برشلونة يتمكن من تسجيل راشفورد وغارسيا    تعليم الرياض يعتمد توقيت الدوام في المدارس للعام الدراسي المقبل    وزارة العدل تطلق خدمات مركز الترجمة الموحد عبر منصة تقاضي    مشاركو مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية يغادرون إلى المدينة المنورة    أميركا: وقف إصدار جميع تأشيرات الزيارة للقادمين من غزة    112 طفلا يدخلون دائرة سوء التغذية يوميا في غزة    وزير الصحة يلتقي نخبة من المبتعثين السعوديين بأستراليا    تحدي الذكاء الاصطناعي ″أنا وابني ابنتي نبتكر″ يختتم فعالياته    أمانة المدينة تطلق "أستوديو لبناء الشركات" لدعم الابتكار    الإنجليزي "روني" يحقق رقمًا قياسيًا ويتأهل لملاقاة "روبرتسون" في نهائي بطولة الماسترز للسنوكر    فريق قوة عطاء التطوعي ينفذ مبادرة "احتواء 1″ بجازان    الرمان المحلّي يغمر أسواق المملكة بإنتاج يتجاوز (37) ألف طن    "هجرس" أصغر صقار يخطف الأضواء في مزاد الصقور 2025    وزارة الصناعة تشارك في معرض البطاريات وتخزين الطاقة بالصين    «التعليم» تنشر ضوابط الزي المدرسي والرياضي للطلاب والطالبات    "الكرملين" قمة بوتين وترامب في ألاسكا إيجابية    تجمع تبوك الصحي يطلق مشروعات تطويرية لطب الأسنان    «متحف طارق عبدالحكيم» يختتم المخيم الصيفي للأطفال    تراجع أسعار النفط بأكثر من 1% عند التسوية    ماسكيرانو يؤكد جهوزية ميسي لسلسة مباريات إنتر ميامي المهمة    ناشئو أخضر اليد بين كبار العالم.. ضمن أفضل 16 في مونديال مصر    ارتفاع ضحايا الأمطار والسيول في شمال باكستان إلى أكثر من 200 قتيل    الكرملين: انتهاء محادثات بوتين وترامب في ألاسكا    رسمياً .. النصر يعلن تعاقده مع الفرنسي"كومان"    نيوم يضم المالي "دوكوري"    هيئة المياه تطالب بسرعة تحديث البيانات    إغلاق 84 منشأة في حي منفوحة بالرياض وضبط مخالفات جسيمة    نونو سانتو: فورست يحتاج لتعزيز صفوفه بصورة عاجلة    قرار مفاجىء من إنزاغي بشأن البليهي    أمير عسير يستقبل سفير بلجيكا    المملكة تعزي وتواسي باكستان في ضحايا الفيضانات والسيول    مستشفى جازان العام وجمعية التغذية العلاجية يحتفيان بأسبوع الرضاعة الطبيعية    الشيخ عبدالله البعيجان: استقبلوا العام الدراسي بالجد والعمل    الشيخ بندر بليلة: احذروا التذمر من الحر فهو اعتراض على قضاء الله    جامعة جازان تعلن نتائج القبول في برامج الدراسات العليا للفترة الثانية    أمين جازان يتفقد مشاريع التدخل الحضري ويشدّد على تسريع الإنجاز    المملكة تتوّج بالذهب في الأولمبياد الدولي للمواصفات 2025 بكوريا    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنظم حلقة نقاش بعنوان: (تمكين الابتكار الرقمي في العمل التوعوي للرئاسة العامة)    محمد بن عبدالرحمن يعزي في وفاة الفريق سلطان المطيري    نائب أمير جازان يستقبل مدير مكتب تحقيق الرؤية بالإمارة    اليوم الدولي للشباب تحت شعار"شبابُنا أملٌ واعد" بمسرح مركز التنمية الاجتماعية بجازان    أحداث تاريخية في جيزان.. معركة أبوعريش    نائب أمير جازان يلتقي شباب وشابات المنطقة ويستعرض البرامج التنموية    زراعة أول نظام ذكي عالمي للقوقعة الصناعية بمدينة الملك سعود الطبية    استقرار معدل التضخم في السعودية عند 2.1% خلال شهر يوليو 2025    الصين تطلق إلى الفضاء مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية للإنترنت    في إنجاز علمي بحثي.. خرائط جينية جديدة تُعزز دقة التشخيص والعلاج للأمراض الوراثية    موسكو تقلل من أهمية التحركات الأوروبية.. زيلينسكي في برلين لبحث القمة الأمريكية – الروسية    الشيباني: نواجه تدخلات خارجية هدفها الفتنة.. أنقرة تتهم تل أبيل بإشعال الفوضى في سوريا    اطلع على أعمال قيادة القوات الخاصة للأمن البيئي.. وزير الداخلية يتابع سير العمل في وكالة الأحوال المدنية    رئيس الوزراء النيوزيلندي: نتنياهو فقد صوابه وضم غزة أمر مروع.. «الاحتلال» يصادق على الهجوم .. وتحرك دبلوماسي للتهدئة    تمكين المدرسة من خلال تقليص المستويات الإدارية.. البنيان: 50 مليار ريال حجم الفرص الاستثمارية بقطاع التعليم    الإطاحة ب 13 مخالفاً وإحباط تهريب 293 كجم من القات    انطلاق ملتقى النقد السينمائي في 21 أغسطس    «البصرية» تطلق «جسور الفن» في 4 دول    استخراج هاتف من معدة مريض    أمير جازان يعزي في وفاة معافا    مباهاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصفقة تنتظر ... عودة أوباما ورحيل نجاد ؟
نشر في الحياة يوم 08 - 10 - 2012

التطورات الأخيرة في الأزمة السورية لن تبدل الكثير في واقع الحرب الدائرة. ولن تكسر ميزان القوى الميداني الذي يمدها بالاستمرار وبمزيد من الفوضى التي بدأت تفيض على الإقليم وتدفع الأوضاع في عدد من بلدانه نحو ذروة التوتر... وترفع وتيرة التكهنات والتمنيات. لكن هذه قد لا تعدو كونها أوهاماً. فلا النظام في دمشق على شفا الهاوية، وإن كان من الثابت أن لا قيامة له في النهاية. ولا تركيا ذاهبة إلى الحرب، وإن أجاز البرلمان لحكومة رجب طيب أردوغان تحريك الجيش في عمليات خارج الحدود. ولا إيران شارفت على السقوط أو على الأقل مقايضة وقف التخصيب النووي برفع العقوبات الاقتصادية مهما ترنح الريال. ولا لبنان الرسمي طوى صفحة"النأي بالنفس"، وإن زجت قوى لبنانية نفسها بالقتال إلى هذا الجانب أو ذاك. ولا الأردن المنغمس في محاولة لملمة وضعه الخطير يبدي استعداداً للتصعيد مع جاره، وإن تكهن بعضهم بأن ذلك قد يكسب الحكم بعض القوة في الداخل ومزيداً من الدعم الخارجي في مواجهة خصومه الإسلاميين.
كان واضحاً منذ اندلاع الثورة في سورية أن الإقليم لن يكون بمنأى عن الفوضى أو التوتر. وأثبتت الأزمات الداخلية الناشبة في البلدان المعنية أن هذه الثورة صارت جزءاً من الحراك السياسي الداخلي في بلدان الجوار. الأمر الذي يعمق عجز هذه البلدان عن توفير عناصر لتسوية إقليمية. أو في أحسن الأحوال يحفزها على توفير بيئة ملائمة تعبد الطريق أمام المبعوث الدولي - العربي الخاص الأخضر الإبراهيمي لإنضاج صفقة، لأن البديل سيكون تعميم الفوضى... لعلها"الفوضى الخلاقة"التي بشروا بها وبولادة النظام الإقليمي الجديد من رحمها!
في عام 1999 كان كافياً أن تحشد تركيا قواتها على الحدود مع سورية لتقدم لها دمشق رأس عبدالله أوجلان. يومها اجتمعت القيادتان السياسية والعسكرية برئاسة حافظ الأسد ودرستا كل الخيارات، وبينها الرد على تهديدات أنقرة ورفع التحدي في وجهها. تدخل الرئيس حسني مبارك. قام بزيارة خاطفة للرياض ثم أنقرة التي حملته شريطاً يظهر إقامة"الرجل المطلوب"في دمشق مصحوباً بإنذار جدي. ولم يكن أمام الرئيس الراحل سوى تهدئة أركان حربه وتكليف جهازه الأمني تدبير خروج زعيم"حزب العمال الكردستاني"من البلاد بما يتيح للأمن التركي تعقبه وأسره. وهذا ما كان.
هكذا، لوحت تركيا قبل عقد ونيف باستخدام القوة. لم تكن قادرة على تحمل تبعات الدعم السوري لعمليات"حزب العمال"وما يستتبعه من هز الاستقرار الداخلي واهترائه. وهي اليوم تعيد الكَرّة، مع اختلاف في ظروف المرحلتين. لم يكف الرئيس بشار الأسد عن محاولة تصدير أزمته إلى خارج الحدود. يعتقد ربما أن جرّ تركيا إلى مواجهة ميداينة يفتح الباب لتدخل آخرين في الحرب الدائرة. رهانه على تدخل حلفائه الإيرانيين أو الروس والصينيين للدفاع عنه قد لا يكون في محله. فمن المستبعد أن يزج هؤلاء بجنودهم دفاعاً عن نظامه. كما أن حكومة رجب طيب أردوغان لا ترغب في الانزلاق إلى المستنقع السوري. فتكرار الأحداث الحدودية بين البلدين وما خلّفه ويخلفه تزايد أعداد اللاجئين والجماعات المعارضة المسلحة في شوارع القرى والمدن التركية المحاذية للحدود، من امتعاض في صفوف المواطنين الأتراك وبعض القوى السياسية الداخلية، كلها عناصر ترفع وتيرة الضغط على حكومة أنقرة.
لذلك، لم يكن أمام أردوغان سوى رفع التحدي، والتلويح باستعداده للحرب. لا يقلقه"تحرش"النظام السوري أو محاولة استدراجه فحسب، يقلقه أيضاً تنامي اعتراض أحزاب المعارضة وبعض المكونات التركية على ما تقدمه حكومته إلى"المجلس الوطني السوري"و"الجيش الحر"وبعض المجموعات المسلحة. لا يريد أن يخسر سريعاً هذا الوهج الداخلي والخارجي الذي حصده في مؤتمر حزبه أخيراً، وهو يستعد لانتخابات محلية ثم برلمانية فرئاسية العام المقبل. ويقلقه أكثر توافد فرق المجاهدين والمتشددين إلى سورية وما يمكن أن يشكله ذلك من أخطار مستقبلية على تركيا نفسها.
أنقرة ليست مستعدة لرؤية مجموعات جهادية تقيم على بعد أمتار من حدودها، وتعمل على تكرار"التجربة العراقية"منتصف التسعينات. والقذائف السورية التي سقطت على قرية تركية لم تحرك وحدها مجلس الأمن. أثارت مخاوفه أيضاً التفجيرات الأخيرة في حلب وما يشي به مستقبل الوضع في سورية. وهي مخاوف تنتاب أنقرة التي حرصت منذ البداية على الاستئثار بورقة المعارضة السورية السياسية والعسكرية بمختلف قواها. وهي لا ترغب في ضياع ما بنته طوال سنة وسبعة أشهر. لا يعني ذلك أن أنقرة راغبة في الحرب وتنتظر الذرائع لتدخل ميداني. حاذرت منذ البداية الانزلاق إلى المستنقع السوري... لكن خطأ في حسابات نظام دمشق قد يدفعها مرغمة إلى ما لا تشتهيه. مع العلم أن للتدخل حسابات أطلسية... وروسية وإيرانية، وليس حسابات داخلية فقط!
هذه الحرارة التي أشعلتها الأزمة السورية في الساحة التركية، لم تكن بعيدة من المساهمة في رفع مستوى التوتر الداخلي في إيران. فطهران التي تعيش على لظى نار العقوبات الاقتصادية الدولية القاسية فاقم متاعبها وأثار نقمة الشارع ما أعلنه بعض قادتها عن مساعدات لوجيستية ومالية لدمشق. صحيح أن الملف النووي هو العنوان الكبير للصراع بين طهران وواشنطن وحليفاتها، لكن الصحيح أيضاً أن الانغماس الإيراني في دعم نظام الرئيس الأسد حول الأزمة السورية جبهة مفتوحة في هذا الصراع. حتى باتت خسارة الجمهورية الإسلامية سوريةَ لا تعني فقط سقوط موقع كبير سيودي بكل ما بنت من رصيد واستثمرت طوال عقود، بل قد تحفز الشارع الإيراني وتشجعه على استلهام"الربيع العربي".
الدعم الإيراني للنظام في دمشق لن يتوقف بالطبع. ومهما بلغت حسابات الدعم فهي لن ترقى إلى الأرقام التي يتكبدها الاقتصاد الإيراني، خصوصاً بعدما بدأ سريان الحصار على القطاع النفطي. يزيد الدعم في إثارة غضب الناس الذين يكتوون بانهيار الريال وارتفاع معدلات البطالة والتضخم وتفشي الفقر. ويصب مزيداً من الزيت على الصراع المفتوح بين معسكَري المحافظين، كلما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية في حزيران يونيو المقبل.
من الثابت حتى الآن أن ليست هناك قوة أو طرف في إيران مستعد للمساومة على الملف النووي، مهما حاولت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون مقايضة وقف التخصيب بوقف العقوبات. مسيرة هذا الملف منذ نحو عشر سنوات تؤكد أن المشروع النووي يحظى بإجماع قومي. وإذا كان مستبعداً أن ينهار النظام بفعل العقوبات القاسية التي لا تتوقف، فإن تزايد الانقسام في صفوف النخبة الحاكمة على أساليب معالجة وضع الانهيار الاقتصادي، واحتمال"انتفاضة"الفقراء الذين كانوا عماد النظام في مواجهة"الثورة الخضراء"عام 2009، أو احتمال وقوع مفاجأة في الأزمة السورية كانهيار النظام وتقهقره، قد تدفع طهران إلى إعادة النظر في موقفها وحساباتها وشروطها من الحوار الدائر مع القوى الكبرى، خصوصاً الولايات المتحدة.
مثل هذا التطور، إذا توافرت شروطه قد يثمر صفة ما لن تقدم عليها اليوم قيادة المرشد علي خامنئي، فيما يقترب عهد خصمها اللدود محمود أحمدي نجاد من نهايته. كما أن الإدارة الأميركية ليست مستعدة لأي حوار مع طهران وهي تقترب من استحقاق المعركة الرئاسية. كما أنها تفضل تأخير مثل هذا الحوار حتى وصول الرئيس الإيراني الجديد، وبعد أن تكون العقوبات أثمرت مزيداً من الإرباك والإنهاك، مثلما أثمرت حتى الآن... في استبعاد خيار الحرب الذي لا يزال بنيامين نتانياهو"يلوّح"به في معاركه الداخلية!
حتى منتصف العام المقبل من يضمن استقرار الحدود بين سورية وتركيا؟ ومن يضمن ضبط الشارع في إيران؟ وقبل هذا وذاك من يتحكم بسير التطورات في سورية ويضمن بقاء ميزان القوى على حاله؟ وماذا لو اشتعلت النار في إحدى جبهات الصراع المفتوحة بين الولايات المتحدة وإيران في الشرق الأوسط الكبير؟ وأخيراً ماذا عن حسابات روسيا؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.