بوتين: هدفنا من حرب أوكرانيا هو السلام    وزير الخارجية ونظيره التركي يترأسان الاجتماع الثاني للمجلس التنسيقي    الشارقة الإماراتي يتوج بطلًا لدوري أبطال آسيا 2 للمرة الأولى    موعد نهاية عقد كريستيانو رونالدو مع النصر    الانضباط تصدم الوحدة مجددا    وكيل وزارة الصناعة: فخورون برعاية 48 مشروعًا وطنيًّا    جناح جمعية تعظيم في معرض "نسك هدايا الحاج" يشهد إقبالاً كبيرا من الزوار    إنشاء أول مصنع للصفيح المقصدر في السعودية    تجاوز مستفيدي مبادرة طريق مكة مليون حاج منذ إطلاقها    أمير القصيم يشيد بجهود الأمانة ويثني على تميزها في التقرير السنوي لعام 2024    مهرجان "القراءة الحرة" ينطلق بمكتبة المؤسس    الراجحي يُطلق رخصة العمل التطوعي ويدشّن مرصد خدمة ضيوف الرحمن    الكويت تكتب فصلاً ذهبياً في تاريخ الكشافة: استضافة عالمية مستحقة لمؤتمر 2027    برنامج الإقراء لتعليم القرآن    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يؤكِّد استكمال استعدادات الرئاسة العامة لخدمة ضيوف الرحمن في موسم حج 1446ه    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف تنفذ عددًا من البرامج التدريبية لتطوير مهارات منسوبيها من مقدمي الخدمات لضيوف الرحمن في موسم حج 1446ه    مستشفى أحد رفيدة يُنظّم عدداً من الفعاليات التوعوية    "هيئة الأدب" تختتم مشاركتها في معرض "الدوحة الدولي للكتاب"    استراتيجية استثمارية طموحة لأمانة حائل في منتدى الاستثمار 2025    نجاح عملية دقيقة "بمستشفى المانع بالخبر" تُنهي معاناة سيدة من كسر وعدوى مزمنة في عظمة الفخذ    نعمل على إيجاد الحلول والمبادرات التي تُقلل من مشكلة الأطفال المتسولين    برنامج التحول الوطني يُطلق تقرير إنجازاته حتى نهاية عام 2024    كوكب أورانوس يصل إلى الاقتران الشمسي اليوم    اعتدال: أكثر من 1.2 مليون رابطٍ للتحايل على آليات رصد المحتوى المتطرّف    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 125 شهيدًا    الأهلي يُعلن بقاء يايسله لنهاية عقده    الإحصاء تنشر إحصاءات النقل الجوي 2024    من أعلام جازان.. الشيخ علي بن ناشب بن يحيى شراحيلي    "الأرصاد" تحذر من تدنٍ في مدى الرؤية بمعظم مناطق المملكة    صحفيو مكة المكرمة يبحثون الدراسات الإعلامية بالحج    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    سمو ولي العهد يعزي رئيس جمهورية الأوروغواي الشرقية في وفاة رئيس الجمهورية الأسبق    ترمب.. الأمريكي المختلف!    في ختام الجولة 32 من دوري روشن.. الأهلي يقسو على الخلود.. والأخدود على شفا الهبوط    الألماني يايسله يعلن رحيله عن الأهلي    "تقنيات الجيوماتكس" تعزز السياحة في السعودية    25 موهوبًا سعوديًا يتدربون في فنون المسرح بلندن    انطلاق "عرض سلافا الثلجي" في الرياض    حراك شعبي متصاعد واحتجاجات في عدة مدن.. سحب الثقة من حكومة الوحدة يضع ليبيا في مفترق طرق    وسط مساعٍ دولية متواصلة لتحقيق السلام.. تنسيق بريطاني – أمريكي لضمان وقف النار بين الهند وباكستان    حصر الحراسات الأمنية في 8 أنشطة على وقت العمل    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    "الداخلية" تحذر من حملات الحج الوهمية    تستهدف طلاب المرحلتين الابتدائية والمتوسطة .. التعليم: اختبارات «نافس» في 8 مدارس سعودية بالخارج    ترحيل 11.7 ألف مخالف وإحالة 17 ألفًا لبعثاتهم الدبلوماسية    وصول التوأم الملتصق الفلبيني إلى الرياض    لأول مرة.. تشخيص الزهايمر بفحص عينة من الدم    انفجار قنبلة بالقرب من مركز للصحة الإنجابية في كاليفورنيا ومقتل شخص    المملكة تجدد رفض تهجير الفلسطينيين والاعتداءات الإسرائيلية على سورية    «تنمية شقراء» تُكرّم داعمي البرامج والمشروعات    أباتشي الهلال تحتفل باللقب أمام الاتحاد    الذهب يسجل أسوأ أسبوع في ستة أشهر مع انحسار التوترات التجارية    تأكيد ضرورة توحيد الجهود للتغلب على التحديات في المنطقة العربية وإرساء السلام    مستشفى الملك فهد الجامعي يطلق أربع خدمات صيدلية    فهد بن سعد ومسيرة عطاء    قلب الاستثمار.. حين تحدث محمد بن سلمان وأنصتت أميركا    أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة ال 19 من طلاب وطالبات جامعة تبوك    نائب أمير منطقة تبوك يشهد حفل تخريج متدربي ومتدربات التقني بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دراسة للناقد سالم المعوشپالروائي أمين الزاوي في خضم المأساة الجزائرية
نشر في الحياة يوم 01 - 12 - 2011

إن مصاعب ومزالق عدة قد تعترض الكتابة التي تطاول أي عملٍ أدبي، ابداعياً كان أم نقدياً، إذ تدخل صاحبها أحياناً في سراديب من مجاهل الأخطاء والهنات والهفوات الشعورية واللاشعورية. فكيف إذا اصطدمت الكتابة بمؤلفٍ يحوي بين دفتيه النوعين معاً، الإبداع والنقد؟ فهذا الكتاب"الروائي أمين الزاوي- وإعلانات المسكوت عنه"للناقد الأكاديمي سالم المعوش دار النهضة العربية - بيروت ليس سوى حلقة من سلسلة دراسات نقدية أخرجها الباحث عبر سنوات. تلك الأبحاث ألقت بذارها في حقول الفن الأدبي عموماً، والروائي خصوصاً، بدءاً من"ملامح إسلامية في الرواية العربية"مروراً ب"صورة الغرب في الرواية العربية"ف"الأدب العربي الحديث"و"شعر السجون"و"الأدب وحوار الحضارات"... وصولاً إلى هذا الكتاب الجديد الذي يسلط فيه الضوء على زوايا معتمة من روايات الكاتب والباحث الجزائري أمين الزاوي، مؤكداً مقولة النقاد عموماً، أن القارئ/ الباحث أو الناقد، شريك في كتابة النص الابداعي أو في إعادة كتابته.
يعلن الكاتب صاحب المؤلف، انطلاقاً من العنوان، أنه سيقول الأديب ما لم يقل، عبر استنطاق المسكوت عنه عمداً أو سهواً، فكان ما أراد، محققاً ما وضعه أمامه من أهداف للوصول إلى الحقيقة والنتيجة المرجوتين. فإذا به يشرك الزاوي في كتابة نصه، عبر دراسة شكلت بحد ذاتها معيناً غنياً لا ينضب، بل يغص بالقضايا التي إذا أفردناها يحتاج كل منها إلى دراسة أو بحث قائمين بذاتهما. إذ نجدنا أمام كتاب يشكل مرجعاً، ومرجعاً مهماً، يستفيد منه الدارسون لما وظفه المعوش من قدرات على استخدام المناهج النقدية التي استخدمها في شكل تكاملي في دراسته أدب الزاوي الروائي. من تحليل نفسي استعرض عبره الأزمات النفسية التي تعاني منها شخصيات الروايات الأربع المدروسة، إلى المنهج البنيوي السردي الذي عزل النصوص عن محيطها مدة قصيرة، فشرح الروايات من الداخل، وبين أهميتها البنائية عبر رصد عناصرها البنيوية، كالبنية والفضاء والزمن والشخصيات والأصوات السردية والرواة.
ثم يفك قيود العزلة عن النصوص، رابطاً إياها ببنية أوسع وأكثر اشتمالاً، وهي بنية المجتمع الذي ساهم في خلق الروايات لما يشكله من مرجعي ثقافي وأيديولوجي وفكري... مشيراً إلى رؤية الزاوي إلى العالم عبر اعتماده أسس البنيوية التكوينية الغولدمانية، فيصور العالم أو الوعي الممكن الذي يطمح إليه الأديب والذي كان في الغالب عالماً ذا مكان مهجس، وذلك من خلال رؤاه التي نتلقفها عبر العناصر البنائية مجتمعة والتي تشكل مرحلة الفهم وتليها مرحلة التفسير. بالإضافة إلى المنهج السيميائي الذي أكثر ما وظفه في تحليل شعرية العناوين، واللغة الشعرية الانزياحية التي شغلت حيزاً كبيراً من مساحات النصوص، فنحت السرد جانباً، وكانت نعمة على العمل حيناً، ونقمة حيناً آخر...
ايديولوجيا وفكر
وعلى رغم إعجاب الناقد بأدب الزاوي، إلا أنه لم يكن منحازاً انحيازاً أعمى إلى ما طرحه أو ما سكت عنه، بل غالباً ما كان يوجه إليه انتقادات بناءة تعمل على ملء الفجوات الناقصة في العمل والنص، سواء على صعيد التركيبة البنائية الفنية أم على صعيد الطرح الأيديولوجي والفكري العائد إلى الأديب نفسه.
هذا بالنسبة إلى كاتب هذا المؤلف، أما بالنسبة إلى المكتوب عنه، فقد ساهم هذا الكتاب في تعزيز معرفتنا بأديب جزائري طالما سمعنا عنه عبر دراسات أو مقالات أو ندوات مبعثرة ومتباعدة. لكن هذا الكتاب جعلنا وجهاً لوجه أمام مبدع أعلن عن قدراته الفنية والابداعية من خلال أربع روايات زادنا هذا البحث شغفاً لقراءتها أو إعادة الاطلاع عليها نظراً إلى هذه القراءة الجديدة التي أطلقها الباحث. فمن خلال روايات"الرعشة"و"رائحة الأنثى"و"السماء الثامنة"و"يصحو الحرير"، يضعنا الكاتبان أمام المجتمع الجزائري في حقب زمنية حساسة، طالما شدت الأنظار إليها. وإذا بنا أمام مجتمع مفكك، عرته الأيام الحبلى بالتغيرات والظروف الطارئة، وكشفت نسيجه الداخلي المتقلب، خصوصاً في مراحل ما بعد الثورة المشهود لها عالمياً والتي يصر الزاوي على تصويب مسارها الذي جنحت عنه بمستغليها ومستخدمي شعاراتها من دون تطبيق فعلي لها على أرض الواقع. فما إن خفت صوت رصاص الثوار الذي كان يوجه إلى صدور المستعمرين، حتى عاد ولعلع ولكن هذه المرة، على صدور حامليه من أبناء الشعب الواحد. فيرينا الزاوي صورة شعب تدوس عليه وعلى كرامته أقدام الطغاة الداخليين هذه المرة، الممثلين بالحكام السياسيين، والإقطاع الاجتماعي، والنفوذ الديني الظلامي التسلطي الذي غالباً ما أشار إليه عبر الملتحين في الروايات، ما جعل ذلك الشعب صورة هشة فارغة من الداخل كفزاعة حقل ليس فيها سوى الشكل في حين أن الداخل مليء بالفراغ. شعب انقلب على أعقابه بعد انتهاء الثورة، فارتدت عليه الحالة فساداً وقتلاً وممارسات لا أخلاقية، تفريغاً وتنفيساً للضيق الذي أطبق على النفوس.
إنها روايات تتوافر فيها تقنيات الفن الروائي عموماً. استطاع الروائي أن يوظفها توظيف العارفين والمتمرسين في إخراج الأعمال الروائية، نظراً إلى ما هو مشهود له في الكتابات الابداعية والدراسات الأكاديمية. فهي روايات لا تنطق بنفسها بل تحتاج إلى من يستنطقها من القراء، لما تشكله من وعاء يفور بالآراء والأفكار فوق نار شكلت الظروف والحياة ذات الصعد المختلفة وقوداً أساسية لها. وهذا ما يؤكده الباحث في مقدمة كتابه، محرضاً على قراءة هذا الإنتاج الابداعي الذي يستحق المناقشة والإدلاء حوله عبر قراءات متأنية ومتعددة، وإن كان النص واحداً. فيقول:"أمين الزاوي كاتب يستحق القراءة المتأنية والمناقشة الهادئة... وما دراستي هذه إلا نوع من المناقشة العامة لبعض ما كتبه... وآمل أن يشاركني القارئ في هذه المناقشة... بغية الوصول إلى الحقائق التي تحتاج في مجتمعنا إلى الكثير من التدقيق والتحقيق وإمعان النظر والتحري عن الحقائق وعدم الأخذ بالظنة وإفساح المجال لقبول الاستماع إلى رأي الآخر واحترامه قبل إصدار الحكم عليه ... إن هذا الكتاب هو نوع من المناقشة لآراء هذا الرجل الذي ينبغي الانصات له أولاً ومعاينة الواقع الذي يتحدث عنه ثانياً."- ص7-8.
هكذا نحن أمام مؤلف مزدوج في معلوماته، نستطيع من خلاله الاستفادة من تقنيات البحث ومناهجه التي يرشدنا إليها الباحث صاحب الكتاب، كما يمكننا الاطلاع على الروايات المدروسة التي أصبحت مكشوفة أمام المتلقي، مشرحة تقنياتها الفنية، معروضة آراء صاحبها في الوجود والحياة، إذ استعرض هذا الكتاب النص مغلقاً ومفتوحاً، معزولاً ومنتمياً إلى مجتمعه في آن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.