيريتين".